رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وجدى زين الدين يكتب: أعداء الوفد

بوابة الوفد الإلكترونية

ملخص الحلقة الماضية

تناولت الحلقة الماضية قضية الوفد وخصومه والأسرار الخفية وراء خصومات الوفد مع جهات عديدة، ولماذا رأت أمريكا فى الخمسينيات أن الزعيم مصطفى النحاس كان عقبة شديدة أمام أطماعها؟! ولماذا يكره الخديو عباس حلمى الزعيم خالد الذكر سعد زغلول؟!

 

نواصل فى هذه الحلقة خوض معارك الوفد مع جهات ومنظمات عديدة إبان ثورة 1919، ومنها جماعة الإخوان الإرهابية والحزب الشيوعى ووزارة إسماعيل صدقى، بالإضافة إلى القصر، ومن خلال رؤية الكاتب الكبير لمعى المطيعى ومراجع أخرى اهتمت بهذه القضية من بينها كتاب «الوفد وخصومه» للكاتب ماريوس كامل ترجمة عبدالسلام رضوان، ومذكرات إسماعيل صدقى، ومذكرات أيام الوفد لإبراهيم طلعت وتطور الحركة السياسية فى مصر لطارق البشرى.

 

تولى «إسماعيل صدقى باشا» رئاسة الوزارة الأولى 19 يونيه 1930- 4 يناير 1933، وأعقبتها وزارته الثانية من «4 يناير ـ 27 سبتمبر 1933»، ثم وزارته الثالثة «16 فبراير ـ ديسمبر 1946» و«إسماعيل صدقى باشا» كان واحداً من الأربعة الذين اعتقلتهم سلطات الاحتلال يوم «8 مارس 1919» وهو أول من انشق على الوفد فاستقال أو أقيل.. واستمرت خصومته مع «الوفد» إلى أن توفى- غفر الله له- فى باريس على إثر أزمة قلبية «9 يوليو 1940»، عطل البرلمان الوفدى من «21 يونيه لمدة شهر، وتقدم «مصطفى النحاس» زعيم الوفد وويصا واصف رئيس مجلس النواب.. وتم تحطيم السلاسل وانعقاد المجلس رغم أنف الملك فؤاد واسماعيل صدقى، وأعلن دستوره الذى عرف بدستور «1930» بذل جهداً كبيراً فى تأسيس حزب جديد اسمه «حزب الشعب» وجذب له عناصر من الأحرار الدستوريين أساساً وبعض العناصر من الوفد.. وهنا توقفت الخصومة بين الأحرار الدستوريين وبين الوفد، وتركزت خصومة الحزبين الكبيرين ضد «إسماعيل صدقى»، على أية حال كانت الخصومة بين «إسماعيل صدقى» و«الوفد» قد بدأت منذ الشهور الأولى، عندما كان الوفد برئاسة «سعد زغلول» خارج مصر لعرض القضية الوطنية، والتقت رغبة الوفد فى التخلص منه ورغبة «إسماعيل صدقى» فى الابتعاد عن الوفد.

وفى فبراير من عام 1946 كانت اللجنة التنفيذية العليا للطلبة «وهى لجنة وفدية» قد أشعلت المظاهرات ضد «صدقى باشا»، وكانت الصحافة الوفدية تركز هجومها عليه، ثم قامت «اللجنة العليا للطلب والعمال» بإشعال «الثورة أو الانتفاضة» ضد سلطات الاحتلال وسقط ضحايا كثيرون، وفى «11 يوليو 1946» شن «صدقى باشا» بتشجيع من سلطات الاحتلال والقصر حملته المشهورة ضد العناصر الوفدية والشعبية والتقدمية فى العمل السياسى النشر الصحافة وأوساط الكتايب والطلبة والتى أطلق عليها «صدقى باشا» اسم «قضية الشيوعية الكبرى» وذلك للخداع والتمويه ومحاولة تمرير آثار الحملة.

ويهمنا أن نسجل أن «إسماعيل صدقى باشا» على رغم شدة العداء بينه وبين الوفد إلا أنه فيما يتصل بالزعيم «سعد زغلول» فإنه سجل بأمانة ما اتصف به «الزعيم سعد زغلول» من قيادته للحركة الوطنية وسيطرته على الشارع المصرى ومكانته بين مصاف الزعماء الكبار، وهذا ثابت فى مذكرات إسماعيل صدقى.

