عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة‮.. ‬وأسلوب الحكم

ترتبط الثورات عبر التاريخ علي‮ ‬القواعد والمبادئ التي‮ ‬تنظم حركتها وتنظم التغيرات التي‮ ‬تسعي‮ ‬إلي‮ ‬تحقيقها‮.. ‬وكان من الطبيعي‮ ‬بعد اندلاع ثورتنا البيضاء التي‮ ‬استطاعت في‮ ‬عدة أيام قليلة إسقاط نظام الحكم السابق الذي‮ ‬ظل جاثما علي‮ ‬نفوسنا لأكثر من ثلاثين عاما استطاع خلالها نشر الفوضي‮ ‬الهدامة في‮ ‬المجتمع واتاحة الفرصة لاعداد‮ ‬غير قليلة من الفاسدين والمستغلين من السيطرة علي‮ ‬مقاليد الحكم وعلي‮ ‬مصالح الوطن في‮ ‬جميع مناحيه وهي‮ ‬الأمور التي‮ ‬بدأت تتضح بعد سقوط النظام وظهور هذا الكم من الفساد والفاسدين وهذه الأموال العامة التي‮ ‬تم الاستيلاء عليها طوال هذه السنين واشتراك الدولة بأكملها في‮ ‬عمليات النهب والسلب من رأس النظام وجميع أركانه‮.‬

ولم‮ ‬يكن مستغربا ان تهتم قوي‮ ‬الفساد والفاسدين بمحاولات إعادة عجلة الزمن إلي‮ ‬الوراء ومحاولات الثورات والحركات المضادة بدءا بسحب قوي‮ ‬الأمن علي‮ ‬اختلاف أنواعها من الشارع المصري‮ ‬وفتح أبواب السجون وإخراج هذه الأعداد من المجرمين إلي‮ ‬الشارع المصري‮ ‬والاعتداء علي‮ ‬مراكز الأمن المختلفة واستخدام العنف بأشكاله المتعددة لإشاعة الفوضي‮ ‬والخوف في‮ ‬المجتمع المصري‮ ‬الذي‮ ‬لا‮ ‬يعرف العنف وانتشار الفوضي‮ ‬الهدامة في‮ ‬ربوعه‮.‬

هذا في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬التزمت فيه الثورة الشابة منذ اندلاعها في‮ ‬25‮ ‬يناير الماضي‮ ‬بتجنب العنف وتشجيع المشاركة الشعبية علي‮ ‬اختلاف صفاتها في‮ ‬جميع مدن القطر وميادينه وتأكيد الوحدة الوطنية علي‮ ‬أحسن صورها وغير ذلك من القيم والمبادئ التي‮ ‬نادت بها ثورتنا السامية من حرية وديمقراطية واحترام لحقوق الإنسان والالتزام بالقانون وغير ذلك من المبادئ والمواقف التي‮ ‬أثارت اهتمام وتقدير شعوب العالم فيما حولنا وأدت إلي‮ ‬ارتفاع قيمة المجتمع المصري‮ ‬الحقيقية،‮ ‬والتي‮ ‬كادت ان تندثر في‮ ‬ظل النظام الديكتاتوري‮ ‬الفاسد الذي‮ ‬ظل مسيطرًا علي‮ ‬مجتمعنا طوال السنين الأخيرة‮.‬

والثورات تأتي‮ ‬بطبيعتها‮ ‬يا سادة بقواعدها ومبادئها البراقة التي‮ ‬تجذب إليها جموع الشعب المختلفة‮.. ‬وثورتنا البيضاء ليست بعيدة عن هذه المبادئ والقواعد وما حدث في‮ ‬مجتمعنا طوال الشهور الثلاثة الماضية دليل واضح علي‮ ‬هذا الزعم،‮ ‬رغم محاولات الثورة المضادة وفلول النظام السابق والمستفيدين منه اشاعة الفوضي‮ ‬والتسيب في‮ ‬مجتمعنا بدءًا بواقعة الجمل أو الاعتداء علي‮ ‬الثوار في‮ ‬ميدان التحرير أو‮ ‬غير ذلك من أحداث لا تزال محل تحقيقات أمام القضاء المصري‮ ‬الشامخ‮.‬

وما‮ ‬يهمنا في‮ ‬هذه السطور القليلة هو استعراض لأسس وأسلوب الحكم في‮ ‬الفترة القادمة وخاصة أن كثيرًا من القرارات التي‮ ‬صدرت في‮ ‬الفترة الأخيرة قد قوبلت بكثير من الاعتراض من جانب فئات الشعب المختلفة لارتباطها بالأسلوب الذي‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬يستخدم في‮ ‬إدارة شئون الوطن‮.‬

والوطن‮ ‬يا سادة بعد‮ ‬25‮ ‬يناير الماضي‮ ‬يناير في‮ ‬كثير من جوانبه ما كان قائما في‮ ‬الماضي‮ ‬ومن الطبيعي‮ ‬ان‮ ‬يتغير أسلوب الحكم عما كان قائما في‮ ‬المقام الأول‮.‬

