رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«كورونا» يهزم احتفالات يوم اليتيم

التبرعات والمساعدات أهم

أكثر من 2 مليون طفل فى ذمة المجتمع

حكاية 4 شباب حوَّلوا اليتم إلى نجاح مبهر

«شروق» من أرزقية يتيمة إلى طالبة بكلية الهندسة.. و«حامد» من حياة صعبة بلا مصدر رزق إلى «الطب»

 

أول جمعة من أبريل تتجه الأنظار إلى الأيتام للاحتفال بيومهم السنوى، ومع أن هذه المناسبة لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تعوض ألم فقدان الأم أو الأب، إلا أن الاحتفال هام جداً فى حياة الآلاف الأطفال والشباب الذين ذاقوا مرارة اليتم فى سن صغيرة، حيث يشعرون فى هذا اليوم أن العالم بأجمع يقف جانبهم وأن الله عوضهم بمئات الأمهات والآباء.

ومع أنه من المعتاد الاحتفال سنوياً بهذا اليوم، إلا أن فيروس كورونا اللعين عكر صفو هذه المناسبة، فتم تأجيل الاحتفالات فى 470 دار أيتام على مستوى الجمهورية.

وبمناسبة هذا الاحتفال السنوى الذى ينتظره أكثر من 2 مليون طفل، حيث يقدر عدد الأيتام بين 2.5% إلى 3% من عدد السكان، وفقا لما صرح به «حسام القبانى» رئيس مجلس إدارة جمعية الأورمان الخيرية، تسلط «الوفد» الضوء على نماذج مشرقة من دور الأيتام.

 

البداية من هنا

انطلقت فكرة يوم اليتيم من مصر عام 2003، فى تخصيص أول جمعة من شهر أبريل من كل عام للاحتفال باليتيم، والتى دفعت دول العالم إلى السير على درب القاهرة، فكان أول من اقترح هذه المناسبة أحد المتطوعين بجمعية دار الأورمان وهى من أكبر الجمعيات العاملة فى مجال رعاية الأيتام فى مصر، حيث كانت تدعو إليها عدد من الأطفال الأيتام التابعين لجمعيات أخرى أو الموجودين فى بيوتهم ولا يجدون من يهتم بهم للترفيه عنهم، عقب نجاح الفكرة فى مصر بدأت مرحلة جديدة للترويج للفكرة عربيا، فى عام 2006 حصلت الجمعية على قرار رسمى بإقامة يوم عربى لليتيم من مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب فى دورته السادسة والعشرين، وبذلك تقرر تخصيص يوم له فى الدول العربية والاحتفال به، وانتقلت الفكرة من النطاق المصرى إلى العربى، فأصبحت أول جمعة من شهر أبريل، يوماً مخصصاً للاحتفال بالأطفال اليتامى.

 

متطوعون

تعج الحياة بالعديد من النماذج التى فضلت خدمة ورعاية الآخرين، وأن تعطى من وقتها بضع ساعات حتى تسعد غيرها بمساعدة بسيطة أو ضحكة صافية تكون سبباً فى تغير مسار حياتهم للأفضل من هؤلاء، الحاجة عائشة أو «شوشو» كما كانوا ينادونها، رئيس قسم التمريض فى أحد المستشفيات الكبيرة، زوجة وأم لخمسة أبناء، بعد أن وصلت إلى سن «المعاش» كانت تذهب كمتطوعة فى أحد دور الأيتام. ولالتزامها الشديد وجديتها فى العمل عُرض عليها أن تكون مدير قسم الحضانة بالدار. لم تتردد لحظة فى الموافقة وأدركت أن الله قد اختار لها حياة جديدة بعطاء جديد بعد «المعاش».

لم يقتصر حبها واهتمامها على القسم الموَكل لها، بل تقاسم هذا الحب كل من فى الدار، كانت لا تدخر وقتا إلا وتفيض بعطائها على كل من حولها.

وكان نصيب الأسد «للبنات الكبار» كما كان يطلق عليهم. فقد ألف الله بين قلوبهن فكانت بمثابة الظهر والسند، فكانت «شوشو» هى كلمة السر التى تظهر عند مواجهة أى تحدٍ، وكأن الله قد سخّر لها الصعب فتقوم الحاجة عائشة بالتحرك على الفور لتذلل الصعاب لهن.

دامت علاقة «عائشة» بالبنات فى دور الأيتام لأكثر من 17 عاماً إلى أن استقلت البنات بحياتهن بعيدا عن الدار، فكانت الحاجة عائشة هى صمام الأمان لحياتهن، فكانت دائمة الزيارة والدردشة والفضفضة والمكالمات الهاتفية الليلية والصباحية أيضاً للاطمئنان عليهن وكانت تعد بمثابة الأم لهن تنصح وترشد وتوجه.