 

الحزب الشيوعى القديم

من المعروف أيضاً أن الأحزاب الشيوعية ترتبط كثيراً بالعمال وبالنقابات العمالية، وفى مصر شهدت الفترة «1919-1923» حركة نقابية لم يسبق لها مثيل بين العمال.

بحلول عام 1924 كان هناك «98» نقابة عمالية.. نسبة كبيرة منها فى مدينة الإسكندرية، وشهدت الفترة نفسها موجة من الإضرابات، وازدادت المنافسة الأجنبية للصناعات المحلية، وانخفض الاستهلاك المحلى بتأثير أزمة القصر وازدادت حركة فصل العمال نتيجة لإحلال الآلات محل العمال، وخاصة فى صناعة السجاد.

وقد استهدفت الشركات تخفيض تكلفة إنتاج السجاير حتى تتمكن من منافسة صناعة السجائر فى البلدان التى تصدر لها إنتاجها.

وما أن تألف الوفد المصرى بزعامة «سعد زغلول» حتى كان العمال والفلاحون فى مقدمة المؤيدين لتحقيق مطالب البلاد، وما أن اشتعلت الثورة فى «9 مارس 1919» حتى كان عمال النقل أول المضربين، وتعطلت حركة النقل والمواصلات، وبعد الإفراج عن «سعد» ورفاقه شارك العمال فى تظاهرات الابتهاج يومى «7، 8 أبريل 1920» وكانت تظاهرات قومية.. العمال جزء منها مع طوائف الشعب الأخرى.

وقد كان إلى جانب هذا المد العمالى بدايات ثقافية مصرية على جانب كبير من الأهمية «محمد عبدالله عنان وسلامة موسى وشلبى شميل وإسماعيل مظهر» وبعد ثورة أكتوبر الاشتراكية فى روسيا تصاعد الحديث عن «الفكر الاشتراكى» واتجه المثقفون المصريون إلى محاولة لتأسيس حزب تحت اسم «الحزب الديمقراطى» منهم «محمود عزمى ومنصور فهمى وعزيز ميرهم ومحمد حسين هيكل».

ولكن الأجانب كان لهم نشاط آخر يتجه أساساً لتأسيس خلايا شيوعية، خاصة جماعات من اليونان الأرمن والإيطاليين، ومن هؤلاء شخصية غامضة هو «روزنتال» الذى كان له دور بين الأجانب لتأسيس نقابات عمالية، وفى تحريض النقابات على الإضراب.. وانتهى إلى تجميع عدد من المثقفين المصريين لتأسيس حزب شيوعى.

وفى أغسطس 1921 صدر بيان بتكوين حزب باسم «الحزب الاشتراكى» والعناصر المؤسسة: «على العنانى، محمد عبدالله عنان، سلامة موسى، حسنى العرابى»، وظهر اسم «محمد عبدالله عنان» كسكرتير للحزب. وكان مقر الحزب بجنينة الناصرية بالسيدة زينب بالقاهرة، وانسحب «محمد عبدالله عنان، وعلى العنانى» وانفرد «حسنى العرابى» بالسكرتارية والنشاط العام.

 وأخذ «سلامة موسى» يشن حملة ضد «البولشفية» وأنها نشرت الخراب والدمار فى روسيا.

وأعلن أن أى نشاط شيوعى فى مصر يضر بالقضى الوطنية، وانسحب سلامة موسى وتفرغ لنشاطه الصحفى، وفهم الناس مما حدث أن «الحزب الاشتراكى» الذى تم الإعلان عنه هو «حزب شيوعى»، وحسم الموقف بقبول «حسنى العرابى» شروط «الدولية الثانية»، لإعلان الحزب الاشتراكى كحزب شيوعى.

 

 

وكان للعناصر الأجنبية دور فعال فى هذا الحزب الذى قاد اضرابا فى الإسكندرية ورفع العلم الأحمر على المصانع، وكانت مجموعة الأجانب بقيادة «روزنتال» تحرص على اسم «الحزب الشيوعى» وأن ينضم إلى الشيوعية الدولية «الثانية» وكان يؤيدهم فى هذا الاتجاه «محمود حسنى العرابى».

