عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الله الله فى قبط مصر"


إن ما جرى فى إمبابة مساء السبت الماضى هو خروج عن كل المواثيق التى رعاها الدين الإسلامى و أعطاها من المكانة و الأهمية التى تكفل رعايتها و تطبيق تلكم النصوص التى لا تحتمل التأويل و لا تحتاج إلى تفسير حيث سبق الإسلام- منذ 1500 سنة - مواثيق حقوق الإنسان التى لم يعرفها العالم إلا منذ سبعة عقود و فى هذه السطور محاولة لعرض بعض النصوص القرآنية و الأحاديث و العهود النبوية لأهل الكتاب الذين لهم ذمة و عهداً وصفه الرسول – صلى الله عليه و سلم – بأنه " عهداّ مرعياّ، وسجلاّ منشوراّ، سُنّةّ منه وعدلاّ، وذمّةّ محفوظةّ، من رعاها كان بالإسلام متمسكاّ، ولما فيه الخير مستأهلاّ، ومن ضيعها ونكث العهد فيها، وخالفه إلى غيره، وتعدّى فيه ما أمرتُ، كان لعهد الله ناكثاّ، ولميثاقه ناقضاّ، وبذمته مستهيناّ، وللعنته مستوجباّ، سلطاناّ كان أو غيره " كما ورد فى عهده لوفد نجران من المسيحيين اللذين زاروه فى المدينة و أعطاهم العهد لهم " ولجميع من ينتحل دعوة النصرانية في شرق الأرض وغربها، قريبها وبعيدها، فصيحها وأعجميها، معروفها ومجهولها " كما نص ذلك العهد .

و لو نظرنا لأقباط مصر فنجد فى كتب الحديث أن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصى عند وفاته فقال : "الله الله في قبط مصر، فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وأعوانًا في سبيل الله"  رواه الطبراني  و يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "...فاستوصوا بهم خيرًا، فإنهم قوة لكم، وبلاغ إلى عدوكم بإذن الله" يعني قبط مصر - رواه ابن حبان في صحيحه -  و يثبت ذلك على مدار تاريخ مصر بعد دخول الإسلام فقد دافع المسلمين و المسيحيين عن مصر ضد العديد من الطامعين فى مصر حتى من رفعوا الصليب فى الحملات التى جاءت من أوربا ووقف المصريون جميعاً ضد الإحتلال الأجنبى فى ثورة 1919 ثم ضد الصهيونية التى إحتلت سيناء و حررها المصريون جميعاً فى أكتوبر 1973 و الأحاديث التى يوصى فيها الرسول – صلى الله عليه و سلم – بأهل مصر متعددة و منها أيضاً قول أبى ذر الغفارى عن النبى - صلى الله عليه و سلم- قال : " إنكم ستفتحون أرضًا يُذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرًا، فإن لهم ذمة ورحمًا".أو قال: "ذمة وصهرًا" و المعروف أن الرحم هو أن هاجر زوجة أبو الأنبياء إبراهيم -عليه السلام - و أم  إسماعيل - عليه السلام-  أبو العرب و الذى ينحدر الرسول من نسبه .. كما أن المصاهرة جاءت من زواج الرسول – عليه الصلاة و السلام من مارية القبطية التى أنجبت له ولده إبراهيم . و يلاحظ أن الرسول- صلى الله عليه و سلم -  كان يوصى بمصر و أهل مصر خيراً قبل أن يرحب المصريين أو الأقباط و يدخلوا فى الإسلام و من يتمسك بعقيدته له نفس الأمان و العهد و الذمة من الرسول – عليه الصلاة و السلام – و جماعة المسلمين و يسرى هذا العهد و يجب صيانته و حفظه إلى يوم الدين .

و إذا كنا قد أوضحنا أولاً المكانة الخاصة لأهل مصر فإن الرسول – صلى الله عليه وسلم – و بصفة عامة  قد أوصى برعاية غير  المسلمين فى أكثر من حديث  حيث قال  رسول - صلى الله عليه وسلم- :" من ظلم معاهدًا أو انتقصه حقًا أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة" رواه أبو داود والبيهقي
وقال رسول - صلى الله عليه وسلم : "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة"  رواه الخطيب بإسناد حسن

و قال رسول - صلى الله عليه وسلم:"من آذى ذميًا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله"  رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن

و قال رسول - صلى الله عليه وسلم: "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا " رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن عمرو.

