عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطوة على الطريق الصحيح.. لو استمرت

خطوة على الطريق الصحيح.. لو استمرت
الكرة فى ملعب رئيس الرقابة الإدارية الجديد
الفساد المالى والإدارى أخطر من الإرهاب
الجماهير لا تقنعها إلا الإجراءات العملية

فى الأسبوع الماضى ومضت بارقة أمل تبشر المصريين بأن الفساد الذي استشرى فى مصر والذي يهدد كل الجهود الجادة والمضنية لإنقاذ مصر من عثرتها، هذا الفساد سيواجه في الأيام المقبلة «حرباً غير تقليدية على الفساد» حسب مانشيت جريدة الأهرام (يوم الجمعة 10/4/2015) ويعزز ما ذهبت إليه الأهرام ما نشرته صحيفة الأخبار في نفس التاريخ وصاغته فى المانشيت الرئيسى لها علي هذا النحو «السيسى: التصدى المسبق للفساد ومتابعة المسئولين بالمواقع المهمة».
هذه المانشيتات نشرتها صحف يوم الجمعة 10/4/2015 بمناسبة تعيين رئيس جديد لجهاز «الرقابة الإدارية» وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها نشر تعيين رئيس للرقابة الإدارية بهذه الصورة اللافتة.

رسائل السيسى عن الفساد
توقفت أمام الخبر وأدركت أن النشر بهذه الصورة ليس اجتهاداً من المسئولين عن الأهرام والأخبار وحسب، لكنه -أى النشر بهذه الصورة- أرادت به الرئاسة أن تبعث بأكثر من رسالة، وفى أكثر من اتجاه.
الرسالة الأولى: تيقن الرئيس السيسي أن النسبة الأكبر من الجهود التى يبذلها لإنقاذ مصر من عثرتها وتهيئة الأجواء المناسبة لتنطلق إلى الآفاق المرجوة من التقدم والنمو، هذه الجهود يتسرب الكثير من ثمراتها في سراديب وبالوعات الفساد المالى (إهدار المال العام ونهبه) والفساد الإدارى بتولى غير المؤهلين مواقع مهمة فيهدرون بإدارتهم الفاشلة كماً هائلاً من المال العام.
من هنا كان قرار السيسي بالالتفات الجاد لسد هذه البالوعات والسراديب بتكليف الجهة الرقابية المنوط بها هذه المهمة بوضع الخطط العملية التي تغلق كل الثغرات التي ينفذ منها الفساد. وكان طبيعياً أن يكلف بهذه المهمة قيادة يثق في قدرتها على إنجاز هذه المهمة.
ومعنى هذا بكل وضوح أن الرجل الذي قبل أن يحمل أمانة تنفيذ هذه المهمة الوطنية الثقيلة أصبح منذ لحظة تحمله هذه الأمانة مسئولاً مسئولية كاملة أمام المواطنين -قبل أن يكون مسئولاً أمام الرئيس- ليقدم لهذه الجماهير أعمالاً ملموسة ونتائج مؤكدة لقدرته بمعاونة رجاله في الرقابة علي أداء الأمانة التي تحملوها. والجماهير لا تقنعها التصريحات ولا الوعود، الجماهير تقنعها فقط النتائج العملية المتمثلة في الكشف عن مافيا الفساد وتقديمها لمحاكمات عادلة.

تحذير لمافيا الفساد
الرسالة الثانية: يوجهها السيسي إلي مافيا الفساد ليحذرهم وينذرهم، وأعتقد أنه -أى الرئيس- يريد بهذا التحذير القوى العلنى أن يبادر من أغراهم تقاعس أو عدم قدرة أجهزة الدولة على ملاحقتهم فانضموا إلى مافيا الفساد، أراد السيسى -على ما يبدو- أن يبادر هؤلاء بالإقلاع عن ممارسة الفساد، فالدولة ليست معنية بعقاب الفاسدين وحسب، لكنها معنية بفتح أبواب التوبة لكل من أراد أن يهجر الفساد وأن يعود إلى الحياة الشريفة والسوية، مواطناً محترماً.
وفي نفس الوقت يوجه السيسي الرسالة ذاتها إلي محترفى الفساد، محذراً بأن مؤسسات الدولة المعنية بمحاربة الفساد قد تم كسر الأغلال التي كانت تقيد حركتها وتمنعها من تقديم قضايا فساد كبرى لمحاكمات عادلة، هذه الأغلال والقيود التي كانت تسمح للمسئول الأعلى بأن يتجاهل تقارير هذه الجهة الرقابية، وأن يسبغ حمايته علي أساطين الفساد في تحد صارخ لهذه الأجهزة الرقابية ولجموع المواطنين الذين يعلمون تفاصيل الفساد البشع لهؤلاء المتمتعين بحماية قيادات عليا في مواقع العمل وصولاً إلى بعض الوزراء.
وليست لديَّ معلومات تؤكد إطلاق يد الرقابة على الأقل لتقديم قضايا الفساد إلى المحاكمات دون استئذان الوزير المختص، ولكنني أتصور أن هذه الرسالة التي تضمنها الخبر توحى بأن تعديلات ما سيتم إقرارها على قانون الهيئة يسمح بتقديم التقارير مباشرة إلي النيابات المختصة للتحقيق، ضماناً لصيانة حقوق أي متهم.

