رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة المضادة.. كمان وكمان

< عودة="" قوية="" وجريئة="" لبلطجية="" أمن="" الدولة="" عبر="" آلة="" البطش="" والإجرام="">

< الاعتداء="" علي="" «البلتاجي»="" و«بكر»="" رسالة="" تهديد="" لكل="" القوي="" السياسية="" المطالبة="">

< كُتاب="" زمن="" النفاق="" يخربون="" مصر="" بالحماقة="" والجهل="" ويستبيحون="" تاريخ="" الإذاعة="" ببطولات="">

< لصالح="" من="" يحتل="" رجال="" النظام="" السابق="" صدارة="" المشهد="" الإعلامي="" تحت="" مظلة="" «حرية="">

لم أكن أنوي العودة إلي حديث الهجمة الشرسة لقوي الثورة المضادة، لولا أن حواراً مع بعض الأصدقاء كشف لي عن مدي القلق الذي يساور الكثيرين من تعاظم نشاط قوي الثورة المضادة، سواء بأساليب فجة وعنيفة ومتحدية أو بأساليب التشكيك في نزاهة بل ووطنية بعض القوي التي فجرت الثورة أو بعودة بعض رموز النظام أو أعوانه المؤتمرين بأمره ليحتلوا صدارة المشهد الإعلامى.

عودة أمن الدولة

وعن المحور الأول لتحرك قوي الثورة المضادة نبهني صديق عزيز هو الأستاذ رجائي عطية إلي حادثتين لهما دلالة بالغة الأهمية وهما حادثا الاعتداء علي اثنين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين هما الدكتور محمد البلتاجي الذي تعرض لهجوم علي طريق عام تم خلاله سرقة سيارته ومتعلقاته الشخصية تحت تهديد السلاح، أما القيادي الثاني (الأستاذ بركة) فقد تم سحله وسرقة حقيبته في وضح النهار وفي شارع لا يبعد سوي بضعة أمتار عن وزارة الداخلية وعلي مرأى ومسمع من كمين شرطة؟! وتم سحل الرجل في الشارع بجرأة بالغة، أما الحدث الثاني فهو الهجوم علي اثنين من رموز التيار الليبرالي وهما الفنانة بسمة والأستاذ عمرو حمزاوي.

الحادثتان تكشفان عن عودة قوية وجريئة لبلطجية جهاز أمن الدولة. وتعيد إلي الأذهان مشهدين نضرب بهما المثل للدلالة علي بشاعة وسطوة جهاز أمن الدولة وهما حادثتا الاعتداء الوقح علي المرحوم الأستاذ جمال بدوي رئيس تحرير جريدة الوفد في وضح النهار والاعتداء عليه بالضرب وتحطيم سيارته تأديباً له لأنه انتقد سياسات الرئيس المخلوع، والاعتداء الأكثر بشاعة علي الدكتور عبدالحليم قنديل أحد أبرز المعارضين في ذلك الوقت، وتجريده من ملابسه وإلقاؤه في الصحراء.

الحادثتان الجديدتان لا تكشفان فحسب عن عودة قوية ومتحدية لبلطجية أمن الدولة، لكنها - علي ما يبدو تبقيان برسالة شديدة الوضوح لجميع القوي السياسية الفاعلة والتي تسعي لتحقيق أهداف ثورة يناير، بأن نظام الرئيس المخلوع لم تزل له اليد العليا، وأن آلة البطش التي أنشأها لقهر المعارضين قد استعادت قوتها وتنظيمها، وأن التمويل الذي تحتاجه عملياتها الإجرامية متوفر وبمبالغ أسطورية يضعها بعض رموز النظام السابق تحت تصرف هذه الجهات للإنفاق علي عملياتها الإجرامية لإرهاب كل القوي المشاركة في ثورة يناير، وفي نفس الوقت تشجع بقايا نظام الرئيس المخلوع علي العودة لاحتلال مواقع مؤثرة، خاصة في مجال الإعلام والإفصاح بدرجات مختلفة من الوضوح عن التعاطف مع الرئيس المخلوع والتهجم علي القوي المشاركة في ثورة يناير.