و قال رسول - صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه" رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو.

و قال رسول - صلى الله عليه وسلم: " المسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم " رواه أحمد من حديث أبي هريرة

و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم - في حجة الوداع : " ألا أخبركم بالمؤمن ..  من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب " رواه النسائى

و لم يقتصر الأمر فقط على الأحاديث النبوية بل فى المعاهدات التى عقدها الرسول – صلى الله عليه و سلم – مع غير المسلمين و التى سار عليها خلفاؤه الراشدين ففى عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران : "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ لِلأسْقُف أَبِي الْحَارِثِ، وَأَسَاقِفَةِ نَجْرَانَ، وَكَهَنَتِهِمْ، وَرُهْبَانِهِمْ، وَكُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ جِوَارُ اللهِ وَرَسُولِهِ، لا يُغَيَّرُ أُسقفٌ مِنْ أسقفَتِهِ، وَلا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، وَلا كَاهِنٌ مِنْ كَهَانَتِهِ، وَلا يُغَيَّرُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ، وَلا سُلْطَانهُمْ، وَلا مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، جِوَارُ اللهِ وَرَسُولِهِ أَبَدًا مَا أَصْلَحُوا وَنَصَحُوا عَلَيْهِمْ غَيْر مُبْتَلَيْنَ بِظُلْمٍ وَلا ظَالِمِينَ"

وفي عهد عمر إلى أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما أن:  "امنع المسلمين من ظلمهم والإضرار بهم، وأكل أموالهم إلا بحلها"

و فى عهد عمر بن الخطاب إلى أهل إيلياء (القدس) نص على حُريتهم الدينية، وحرمة معابدهم وشعائرهم: "هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسائر ملَّتها، لا تُسكن كنائسهم، ولا تُهدم ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبها، ولا من شيء من

أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم. ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود . . "

ويأتى القرآن الكريم قبل ذلك أيضاً و يؤكد على ذات المبادئ المتعلقة بحرية العقيدة و المساواة و العدل للجميع و تلك الآيات هى على سبيل المثال فقط و ليس الحصر:

الآية رقم 6 سورة الكافرون :  " لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ "

الآية رقم 256 سورة البقرة : " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ "

الآية رقم 99 سورة يونس : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ "

الآية رقم 118 سورة هود : " وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ "

الآية رقم 62 سورة البقرة : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "

الآية رقم 17 سورة الحج : " إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ "

الآية رقم 135 سورة النساء : " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين"

الآية رقم 5 سورة المائدة : " الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ "

الآية رقم 8 سورة المائدة : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "

الآية رقم 8 سورة الممتحنة : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين"

الآية رقم 32 سورة المائدة : " مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ "

الآية رقم 48 سورة المائدة : " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ "

الآية رقم 82 سورة المائدة : " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "

فهل بعد ذلك يفرط البعض فى حماية مصرنا و أهلها الأقباط – و كلمة الأقباط لمن لا يعلم تعنى المصريين – هل بعد هذه التوجيهات القرآنية و النبوية الواضحة يأتى من يعبث بدور العبادة المسيحية تحت أى مبرر أو حجة سخيفة لا تقتضى الخروج على سماحة الإسلام و لا مواثيقة التى سبق بها العالم .

إن ذلك ليؤكد أن من يقومون بتلك الأفعال البربرية ليسوا من الإسلام فى شئ فلا هم إتبعوا سلفاً صالحاً يدعون كذباً أنهم ينتمون له و هو منهم برئ .. من هنا فكل من شارك فى هذه الأحداث لا نجد أبلغ من الوصف الذى وصفه به الرسول –صلى الله عليه و سلم – فى عهده لوفد نجران لمن لا يحفظ عهده ووصيته و يصونها :" ومن ضيعها ونكث العهد فيها، وخالفه إلى غيره، وتعدّى فيه ما أمرتُ، كان لعهد الله ناكثاّ، ولميثاقه ناقضاّ، وبذمته مستهيناّ، وللعنته مستوجباّ، سلطاناّ كان أو غيره "

" وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ"

و أخيراً أقول حفظ الله مصر و كل المصريين من كل شر .