عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لصالح من تشويه ثورة يناير؟

حوار مبارك التليفزيوني.. سقطة سياسية ومهنية
لصالح من تشويه ثورة يناير؟
الإيحاء المضلل بأن السيسي يشجع رموز عهد مبارك
مطلوب بيان من الرئاسة لكشف هذا التضليل


قناة «صدي البلد» المملوكة لرجل الأعمال محمد أبوالعينين يثير الكثير مما تقدمه علامات استفهام حول أهداف هذه القناة، ويدرك خبراء الإعلام ان عددا من رجال الأعمال حرصوا علي إطلاق فضائيات تليفزيونية لاستخدامها «كقوة ردع» ضد كل من يحاول ان يفتح ملفات فساد عهد مبارك، خاصة إذا كانت هذه الملفات تشير من قريب أو بعيد إلي أية علاقة لهم بهذه الملفات، كما يستخدمونها أيضا لابتزاز السلطات الحكومية لتحقيق منافع غير مستحقة أو للصمت عن عمليات يمارسونها تحوم حولها الشبهات.
بعض رجال الأعمال يستخدمون هذه «القوة الإعلامية» بذكاء بالابتعاد عن بث ما يكشف حقيقة هذه الأهداف، بل ويزايدون في بعض الحالات علي الأصوات الداعية لمحاسبة كل من تورط في نهب ثروات الشعب في العهود السابقة استنادا إلي حماية القيادة السياسية في تلك العهود.
قناة أبوالعينين وتشويه ثورة يناير
البعض الآخر وفي مقدمتهم رجل الأعمال محمد أبوالعينين يترك لمسئولي قناة «صدي البلد» التصرف لتحقيق الأهداف التي يري أنها تمثل أولوية قصوي، وفي المقدمة تشويه ثورة يناير واتهام الثوار بالعمالة والتآمر علي الدولة، وبالتالي تصوير الرئيس الأسبق مبارك باعتباره الرئيس الذي حقق لمصر الاستقرار وكفل للجماهير المصرية حياة كريمة.
في هذا السياق تبذل قناة أبوالعينين جهداً كبيراً لاكتشاف كل من لديه القدرة علي تحقيق هذا الهدف. ويتصور المشاركون في حملات تشويه ثورة يناير ان باستطاعتهم مغازلة سلطة الحكم الحالية بصيحات التأييد العالية للموجة الثانية لثورة يناير وأعني بها الموجة التي تدفقت في 30 مايو وانهت حكم تيارات الإسلام السياسي. يتصور عازفو هذه النغمة النشاز أن قيادات الموجة الثانية من الثورة وفي المقدمة منهم الرئيس السيسي سوف تقدم لهم الغطاء الشرعي للاستمرار في محاولة هدم «الثورة الأم» وأعني بها ثورة يناير، وصولا إلي تبرئة عهد الرئيس مبارك باعتبار ثورة يناير مؤامرة أجنبية أطاحت بحكمه الرشيد؟!!
ولا يخفي علي من يملك الحد الأدني من الإدراك ومن فهم أساليب المناورات السياسية والإعلامية ان الهدف الحقيقي هو هدم منطق الثورة وتبرئة من قامت ضده الثورة وهو في حالتنا الرئيس الأسبق مبارك. في الأسبوع الماضي قدم أحد برامج هذه القناة (صدي البلد) ما أراه سقطة سياسية وإعلامية مدوية.
الفرق بين مبارك الطيار ومبارك السياسي
تصور المسئولون عن القناة ان عيد تحرير سيناء برفع العلم المصري علي آخر بقعة محررة (طابا) يمثل فرصة ذهبية باعتبار هذه المناسبة تمكنهم من تحقيق قفزة كبري نحو تحقيق هدفهم وهو إعادة الاعتبار للرئيس الأسبق مبارك وبالتالي تبرئته وتبرئة عهده من كل ألوان الفساد الرهيب الذي رعته وأسبغت عليه الحماية رئاسة الرئيس الأسبق مبارك. وهذه التبرئة تمثل في نفس اللحظة إدانة قاطعة لثورة يناير التي فجرها الشعب المصري ضد كل ما ساد عهد مبارك من مظالم ومفاسد وتبعية وتفريط.
مقدم البرنامج قدم حوارا تليفزيونيا مع الرئيس الأسبق مبارك تحدث فيه الرجل عن «أمجاده» وبطولاته باعتباره أحد قادة نصر أكتوبر. وحرص الحوار علي مخاطبة العاطفة الإنسانية لدي المشاهدين لإثارة التعاطف مع الرئيس الأسبق، ولم ينس طبعا ان يشيد بالقيادة السياسية الحالية للرئيس السيسي حتي يوحي للمشاهدين بأن السيسي امتداد لعهد مبارك بمنطق انتماء الشخصين للمؤسسة العسكرية. وإمعانا في استغلال الفرصة، أعاد البرنامج التسجيل مباشرة بعد ان انتهي، في سابقة لا يعرفها أي إعلام يحترم تقاليد وقواعد المهنة.
السقوط السياسي
هذا الحوار بشكله ومضمونه، وإعادة إذاعته لعدة مرات أراه في حد ذاته سقطة سياسية وإعلامية، إما إذا وضعناه في إطار سياسة قناة أبوالعينين المكرسة لتشويه ثورة الشعب المصري بموجتيها في يناير ويونية، فالحكم علي ما حدث يتجاوز مجرد السقطة السياسية والإعلامية ليصبح خطيئة سياسية وإعلامية.
أولاً: علي الصعيد السياسي: 1- عندما ثار الشعب المصري في يناير وقدم للعالم كله نموذجاً رائعاً لثورة شعبية حقيقية، لم يثر الشعب المصري علي حسني مبارك قائد القوات الجوية في حرب أكتوبر بل ثار الشعب المصري علي الرئيس مبارك الذي أدت ممارساته السياسية بصفته رئيسا لمصر إلي إهدار ما تبقي من ثمرات نصر أكتوبر المجيد، والذي رعي وحمي عمليات الفساد الكبري التي استنزفت ثروات الشعب المصري ومكنت الأهل والعشيرة والمحاسيب والأنصار من نهب المليارات من ثروات شعب عاني تحت حكمه من كل ألوان القهر والفقر.
الرئيس الأسبق مبارك اختار بمحض إرادته أن يتجاهل صفحة البطولات العسكرية في تاريخه وأن يجعل الصفحات