وكان لسعد زغلول رأى فى هذا النشاط الشيوعى الأجنبى، ويرى أنه ضار بالحركة الوطنية. وأصدر تعليمات إلى «عبدالرحمن فهمى ومحجوب ثابت» لاصدار جريدتين للعمال وتأسيس «اتحاد نقابات عمال وادى النيل». وعام 1924 أصدر «سعد زغلول» قرارا بحل الحزب الشيوعى. وتم القبض على عدد من قادته الأجانب والمصريين وترحيل عدد من الأجانب. ومن الطريف أن عددا من الشيوعيين لاموا «سعد زغلول» على أنه تنكر لموقف «لينين» زعيم ثورة أكتوبر فى روسيا، وأن «لينين» أرسل لسعد زغلول أثناء ثورة 1919 يعرض عليه معاونته ضد الاحتلال الإنجليزى ولكن «سعد زغلول» رفض هذا العرض. ولم تزل هذه المقولة تتردد لدى الشيوعيين المصريين. وفى الحلقة التى نشرناها فى جريدة الوفد عن «الدكتور محمد أنيس» بتاريخ «14 فبراير 2002م» سجلنا ما أورده «الدكتور محمد أنيس» - وهو على الأقل ليس معاديا للماركسية المصرية - كتب «د. محمد أنيس» فى كتابه «دراسات فى وثائق ثورة 1919»: «كان قد شاع بين المؤرخين التقدميين فى مصر رواية بأن «لينين» قد أرسل إلى سعد زغلول تلغرافا يؤيد الثورة المصرية ووعد بالمساعدة.. ولكن الوثائق الروسية ووثائق الشيوعية الدولية لا تحمل أى ذكر لهذا التلغراف وأغلب الظن أنه لا حقيقة لهذا «الموضوع». انتهى كلام «الدكتور أنيس» ليبدأ كلام كاتب آخر وطنى قومى ولا يحمل ضغينة للماركسيين المصريين هو «إبراهيم عامر» فى كتابه «ثورة مصر القومية» ص64 سجل قولا للزعيم «لينين» نقلا عن «وثائق الدولية الشيوعية 1918 - 1922 المنشورة فى لندن 1956» أعلن «لينين» «أن الحزب الشيوعى المصرى

مؤلف أساسا من الأجانب وأن الأجانب الموجودين فى الحزب لا يزيدون على كونهم عملاء للاستعمار يسعون إلى تضليل العمال المصريين». على أية حال فإن «سعد زغلول» كان مقتنعا بأن سلطات الاحتلال البريطانى تفيد من الأحداث التى حركها الشيوعيون الأجانب لتشويه الحركة الوطنية المصرية. وتأتى دراسة «الدكتور محمد أنيس» و«إبراهيم عامر» لتفسر لماذا قام «سعد زغلول» بحل الحزب الشيوعى ولماذا سجن عددا من قيادات الحزب ولماذا أبعد بعض الأجانب عن مصر.

وامتدادا بحديث الخصومة إلى الأربعينيات من القرن العشرين يتضح لنا أن التنظيمات الماركسية اختلفت فيما بينها حول الموقف من الوفد. فالتنظيم الماركسى الذى أصدر مجلة «الفجر الجديد» فى 16 مايو 1945 وكان رئيس التحرير «أحمد رشدى صالح»، هذا التنظيم كان يرى أن «الوفد» كتحالف شعبى واسع يقود الحركة الوطنية المصرية بزعامة «مصطفى النحاس» ونادى هذا التنظيم بما يمكن أن نسميه موقف «التحالف النقدى» من الوفد. وفى حين قال تنظيم ماركسى آخر عرف باسم «الأسكرا - الشرارة» ورئيسه «هليل شوارتز» إن الواجب هو تأسيس حزب الطبقة العاملة. وقد تعاون «أحمد رشدى صالح» مع «مجلة رابطة الشباب - لسان حال الطليعة الوفدية» والتى صدرت فى مارس 1947.

أما تنظيم الشرارة فقد أصدر فى الفترة ذاتها مجلة باسم «الجماهير». وفى 28 أبريل 1947 «أى بعد شهر من صدور مجلة رابطة الشباب الوفدية» كتب «شهدى عطية الشافعى» من قادة تنظيم «الشرارة» مقالا فى «مجلة الجماهير» بعنوان «الشعب فى حاجة إلى حزب جديد» ويقصد أن يكون الحزب الجديد بديلا عن الوفد. وانبرى «أحمد رشدى صالح» للرد على مقال «الجماهير - شهدى» وكتب فى مجلة «رابطة الشباب» مقالا عنيفا بعنوان «الشعب ليس فى حاجة إلى حزب جديد». وهكذا اختلفت مواقف الشيوعيين من الوفد بين التأييد والخصومة.

