عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كارثة اليابان النووية.. والبرنامج النووي المصري

 

أكدت كارثة اليابان النووية التي أعقبت الزلزال الكبير وتوابعه الذي أصاب شمال اليابان هذا الشهر.. وعلي الرغم أن كوارث المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء ليست جديدة فقد سبق هذه الكارثة أحداث أخري مماثلة لحادثة »تشرنوبل« في عام 85/ 86 وكذا حادثة »ثري مايلز إيلاند« في الولايات المتحدة وحادثة »السوبر فنكس« بفرنسا وغير ذلك من الكوارث المرتبطة بتوليد الكهرباء من هذا المصدر التكنولوجي المتطور الذي لا تزال عمليات الأمن والأمان المرتبطة به لم تكتمل بعد رغم

التقدم والتطور في عمليات تصنيع المفاعلات وفي قدراتها علي تحمل المخاطر المرتبطة بهذه الصناعة المتقدمة.

ولقد قامت مصر في أوائل عام 1986 بإيقاف البرنامج النووي المصري الذي كان يهدف لإنشاء ثمانية مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء في ذلك الوقت تحت نفس المحاذير والأسباب التي تساق من وقت لآخر لإدخالنا في هذا المجال الخطر الذي لا تتوفر لدينا من مقومات إنشائه الكثير سواء من المواد الخام أو من الخبراء أو من القدرات الفنية أو غير ذلك من الأسباب بل بهدف المسايقة له من المسئولين أو المنتفعين من وراء هذا البرنامج إلي إدخالنا في هذه الصناعة دون استعداد أو حتي احتياجات فما يهدف إليه البرنامج النووي المصري الذي أعيد فتح ملفه في الفترة الأخيرة إلي إنشاء عدة مفاعلات لا تتجاوز الأربعة بتكلفة قرابة العشرين مليار دولار لإنتاج قرابة ٤ إلي ٥ آلاف وات أو وحدة في الوقت الذي تنتج مصر في الوقت الحالي قرابة 28 ألف ميجا وات من الكهرباء من مصادرها الأخري سواء كانت البترول أو الغاز أو الرياح أو المساقط المائية.. ومن الغريب أن نسبة الفاقد في استخدامنا لهذه الطاقة يقارب 25٪ من إنتاجنا من الكهرباء سواء بسبب أسلوب نقل الكهرباء أو طريقة استخدامنا لهذا المصدر المهم أو استخدامها في صناعات مستهلكة للطاقة وعلي رأسها مصنع الألومنيوم في نجع حمادي أو مصانع الأسمدة في أسوان أو غيرها من مصادر الاستهلاك التي يتم عن طريقها سوء استخدام هذه الطاقة المهمة.

ولم يكن غريباً أن تقرر مصر في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي إيقاف البرنامج النووي المصري عقب أحداث تشرنوبل في أوكرانيا وبعد أن انخفض رصيدنا من العملات الصعبة اللازمة لإنتاج الكهرباء من هذا المصدر بعد أن انخفض سعر البترول في ذلك الوقت لأقل من عشرة دولارات للبرميل.. وجاء اكتشاف مصر لوجود كميات كبيرة من الغاز علي أراضيها إلي تعويض احتياجاتنا من الطاقة الكهربائية طوال هذه السنين، إلا أن سوء استخدامنا لمصادرنا من الطاقة الحرارية سواء كانت »بترول أو غاز« واتجاهنا إلي تصدير الغاز بكميات كبيرة إلي إسرائيل أو إسبانيا أو غيرها بأسعار متدنية لأسباب غير مفهومة وغير مقبولة إلي وقوعنا مرة أخري تحت ضآلة احتيجاتنا من الطاقة وفتح ملف الطاقة النووية مرة أخري بهذه الصورة الغريبة التي نمت بها في الفترة الأخيرة!