لا للفاسدين والفشلة
الرسالة الثالثة: وهي في تصورى من أهم هذه الرسائل تتعلق بشغل الوظائف العليا بالدولة، وقد عبرت عن مضمون هذه الرسالة مانشيتات الأهرام «تنسيق بين مختلف الأجهزة.. قاعدة بيانات لشغل الوظائف القيادية» ومانشيت الأخبار «متابعة المسئولين بالمواقع المهمة».
هذه الرسالة سلطت الضوء بقوة علي أحد أهم الثغرات التي ينفذ منها الفساد علي النحو التالى:
1- اختيار شخصيات يعلم القاصى والدانى مدي ممارستها للفساد، سواء الفساد الإدارى باختيار معاونيها من بين الفاسدين أو الفساد المالى بنهب المال العام والتربح بطريقة فجة ووقحة.
2- اختيار شخصيات لا تملك الحد الأدنى من المقومات التي تؤهلها لتولي مثل هذه المواقع القيادية. ومثل هذه الشخصيات تستسلم لمحترفي النفاق ولا تحسن اختيار معاونيها. وقد لا تتورط هي في فساد مباشر، لكن عدم أهليتها لتولى قيادة هذا الموقع أو ذاك يسمح لمافيا الفساد بأن تسيطر وبأن تمارس كل ألوان إهدار أو نهب المال العام مطمئنة إلي الحماية التي تسبغها عليها القيادة العليا.
3- اختيار قيادات سبق أن حققت فشلاً ذريعاً في مواقع قيادية سابقة. ومثل هذه القيادات الفاشلة غالباً ما تعاني من شعور قوى بالصلف والغرور الذي يجعلها ترفض كل نصح وتمعن في اتخاذ القرارات التي تكرس الفشل.
هذه النوعية من القيادات كثيراً ما قدمت الأجهزة الرقابية تقارير مفصلة عن فسادها أو ضعفها أو فشلها، غير أن المسئول الأعلى كان يتجاهل هذه التقارير بحجة عدم وجود أحكام قضائية نهائية تدينهم.. بل إن بعض الحالات كانت تشهد اختيار المسئول الأعلى لمن دانته أحكام قضائية بالفساد.
وكانت الأجهزة الرقابية في هذه الحالات لا تملك إلا الشكوى! شأنها شأن المواطن العادى الذي لا يملك إلا الشكوى إلي الله!
الرسالة هذه المرة تقول وبوضوح إن قاعدة بيانات سيتم إعدادها في كل موقع تتضمن أسماء الشخصيات المؤهلة لتولى المواقع القيادية لتختار القيادة الأعلى الأكثر ملاءمة لشغل الموقع القيادى علي أساس قاعدة بيانات دقيقة تم إعدادها بعناية وأمانة.
وفي هذه الحالة فلن يُترك للرئيس الأعلى مجال مفتوح بغير قواعد لاختيار المحاسيب والأصدقاء والأهل والعشيرة.

تعاون المواطنين
الرسالة الرابعة: موجهة إلى كل المواطنين المصريين الشرفاء الذين يعانون من الإحباط وهم يرون جيوش الفاسدين والفاشلين ترتع في جنة المواقع القيادية العليا، يمارسون فسادهم وفشلهم بفجور يستفز المواطنين الشرفاء ويدفعهم لليأس وعدم تصديق أي وعود لمحاربة الفساد.
هذه الرسالة تقول بكل وضوح للمواطنين الشرفاء: هذه خطوة علي طريق محاربة الفساد.. وأنتم أيها المواطنون الشرفاء شركاء في تحمل المسئولية لتستمر هذه الخطوة وتصل إلي غايتها.
كل مواطن شريف مطالب بأن يتصدى للفساد على الأقل بالإبلاغ عن وقائعه، بشرط ألا يستخدم هذا الحق في تصفية حسابات مع الآخرين.

جدية التنفيذ هي المحك
يبقي أن أذكر أن تطور هذه الخطوة لتستمر وتواصل التحرك نحو الهدف المنشود وهو تخليص مصر من «الفساد» أو من النسبة الأكبر منه، هذا التطور رهن بجدية التنفيذ سواء من جانب قيادة جهاز الرقابة الإدارية الجديد أو من جانب المواطنين.
وأعرف أن الكثيرين لديهم توجس مشروع من إساءة استخدام بعض أعضاء الأجهزة الرقابية لسلطاتهم، وليس صعباً وضع القواعد الصارمة لإزالة هذا التوجس، فالقضاء المصرى يستطيع أن يحسم المواقف وأن يثبت إدانة المذنب وبراءة البرىء.
وفي حال أثبت القضاء أن عضواً بجهاز رقابى تجني علي مواطن شريف، وقدم تقارير زائفة لإدانة مواطن شريف. في هذه الحالة فإن العضو -المؤتمن على هذا العمل الحساس- يجب أن يعاقب بضعف العقاب الذي كان يمكن أن يعاقب به من تعرض للظلم والأذى من هذه التقارير وأن يستبعد هذا العضو تماماً من تولى أية مسئولية في أي جهاز بالدولة.
ما أرجوه أن يسرع رئيس الرقابة الجديد بتقديم إجراء عملي ينشر علي أوسع نطاق ليقنع الجماهير أن عهداً جديداً قد بدأ في الحرب علي الفساد.
وأحذر من أن أي تأخير في إطلاع الجماهير علي نتيجة عملية قد يكرس حالة الإحباط لدي الجماهير، ويمحو الأثر الإيجابى الذي أحدثته تصريحات وتوجيهات السيسي، وسيشجع مافيا الفساد علي تحدى مشاعر الجماهير وتسيطر مرة أخرى مشاعر الإحباط التى تغذيها مقولة إن كل ما جرى مجرد «شو إعلامى».