عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيناريو الحرب الأهلية .. شعار فلول النظام

يبدو أن شعار فلول النظام والمستفيدين من فترة حكم الرئيس مبارك من رجال اعمال الحزب الوطني وقيادات أمنية وبلطجية يعملون بأجر بات ، هو سيناريو الحرب الأهلية ، أو السعي للإيحاء أن هناك حرب اهلية بين معارضين وموالين للرئيس مبارك بهدف دفع الجيش والشعب المصري للمطالبة بإخلاء ميدان التحرير من كل الموجودين فيه ومنع التظاهر ، ما يحقق مصلحة النظام وينهي الثورة الشعبية المندلعة منذ 25 يناير 2011 .

هذه الخطة من الواضح أنه جري التخطيط لها بدقة داخل النظام ، وأن أطراف عدة تشارك فيها بما فيها التلفزيون المصري الرسمي الذي ينشر أخبار إثارية وشائعات غريبة ويتخبط بصورة تقلق غالبية الشعب المصري مثل الادعاء أن هناك مؤامرة ضد مصر يشارك فيها الغرب تارة وفلسطينيين من حماس تارة أخري ، بدليل أن اعتداء من يسمون انصار مبارك مستمر صباحا ومساءا دون أن يمنعهم أحد برغم ما يسمي حظر التجول .

وقد تناثرت أنباء من مصادر موثوقة قبل بدء هجوم هؤلاء علي المحتجين ميدان التحرير عن سيناريو - يدعمه عسكريون مصريون سابقون - يؤكدون أن هناك جناح في السلطة يسعى للتصعيد وخلق هذا السيناريو (الحرب الأهلية) لتوريط الجيش في مصادمات مع المتظاهرين بهدف إنهاء تصعيدهم واعتصامهم خصوصا وهم يحتمون بالجيش ، وذلك عبر إدخال عناصر بلباس عسكري أيضا تقوم بالاشتباك مع المتظاهرين ، لتوريط الجيش ، ثم يعلن لاحقا أن هؤلاء لا ينتمون للجيش وأنهم ممن سرقوا ملابس عسكرية أعلن عنها أيضا التلفزيون المصري كتمهيد لما يجري !.

سيناريوهات التنفيذ

وزاد من حدة الأزمة محاولة رجال أمن سريين وبلطجية مدفوعين من رجال أعمال الحزب الوطني – بحسب تأكيد مصطفي الفقي رئيس لجنة الشئون العربية بالبرلمان – في اليوم الثاني لتنازل مبارك ، ضرب المعتصمين في التحرير وإخراجهم بالقوة ، وكذا ربط عمر سليمان نائب الرئيس بين بدء الحوار ووقف الاعتصام والتظاهرات ، ما نتج عنه مزيد من تعنت الشباب وتمسكهم بمطالبهم في تنحي مبارك فورا .

الأن زاد الأمر احتقانا ، بحيث يمكن القول أنه إذا جاء يوم الجمعة المقبل 4 فبراير ، بدون بدء الحوار وبدون الوصول إلي حل واستمرار الأزمة ، بل وتصاعدها مع بدء قوي من داخل وخارج النظام مظاهرات مضادة تطالب ببقاء الرئيس مبارك وتهاجم ثورة الشباب ، أن مصر ستصل إلي حائط مسدود وسنكون إزاء خيار من أثنين : إما أن يتدخل الجيش عسكريا ويضرب المتظاهرين الذين ينتون في جمعة الغضب الانتقال باحتجاجهم إلي القصور الرئاسية وخاصة قصر الرئاسة (الذي أحيط بأسلاك شائكة) وكذا مبني الإذاعة والتلفزيون ويصطدم معهم ، ما يعني استحضار سيناريو الفوضي الكاملة وربما الحرب الأهلية ، وإما أن يدخل المتظاهرون الموالون للرئيس مبارك من داخل النظام ، في صدام مع الشباب وسط مخاوف – في ظل غياب الشرطة – من سيناريو أخر للفوضى والحرب الأهلية .

فشباب الثورة وغيرهم من أصحاب المظالم المختلفة ممن خرجوا في ثورة 25 يناير – أول ثورة شعبية حقيقية في مصر – ومعهم طائفة من القوي السياسية المعارضة ، يعتبرون أن التنازلات التي قدمها مبارك في خطابه للشعب مساء الثلاثاء ليست كافية ، برغم دعوته مجلسي الشعب والشورى لتعديل بعض مواد الدستور ومنهم المادتين 76، و77 والمتعلقتين بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية ، وقبول أحكام القضاء بشان الطعون علي مقاعد حزبه الوطني في انتخابات برلمان 2010 ، ويعتبرونها التفاف علي مطالبهم ولا تلبي مطلب التغيير الشامل للنظام .

