رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العدالة بين مطرقة"الإخوان"وسندان"القضاة"

بوابة الوفد الإلكترونية

بدأت الأحداث بالشارع المصرى تأخذ منعطفا جديدا فى الصراع والصدام بين مؤسسات الدولة, والتى جاءت محطتها الأخيرة بين السلطة التشريعية, والسلطة القضائية, بعد أن كانت بين السلطة القضائية نفسها, والسلطة التنفيذية ممثلة فى رئيس الجمهورية والتى تمت فى إطار عزل النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، وذلك بالمخالفة للقانون.

وأتى الصراع الرسمى بين المؤسسات الرسمية فى هذه المحطة باستقالة وزير العدل المستشار أحمد مكى, الذى طالما طالب باستقلال القضاء وتطهيره, ليعلن استقالته اعتراضًا على تظاهرات تطهير القضاء, وذلك فى الوقت الذى وصل الأمر لأن يقوم نادى قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند, بإنذار مجلس الشورى بشكل رسمى بعدم نظر قانون السلطة القضائية, الذى تصر جماعة الإخوان على إقراره, الأمر الذى قابله المجلس برفض شديد معتبرا نادى القضاة كيانا غير قانونى وليس لديه أى صفة فى أن يقوم بإنذارهم.

وبالنظر إلى قانون "السلطة القضائية" نرى أنه قانون طالما طالب به شيوخ القضاة أنفسهم قبل وبعد الثورة, من أجل أهداف يضعونها وهى فى فحواها تحقيق أهداف الاستقلالية لهم بعيداً عن السلطة التنفيذية, وهو مطلب رئيسى لقضاة مصر, إلا أن الأمر اختلف عقب الثورة وبوصول الرئيس محمد مرسى إلى سدة الحكم فى أن تصر جماعة الإخوان على أن يمرر مجلس الشورى المطعون فى شرعيته قانون السلطة القضائية, بوضع أربعة بنود فيه من شأنها تحقيق الانتقام من قضاة بعينهم كانت لهم مواقف معادية للنظام الحالى.

وتزايدت حدة الصراع عندما تقدم حزب الوسط, الموالى للنظام الحالى وجماعة الإخوان بمشروع قانون السلطة القضائية بشأن تعديله والتى تتمثل فى تخفيض سن التقاعد للقضاة من سبعين إلى ستين سنة، إعمالاً لمبدأ مساواة أعضاء الهيئات القضائية بالعاملين بالدولة من حيث السن وأيضا الطريقة الخاصة بتعيين النائب العام, وذلك فى الوقت الذى تضمن المشروع أيضا مساواة الهيئات القضائية بالمحكمة الدستورية ماليًا، وذلك إعمالاً بمبدأ المساواة، حيث إن القضاة فى الجهتين يقومون بعبء واحد بل أن القضاة فى القضاء العادى يقومون بعبء أكبر نظرًا لطبيعة عملهم المكثف والشديد، وستعمل لائحة مالية موحدة لتساوى فيها جميع القضاة.

كما تضمنت التعديلات أيضا المادة الخاصة بندب القضاة، حيث تضمن المشروع أن يكون ندب القضاة للعمل مستشارين لدى الجهات التنفيذية كاملا، اتفاقًا مع نص الدستور الذى ينص على عدم الجمع بين العمل بالقضاء والندب، فإما أن يندب القاضى كاملا وإما أن يعمل قاضيًا فى حين أن القانون الحالى يسمح بالندب والعمل بالقضاء فى وقت واحد.

هذا الأمر قابله نادى قضاة بمصر بأن قام بإنذار مجلس الشورى فى بيان شديد اللهجة يحمل دلالات الصدام بعبارات لم تدرج من قبل فى أى مراسلات بين السلطتين الأرفع فى الدولة المصرية بقوله: "ننذركم بضرورة اعتبار اقتراح مشروع قانون السلطة القضائية كأن لم يكن، وعدم عرضه على المجلس أو أى من لجانه النوعية، وأخصها اللجنة التشريعية، وإصدار بيان يؤكد ذلك".