 

«النادى» مؤسس جمعية «رؤية»

من بين الأشخاص الذين كرسوا حياهم لخدمة غيرهم والمساهمة فى مشروعات تستهدف إسعاد الآخرين خاصة اليتامى، محمد النادى، 25 عاماً، دكتور صيدلى، دأب منذ دراسته الجامعية على العمل فى مشروع تطوعى، حيث أسس مع مجموعة من زملائه جمعية تحمل اسم «رؤية» لتنمية المجتمع، ويتركز دورها الأساسى فى خدمة الآخرين ومساعدتهم.

وقال «النادى»: العمل الخيرى أفادنى على المستوى الشخصى، فضلاً أنه جعلنى أستطيع التعامل مع فئات جديدة من البشر وتعرف على تجاربهم.

وعن تجربته الشخصية، قال: الناس التى ترغب فى التطوع فى المجال الخدمى لابد أن تعرف أنها تتعامل مع فئة جديدة أى لابد من مراعاة اختلاف أسلوب الكلام وطريقة التعامل معهم خاصةً أن كثيراً منهم عواجيز وفى أعمار متقدمة.

وتابع: يوجد نماذج مؤثرة جدا قابلتها خلال تجاربنا فى رعاية وخدمة الأيتام، مشيراً إلى أن كثيراً من الشباب اجتهدوا وثابروا حتى أصبحوا فى كليات مرموقة الآن، مدللاً على حديثه بذكر أكثر من شخصية تمكنت من تحدى ظروفها، منهم شابة تُدعى شروق رضا والدها ووالداتها توفيا وكانت فى سن صغيرة فانضمت إلى الجمعية منذ حوالى 9 سنوات وخلال عملها التطوعى وخدمتها للآخرين استطاعت أن تنجح والآن هى طالبة فى كلية الهندسة.

واستطرد «النادى» حديثه، قائلاً: نادية خالد من النماذج المضيئة والتى يجب أيضاً الاحتذاء بها، حيث توفى والدها وهى فى سن صغيرة ووالدتها تعانى من أمراض مزمنة، علاوة على أنهم يعيشون فى بيت من طين، مشيراً إلى أنها حالياً تدرس فى كلية التربية، وستصبح قريباً مدرسة تعلم الطلبة خاصةً الأيتام منهم.

من بين هذه النماذج أيضاً، فتاة تدعى داليا جمال توفى والدها فى سن صغيرة وعاشت مع والدتها وإخوتها تحت خط الفقر، ولكن ذلك لم يهزمها واستطاعت التغلب على هذه الظروف الصعبة ونجحت فى دراستها والتحقت بكلية التجارة.

أما النموذج الأخير من هذه القصص الناجحة، شاب يُدعى حامد، حيث عاش حياة صعبة، فلقد عانى بسبب مرض والدته بعد وفاة والده، علاوةً أنهم أسرة فقيرة لا يعولها أحد ولا يوجد مصدر رزق يعتمدون عليه لقضاء احتياجاتهم، ورغم ذلك دأب على العمل والدراسة إلى أن التحق حالياً بكلية الطب.

ولفت «النادى» إلى أنهم كانوا يتعمدون فى تجاربهم فى الجمعية على أسلوب الترغيب عن طريق الحث على التنافس والتفوق مقابل هدايا يتم توزيعها على المتفوقين، وهذا الأمر كان له مردود إيجابى جداً فى نفوس الطلاب.

ونوه إلى أنهم كانوا يواظبون على عمل امتحانات للدارسين مرة كل أسبوعين أو شهر لتشجيعهم على المذاكرة، فضلاً أنه كان يتم تقسيمهم إلى مجموعات لا تزيد على 7 أفراد كل مجموعة.

 

واجبات اليتيم

من جانبه، أكد الدكتور عادل عامر أستاذ القانون العام وعضو المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، أن اليتيم هو إنسان مثله مثل أى إنسان طبيعى، لكنه يتميز عن أى إنسان بأنه من إحدى أهم السبل إلى رضا الله وإلى الفوز فى سباق الحسنات وفعل الخير، وبالتالى حجز مقعد فى رحلة السفر إلى رحمة الله والفوز بجنته بل فردوسه الأعلى.

وأشار إلى أنه رغم ان الاحتفالات بيوم اليتيم هذا العام مؤجلة بسبب الظروف الحالية، إلا أننا إذا كفلنا اليتيم وكنا له داعمين وجابرين لكسره ويتمه فإننا بذلك نكون من الساعين إلى طريق الخير والسعادة، والذى يملك رجاحة العقل وحسن استغلال الفرص

فعليه اعتبار أن اليتيم هو جائزة الله على الأرض التى إن تنافست على رعايتها وصونها وكفالتها فقد ضمنت الفوز فى حياتك وفى آخرتك.

ونوه «عامر» إلى أن كفالة ومساعدة الأيتام دور لا غنى عنه فى حياتنا الإنسانية من أجل اتباع نهج الرحمة والمودة والتكافل الذى حض عليه الله عز وجل وأوصانا به الحبيب المصطفى «صلى الله عليه وسلم»، مؤكداً أن الحب والمشاعر الدافئة والأحاسيس الرقيقة كلها مكتسبات إنسانية عميقة الأثر تأتى فى كثير منها من كفالة ومودة اليتيم لذا اجعل يوم اليتيم يوما للحب والرحمة.