الهجوم الواضح علي الثوار

وعلي المحور الثاني تحركت جحافل الإعلاميين من قيادات كتائب النفاق للرئيس المخلوع ليغمزوا في نوايا وأهداف شباب الثورة ويتحدثون باستخفاف عن عدم نضج هؤلاء الشباب وعن استخدام بعض القوي الأجنبية لهم لتنفيذ مخططات هدفها تخريب اقتصاد مصر والتصرف بحماقة وجهل مما يلحق بالوطن أبلغ الضرر ويعرض مصر لانهيار كامل. ويبدأ فرسان النفاق حديثهم بالإشادة بالثورة، مؤكدين أنهم من مؤيديها بل ومن المتحمسين لأهدافها، لكنهم يرون أن قوي معادية لمصر قد اختطفت الثورة لأنها - أي الثورة - لم تكن لها قيادة واضحة تحميها ولذلك كان استيلاء القوي المضادة علي الثورة أمراً سهلاً.

ويتعمد من يقومون بأداء هذا الدور تخويف الجماهير من كل القوي السياسية التي تنشط هذه الأيام، فيبالغون في قوة التيارات الدينية المتعصبة مؤكدين أنهم سوف يقفزون علي الحكم وسوف يعيدون مصر إلي عهود أشبه بحال أفغانستان طالبان.. ويتولي فريق آخر ترويج الاتهامات للقوي الليبرالية مؤكدين أن هذه القوي تنفذ أجندة أجنبية لدول طامعة في الهيمنة علي مصر، وأن هذه القوي إذا وصلت إلي مواقع السلطة سوف تمحو هوية مصر الإسلامية. ولا ننسي كتائب النفاق هذه أن تروج الشائعات عن هجرة مسيحية واسعة بين المواطنين الأقباط. ومع النفخ المستمر والمنظم في نيران الصراع وتعميق الخلافات تأمل هذه القوي أن تصبح المناخ مهيأ للانقضاض علي الثورة التي تفككت القوي التي فجرتها وآزرتها بخلافات حادة.

أدعياء البطولات الوهمية

والمحور الثالث تتحرك عليه رموز الإعلام الذي ساهم في تدعيم نظام الرئيس المخلوع، واختيار بعض الرموز التي كانت تقف في الصف الثاني أو الثالث ولم تكن في بؤرة الضوء بين كتائب النفاق.

ويبدأ هؤلاء بادعاء مواقف معارضة للرئيس المخلوع، ويؤكدون أنهم دفعوا ثمناً فادحاً نتيجة لهذه المعارضة في الأيام التي كان فيها الرئيس في قمة قوته وتسلطه.

واحتشد عدد هائل من هؤلاء علي شاشات الفضائيات الرسمية والخاصة، وعلي صفحات الصحف التي تجري معهم الحوارات المطولة التي يتحدثون خلالها عن «بطولات وهمية» لا يعرفها إلا هم وحدهم، بل إن البعض يذكر بعض العبارات الساذجة ليؤكد أنها كانت تمثل قمة النقد للرئيس المخلوع.

مثلاً السيد مفيد فوزي يتحدث عن بطولته وجرأته النادرة في نقد الرئيس مبارك وهو في ذروة عنفوانه عندما كان يسجل معه حديثاً في برنامجه التليفزيوني كإحدى حلقات الدعاية للرئيس المخلوع.. يقول سيادته إنه وجه سؤالاً محرجاً للرئيس وهو اسمك «حسني مبارك» فيرد الرئيس اسمي محمد حسني

السيد مبارك. فيعود المحاور مفيد فوزي ليسأله واسم والدتك؟ فيرد الرئيس لا تتدخل في الأمور الشخصية؟ هذه هي الجرأة النادرة التي انتقد بها مفيد فوزي الرئيس المخلوع؟!

