عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مخاوف من عودة الجماعة الإسلامية للعنف والعمل السري!

لا يستطيع أحد من المهتمين بالشأن العام أن يرصد بدقة الكم الهائل من الكيانات والأحزاب السياسية التي حصلت مؤخرا علي موافقة من لجنة شئون الأحزاب أو الأخري التي تسعي للحصول علي الشرعية من خلال المعارك القانونية، أو التي مازالت في مرحلة التأسيس لإيجاد مكان لها في الخريطة السياسية والحزبية في تلك الأجواء الحبلي بقادم غامض لم تتشكل ملامحه بعد.

ظاهرة تعدد الأحزاب والاتجاهات وإن كانت كثرتها مثيرة للاستغراب إلا أنها تمثل جانبا مضيئا وصحيا لممارسة العمل السياسي بصورة علنية، ستدفع تداعياتها لعدول بعض التيارات والقوي عن العمل السري غير المشروع، والاندماج في الحياة العامة، وقبول تداول السلطة بين القوي السياسية الفاعلة والمؤثرة من بين التيارات التي تسعي للحصول علي الشرعية في إطار حزبي «الجماعة الإسلامية» التي دخلت معركة قانونية مع الحكومة ولجنة شئون الأحزاب، بعد الاعتراض علي تأسيس حزبها «البناء والتنمية» وجري الطعن علي قرار رفض الحزب أمام مجلس الدولة الذي أجل نظر القضية الي شهر أكتوبر القادم، وذلك في الوقت الذي رأت فيه هيئة مفوضي الدولة أحقية الجماعة في تأسيس الحزب.
لكن ما بين الرفض وانتظار حكم القضاء الإداري عادت الي الأذهان المخاوف من تجدد العمل السري في الظلام.. وقبل الفوضي في بحار المخاوف، وتأثيرها علي عملية التحول الديمقراطي ومشاركة كافة أطياف العمل السياسي لابد من الحديث عن الحزب والأسباب التي يقف وراءها كل طرف، فقائمة مؤسسي الحزب يتصدرها القياديان في الجماعة الإسلامية طارق الزمر أحد المتهمين في قضية اغتيال الرئيس السادات وصفوت عبدالغني الذي سبق محاكمته في اغتيال رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، ومقتل الكاتب فرج فودة كما أن الحزب يضم في قائمة مؤسسيه عددا كبيرا من كوادر الجماعة الإسلامية الذين أدينوا بأحكام قضائية، وربما لوجود هذه الأسباب الي جانب عوامل أخري جاء الرفض الذي استند الي أن الحزب في مجمله يقوم علي أساس ديني بحت، الأمر الذي رأت فيه شئون الأحزاب أن ذلك يخالف القانون. وتضمن برنامج حزب الجماعة تطبيق الحدود الواردة في الشريعة الإسلامية وضرورة إضافتها الي القانون الوضعي متجاوزا في ذلك مفهوم المرجعية الدينية  كما أن قرار الرفض تضمن أن مؤسسي الحزب محكوم عليهم في قضايا جنائية تمنعهم من مباشرة الحقوق السياسية لأنهم لم يحصلوا علي أحكام برد اعتبارهم، وعلي خلفية ذلك جرت مشاهد المعارك القانونية.
لكن بعيدا عن هذا وذاك لابد من التأكيد علي أننا أمام حالة مثيرة للجدل فاتجاهات الرأي العام تطالب بمدنية الدولة وترغب في تسهيل إجراءات تأسيس الأحزاب وعدم إقصاء أي طرف من اللعبة السياسية، وجماعة لا يمكنه إغفال وجودها المؤثر في الحركة السياسية بأي حال من الأحوال، تلحق بركب الحراك الذي يجري في المجتمع.
لكن هذا الجدل لابد من وضعه في الاعتبار، لأنه مرتبط بتوجيهات قادمة وحراك يأخذ شكلا ديمقراطيا وجوهره يميل للعنف، وفرض سياسة القوة ويأتي ذلك في ظل أجواء ضبابية لا أحد يستطيع فيها الإمساك بخيوط اللعبة السياسية..التي توزعت بين جماعات تباينت رؤاها ومقاصدها ووفق هذا التباين، تلعب أدوارها، فالحديث عن الأحزاب الدينية لم يكن جديدا ربما يكون هناك تطبيق لمقاصدها في بلدان بلا أحزاب ولا يكون لها وجود في بلدان بها أحزاب دينية متشددة، لكن في مصر وفي تلك الظروف الأمر يختلف ويثير المخاوف والقلق من أمرين.. الأول نشوء أحزاب دينية في ظل تنامي الحديث عن دولة

مدنية، والثاني اللجوء الي ممارسة العمل السري بعيدا عن الأحزاب، حال الاستمرار في رفض الحزب وكلاهما يبدد الدعاوي الرامية الي تهيئة المناخ السياسي بما يلائم تواجد كافة الأطياف والاحتكام بين الجميع سيكون قطعا لصناديق الانتخاب.
أسوأ ما في الأمر أن الجدل يتزامن مع حالة الترقب والتحفز من الجميع ضد الجميع، وكأننا مقبلون علي فترة يستيقظ البعض منا بإشارة وينام لمجرد أن خاطرا جال في ذهن إحدي الفرق التي لها الغلبة، والمقصود ليس الأغلبية العددية إنما السطوة التي بدت تلوح ملامحها في الأفق جراء إدارة مستكينة أو جماعات سياسية فرضت نفسها علي الواقع، بالتهديد والوعيد لكل من يقف ضد رغبتها.
المثير أن الجماعة الإسلامية التي رفض تأسيس حزبها لجأت الي القضاء الإداري ولديها مبرراتها في شرح برنامجها الذي تقدمت به وهو الاحتكام للمادة الثانية من الدستور في قضية تطبيق الحدود.. ولم تحاول أن تجري تعديلا يتواءم مع جوهر وشكل الإطار الذي اتفقت عليه كافة القوي، وإن اختلفت المسميات، وهو الدولة المدنية، فقط الإخوان بأحزابها وهي التي أضافت الي مفهوم الدولة المدنية، المرجعية الدينية وليس القيام علي أساس ديني.. فالإصرار علي شكل البرنامج الخاص بالبناء والعدالة قطعا سيمر في ذات القنوات التي قررت الرفض ومن جانب آخر لم يجر حوار بين المعنيين بالأمر بغرض الاتفاق مع الجماعة الإسلامية لتفهم آرائهم ووجهات نظرهم في البرنامج، والوصول الي نقاط اتفاق أوتباين علي الأقل يمكن التقريب بينها، وهو أمر سيساهم في تصعيد حدة الخلاف بين الدولة والجماعة الإسلامية وذلك سيخرج بالجميع عن دائرة الأمنيات بالاستقرار خاصة أن هناك من يري أن البرنامج ليس فيه خروج عن الدستور، وأن بعض المصطلحات قد أسيء فهمها ربما من خلال أسلوبها وليس قصورا في قراءتها لكن هذا الرأي تعارضه مجموعة من الآراء المنافقة له، باعتبار أن الموافقة علي حزب ديني سيفتح الباب علي مصراعيه لأحزاب دينية أخري وهذا يخالف المبادئ الأساسية التي جري الاتفاق عليها ويخالف في ذات الوقت قانون الأحزاب.
قراءة المشهد تحتاج الي رؤية خاصة أن الجماعة الإسلامية تنفي قيام حزبها علي أساس ديني بحت لكن ما بين رأي مؤسسي الحزب والمعارضين لما جاء في برنامجه صار من المؤكد أن المخاوف ستتزايد علي مستقبل هذا البلد.