عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة والفوضي والمستقبل

يسود مجتمعنا في الفترة الأخيرة حالة من عدم الاستقرار ومن الارتباك بعد مرور عدة شهور قليلة من اندلاع ثورتنا الشابة في أواخر يناير الماضي.

. ولم يكن مستغرباً أن تنشأ هذه الحالة فكثير من الثورات تمر بمراحل عدة من عدم الاستقرار بعد نجاحها ويرجع ذلك في كثير من الأحيان إلي عدم وضوح الصورة وعدم تحديد القواعد والمبادئ التي تدعو إليها الثورة وتسعي لتحقيقها.

والثورات في غالبيتها تحرك جماعي للمجتمع لإحداث التغييرات والتطورات التي يحلم بها المجتمع وتسعي لتفعيلها.

ولقد جاءت الثورة المصرية بعد فترة طويلة من نظام حكم فردي غير ديمقراطي ظل مسيطراً علي مجتمعنا لأكثر من ثلاثين عاماً نتج عنها الكثير من التدهور ومن الانحسار في مؤسسات الدولة علي اختلاف أنواعها وكان علي رأس هذه المؤسسات المنظومة التعليمية التي تعتبر العصب الأساسي للتقدم في أي مجتمع من المجتمعات، فقد أدت السياسات التعليمية والتربوية التي طبقتها الثورة المصرية منذ عام 1952 إلي تدهور واضح في مستوي المعرفة وفي مستوي العلم، فلم تعد في مصر مؤسسات تعليمية أو جامعات تتماشي مع العصر ومع التقدم العلمي والتكنولوجي الذي اجتاح العالم في السنوات الأخيرة، وزادت بطبيعة الحال مستويات الأمية علي اختلاف مستوياتها سواء كانت أمية القراءة والكتابة التي بلغ عددها قرابة السبعين في المائة أو الأمية التكنولوجية التي أبعدتنا عن علوم العصر والتقدم التكنولوجي.

ورغم ما يري من ارتياح واضح في مجتمعنا عقب نجاح الثورة وسقوط النظام السابق في فترة قصيرة لا تتعدي الثلاثة أسابيع إلا أنه سرعان ما ظهر علي الساحة مظاهر عدة للانقسامات والخلافات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟، ومع ما أعلنته الثورة من حرية وديمقراطية واحترام لحقوق الإنسان إلي ظهرت مجتمعات دينية ومتطرفة علي الساحة المصرية فتكونت أحزاب ومجتمعات للسلفيين وقوي الإخوان المسلمين وغيرها من المجتمعات التي اتخذت من الدين نبراساً وأساساً لنشاطها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، الأمر الذي أدي إلي زيادة الصراعات والارتباك في المجتمع، ففي الوقت الذي كنا فيه في أشد الحاجة إلي تجميع جهودنا وقوانا لبدء حياة جديدة قائمة علي أسس جديدة من العدالة الاجتماعية ومن المبادئ الديمقراطية التي افتقدناها طوال السنين الثلاثين الماضية وجدنا أنفسنا في مرحلة من الصراعات الفئوية والانقسامات الأيديولوجية والمنازعات الفئوية.

وشاركت فلول النظام السابق من جهة وعناصر القوي التي فقدت دورها ومصالحها في إشاعة الفوضي الهدامة وإلي تدعيم الصراعات المذهبية والفئوية في المجتمع.. وساعد علي ذلك انحسار الدور الأمني في الشارع المصري بعد هذا الانسحاب المتعمد لعناصر الأمن والاعتداءات المتكررة علي المؤسسات الأمنية المختلفة وهو الأمر الذي أدي إلي ظهور هذا العدد غير المسبوق من البلطجية ومثيري الشغب وارتفاع معدلات الاحتجاجات والصراعات العرقية التي لم تكن معروفة في مجتمعنا وزادت معدلات الاعتداءات

علي الأفراد ودور العبادة ومحاولات التفريق بين عنصري الأمة والاعتداء علي مقدسات الوطن وهو ما أشاع فوضي هدامة تكاد تقضي علي المكتسبات التي حققتها الثورة خلال هذه الشهور القليلة.

ولا ريب أن عدم استتباب الأمن وعدم قدرة السلطة الحاكمة الممثلة في المجلس العسكري أو الحكومة المؤقتة التي تدير شئون الوطن علي الحكم في الشارع المصري وعلي إعادة الانضباط إليه يرجع إلي هذه الآثار السلبية التي بدأت تؤثر بطبيعة الحال علي الإنتاجية بوجه عام وعلي مستوي المعيشة بوجه خاص.

ولا ريب أن استمرار هذه الفوضي وعدم قدرة القائمين علي شئون الوطن تحديد أولوياتهم أو الاستجابة العملية مع المطالب التي زادت حدتها وزادت من الاحتكاكات بين فئات الشعب المختلفة من جهة والسلطة الحاكمة من جهة أخري إلي كثير من السلبيات التي قد يصعب التغلب عليها وقد تؤدي بثورتنا إلي التراجع بدلاً من التقدم إلي الأمام.

وإذا كانت الثورات في كثير من الأحيان تتعرض إلي محاولات من جانب القوي التي فقدت امتيازاتها ومصالحها للعودة بها إلي الوراء وإلي الانتقاص من شأنها، إلا أن المسئولية في واقع الأمر تقع علي عاتق القائمين عليها للدفاع عنها وإفشال محاولات الانتكاس بها.

وما نراه يا سادة من محاولات وجهود متكررة لإفشال ثورتنا الشابة ليس جديداً، فكم من الثورات تعرضت لهذه المحاولات الهدامة، إلا أننا علي يقين أن المجتمع المصري بتاريخه العريق وقدرات شعبه الأصيلة قادر علي إعلاء شأن الوطن والوصول به إلي بر الأمان.

ولا ريب أن التعاون ونبذ الخلافات والمنازعات هي الطريق إلي الوصول إلي أهداف الثورة والقضاء علي مظاهر الفوضي التي لا تزال واضحة في المجتمع، رغم مرور هذه الفترة القصيرة، وكما قال الشاعر العربي:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر

ولابد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر.