رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مبارك يعود.. ولا عزاء للثوار

عمر سليمان يتهم الثوار بالعمالة للخارج
الشعب المصرى غير مؤهل للديمقراطية
شروط عمر سليمان لتولى الرئاسة الإبقاء على سلطات مبارك
ممن يستمد عمر سليمان قوته؟

فى إحدى المحاولات المحمومة التى بذلها الرئيس المخلوع قبيل خلعه بأيام، قاد السيد عمر سليمان وهو فى هذا الوقت نائب الرئيس مبارك، قاد محاولة الإنقاذ الأخيرة لنظام مبارك بدعوته الأحزاب والقوى السياسية لاجتماع بمبنى مجلس الوزراء ضم الاجتماع رؤساء الأحزاب «الكرتونية» التى كان النظام يستخدمها كديكور يمنحه شكلاً ديمقراطياً. وحضر الاجتماع عدد من قيادات التيارات السياسية المشاركة فى الثورة وعدد لا يتجاوز الستة من شباب الثورة فى مقدمتهم ياسر الهوارى وعبدالرحمن يوسف ومصطفى النجار.
وبذل السيد عمر سليمان جهداً خارقاً لإقناع الحاضرين ببقاء مبارك حتى نهاية فترة رئاسته، ورغم رفض القوى السياسية المشاركة فى الثورة وفى طليعتهم ممثلو الشباب لهذا الطرح، إلا أن السيد عمر سليمان وزع على الحاضرين بياناً بهذا المعنى وطلب من الحاضرين التوقيع عليه. وبالطبع رفضت القوى الثورية التوقيع على بيان تم إعداده قبل الاجتماع ويتحدث عن اتفاق هذه القوى بعد المناقشات على ما حواه البيان.
هذه الواقعة تذكرتها بكل تفاصيلها، وكنت أحد الحاضرين فى هذا الاجتماع، عندما تم الإعلان عن ترشيح عمر سليمان لمنصب الرئيس. الواقعة تكشف عن أمرين:
الأمر الأول: أن سليمان يرى أن الثورة مجرد غضبة شعبية محدودة يمكن احتواؤها ببعض التنازلات الشكلية وأن ولاءه الأول والأخير للرئيس مبارك.
الأمر الثاني: أنه يؤمن إيماناً راسخاً بأسلوب حكم الفرد الذى يرفض الاستماع إلى الرأى الآخر وإن تظاهر بالاستماع إلى رأى مخالف فهذا التظاهر ليس أكثر من مناورة لامتصاص حماس المخالفين، لكنه آخر الأمر سينفذ القرار الذى يراه حتى وإن خالف ما أثير من آراء معارضة.

توجهات وأفكار عمر سليمان
فى بعض الحالات وبعد أن انسحب الرجل إلى الظل كنت أراجع تفسيرى لموقف الرجل الذى أشرت إليه خشية أن أكون قد ظلمته بتفسيرى لموقفه فى هذا اليوم.
وعاد الرجل إلى الأضواء فى ظروف تفجر الكثير من الظنون وتثير العديد من علامات الاستفهام. ورغم ذلك فضلت ألا أحكم على الرجل حكماً قاطعاً إلا إذا أتيحت لى فرصة أكبر تسمح لى بأن أتعرف على توجهاته وأفكاره.
وخلال اليومين الماضيين كانت توجهات الرجل وأفكاره حول نظام مبارك وحول أسلوب الحكم الذى يراه مناسباً كانت هذه الآراء مطروحة بوضوح تام.
أعرب الرجل بكل وضوح ودون مواربة عن موقف معاد للثورة متهماً الشباب الذى فجر الثورة بأنه مدفوع بقوى أجنبية، كما أعاد التأكيد على ولائه لمبارك ونظامه ولم يتردد فى رفض الديمقراطية واتهام الشعب المصرى بأنه لم يصل إلى مرحلة النضج التى تؤهله لحكم ديمقراطى.
جاءت هذه الآراء بصراحة صادمة وجارحة فى حوار تليفزيونى مع قناة تليفزيونية أمريكية أعادت بث مقاطع كثيرة منه بعض الفضائيات المصرية والعربية.
ويبدو أن الرجل خشى ألا تتمكن الجماهير العريضة من الشعب المصرى من متابعة حديثه باللغة الإنجليزية على القناة الأجنبية فأراد أن يبعث برسالة شديدة الوضوح إلى هذه الجماهير يؤكد فيها أنه يؤمن بحكم الفرد وأنه لا يقبل أن يتنازل عن السلطات المطلقة للرئيس؟! قال الرجل ونبض كلماته المنشورة فى صحيفة يوم الاثنين 9/4/2012 أنه لا يقبل إلا بالنظام الرئاسى وأنه لا يقبل أن ينص الدستور المصرى على أن يكون نظام الحكم «برلمانياً» أو نظاماً مختلطاً تتحدد فيه سلطات الرئيس لتتوازن مع سلطات البرلمان والحكومة.
الرجل وبكل وضوح وضع شروطه للقبول بمنصب الرئاسة، والشروط أن يستسلم الشعب المصرى للسلطات المطلقة للرئيس كما كان الحال أيام الرئيس المخلوع. والرجل بهذه العبارات القاطعة والواضحة أبلغ الشعب المصرى بشروطه، وعلى الشعب المصرى أمام هذه الشروط أن ينسى تماماً أنه قام بثورة تنادى بـ «الديمقراطية» وأنه قدم قافلة من أنبل الشهداء ليحصل الشعب المصرى على نظام حكم ديمقراطى ويتخلص إلى الأبد من نظام حكم الفرد.