حزب الاتحاد «1925»:

لم يكن حزبا بالمعنى المتعارف عليه للأحزاب.. كان زمرة عينها الملك «فؤاد» ظنا منه أن هذه الزمرة تستطيع أن تطاول الوفد. مؤسس الحزب هو «حسن باشا نشأت» وكيل الديوان والقائم بأعمال رئيس الديوان. وكان مكتب «حسن نشأت» فى القصر هو المقر غير الرسمى للحزب. وكان مجلس إدارة الحزب عند إنشائه فى يناير 1925 يتكون من «محمد بدراوى عاشور» من كبار ملاك الأراضى، و«وبولس حنا» وتوجد لافتة باسمه فى الشارع الذى يقع فى مقر حزب الوفد حاليا، وهو من كبار ملاك مديرية الشرقية، ومصطفى أبورحاب من كبار ملاك مديرية جرجا، وعبدالمجيد رضوان من كبار ملاك مديرية الجيزة، والسيد فتح الله محمود من كبار الملاك بالرحمانية - مديرية الجيزة، وغيرهم من أغلبية الحزب كانت بين أعيان الأقاليم وكبار الملاك.

وتشكلت بقية الحزب من مجلس إدارة ولجنة تنفيذية، وترأس الحزب «يحيى إبراهيم» بعد اعتذار توفيق نسيم وأحمد زيور وعزيز عزت عن عدم قبول العرض.

يحيى إبراهيم:

ولد عام 1861 بإحدى قرى بنى سويف، رأس محكمة الاستئناف فى عام 1905.. اختير وزيرا للمعارف فى وزارة يوسف وهبة باشا 1919. شكل وزارته الأولى «15 مارس 1923 - 27 يناير 1924» وكانت وزارة «يحيى إبراهيم» وزارة إدارية نيط بها إجراء الانتخابات وأصدر دستور 1923 فى 19 أبريل 1923 وتم الافراج عن «سعد زغلول» فى 5 سبتمبر 1923، وأفرج عن المعتقلين فى مصر، وعن المحكوم عليهم من أعضاء الوفد والمعتقلين فى سيشل وأجرت حكومة «يحيى إبراهيم» الانتخابات فى 12 يناير 1924 وحصل فيها الوفد على 195 مقعدا وأهم من ذلك كله أن رئيس الوزراء الذى أجرى الانتخابات سقط فيها. كان هذا «يحيى إبراهيم» رحمه الله الذى سلك على غير ما يتوقع الملك منه.

على ماهر.. وكيل الحزب:

وهو من هو فى عدائه للوفد فى بداية حياته السياسية وفى نهايتها أيضا.. وزارته الأولى «30 يناير 1936 - 9 مايو 1936» كانت على أنقاض وزارة توفيق نسيم التى كان يؤيدها الوفد وتآمر عليها «على ماهر» الذى كان رئيسا للديوان الملكى. ووزارته الثانية «18 أغسطس1930» من المستقلين والسعديين وكانت معادية للوفد بطبيعة الحال، ووزارته الثالثة، وهى تلك التى شكلت فى 27 يناير 1952، اليوم التالى لحريق القاهرة وإقالة حكومة الوفد.. ووزارته الرابعة «24 يوليو 1952 - 7 سبتمبر 1952» وفيها تآمر «على ماهر» ضد الوفد ومعه «سليمان حافظ» وعبدالرزاق السنهورى، وأعداء الوفد من الضباط.

محمود أبوالنصر.. سكرتير عام الحزب:

كان عضوا سابقا بالحزب الوطنى حتى الحرب العالمية الأولى ثم انضم للوفد وعمل بالمحاماة، وكان من كبار الملاك.

وفشل «حزب الاتحاد» فى تكوين لجان له بالأقاليم وظل مجلس إدارة الحزب هو التنظيم الوحيد الموجود. وكان برنامج الحزب، فى جانب كبير منه مقتبسا من برنامج حزب الأحرار الدستوريين خاصة أن التركيب الاجتماعى متشابه. وفشل حزب الاتحاد فى الخصومة مع الوفد ونشأت درجة من الخصومة بين حزب الاتحاد وحزب الأحرار الدستوريين لأن نشاط الحزبين كان يرتكز على «كبار الملاك».