فالرئيس لم يحل البرلمان القائم علي التزوير ، ولم يقدم استقالته من الحزب الوطني الحاكم ما يعني أنه سيتركه يمارس نفوذه وهيمنته علي الحياة السياسية مستقبلا ولكن بمعية رئيس جديد ما يعني استمرار نفس الحزب المتهم بإفساد الحياة السياسية، كما أن الدستور ملئ بالعيوب التي تتعلق بقمع حريات وحقوق المصريين والتي تحجب قوي سياسية عن التمثيل مثل التيار الإسلامي .

ويقول خبراء قانون دستوري وسياسيون لـ "بوابة الوفد" أن الرئيس لم يلجا لخيار حل البرلمان عامدا لعدم إطالة الأزمة ، لأن معني حل البرلمان ، أن تنتظر مصر قرابة 10 أشهر أخري لإجراء انتخابات جديدة ومن ثم تعطيل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل وتعطيل تنحية الرئيس نفسه ، المطلب الرئيسي للشباب الثائر ، والذي يسعي الرئيس لتلبيته وفقا لمدته الدستورية بما يحقن الأزمة ويحفظ ماء وجهه وينهي حياته السياسية بصورة لائقة .

بيد أن سياسيون آخرون يخشون من أن بقاء مبارك في ظل حالة النشوة والشعور بالانتصار التي تنتاب الشباب خصوصا بعد المظاهرة المليونية أمس الثلاثاء في القاهرة وحدها - والتي يقدر البعض عدد من خرجوا في كل المدن المصرية بما لا يقل عن 5 ملايين – ربما يجعل الأزمة والمأزق السياسي مستمرا ويزداد سوءا في ظل ظهور بوادر من داخل النظام (يسانده التلفزيون الحكومي ) ومن متعاطفين مع مدة خدمة الرئيس كأحد أبطال أكتوبر ودعوة المتظاهرين لخروج مهين له من السلطة ، للتظاهر تأييدا له والصدام بينهم وبين متظاهري التحرير .

فقد بدأ موالون للنظام بداية في توزيع منشورات في شوارع القاهرة والمدن تقول : (لا للمظاهرات .. المظاهرات لصالح من .. أستخدم عقلك .. لا للتخريب .. صوتك وصل وانفعالاتك وصلت الحكومة ولن تتغير الأمور في ساعة او ثانية .. التغيير يحتاج لوقت .. انتظروا التغيير والنتيجة حتي نهاية انتخابات الرئاسة في نوفمبر 2011 .. طول ما في مظاهرات في مجاعة .. المظاهرات تقف حائلا أمام تقاضيك راتبك وحصولك علي السلع الرئيسية .. ألخ) .

وأعقب هذا تنظيم مظاهرات تأييد للرئيس مبارك ، ثم الهجوم علي الشباب المعتصمين في كل المدن المصرية .

ومع هذا أبدى المعتصمين بميدان التحرير إصرارهم على الصمود والثبات ومطالبتهم برحيل نظام الرئيس مبارك، رافضين لما جاء بخطاب الرئيس مبارك ، ما يشير لحالة من الانقسام بين مؤيد لما جاء بخطاب الرئيس مبارك أو داعم له ، وبين رافض له، برغم استمرار رفض الغالبية العظمي من المتظاهرين للخطاب وإصرارهم علي البقاء في حالة الثورة واعتبار ما يحدث التفاف حولها .

موقف حائر للجيش

ووسط هذه الأجواء المتلاطمة يبدو الجيش في حالة من الحيرة والأزمة الخطيرة ، فهو لا يستطيع الدخول في صدام مع الشعب أيا كان التصعيد ، ولكن تحدي واحتمالات قيام المتظاهرين بالتظاهر أمام مقر رئاسة الجمهورية عقب صلاة جمعة الغضب الثانية المقبلة ، وكذا تدفقهم علي مبني التلفزيون ، ومخاوف حدوث انفلات من قبل بعضهم أو مصادمات بينهم وبين المتظاهرين الآخرين الذين يؤيدون بقاء مبارك ، يضع الجيش

أمام مأزق الدفاع عن مقر الرئاسة ومبني التلفزيون ، وسط مخاوف من محاولات من داخل النظام أو من قوي خارجية أفساد العلاقة بين الجيش والشعب وافتعال مصادمات أو إطلاق نار ، خصوصا أن هناك أنباء غريبة يذيعها التلفزيون المصري عن سطو عصابات علي محال تبيع الزي العسكري للجيش وتحذير الجيش لمن يضبط مرتديه !.

