عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إهانة الرموز الوطنية


مسئولية الحكومة فى استمرار هذه الإهانة
< التجربة="" الصهيونية="" لإحياء="" اللغة="">
< الحكومة="" تتجاهل="" قانون="" حماية="" اللغة="">
< الاستعمار="" الفرنسى..="" الاحتلال="" باللغة="" أقوى="" من="" الضم="" بالسلاح="">


لا توجد دولة فى العالم تسمح بإهانة «رموزها الوطنية» وتفرض القوانين فى جميع الدول عقوبات رادعة فى جرائم إهانة الرموز الوطنية.
وحتى لا تنصرف الأذهان إلى تعريف ما أعنيه بالرموز الوطنية فإننى أبادر بالتأكيد اننى أتحدث تحديدًا عما أتصور أنها الرموز الوطنية التى لا تختلف حولها الآراء وهى اللغة والعلم والنشيد الوطنى، واستثنى من هذا الحديث «الشخصيات» فالرؤى والآراء تختلف حول الأشخاص، ولهذا فحديثى هنا عن الرموز الوطنية التى لا خلاف عليها، ليس فى بعض الأوطان بل فى جميع البلاد وفى كل العصور.
تحتل «اللغة»الرسمية لكل بلد موقع القمة بين الرموز الوطنية فاللغة تتجاوز كونها «رمزًا» يمس مثل الرموز الأخرى مشاعر عاطفية، فهى ـ أى اللغة ـ تمثل أوثق رباط يجمع المواطنين جميعًا ويوحد طريقتهم فى التفكير ويحقق التواصل والتفاهم بين جموع المواطنين على اختلاف مشاربهم وقدراتهم وانتماءاتهم الفكرية أو السياسية أو حتى الدينية، وهذا التواصل يحقق آخر الأمر الترابط والتماسك الذى يحقق وحدة النسيج الوطنى، ولنضرب بعض الأمثلة التى تكشف الأهمية البالغة لهذا الرمز الوطنى.
إحياء لغة ميتة
ولنبدأ بالعدو الصهيونى اعمالاً لمبدأ «الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها». فعندما قرر قادة الحركة الصهيونية العالمية انشاء «دولة إسرائيل» كان الاهتمام باللغة من أولويات الأهداف التى حددتها الصهيونية العالمية، قامت الحركة الصهيونية بإحياء «اللغة العبرية» التى كادت تندثر، وفرضت بكل وسائل الترغيب والترهيب على كل من يريد الهجرة إلى إسرائيل تعلم اللغة العبرية، وعندما انشئت دولة إسرائيوضعت القوانين التى تحتم على جميع المواطنين استخدام اللغة العبرية فى جميع المعاملات الرسمية للدولة،وفى كل ما يتصل بالشأن العام بالحياة اليومية للمواطنين والمعاملات بين المؤسسات العامة والخاصة، ويستوى فى هذا الالتزام كل من يعيش على الأرض التى اغتصبتها إسرائيل وجعلتها «وطنًا» سواء كان هذا المواطن أمريكيًا أو أوروبيًا أو روسيا أو إثيوبيا أو مغربيًا أو يمنيًا أو فلسطينيًا لم يغادر أرضه عام 1948، الكل فى نظر إسرائيل مواطنون إسرائيليون، ومن شروط المواطنة استخدام «لغة الوطن» الرسمية فى جميع المعاملات وفى الحياة اليومية العامة.
ومن أراد أن يرى نموذجًا للاعتزاز باللغة كرمز وطنى فسوف يشاهد مثل هذا النموذج إذا زار «ألمانيا». ففى ألمانيا سيجد أى زائر صعوبة بالغة فى التفاهم مع المواطنين الألمان فى مختلف المؤسسات بغير اللغة الألمانية، بل إن الكثيرين منهم يجيدون لغة أخرى إلى جانب لغتهم الألمانية غير أنهم يصرون على مخاطبة الآخرين باللغة الألمانية اعتزازًا بهذا الرمز الوطنى، وبطبيعة الحال فلن تجد فى ألمانيا كلها مؤسسة خاصة أو عامة تضع لافتات بلغة غير الألمانية أو تتعامل بأوراق تحمل بيانات بغير اللغة الألمانية.
الاحتلال باللغة أقوى من السلاح
والمتابعون لمثل هذه الأمور يذكرون أن فرنسا منذ سنوات قليلة تنبهت إلى أن بعض العبارات الانجليزية قد تسللت إلى لغة التعامل اليومى وأن بعض الشركات غير الفرنسية تستخدم فى مكاتباتها وبياناتها لغة غير اللغة الفرنسية.
وهنا كان للسلطات الفرنسية موقف حاسم وحازم فقد صدرت القرارات التى تلزم الجميع أفرادًا وشركات ومؤسسات باستخدام اللغة الفرنسية فى جميع المعاملات والمكاتبات وفرضت عقوبات رادعة على المخالفين.
ولعل التجربة الجزائرية تكشف لنا ايضًا مدى أهمية «اللغة ليس فقط ـ كما ذكرت ـ كأحد أهم الرموز الوطنية، بل كأحد أهم عناصر اللحمة الوطنية والتماسك الشعبى».
