رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هل ينتهز الإخوان الفرصة ليعودوا إلي مناخ ثورة يناير؟

إذا تم إجهاض الثورة سندفع جميعا الثمن .. وسيكون الإخوان أكبر الخاسرين

تشكو جماعة الإخوان المسلمين مما وصفه بأنه هجوم إعلامي يتعمد الإساءة اليهم ويشوه مواقفهم والحقيقة أن الإعلام لا يخلق أحداثا أو تصريحات يدلي بها بعض قيادات الجماعة، لكنه يلقي الضوء علي هذه الأحداث وتلك التصريحات، وربما ذهب البعض في تفسير هذه الأحداث والتصريحات الي مدي أبعد مما نعنيه لكن الإعلام آخر الأمر لم يختلق هذه الأحداث أو التصريحات.

وأعتقد أن علي الإخوان أن يراجعوا أنفسهم بأمانة وأن تكون لديهم شجاعة النقد الذاتي فيعيدون تقييم أدائهم السياسي في الشهور التي سبقت ثورة يناير وما تلاها بعد ذلك.

مرحلة التعاطف مع الإخوان
ومن منطلق الحرص علي المصلحة العليا للوطن أولا وعلي مصلحة الإخوان ثانيا فإنني أسمح لنفسي بمراجعة موضوعية لمسلك الإخوان في الفترة التي ذكرتها لأستخلص من هذه التصرفات ما يعين علي تقييم موضوعي لهذه التصرفات والمواقف.
في السنوات القليلة التي سبقت ثورة يناير تعاملت أغلب القوي الوطنية بتعاطف شديد مع الإخوان المسلمين كلما تعرضوا لبطش نظام مبارك وكانت القوي الوطنية بمختلف أطيافها ترحب بانضمام الإخوان المسلمين الي أي تجمعات معارضة ومن جانبها كانت الجماعة تشارك في هذه التجمعات حينا وتتغيب أحيانا.
وكانت المشاركة الأبرز للإخوان في الجمعية الوطنية للتغيير ومثلهما في الأمانة العامة للجمعية الدكتور محمد البلتاجي والدكتور عصام العريان وكان الرجلان من أكثر أعضاء الجمعية انتظاما في حضور الاجتماعات وشاركا بايجابية مشهودة في المناقشات وفي مختلف الفعاليات التي قامت بها الجمعية الوطنية للتغيير وكان للإخوان مساهمات لها وزنها في جمع التوقيعات علي المطالب السبعة التي طرحتها الجمعية تحت شعار «المليون توقيع».
وعندما قررت الجمعية الوطنية للتغيير تنظيم التظاهرة الكبري يوم 25 يناير 2011 تحت شعار «تغيير - حرية - عدالة اجتماعية» حضر الدكتور محمد البلتاجي الاجتماع التحضيري الذي عقد يوم 23/12/2010 بمقر حزب الجبهة الديمقراطية وعندما بدأت فصائل الشباب والقوي الوطنية في مناقشة الأعداد التي سيتمكن كل فصيل من حشده ووجه الحاضرون السؤال الي الدكتور البلتاجي لمعرفة العدد الذي ستحشده الجماعة، ذكر الدكتور البلتاجي أنه شخصيا سيشارك وأن قرار الجماعة هو عدم إلزام أعضائها بالمشاركة ولكنها تترك لكل عضو حرية اتخاذ القرار الذي يراه مناسبا سواء بالمشاركة أوعدم المشاركة. ومن يعرف أسلوب الإخوان يدرك أن هذا القرار يعني عمليا عدم مشاركة الإخوان في هذه التظاهرة التي أطلقت شرارة الثورة ومكان التبرير الذي قدمته الجماعة أن مباحث أمن الدولة شنت حملة اعتقالات واسعة لقيادات وكوادر عديدة في مختلف المحافظات لأنها - أي مباحث أمن الدولة - تحمل الجماعة مسئولية تنظيم هذه التظاهرة من هنا - حسب تقدير قيادات الجماعة - كان قرار ترك الخيار للأعضاء الذي يعني عمليا عدم المشاركة أو علي أحسن الفروض مجرد مشاركة رمزية ببعض الشخصيات القيادية.

عدم المشاركة بحجة ضغوط الأمن
وهنا نحتاج لوقفة لتقييم هذا الموقف علي ضوء مواقف كثيرة مماثلة كان الإخوان يرفضون فيها المشاركة في الوقفات الاحتجاجية أو المظاهرات بنفس الحجة وهي ترصد مباحث أمن الدولة لهم، ولا أشك في أن مباحث أمن الدولة كانت تمارس هذا الضغط علي الإخوان لكنني في نفس الوقت أعتقد أن استسلام الجماعة لهذا الضغط يعني أن الجماعة آثرت أن تتحاشي التعرض لبطش مباحث أمن الدولة وأن تترك باقي القوي الوطنية لتواجه وحدها هذا البطش مباحث أمن الدولة وأن تترك باقي القوي الوطنية لتواجه وحدها هذا البطش البوليسي.. ويميل البعض الي تفسير مواقف الإخوان في هذه الحملات بأن الجماعة أرادت أن تثبت أن مشاركتها في التظاهرات والمواقف الاحتجاجية هي التي تضمن لمثل هذه التظاهرات النجاح بمقياس ضخامة العدد الذي يشارك في الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات.
ويضيف أصحاب هذا التفسير أن الإخوان في الحالات التي يمتنعون فيها عن المشاركة في المظاهرات كانوا ينتظرون مكافأة من نظام مبارك تتمثل في تحقيق الضغط الأمني عليهم.
وأعتقد أن قرار عدم المشاركة في مظاهرة يوم 25 يناير 2011 جاء نتيجة لتقدير غير موفق لقيادات الجماعة، فقد تصورت هذه القيادات أن هذه المظاهرة لن تختلف كثيرا عن المظاهرات التي كانت القوي الوطنية المختلفة تنظيمها خلال العامين أو الثلاثة السابقة وأن عدم مشاركة الجماعة سوف يثبت للجميع خاصة نظام مبارك أن الجماعة هي التي تملك القدرة علي الحشد الجماهيري الضخم وأنها أيضا بعدم المشاركة تقدم شهادة حسن نية تسمح لها بأن تطالب تخفيف الضغوط الأمنية التي تمارس عليها.

بدايات التغيير في موقف الإخوان
المشهد بعد النجاح الباهر لتظاهرة 25 يناير 2011 وانطلاق شرارة الثورة الشعبية دفع الإخوان الي تغيير موقف قيادات الجماعة تغييرا جذريا فقررت الجماعة أن تشارك بكل ثقلها في الثورة.
وشهدت أيام الثورة الثمانية عشر أروع مظاهر التلاحم بين جميع القوي الوطنية والإخوان وذاب الجميع في بوتقة الثورة وتشكلت الكتلة الوطنية الصلبة التي انصهرت فيها كل القوي الوطنية دون استثناء والتي لايكاد أحد يتبين عناصر تشكيل هذه الكتلة النقية الصلبة.
بعد خلع مبارك بدأت هذه الكتلة الوطنية تتفكك وبدأت كل القوى التى شاركت فى الثورة، تنسحب بعيداً عن القوى الأخرى وبدأ كل فريق يفكر فى «المصالح الضيقة» لحزبه أو لجماعته. وللإنصاف فإن جميع القوى فعلت ذلك وليس الإخوان وحدهم.
ورغم هذا التفكك فقد حافظت كل القوى الوطنية ومعها الإخوان على خيط رفيع يربط بينها، خاصة أن المسرح السياسى كان يموج بتحركات وتغيرات لم تتضح ملامحها.

منطق المشاركة لا المغالبة
وأذكر فى لقاء تم بعيادة الدكتور عبدالجليل مصطفى وحضره عدد من قيادات الجمعية الوطنية للتغيير وحضر مع الدكتور محمد البلتاجى ولأول مرة فى اجتماعات الجمعية الدكتور سعد الكتاتنى وفى هذا الاجتماع أثير موضوع الانتخابات البرلمانية المحتملة وكان موقف الإخوان الذى عبر عنه الدكتور البلتاجى والدكتور الكتاتنى أنهم لن يرشحوا فى دوائر