الأخيرة في حياته صفحات سوداء مجللة بكل ألوان الفساد السياسي والمالي الذي استفز الشعب المصري وبلغ الذروة في الاستفزاز فينطلق بركان الثورة الشعبية ضد «رئيس دولة» لم يتق الله في شعبه ولم يصن العهد الذي عاهد الشعب يوم تولي الرئاسة علي ان يصونه.
اختار الرجل ان يضع في مواجهة صفحة «البطولة العسكرية» صفحة الفساد السياسي والمالي الذي هبط بمصر إلي درك سحيق. فكانت ثورة الشعب علي أدائه السياسي الذي اختتم به حياته العملية.
صفحة البطولة العسكرية لا تشفع له، بل إنها بالمنطق السليم تضاعف من مسئوليته عن كل الجرائم السياسية والمالية التي اقترفها.
ورغم ذلك فصفحة البطولة العسكرية مكانها أبحاث المؤرخين وكتب التاريخ، أما الصفحة التي تظل ماثلة أمام الشعب والتي يحاسب عليها فهي الصفحات السياسية وهي الصفحات الأخيرة في أيام حكمه لمصر، وهي صفحات مجللة بالسواد.
2- بث هذا الحوار في توقيت ومناخ بالغ الحساسية سياسيا، تتكاثر فيه الشائعات والتسريبات التي تدعي أن الرئيس السيسي بغض البصر عن زحف قيادات عهد مبارك لتعود إلي صدارة المشهد السياسي، بث مثل هذا الحوار وسط أجواء من الاحتفاء من جانب قناة أبوالعينين أحد رجال عهد مبارك يغذي هذه الشائعات.
ورغم ثقة العارفين ببواطن الأمور من ان الرئيس السيسي يمثل بالفعل «عهدا جديدا» يستند إلي ظهير شعبي قوامه ثورتا يناير ويونية، وأنه يرفض بحسم السماح لرموز الفساد السياسي والمالي في عهد مبارك وعهد مرسي علي السواء، رغم ثقة النخبة المثقفة في موقف الرئيس السيسي فان بث مثل هذه المقابلات ومتابعة بعض الفضائيات لتقديم كل ما يشكك في ثورات الشعب المصري، هذا الإلحاح «الإعلامي» من الممكن أن يساهم بتراكم تأثيره في دفع الجماهير العريضة لتصديق شائعات تمكين رجال مبارك ليعودوا إلي واجهة المشهد السياسي؟!!
السقوط الإعلامي
ثانياً: علي الصعيد الإعلامي.. من بديهيات القواعد المهنية للإعلام ضرورة عرض مختلف الآراء عند التعرض لموضوعات تختلف فيها وجهات النظر. والحوار مع الرئيس الأسبق مبارك تطرق لوجهة نظره في أحداث مضت وأحداث تجري حاليا. والالتزام بالقواعد المهنية في هذه الحالة - كغيرها - يحتم استضافة صاحب رأي يختلف مع رأي مبارك في أحداث الماضي والحاضر.
أما بث رأي مبارك وتجاهل الآراء المختلفة معه، فهذه سقطة مهنية كبري لا يمكن تبريرها.
ثالثا: موقف الرئاسة:
خطورة ما تتركه مثل هذا البرامج من آثار بعضها يتعلق بإيحاءات بأن الرئيس السيسي يبارك مثل هذه التوجهات. ولست بطبيعة الحال مع أي رأي يطالب بمصادرة رأي أو تعطيل وسيلة إعلامية. لكنني أطالب الرئاسة بإصدار بيان واضح يتعلق بمثل هذه التصرفات يعلن بكل وضوح أن الرئيس له موقفه الواضح مع ثوار يناير ويونية وانه يرفض أية إيحاءات مضللة بأنه يساند سياسيا عودة قيادات ورموز عهود الفساد السابقة.
هذا البيان أراه ضرورة لتطمئن الجماهير التي قد يخامرها شك نتيجة حملات القنوات ذات الهوي، فهذه الجماهير تتعرض لهجمات مركزة ومستمرة من فضائيات رجال مبارك وكما يقول المثل العامي «الدوي علي الودان أكبر من السحر».