نظام مبارك يعود
السيد عمر سليمان يقول بملء فمه: إن

نظام مبارك باق كما هو وأن التغيير الوحيد الذى يقدمه لهذا الشعب هو جلوس سيادته على عرش مصر بدلاً من الرئيس المخلوع مبارك. أى أن الشعب المصرى فى نظر عمر سليمان ثار لخلع شخص الرئيس لا أكثر، لكنه - أى هذا الشعب - يقبل بأن يبقى نظام حكمه الفرد كما كان فى نظام مبارك مع تغيير شخص مبارك ليس أكثر وإحلال أحد أركان نفس النظام محل الرئيس المخلوع.
من حق عمر سليمان أن يفرض شروطه على الشعب المصري، ومن حق الشعب المصرى أن يرفض بكل قوة هذه الشروط وأن يؤكد لعمر سليمان أنه قدم الشهداء والجرحى فى ثورته لتحقيق أحد أهم هذه الثورة وهو حياة ديمقراطية حقيقية، وأنه - أى شعب مصر - يرفض رفضاً حاسماً حكم الفرد حتى لو كان هذا الفرد من فصيلة الملائكة؟! وأن هذا الشعب لا يؤمن بخرافة «الديكتاتور العادل» لكنه يؤمن بالديمقراطية التى لا مكان فيها لحكم الفرد.

سر تحدى الثورة والثوار
اللافت للانتباه أن أى مرشح يحاول بطبيعة الحال أن يكسب الجماهير، وعمر سليمان شأنه شأن باقى المرشحين يدرك جيداً أن الشعب المصرى لن يقبل بغير ديمقراطية حقيقية.
فكيف تفسر إصرار عمر سليمان على أن يصدم مشاعر الشعب المصرى بتصريحاته الحاسمة المعادية للديمقراطية؟! لا يمكن بحال أن يتصور عاقل أن عمر سليمان غافل عن هذه الحقيقة، أو أنه راغب فى استقرار الجماهير العريضة.
وأعتقد أن التفسير المقبول لمثل هذا الموقف المتحدى لمشاعر الأغلبية الساحقة من الجماهير والمجاهر بالعداء للثوار بترديد نفس الاتهامات التى كان يرددها الرئيس المخلوع لشباب الثورة، التفسير المقبول هو أن عمر سليمان تلقى تطمينات أو تأكيدات بأن وصوله إلى منصب الرئيس مسألة محسومة، وأن من طمأنه يملك أن ينفذ هذه الوعود؟! ولهذا فقد رأى الرجل أن يخطر الشعب المصرى بأسلوبه فى الحكم حتى يبدأ الشعب المصرى فى تدريب نفسه على قبول حكم الفرد، وحتى يتخلى عن أحلامه التى فجرتها ثورة يناير فى أن يتمتع بحياة ديمقراطية حقيقية، وأن يعيد تقييمه لثورة يناير وأن يعتبر الثوار مراهقين مدفوعين من قوى خارجية.
هذه هى الحقيقة واضحة تحتاج من الشعب المصرى لوقفة يحدد فيها موقفه بحسم ويجيب عن سؤال محدد «هل هو على استعداد للتنكر لثورته وللقبول بحكم الفرد ورفض الديمقراطية؟» فإذا كانت إجابته بنعم فلتذهب الجماهير إلى صناديق الانتخابات لتختار عمر سليمان. أما إذا كان الشعب مازال مصراً على تحقيق أهداف ثورته ورفض حكم الفرد والإصرار على أن يتمتع بحكم ديمقراطى حقيقى فليقف بصلابة رافضاً اختيار عمر سليمان.