مجلس الشعب أكثر من 35٪ من عدد المقاعد ليحصلوا - حسب تقديرهم - على 25٪ وتزيد أو تنقص قليلاً، وأنهم حريصون على أن يتركوا لباقى القوى الوطنية الفرصة للمشاركة بقوة حتى يأتى تشكيل مجلس الشعب معبراً عن جميع الاتجاهات السياسية للقوى الوطنية.
هذه المرحلة بكل تنوعاتها كان الإخوان المسلمين يتمتعون بتعاطف واسع من أغلب القوى الوطنية، وكانت هذه القوى لا تتوقف بأكثر من عتاب رقيق عندما كان الإخوان يفضلون عدم مشاركة القوى الوطنية فى وقفات الاحتجاج.
وجاء الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذى كشف عن تأثر الأغلبية الشعبية بدعوة الإخوان والقوى السلفية وتصويت هذه الأغلبية لصالح التعديلات التى اعتبرها الإخوان تصويتاً على سياساتهم وأنها تمنحهم موقعاً متميزاً على جميع القوى الوطنية الأخرى.
وهنا بدأ «التغير» فى موقف الإخوان عن باقى القوى الوطنية، وبدأت نبرة الزهو تظهر بوضوح فى الخطاب السياسى والإعلامى للإخوان، وجاءت انتخابات مجلس الشعب وحصول الإخوان على أغلبية كبيرة لتزيد قادة الجماعة - أو على الأقل القادة النافذين - إحساسًا بالقوة ما دفعهم إلى التعامل مع القوى الوطنية - صديقة الأمس - من منطلق القابض على زمام الأمور والذى يتنازل - كرمًا منه - إذا سمح للقوى الوطنية بأن تشارك فى القرارات المصيرية مثل المشاركة الجادة فى جمعية وضع الدستور.
وتصاعد الشعور بـ «القوة» فقررت الجماعة ألا تكتفى بالأغلبية البرلمانية والهيمنة على جمعية وضع الدستور لكنها رأت أن تكمل سيطرتها على مفاصل السلطة كاملة فى مصر بترشيح نائب المرشد خيرت الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية ومعه الدكتور محمد مرسى كمرشح احتياطى للتأكيد على الإصرار على احتلال موقع الرئاسة إذا ظهر ما يمنع الشاطر من الترشح (وهو ما حدث فعلاً).
فى هذه المرحلة بدأت القطيعة بين جماعة الإخوان المسلمين وباقى القوى الوطنية، وتوالت التصرفات من جانب الجماعة التى تعبر عن شعور بالقوة يسمح بإقصاء الآخرين.
ولأول مرة تتوحد القوى الوطنية مع كل خلافاتها فى رفض هذه الهيمنة، وانقسمت الساحة السياسية إلى شطرين تقف جماعة الإخوان فى أحدهما فى مواجهة الشطر الآخر الذى يضم جميع القوى الوطنية.
وبدا للمشاهد المحايد أن جماعة الإخوان المسلمين قد فضلت مصلحة «الجماعة وحزبها» على مصلحة الوطن العليا، ولا أشك فى أن الإخوان وهم يسعون للاستئثار بكل السلطات إنما يفعلون ذلك وفى تصورهم أنهم لا يستهدفون مصالح شخصية بل يريدون تنفيذ برنامجهم الإصلاحى.
ورغم أن هذه هى النية الحسنة التى أتصور أنها تدفعهم للممارسات التى عزلتهم عن باقى القوى الوطنية فإننى أرى أن النوايا الحسنة لا تكفى لتبرير هذه التصرفات، وأن المصالح العليا للوطن لا تتحقق باستئثار فريق مهما حسنت نواياه بتسيير أمور الوطن.
فإذا أضفنا إلى هذا المنطق حالة التوتر العنيفة التى تشهدها الساحة السياسية نتيجة لمثل هذه التصرفات فمعنى هذا بكل وضوح أن مصالح الوطن العليا أصبحت مهددة بمخاطر لا حصر لها.

النداء الأخير للإنقاذ
ومن موقع الصديق الذى يؤمن بأن صديقك من صدقك (بفتح الصاد والدال) لا من صدّقك (بتشديد الدال) فإننى آمل أن ينتهز الإخوان فرصة الانفراجة الأخيرة التى حدثت فى المشهد السياسى بعد قرارات رفض ترشح الشاطر وإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، ليعيد الإخوان تقييم مواقفهم.
وأعتقد أن العقلاء من قيادات الإخوان يستطيعون أن يبادروا بمد يدهم إلى جميع القوى الوطنية وأن يسعوا بكل قوة للم شمل هذه القوى من جديد لنعود إلى الأيام المجيدة التى عاشتها كل القوى معاً وهى تفجر أنبل ثورة.
وليكن شعار الإخوان بكل الصدق.. مصلحة الوطن أولاً وقبل مصلحة الجماعة والحزب، ومصلحة الوطن لا تتحقق إلا بعودة الالتحام القوى بين الإخوان وجميع القوى الوطنية. وأؤكد للإخوان أن بقاء هذه الأوضاع المتوترة والمرتبكة والمتناحرة هو أقصر طريق للإطاحة بكل ما تبقى من ثورة 25 يناير وسيكون الإخوان المسلمون أول من يدفع الثمن غالياً، اللهم بلغت اللهم فاشهد.