برنامج «الشعب يريد» علي قناة القاهرة والناس

ومن النماذج المماثلة تصريحات مدوية للسيد عمر بطيشة رئيس الإذاعة الأسبق (جريدتي الوفد والمصري اليوم) في مقال بالوفد اليومي ذكر سيادته إنه قال للسيد أنس الفقي إن السر في تخلف الإذاعة أنها تقدم في نشرة الأخبار أخبار معارك ثم أخبار حرم الرئيس ثم أخبار نجله.. وأكد السيد عمر بطيشة أن هذا الحديث مع أنس الفقي كان قبل أن يتولي وزارة الإعلام وعندما تولي وزارة الإعلام كان أول ما فعله هو إحالة السيد بطيشة علي المعاش. والمضحك المبكي في الوقت نفسه أن السيد بطيشة تم التمديد له لعامين متتاليين بعد بلوغه سن المعاش ولم يكن أنس الفقي يستطيع أن يمد له سنة ثالثة عندما تولي منصب وزير الإعلام أي أن السيد بطيشة خرج إلي المعاش بعد التمديد له لعامين متتاليين باعتباره ممن يتحفون بالرضا السامي للنظام السابق الذي لم يكن يسمح بالتمديد لمن لا يدين له بالولاء المطلق.

ويبدو أن السيد بطيشة قد نسي أنه كان يقوم بكتابة أغاني احتفالات أكتوبر التي تمجد صاحب «الضربة الجوية» وأنه كان يباهي بأن الرئيس المخلوع يتصل به تليفونياً ليبدي الإعجاب به.

المشكلة هنا ليست في الادعاءات المضحكة للسيد بطيشة فمئات العاملين بالإذاعة وكلهم والحمد لله علي قيد الحياة يعرفون حقيقة مواقف السيد بطيشة وهي مواقف لا أحد يحاسبه عليها الآن لأنه كان مجرد موظف زكي يعرف الطريق إلي كسب رضا رؤسائه وحصل علي ما يريد نتيجة لتأكيده في كل مناسبة علي إخلاصه وولائه للرئيس المخلوع ورجاله.

المشكلة أن الصحف التي تستكتبه أو تجري معه الحوارات تقدمه باعتباره «مناضلاً» وتمنحه صفة «الإذاعي الكبير» مما يوقع في روع القارئ أن ما يقوله السيد بطيشة عن الإذاعة وعن مواقفه أمر مسلم بصحته، ويواصل السيد بطيشة مقالاته باعتباره «شاهد علي العصر».

وفي مثل هذه الوقائع تتطلب تقاليد المهنة أن تتثبت الصحيفة أو من يجري الحوار من جهات محايدة ولديها المعلومات الموثوقة عن صحة ما يقوله السيد بطيشة، وما يصفه بأنه أسرار لا يعرفها إلا هو؟! كما جاء في آخر مقال له بالوفد اليومي عن «سر تجميد المطربة آمال ماهر» والغريب أن السيد بطيشة بالذات كانت له قصة في السماح لآمال ماهر بالتعاقد مع شركة إنتاج أغاني مخالفة لعقد احتكار الإذاعة للمطربة المذكورة عندما كان يتولي رئاسة الإذاعة وكان في نفس الوقت مستشاراً لهذه الشركة.

مسئولية قوي الثورة

ما ذكرته عن احتلال رجال النظام السابق لصدارة المشهد الإعلامي خلال شهر رمضان تحت مظلة «حرية التعبير» تم بطريقة تجافي المعايير المهنية في كثير من الأحيان، فقد كانت استضافة هؤلاء تتم دون مواجهتهم بأشخاص يمثلون وجهة النظر المخالفة. والبعض تولي تقديم برامج كرسها بالكامل لاستضافة رموز نظام الرئيس المخلوع.

وتكامل الصورة علي هذا النحو يضع القوي التي فجرت الثورة وآزرتها أمام مسئولية بالغة الخطورة وهي ضرورة الاهتمام بالساحة الإعلامية وأعتقد أن إعلام الدولة الآن مهيأ لأن يتحمل مسئولية تمكين قوي الثورة من أن يكون لها وجود مؤثر وفاعل علي ساحة الإعلام الرسمي المرئى والمسموع والمقروء.

وأي تقاعس أو تباطؤ في تحمل هذه المسئولية بالجدية المطلوبة سوف يسمح لقوي الثورة المضادة بترسيخ وجودها علي الساحة الإعلامية وبالتالي امتلاك قوة التأثير الكبيرة علي الجماهير العريضة.