رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة ومخاطر اختطافها!!

تتعرض الثورات بعد نجاحها إلى عدة مخاطر ولعل أكثرها شيوعاً محاولة اختطافها والعودة بها مرة أخرى إلي الوراء وإفشال ما تحقق من تغييرات إلي مستقبل أكثر إشراقاً وأكثر تطوراً.

ولا تخلو الفترة التي أعقبت نجاح ثورة 25 يناير من محاولات عدة لإفشالها واختطافها سواء كان ذلك سحب قوات الأمن من الشوارع المصرية أو محاولات الاعتداء علي شباب الثورة في ميدان التحرير أو واقعة الجمل المشهورة التي لايزال يجري التحقيق حولها حتي الآن أو إشاعة الفوضي الهدامة في الشارع المصري ولإشاعة الخوف بين بني الوطن من المستقبل واحتمالاته أو إشاعة الفتنة الطائفية والفتنة الطبقية هنا وهناك أو فتح السجون وإطلاق سراح أعداد غير قليلة من المجرمين والبلطجية لإشاعة التسيب والارتباك ومحاولات وقف الإنتاج بتشجيع التظاهرات والاحتجاجات الطائفية والعمالية في الوقت الذي تحاول فيه الثورة لملمة أوراقها وبحث أولي خطواتها نحو تفعيل الثورة الهادفة إلى التغيير والتطوير.. والاعتداء علي دور العبادة المسيحية والمسلمة أيضاً وإطلاق سراح أعداد غير معروفة من بلطجية رسمها غيرهم من الفاسدين والمفسدين.

ففي الوقت التي لم يكتمل استقرار الثورة بعد نجاحها رغم تشكيل حكومة تسيير أعمال وتولي مجلس عسكري السلطة، فلاتزال عناصر شباب الثورة الذي انطلق في الخطوات الأولي للثورة في مرحلة عدم الوضوح بالنسبة لخطوات تطبيق الثورة وإحداث التغييرات التي يطالب بها المجتمع. ومن الطبيعي أن تتربص بالثورة الناشئة في بداية مراحلها فلول النظام السابق وعناصره المختلفة في محاولات متكررة لإحداث الفوضي وإشاعة الخلافات. ولقد شهدت الشهور الأربعة الماضية عدة محاولات من هذا القبيل.. أو الاستفادة من الشعارات البراقة التى جاءت بها الثورة من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية وقلب أهدافها مع خروج أعداد غير قليلة من القوي التي كانت مغيبة عن المجتمع سواء كانت قوي دينية أو سلفية أو يسارية متطرفة بعد أن خرجت إلي النور وأصبح من حقها تشكيل تجمعاتها السياسية علي اختلاف أنواعها وظهور ثقافات كانت مغيبة عن المجتمع، الأمر الذي أشاع الفوضي والخلافات والصراعات التي كان المجتمع قد تخلص منها طوال السنين السابقة.

ولعل أكثر القوي نشاطاً في هذا الميدان هي الجماعات الإسلامية والمسيحية المتطرفة التي وجدت في الحريات التي نقلها النظام الجديد ميداناً مناسباً لتحقيق أهدافها فظهرت أحزاب دينية لم يكن مسموح لها في الماضي استعداداً للانقضاض علي السلطة في أقرب فرصة سانحة.

ولا ريب أن التشتت وعدم وضوح الأهداف والمقاصد التي تسعي الثورة لتطبيقها وأسلوب تحقيق ذلك فتح المجال واسعاً أمام هذه القوي في محاولة واضحة لاختطافها وإفشالها وتقع المسئولية في هذا الصدد في المقام الأول علي أكتافهم بالثورة وعدم لم شملهم وإيجاد قيادة واضحة منهم لتولي هذه المسئولية أن القوي المنظمة في الوقت الحالي علي الساحة المصرية هي أكثر القوي التي تسعي للاستيلاء علي الثورة تحت دعاوي عدة منها أنها شاركت في هذه الثورة منذ البداية أو أنها كانت محرومة من ممارسة نشاطها وقدراتها طوال السنين الأخيرة والاتجاه،

بالمجتمع إلي فلسفات رجعية لم تعد تناسب العصر والتقدم العلمي والتكنولوجي الذي يسود العالم في وقتنا هذا.. ولم يعد مقبولاً بعد هذه النجاحات التي تحققت بقيام الثورة والتخلص من نظام دكتاتوري فاسد استمر مسيطراً علي الساحة المصرية طوال هذه السنين. أن تنجح هذه القوي الرجعية في إعادة المجتمع المصري مرة أخرى إلي الوراء ومن هذا المنطلق أصبح شرطاً علينا جميعاً حماية هذه الثورة وإنجاحها وإتاحة الفرصة أمامها إلي تحقيق أهدافها السامية من حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية تلك الأهداف السامية التي نؤمن بها جميعاً وأن نقف متكالبين لحماية ثورتنا قبل الاستيلاء عليها أو إفشالها.

ومن الطبيعي أن هذه التغييرات الكبيرة والعميقة التي جاءت الثورة من أجلها.. لا نتركها تذوب بين أيادينا وأن تصبح حلماً لم يتحقق من أن أصبحت واقعاً أمام أعيننا.

وتأتى محاولات استعادة عجلة الإنتاج مرة أخرى إلي التحرك ومحاولة إعادة الأمن والأمان إلي الشارع المصري هي الأسس الطبيعية لعودة الثورة إلي مسارها الطبيعي نحو التقدم والتطور والنجاح.

وأكد لنا التاريخ أن الثورات لا تحقق أهدافها إلا بالتضحيات التي تقدمها الشعوب لا بالمطالب الفئوية التي تتردد من وقت لآخر والتضحيات التي تطالب بها لتحقيق أهداف الثورة ليست كبيرة فثورتنا البيضاء قد أكدت طوال الشهور القليلة الماضية أن مطالبها محدودة وضحاياها محدودة أيضاً بالمقارنة بالثورات التي عرفها التاريخ.. ومن هذا المنطلق انبهر بها شعوب العالم وقادتها واعتبروها مثالاً يحتذي به لثورة سلمية رغم عدد الضحايا القليلة التي وقعت حتي يومنا هذا ويخطئ من يتصور أن الآمال الكبيرة لا تتطلب تضحيات كبيرة أيضاً، فالشعوب عبر التاريخ كانت قادرة في أغلب الأحيان على تحقيق آمالها وأحلامها طالما أن أبناءها قادرون علي العطاء وتحمل مسئولية التقدم والتطوير وكما قال الشاعر العربي المعروف:

إذا الشعب يوماً أراد الحياة

فلابد أن يستجيب القدر

ولابد لليل أن ينجلي

ولابد للقيد أن ينكسر

هذه هي متعة الحياة لمن يعمل جاهداً ويسعي للتغلب علي محاولات إفشال أو سرقة الثورات.