عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

موقف قناة التحرير من الفساد!

من ملفات الفساد الخطيرة التي تم فتحها بعد ثورة 25 يناير، ملفات تخصيص أراض لبعض رجال الأعمال للاستثمار الزراعي، خاصة علي طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي.. كشفت الملفات عن تحقيق بعض رجال الأعمال مليارات الجنيهات ربحاً حراماً نتيجة لمخالفتهم الصارخة لبنود العقود وتحويل آلاف الأفدنة التي حصلوا عليها للاستثمار الزراعي إلي منتجعات سكنية وسياحية.

أحد أبرز الأسماء التي حصلت علي آلاف الأفدنة رجل الأعمال سليمان عامر الذي استخدم الأرض المفروض أنها مخصصة بالكامل للزراعة لإنشاء شاليهات وفلل وملاعب جولف وبحيرات صناعية.. ومع فتح هذه الملفات بدأ المسئولون في وزارة الزراعة في الكشف عن مدي «الكارثة» التي ستلحق بمزارع الطريق الصحراوي نتيجة للاستخدام الجائر للمياه الجوفية في ملاعب الجولف والبحيرات الصناعية، وهو ما يهدد بنضوب مياه الخزان الجوفي وتصحر المزارع المجاورة، كما كشف هؤلاء المسئولون عن المخالفة الصارخة لبنود العقد الذي تم بموجبه تخصيص هذه الآلاف من الأفدنة لرجل الأعمال سليمان عامر.

وبدأ الحديث الجاد في وزارة الزراعة حول ضرورة استعادة الوزارة لهذه الأراضي استناداً إلي المخالفة الصريحة لبنود العقد.

وهنا بدأ رجل الأعمال سليمان عامر في شن حملة دعاية مضادة، فقام الرجل بنشر إعلانات صريحة في عدد من الصحف وفشلت هذه الحملة الإعلانية فشلاً ذريعاً بل أثارت موجة من التندر بما ورد بها من إشارات عن الإلهام الرباني!

ويبدو أن أحد خبراء الدعاية المحترفين قد تولي إدارة حملة الدعاية لرجل الأعمال سليمان عامر.. بوادر هذه الحملة شاهدتها علي شاشة قناة «التحرير» في الأسبوع الماضي، وتعتمد الحملة علي تمرير الدعاية من خلال برنامج تقدمه القناة، ولا يشير البرنامج من قريب أو بعيد إلي أن ما يقدمه «مادة إعلانية» بل يقدمها علي أنها مادة موضوعية تطرق البرنامج إليها بشكل طبيعي.

البرنامج الذي قدم هذه الدعاية باعتبارها مادة إعلامية عادية هو برنامج متخصص في «فنون الديكور» وقدم البرنامج رجل الأعمال سليمان عامر باعتباره ضيفاً علي البرنامج سيحدث المشاهدين عن أمور لها علاقة بموضوع البرنامج وهو «فن الديكور».

وحاول مقدم البرنامج أن يجد أي صلة طبيعية بين فنون الديكور وبين ضيفه وبدأ مقدم البرنامج في اختيار عبارات مضطربة تحاول تبرير استضافة الرجل في البرنامج، وبدأ البرنامج - ولمدة ساعة - في الدفاع عن مخالفات رجل الأعمال وتبرير تحويل الأراضي المخصصة للزراعة إلي منتجع سياحي وسكني.

وفي تبرير الرجل أفاض في الحديث عن ملاعب الجولف باعتبارها نشاطاً سياحياً مهماً.. والأهم أنه تحدث عن معلومات عن كميات المياه التي تستهلكها ملاعب الجولف، مؤكداً أن ملاعب الجولف تستهلك أقل من ربع كمية المياه التي تستهلكها نفس المساحة في الزراعات التقليدية لمختلف المحاصيل.

ورغم أن هذه المعلومات مغلوطة تماماً وأن علماء الزراعة والري يؤكدون أن ملاعب الجولف تستهلك سبعة أمثال ما تستهلكه نفس المساحة من الزراعات المختلفة، رغم هذه المغالطة الصارخة فقد استقبلها مقدم البرنامج بابتسامة لطيفة ليؤكد اقتناعه بهذه المغالطة!

ويبدو أن خبير الدعاية نصح رجل الأعمال بأن يختار قناة عرف عن القائمين عليها أنهم ينتمون لتيارات المعارضة التي شاركت في الثورة، والتي تحظي بثقة الجماهير وأن يتم تسريب الدعاية في برامج هذه القناة إمعاناً في خداع الجماهير، وهذا الأسلوب - أي تسريب الدعاية داخل البرامج - مرفوض تماماً بالمعايير المهنية، ويضاف إلي الرفض المهني رفض أخلاقي في حال تم هذا التسريب في قناة حازت علي ثقة الجماهير باعتبار رموزها من قوي المعارضة للنظام السابق والمشاركة في الثورة الرافضة لكل أنواع الفساد.

ربما تم هذا التسريب دون أن يعلم المسئولون عن القناة، خاصة أن مثل هذا الإعلان المتسرب يفتح الباب أمام جميع رجال الأعمال الذين يواجهون تحقيقات أو شبهات تتعلق بفساد ليوجهوا دعايتهم إلي القنوات المحسوبة علي الثورة، وهم علي استعداد لدفع مئات الملايين من الجنيهات لتسريب مثل هذه الدعاية في برامج قناة ثورية يفترض أنها تحارب الفساد.. تصرف المسئولين عن قناة «التحرير» في هذه الواقعة سيحدد موقفها الحقيقي من الفساد.