ووسط هذه الحيرة يصدر الجيش العديد من البيانات التي تصل للمصريين عبر شبكات المحمول مثل : (القوات المسلحة حريصة علي أمنكم وسلامتكم ولن تلجأ لاستخدام القوة ضد هذا الشعب العظيم ) و( الي كل أم – اب - اخ - الي كل مواطن شريف حافظا علي هذا البلد فالوطن باق للأبد ) و(يا شباب مصر احذروا الشائعات وأنصتوا الي صوت العقل مصر فوق الجميع فحافظوا عليها ) ، وغيرها من هذه البلاغات ، التي تشير لحالة من القلق من انفلات الأوضاع ومخاوف الجيش من جر أطراف عميلة له في صدام مع الشعب ، أو تحدي قدرته علي ضبط الأوضاع .

ولهذا أيضا ناشدت وزارة الدفاع المصرية المتظاهرين بميدان التحرير العودة لديارهم لإفساح المجال أمام قوات الجيش لتأمين الوطن ، وناشدت الشعب المصري "إنقاذ مصر من الخراب والتحلي بالصبر وانتظار نتائج التغيير " الذي قالت القوات المسلحة أنه بدأ ولكنه سيستغرق وقتا.

وأضاف المتحدث باسم الجيش أن "رسالة الشباب وصلت ومطالبهم عرفت، وعليهم الآن أن يعودوا إلى ديارهم، تلبية لنداء الوطن بالعمل الجاد، ولتفويت الفرصة على الحاقدين الذين يتمنون رؤية مصر في أزمات".

أراء الخبراء

والحقيقة أنه برغم اتفاق معظم أراء الخبراء المصريين علي أن ما يحدث هو ثورة حقيقية شعبية ، فلم يهتم كثيرون برصد سيناريو المستقبل بصورة كبيرة ، بيد أن من تصدوا لهذا المشهد ومنهم الكاتب الشهير حسنين هيكل ونقيب الصحفيين مكرم محمد احمد اختلفوا في قراءة المشهد والمستقبل .

فنقيب الصحفيين خرج علي شاشات التلفزيون المصرية ليطالب الشباب بالهدوء ويحذر من المستقبل الخطر لو اصروا علي مطالبهم بعدما أعلن مبارك أنه سيتنحي ولكن بعد ان تنتهي ولايته ويضمن الانتقال السلمي للسلطة ويحذر من الفوضى لو ذهب مبارك الان بدون أي ترتيبات .

أما حسنين هيكل فكتب مقالا تحت عنوان ( سقوط خرافة الاستقرار) نشرته صحيفة الشروق حدد فيه المشكلة وتحدث عن المحاذير والمستقبل ، حيث أكد أن المشكلة التي أدت للثورة هي تحالف عناصر مال وسلطة سلاحها القمع الأمني لم تفهم شيئا ولم تستطع أن تلاحظ تغييرا في مجتمع أصبح اقوي من أي قمع والنتيجة أن الانفجار وقع ) .

وقال : "أخشي أن يطول الحوار وتزيد تكاليفه وأن يختل سياقه" ، وحذر من أن "هناك قوي خارجية بدات تطل علي الساحة وهناك عناصر داخلية قد تغريها الساحة المفتوحة لتحقيق أهواء شخصية" .

واشار لأن هذه القوي الخارجية والإقليمية تري حالة السيولة في رواسي الوطن وتتخيل أنها فرصة في إعادة تشكيلها وأن لديه معلومات موثوقة أن إسرائيل سألت القاهرة عما إذا كان هناك شئ تستطيع أن تفعله للمساعدة وأن الحكومة الأمريكية هي التي ردت بالقول (لإسرائيل) : " أي عمل من جانبكم سوف يزيد من تعقيد الموقف فاتركوه لنا ولأصدقائنا في الإقليم ونحن معكم نري أن زمانا قد انتهي وزمانا ثانيا علي وشك أن يبدأ ونحن مع أصداء لنا نستطيع أن نرتب بأفضل مما تقدرون عليه لحفظ ما يسمي بالاستقرار وما يسمي بالسلام " ، بحسب هيكل .

ولكن ما يركز عليه غالبية خبراء وعقلاء مصر حاليا هو السعي للبحث عن صلة حوار بين الشباب والجيش والنظام لحل هذا المأزق قبل جمعة الغضب أو علي الأقل بقاء الشباب في التحرير لا يخرجون منه كي لا يضطر الجيش للتعامل معهم غصبا عنه لو حدث انفلات غير مضمون من أطراف عميلة أو وقوع صدامات بين الداعين لرحيل مبارك والمتعاطفين معه في ظل غياب الأمن الداخلي وصعوبة سيطرة الجيش وحده علي هذه المصادمات .

ولكن الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق ، يري أنه لو استمر النظام في تعريض مصر للخطر عبر السعي لتوريط الجيش في البطش بالشعب الثائر ، فستكون مصر في حاجة إلي انقلاب عسكري أو تدخل حاسم من الجيش لإبعاد مبارك نهائيا ، وربما محاكمته علي توريط القوات المسلحة في حرب مزعومه مع المصريين الغاضبين علي نظام حكمه .