وقابل المجلس إنذار نادى القضاة بالتجاهل والتغاضى تماماً عن لغة التحذير الواردة وذلك بخطوة الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، بإحالة خطاب نادى القضاة إلى اللجنة التشريعية والدستورية، لكى تضعه فى الاعتبار عند مناقشة القانون، دون أن يدعو بنفسه اللجنة العامة، والتى تضم ممثلى كل الأحزاب بالمجلس للانعقاد، ومناقشة الموضوع بحساسية، لارتباطه بسلطة مستقلة شقيقة فى الدولة المصرية وهى سلطة القضاء وذلك فى الوقت الذى أصدر "تيار الاستقلال من القضاة" بيانا استنكروا فيه أحداث الجمعة الماضية تحت شعار "تطهير القضاء" من بعض القوى السياسية فى محاولة منهم للنيل من استقلال القضاء، وما تم من استدعاء وحشد للمواطنين، وذلك لهدم الثقة العامة فى القضاء بادعاءات مكذوبة ووقائع مختلقة وعبارات انحدرت إلى مرتبة السباب، موضحين ذلك بأنه تهيئة لإصدار تشريع لا يقتصر على عزل أكثر من ثلث أعضاء السلطة القضائية بل ويصفهم بالفاسدين، واصفين الجمعة السابقة "بالمذبحة" التى لم يتعرض لها القضاء فى تاريخه وبالمخالفة لنصوص الدستور والمواثيق الدولية.

بهذا تكون العدالة المصرية بين مطرقة الإخوان وسندان رجال القضاة الذين يعملون على تحقيق استقلالهم فى الوقت الذى تحاول الجماعة العمل على تحقيق الاستقلال من جهتهم أيضا.

فى تحليلهم لهذا الصراع والصدام, وأيضا ما وصلت إليه الأمور من استقالة وزير العدل, المستشار أحمد مكى وأيضا إنذار نادى القضاة لمجلس الشورى حيث أكد  المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة، أن أى إجراء قانونى تجاه جماعة الإخوان مصيره الفشل، مشيرًا إلى أن هذا يرجع إلى عدم ثقتنا فى النائب العام المستشار طلعت عبد الله.

وأضاف الزند أن القضاة يتجهون لتدويل قضيتهم بسبب ما حدث من المؤيدين لجماعة الإخوان الجمعة الماضية تحت مسمى "جمعة تطهير القضاء"، لافتًا إلى أن وزارة الداخلية قامت بواجبها نحو تأمين نادى القضاة خلال أحداث فعاليات المليونية إلا أنهم لن يسمحوا لمجلس الشورى بتمرير قانون السلطة القضائية.

من جانبه، فتح المستشار عبدالله فتحى, وكيل نادى قضاة مصر, النار على المستشار أحمد مكى, وزير العدل, عقب تقدمه باستقالته ظهر الأحد, اعتراضا على تظاهرات الإخوان, قائلا: "استقالة مكى مفاجئة, وأين هو وقت إصدار الإعلان الدستورى, والهجوم الغاشم على القضاة؟".

وقال فتحى فى تصريحات خاصة لـ"بوابة الوفد": "كان الأولى بـ"مكى" أن يتقدم باستقالته منذ شهور وليس الآن, لأن هذا التوقيت مفاجئ وبه نوع من الحساسية بعد الإعلان عن تعديل وزارى وشيك بالإضافة إلى تظاهر الإخوان أنفسهم ضد المستشار مكى يوم الجمعة الماضي".

وأضاف وكيل نادى قضاة مصر: "أتصور أن الضغوط كانت قوية على "مكى"  من أجل الاستمرار فى الوزارة بالرغم من تعرض القضاة والسلطة القضائية  للإهانة من فصيل الإخوان" متسائلا: "أين مكى عندما صدر الإعلان الدستورى؟ وأين مكى عندما تمت إقالة النائب العام؟ وأين مكى عندما اتهم القضاة بالفساد وأين مكى عندما تم التعدى على القضاة واتهامهم بالتزوير؟".

وفيما يتعلق بإنذار نادى القضاة لمجلس الشورى لعدم نظر قانون السلطة القضائية،

قال فتحى: "مجلس الشورى كيان مطعون على شرعيته ليس من نادى القضاة فقط, ولكن من أكثر من جهة بالإضافة إلى كونه كيانا انتخب ليس من أجل التشريع ولكن لأعمال أخرى وبالتالى نادى القضاة يرفض أن ينظر قانونه مجلس مطعون فى شرعيته".

وأشار فتحى إلى أن قضاة مصر أعدوا مشروعين لقانون السلطة القضائية وتم التوافق عليهم فى إطار مشروع أقرته وزارة العدل من أجل تقديمه لمجلس النواب القادم مشيرا إلى أن القضاة لن يسمحوا لمجلس الشورى أن ينظر قانون السلطة القضائية.