ويتساءل المرء لماذا لم تقم إسرائيل حتي يومنا هذا رغم افتقارها لمصادر الطاقة سواء المائية أو البترولية أو الغازية أو غيرها ورغم تقدمها العلمي في ميدان تكنولوجيا الطاقة النووية وتملكها لأسلحة نووية إلي إنشاء مفاعلات لإنتاج الطاقة حتي الآن؟.. والجواب علي هذا السؤال واضح وهو أن إسرائيل تحصل علي كميات كبيرة من الغاز المصري بأسعار زهيدة وأن أسعار إنتاج الوحدة الكهربائية عن طريق الطاقة النووية هي أعلاها علاوة علي المخاطر الكبيرة التي تحيط بإنتاج الطاقة من هذا المصدر الذي لا تزال مشاكل الأمان النووي لم تكتمل بعد رغم

التقدم العلمي والتكنولوجي المحيط بهذا المصدر هذا علاوة علي التكاليف الباهظة لدفن المفاعلات النووية بعد انقضاء عمرها الافتراضي الذي يتراوح بين 30 و40 عاماً علي أكثر تقدير ويعجب المرء كيف يطلع علينا أحد المسئولين الحكوميين المسئولين عن إنتاج الطاقة فور أحداث اليابان بتصريح مفاده أن هذه الكارثة لن تؤثر علي خطواتنا في السير في طريق إنشاء مفاعلات نووية لتوليد الكهرباء في مصر.. هذا بالإضافة إلي أن تأييد بعض المستفيدين من إتمام هذا البرنامج وذوي المصالح من الفاسدين الذين أسقطوا بثورة 25 يناير الماضي!!

وينسي البعض منا المشاكل التي حدثت في مفاعل أنشاص في الفترة الأخيرة التي كادت تؤدي إلي كارثة نووية لولا ستر من الله سبحانه وتعالي وكذلك الخلافات بين القائمين علي هيئة الطاقة النووية التي قرأناها علي صفحات الجرائد في الفترة الأخيرة!

إننا نؤمن جميعاً بأهمية التقدم العلمي والتكنولوجي في مصرنا الحديثة وأهمية التعامل مع التقدم العلمي ومع التطور التكنولوجي ولكننا في نفس الوقت لا نستطيع أن نقبل الارتجال والتسيب والنفاق السياسي الذي كان سائداً في مجتمعنا في السنين الأخيرة الذي كشفته ثورة شبابنا في 25 يناير الماضي.

إن الادعاء المتكرر بأن حاجتنا من الطاقة تتزايد مع مرور الوقت وأن إمكانياتنا ومصادرنا تكاد تنضب غير حقيقي وأن ما تملكه مصر من مصادر للطاقة لا يتوفر في كثير من الدول فيما حولنا ولكننا نسيء استخدام هذه الطاقة من ناحية ولا نستخدم ما لدينا من مصادر جديدة كالشمس والرياح وغيرها من الطاقة البديلة والمتجددة!

إن في مقدور مصر إذا أحسنت استخدام مصادر طاقتها إلي تحقيق الاكتفاء الذاتي لسنين طويلة والتحول من دولة في حاجة إلي الطاقة لدولة مصدرة لها، هذا إذا أخلص القائمون من أبناء الوطن والمهتمون بهذا الشأن العام بضمائرهم ووطنيتهم.. مصر في العصر الجديد محتاجة إلي فلسفة جديدة وإلي أسلوب جديد في خدمة الوطن والإخلاص له والشعب المصري الذي أثار إعجاب شعوب العالم بثورته البيضاء ومثاليتها التي يتحدث عنه شعوب العالم وقادتهم لقادرة علي تحقيق المعجزات والتقدم التكنولوجي والعلمي فليس من العقول أن نصدر الغاز لإسرائيل بأسعار زهيدة مساعدة منا لاحتياجاتها من الطاقة الآمنة ونقوم نحن باستخدام المصادر غير الآمنة تحت مبررات وادعاءات غير حقيقية، حمي الله مصر من بعض أبنائها أما أعداؤها فهي كفيلة بهم.