وأولي‮ ‬هذه الخطوات هو الالتزام بالقانون واحترامه وتطبيقه علي‮ ‬الجميع دون تمييز‮.. ‬ولا‮ ‬يتم ذلك الا باستعادة الأمن والأمان إلي‮ ‬المجتمع مرة أخري‮ ‬بعد أن ظل الأمن‮ ‬غائباً‮ ‬لأكثر من ثلاثة شهور وإذا كان المجتمع المصري‮ ‬قد استطاع تجنب الكثير من المخاطر التي‮ ‬تواكب‮ ‬غياب قوي‮ ‬الأمن الا ان استمرار عدم توفر القوي‮ ‬الكافية من رجال الأمن قد تعرض سلامة الوطن إلي‮ ‬اخطار قد‮ ‬يصعب تجنبها‮.‬

ولا ريب ان الثورات تأتي‮ ‬معها الكثير من مراحل التسيب والفوضي‮ ‬وهو ما‮ ‬يفرض بطبيعة الحال الكثير من الحسم ومن الجدية في‮ ‬تطبيق القانون وتنظيم الحياة العامة في‮ ‬المجتمع‮.‬

وعلي‮ ‬ما‮ ‬يبدو أن كثيرًا من دوائر المجتمع لا تزال تعيش في‮ ‬الماضي‮ ‬وغير

معترفة بما جري‮ ‬في‮ ‬المجتمع من تغيرات أساسية ومن ثورة حقيقية بكافة المعايير بسبب ارتباطاتها السابقة أو مصالحها المتشابكة ومحاولاتها الاستفادة من الأوضاع‮ ‬غير المستقرة لصالحها‮.. ‬والواقع‮ ‬يا سادة ان ما حدث في‮ ‬المجتمع خلال الشهور الثلاثة الماضية هو ثورة بكل المقاييس ثورة بيضاء لا تدعو إلي‮ ‬العنف،‮ ‬واستخدام القوة لتحقيق أهدافها ويكفينا فخرًا أن جميع المحاكمات التي‮ ‬تشمل النظام السابق كله تتم وفقا للقانون والهيئات القضائية العادية فلم تشكل‮ »‬محاكم للثورة‮« ‬أو‮ ‬غير ذلك من القواعد والخطوات الاستثنائية صلاحا لكثير من الثورات التي‮ ‬عرفها التاريخ وان دل ذلك علي‮ ‬شيء فهو دليل واضح علي‮ ‬مدي‮ ‬تمدين الشعب المصري‮ ‬ومدي‮ ‬حضارته‮!!‬

وستؤكد الأيام القادمة قدرة المجتمع المصري‮ ‬علي‮ ‬التغلب علي‮ ‬هذه السلبيات التي‮ ‬تواكب تغيير نظم الحكم في‮ ‬المجتمعات الحديثة‮.. ‬وان كان ذلك لا‮ ‬يجعلنا نغفل أهمية الالتزام بالقيم والقواعد الأساسية التي‮ ‬يتطلبها ضمان ممارسة الحكم الرشيد المبني‮ ‬علي‮ ‬العدالة الاجتماعية وعلي‮ ‬احترام القوانين وتسيير المجتمع في‮ ‬ظل الأمن والأمان الذي‮ ‬يضمن عدم اشاعة الفوضي‮ ‬الهدامة في‮ ‬هذه المراحل الحساسة من تاريخنا‮.‬

ولن تألو العناصر المضادة جهدًا في‮ ‬محاولة إثارة الفوضي‮ ‬بصورها المتعددة سواء باستخدام الخارجين علي‮ ‬القانون من العناصر التي‮ ‬هربت من السجون أو من مثيري‮ ‬الفتنة الطائفية أو من الحركات السلفية والعناصر المتطرفة سواء بالاعتداء علي‮ ‬دور العبادة المسيحية أو علي‮ ‬دور العبادة المسلمة أو إثارة الثغرات المتطرفة علي‮ ‬اختلاف أشكالها ولعل ما حدث في‮ ‬محافظة قنا عقب تعيين محافظ جديد لها دليل واضح علي‮ ‬صور الفوضي‮ ‬وعدم احترام القانون وإشاعة الفوضي‮ ‬التي‮ ‬يمكن لهذه العناصر الهدامة القيام بها،‮ ‬لقلقلة الاستقرار بالمجتمع‮.‬

ومن الصعب تفهم استمرار‮ ‬غياب قوات الأمن واستمرار عدم تواجدهم بالشارع المصري‮ ‬وتجنب قيامهم بمهامهم الأساسية في‮ ‬حفظ الأمن وخاصة بعد زيادة حالات الاعتداء علي‮ ‬المستشفيات وعلي‮ ‬كثير من المؤسسات التعليمية وغيرها من مؤسسات الدولة واستمرار القصور في‮ ‬مواجهة العمليات التدميرية في‮ ‬المجتمع‮.‬

ولن‮ ‬يتحقق لمجتمعنا الأمن والسلام الداخلي‮ ‬الا بأعمال القانون والعدالة وتحمل المسئولية علي‮ ‬جميع مستوياتها‮.. ‬فالثورات المضادة ستستمر في‮ ‬جهودها الهدامة ومحافظتها علي‮ ‬مكاسبها السابقة فهل نحن قادرون علي‮ ‬حماية ثورتنا أم أننا قد نجد أنفسنا في‮ ‬متاهات عديدة بعد هذا النجاح الباهر الذي‮ ‬حققته ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير الماضي،‮ ‬هذا هو السؤال‮.‬