وأشار إلى أن النادى يرغب فى تعديل القانون لدعم استقلال القضاء، ولكنه يرفض تعديله من أجل النيل من استقلال القضاء والانتقام من القضاة، نظرا لمواقفهم فى الدفاع عن استقلال القضاء موضحا أن سبب تحفظهم على تعديل قانون السلطة القضائية من خلال مجلس الشورى هو أن التشريع ليس الاختصاص الأصيل لـ"الشورى" وأن المجلس يتولى السلطة التشريعية بصفة استثنائية مؤقتة، وأن التشريع أضيف إليه بعد انتخابه بنسبة 7%، مشيرا إلى أن قانون السلطة القضائية من الأهمية باعتباره ينظم شئون السلطة القضائية، ومن القوانين المكملة للدستور، ويهم الشعب كله وليس القضاة فقط، ويحمى حريات المواطنين وحقوقهم.

وشدد على أنهم لن يقبلوا تعديل قانون السلطة القضائية من غير مجلس النواب لأنه هو الجهة المختصة بالتشريع بصفة أصلية، وأكد أنه لم يسبق للقضاة أن اعترضوا على تعديل قانون السلطة القضائية من قبل مجلس الشعب السابق، بل طالبوا بتعديله والتقى وفد من النادى برئاسة المستشار أحمد الزند، بالدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب السابق، وتفاهمنا بشأن مسألة تعديل قانون السلطة القضائية على النحو الذى يكفل استقلال القضاء، ووعد "الكتاتنى" وقتها بألا يقبل أى مشروع إلا إذا توافق عليه القضاة وكان يدعم استقلال القضاء وليس التربص والانتقام منهم لمواقفهم الأخيرة الداعمة لاستقلال القضاء ودولة سيادة القانون.

وشدد "فتحى" على أن القضاة لا يخشون تعديل سن التقاعد، قائلا: "يستحيل القيام به وتحقيقه عمليًا، فضلا عن أن تخفيض سن التقاعد مخالف للقانون والدستور لإهداره حقوقا مكتسبة ومراكز قانونية ثابتة، وسيشكل وصمة عار فى جبين نظام الحكم تفوق فى جسامتها تلك الوصمة التى التصقت بنظام حكم جمال عبد الناصر بعد قيامه باستبعاد عدد من القضاة لا يقل عن العدد المزمع استبعاده فى الوقت الراهن فيما سمى بـ"مذبحة القضاة".

وتابع وكيل نادى القضاة: "إننا نربأ بدولة القانون التى أتت بعد الثورة ألا تكرر أخطاء الماضى ويرتكب النظام الحالى مذبحة أخرى للقضاة يتحمل وزرها تاريخيا كما تحمل نظام عبد الناصر وزر هذه المذبحة فظلت وصمة عار تصف عصره بالعار والخزى والاستبداد.

فى المقابل رأى النائب صبحى صالح، عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة، أنه مندهش من الهجمة العنيفة التى شنها القضاة على من اقترح مشروع قانون ما زال أمامه أربع خطوات حتى يقره المجلس وهى المرور بلجنة المقترحات ثم العرض على الجلسة العامة ليحيله إلى اللجنة التشريعية التى تناقشه من حيث المبدأ والمواد وما يتعلق به من مقترحات مقدمة من الأعضاء ثم تتم إحالة مشروع القانون بعد أن تنتهى اللجنة التشريعية منه على المجلس الأعلى للقضاء لأخذ رأيه ثم يعرض المشروع الذى انتهت إليه اللجنة بموافقة المجلس الأعلى للقضاء، على مجلس الشورى ليقول كلمته.

ووصف صالح هجمة القضاة على الاقتراح بمشروع قانون مقدم من نائب قد يرفض أو يقبل، أنه فى الحقيقة مصادرة على التفكير، مبديًا تعجبه من الإنذار الذى أرسله الزند إلى الشورى، وقال ساخرًا: "يعنى إيه إنذار.. هل هو إنذار بالدخول فى بيت الطاعة؟".

وأضاف أن رئيس مجلس الشورى فى الدستور يوازى رئيس مجلس القضاء الأعلى فهل يمكن للزند أن يخاطب رئيس مجلس القضاء الأعلى بإنذار، إذا كان الزند فى الأساس، ليس من حقه مخاطبة مجلس الشورى لأنه لا يمثل السلطة القضائية والممثل القانونى للسلطة القضائية طبقا للقانون هو المجلس الأعلى للقضاة.