فقد حرصت فرنسا بعد احتلال الجزائر منذ أكثر من قرن من الزمان، حرصت على أن تضم الجزائر إلى التراب الفرنسى.. واعتبرت فرنسا الجزائر جزءًا لا يتجزأ من «الوطن الفرنسى» ولتحقيق هذا الهدف فرضت «اللغة الفرنسية» فى التعليم، والمعاملات، وحاربت اللغة العربية بقوة فقد أدرك الخبراء الفرنسيون أن «الارتباط باللغة» مع فرنسا أكثر قوة من ضم الأرض بالقوة العسكرية وأدرك الجزائريون هذه الحقيقة فكان من أهم القرارات التى اتخذتها السلطات الجزائرية بعد أن انتصرت الثورة الجزائرية واستقلت الجزائر، كان من أهم القرارات عملية «التعريب» الواسعة التى شملت كل مناحى الحياة فى الجزائر لتستعيد الجزائر «هويتها العربية».
تشويه وجه القاهرة العربى
ضربت هذه الأمثلة الساطعة لنرى مدى الكارثة الوطنية التى تتعرض لها مصر تحت سمع وبصر الحكومة، فقد بدأت لغات أجنبية ـ خاصة الانجليزية ـ تغزو لافتات المؤسسات، ثم امتدت إلى المحلات التجارية الكبرى وأخذ الزحف اللغوى الأجنبى يتمدد ليصل إلى الحوارى فى المدن الصغيرة بل وإلى الأزقة فى القرى.
ومن يسير فى بعض شوارع القاهرة والإسكندرية وعواصم المحافظات سوف يجد صعوبة فى العثور على «لافتة» على محل صغير أو كبير مكتوبة باللغة العربية؟!! فإن عثر على ضالته فى إحدى الحوارى الضيقة فسوف تكتشف ان اللافتة تحمل اسمًا أجنبيًا مكتويًا بحروف عربية.
يحدث هذا، مع وجود «قانون» يحتم كتابة اللافتات باللغة العربية، ويسمح فى حالة أراد أصحاب المؤسسات أو المحالات كتابة المرادف للاسم بلغة أجنبية أن تكتب اللغة الأجنبية بحروف أصغر من الحروف المكتوب بها العنوان باللغة العربية.
شجاعة الدكتور جويلى
هذا القانون وضعه مشرعون مصريون محترمون يعرفون قيمة ومكانة اللغة كأهم «رمز وطنى» يجب أن يعامل بكل الاحترام.
وفى هذا السياق يجب أن نذكر بكل الاحترام والتقدير موقفًا وطنيًا شجاعًا للدكتور أحمد جويلى ـ رحمه الله ـ عندما تولى وزارة التموين والتجارة الداخلية.
لاحظ الرجل بدايات الكارثة، وانتفض بحس وطنى وادراك واع لأهمية احترام اللغة الرسمية للدولة، فأصدر قراره بتفعيل قانون حماية اللغة العربية. أعطى الرجل مالكى المؤسسات والمحلات مهلة لتوفيق أوضاعهم، وتغيير اللافتات احترامًا للقانون، بكتابتها باللغة العربية كما ينص القانون.
وهنا تكتلت القوى التى لا تفهم قيمة الالتزام الوطنى، أو المصابة بعقدة الخواجة، أو من رأت فى الالتزام بالقانون أنه يحملها بعض النفقات لتغيير اللافتات احترامًا للقانون.
وتمكنت هذه القوى من الاطاحة بالدكتور الجويلى قبل أن تنتهى المهلة التى حددها لتطبيق القانون. وبعد هزيمة المدافع عن اللغة، بدأ الانتشار السرطانى للغات الأجنبية، وفى بعض أحياء القاهرة اتحدى أن يشعر أى مواطن أنه يسير فى شوارع «مصر العربية»؟! كل ما يحيط بنا مكتوب باللغة الانجليزية، وكل التعاملات فى أغلب المؤسسات تتم بلغة أجنبية، بل والتعامل اليومى مع المواطنين خاصة فى الأماكن ـ المسماة بالراقية ـ يتم بلغة أجنبية.
مسئولية حكومة محلية
هذه الإهانة البالغة لأحد أهم الرموز الوطنية يتم تحت سمع وبصر حكومة يفترض أنها حريصة على احترام «الرموز الوطنية».
السيد المهندس إبراهيم محلب..
تطبيق قانون حماية أهم رمز وطنى «اللغة العربية» بحسم مسئولية حكومتك وفى مقدمتها الوزير المسئول عن التجارة الداخلية والمحافظون، واستمرار هذا الوضع المشين والمهين تتحمل وزارتك مسئوليته كاملة، فهل تقبل أن يذكر لك التاريخ انك ووزارتك شاركتم فى إهانة «الرموز الوطنية»؟!
الصمت يدينكم والتأخر فى تطبيق القانون يدينكم.. واتخاذ القرار السريع والناجز باحترام أهم «الرموز الوطنية» سوف يذكر لكم باعتباره قرارًا شجاعًا ينبع من إدراك واعٍ لأهمية احترام الرموز الوطنية.