وطالب «عامر» بضرورة توفير متطلبات الحياة الأساسية لليتيم وإنفاق المال الذى يحتاجه، حيث أنه فقد الشخص الذى كان من المفترض أن يعوله، أما بالنسبة لمتطلبات الحياة الأساسية والتى يجب أن نوفرها لليتيم هى المأكل والمشرب ومكان كريم يعيش فيه، كما يجب توفير الكسوة له، كما يجب الإنفاق على تعليمه بشكل لا يتسبب له فى الإحراج.

وعن حقوق الطفل اليتيم، أكد أنه عندما يجد اليتيم أن هناك من يعوض عن الأب والأم فإن ذلك يجبر جزءا من احتياجه لهما، حيث يجب على الشخص كافل اليتيم عدم الحديث عن الأب والأم ودورهما فى حياة أبنائهما حتى لا يتسبب فى أذى نفسى للطفل اليتيم دون أن يشعر، وذلك من أهم حقوق اليتيم. عندما يكفل أحد الأشخاص طفلا يتيما فإن النفع والفائدة لا تعود على اليتيم فقط بل تعود فى البداية على هذا الشخص، حيث يكون ذلك دليلا على أنه يمتلك قلبا صافيا مخلصا، حيث أنه ينفذ تعاليم الله عز وجل وتعاليم رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، كما يكون هذا الشخص محبوبا بين المحيطين به.

ونوه «عامر» إلى أنه إذا لم يستطع الشخص أن يكفل يتيما فى منزله، فيجب عليه أن يزور الأيتام فى دور الرعاية الخاصة بهم، حيث أن تلك الزيارة تدخل البهجة عليهم وتجعلهم يشعرون أنهم جزء من المجتمع. يجب على الشخص الذى يتردد على دور الأيتام أن يراقب أسلوب معاملة المشرفين على الدار للأطفال وملاحظة إذا كان الأطفال يتعرضون للإهانة أو التجريح أو التعذيب البدنى أو حتى النفسى وبذلك نكون وضحنا أهم حقوق اليتيم.

وأوضح أن عدم زيارة دور الأيتام تجعل الطفل يشعر بأنه بمفرده فى هذه الدنيا، كما ستجعل كثيرا من المشكلات النفسية تتكون بداخله والتى ستجعله شخصا غير سوى فى المجتمع بل ستجعله شخصا يحاول أن يأخذ حقه من المجتمع الذى خذله فى وقت احتياجه له وجعله ضحية.

وأشار إلى أنه يقع على عاتق الدولة عدد من المسئوليات تجاه الأيتام للحفاظ عليهم والاهتمام بهم سنسرد خلال السطور التالية ما هو دور الدولة فى رعاية الأيتام.

فى البداية يجب أن تنشئ الدولة العدد الكافى من دور رعاية الأيتام، حتى تستقبل الأطفال الذين ليس لهم من يكفلهم ويهتم بهم، كما يجب أن تشرف على تلك الدور من الناحية النفسية والاجتماعية والمادية والمعنوية.

وتابع عامر: «يجب على الدولة حماية اليتيم فى حالة وجود أشخاص من أسرته يتمنون له الأذى ويريدون أن يستولوا على أمواله الخاصة واستغلال الطفل بشكل سيئ، كما يجب على الدولة أن تسن القوانين التى تحفظ لليتيم حقوقه»، علاوةً على ضرورة أن ترسل الدولة لجانا من مشرفين متخصصين لمراقبة دور الأيتام حتى تتمكن من ضبط أى حالة من حالات الإيذاء النفسى أو الجسدى لليتيم.

وبخصوص تعاليم الدين الإسلامى مع اليتيم، قال: «إن الدين الإسلامى لم يترك أى شيء فى حياتنا إلا وأخبرنا ما يجب علينا أن نفعله، وبذلك يكون الدين الإسلامى منظما لكافة أمورنا، حيث أشار الله تعالى فى إحدى الآيات أن اليتيم يعتبر أخا لنا فى الإسلام، لذلك يجب علينا أن نقوم بالاهتمام به ورعايته قدر الإمكان، سيلمس الشخص كافل اليتيم جزاء فعله لهذا العمل فى الدنيا وفى دار الآخرة، فسيفتح الله له كافة أبواب الرزق والسعادة فى الدنيا ويرزقه البركة والسلام النفسى، أما فى الآخرة فسيرزقه الله بمصاحبة ومرافقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنة».

الفرق بين التبنى والكفالة فى الإسلام

ونوه إلى أنه جاءت كفالة الطفل اليتيم فى الإسلام بدلا من التبنى والذى كان منتشرا قبل نزول الإسلام، حيث نهى الله عز وجل عن نسب أى شخص لا ينتمى للأسرة لها، لما لذلك من أضرار وآثار سلبية، وطالب الإسلام بأن نقوم بكفالة اليتيم وتقديم له المساعدة والعون دون أن يطلق عليه لقب العائلة أو أن يصبح فرداً منها يرث مع ورثتها أو تقوم تلك العائلة بوراثته فى حالة مماته.