رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عمر سليمان.. الجنرال الصامت

بوابة الوفد الإلكترونية

قبل أيام معدودة من إغلاق باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، برز اسم اللواء عمر سليمان نائب الرئيس السابق، باعتباره منافسا جديدا وقويا، ساهم في إشعال المعركة بين الاسماء المطروحة

علي الساحة. جاء ذلك علي خلفية المعلومات المتسربة عن وجود نية لديه في الإقدام علي هذه الخطوة، بعد تعرضه لضغوط من حملة دعم ترشحه.. وشجعه علي دراسة مطالب مؤيديه تزايد عدد توكيلات التزكية الموثقة لصالحه في العديد من المحافظات، والتي تجاوزت ضعف العدد المحدد توافره لاستكمال أوراق الترشح وهو 30 ألف توكيل موثقة في الشهر العقاري.
هذا الكم الهائل من التوكيلات يشير بما لا يدع مجالا لأية شكوك أنه لم يأت بصورة عفوية أو تلقائية من مؤيديه، أو الداعمين لفكرة الاستقرار، لكنه نتاج حملة منظمة، تديرها عناصر مدربة تدرك خطواتها، وتصوب أهدافها في الاتجاه الذي حددته، فقد بلغ عدد التوكيلات الموثقة، وفق ما تناولته وسائل الإعلام المختلفة «70 ألف توكيل».
الإعلان عن الرقم يحمل دلالات كثيرة في مقدمتها إرسال إشارات مفادها وجود قوي شعبية قادرة علي إظهار بديل قوي للوجوه المطروحة، أو منافس لديه دعم شعبي واسع، وتزامنت هذه الإشارات مع الاستعداد لحشد مظاهرة من مؤيديه، سوف تنطلق من مصر الجديدة إلي عمر سليمان من منزله، لاصطحابه معهم إلي مقر اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية والتقدم رسميا في السباق.
الإعلان المفاجئ عن ترشح مدير المخابرات السابق، أو نيته للإقدام علي هذه الخطوة أربك حسابات المرشحين الآخرين والقوي السياسية الداعمة لهم، وفتح في ذات الوقت الباب علي مصراعيه للتكهنات في كافة الأوساط حول اسم الرجل الذي سوف يحكم مصر، من بين الاسماء المطروحة والتي لاقت قبولا متباينا لدي الرأي العام، وانضم إليها في اللحظات الأخيرة عمر سليمان، الذي كانت تخرج بعض التسريبات من مقربين حوله بأنه لم ينو الدخول في ماراثون السباق الرئاسي، مفضلا الابتعاد عن المشهد في تلك الظروف الضبابية، وهو الأمر الذي راهن عليه كثير من المتقدمين لشغل المنصب الرفيع، باعتبار أن ابتعاده عن المشهد، يجعل الفرص متساوية بين الجميع علي الأقل لدي السلطات الحاكمة والفاعلة من صناعة القرار، لكن الإعلان عن رغبته في الترشح، أزال في نفس الوقت بعض الهواجس عن دعم المجلس العسكري لمرشحين بأعينهم، أعلنوا عن رغبتهم الترشح في وقت مبكر، وبدد المخاوف التي كانت ترمي إلي وجود صفقة بين بعض القوي السياسية والمجلس العسكري لدعم مرشحين ظهروا علي المسرح في الفترة الأخيرة، لكن هذا لا ينفي تكرار السيناريو مرة أخري، بشأن عمر سليمان فاختيار توقيت إعلانه، أو إعلان حملة دعمه يوحي بأنه اختيار اللحظة الحاسمة، في ظل عدم وجود توافق بين الأطراف السياسية علي أحد المرشحين فضلا عن طغيان وتيرة المناورات، واستخدام أساليب حرق الشخصيات من قبل تيار سياسي بعينه، فما بين الحين والآخر يتم تسريب بعض التصريحات عن الرغبة في دعم شخصيات قضائية وأخري سياسية، لم تفكر بالأساس في دخول هذا الملعب مثل المستشارين حسام الغرياني وأحمد مكي وسبقهما في ذلك منصور حسن، الذي طرح اسمه وسرعان ما تم التراجع والانسحاب، بعد أن تبين له أن التيار الذي طرح اسمه من البداية لن يقف إلي جواره داعما بأي حال من الأحوال، وأن النية تتجه إلي دعم مرشح إسلامي، من هنا بدت طريقة الإعلان عن خوض «سليمان» الانتخابات مصحوبة بخلفية ظهوره كمنقذ لانهيار النظام في اللحظة الأخيرة، أثناء تصاعد الاحتجاجات الثورية الراغبة في رحيل مبارك ونظامه، فظهر مبارك في صورة «المصلح الثوري» الراغب في تصليح مسار البلاد سياسيا واقتصاديا.. وقام بتعيين عمر سليمان نائبا للرئيس ومفوضا بصلاحياته، بغرض تهدئة الرأي العام الغاضب، فهو كان يعلم مكانة الرجل لدي الرأي العام، وهذه المكانة هي التي رشحته قبل عدة سنوات لتولي شئون الحكم في مصر.. لما لديه من خبرات واسعة وعملية في التعامل مع الشأن الخارجي باعتباره كان يمسك بيديه خيوط ملفات كثيرة شائكة مثل: ملف الصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الداخلي الفلسطيني «حماس وفتح» وما يخص الدور المصري في السودان، فضلا عن قيامه بتحسين العلاقات المصرية في المحيط العربي والإفريقي، فقد كانت دوائر سياسية دولية وإقليمية إلي جانب الرغبة الداخلية، رشحت الرجل لمنصب الرئاسة قبل عام 2005، ليس باعتباره رجل المخابرات الذي أتاح له منصبه أن يعرف كل كبيرة وصغيرة مرتبطة بالشأن العام المصري، ولكن ولوجوده الطاغي في كواليس السياسة الدولية، وداخل القصر الرئاسي.
لكن الغريب في الأمر أن هذه الترشيحات التي لاقت صدي واسعا في الأوساط المحلية والدولية، لم تكن علي هوي الأسرة الحاكمة وحاشية

مبارك، فكان أن نشطت جماعات الضغط بما لديها من إمكانيات مادية، قادرة علي وأد أية خطط رامية لتولي الرجل مقاليد السلطة، وهذه الجماعات ممثلة في رجال البيزنس الذين اتسع نفوذهم وتوغلوا في دهاليز صناعة القرار والتأثير علي صناعة الحدث داخل القصر الجمهوري، مدعومين بقوة من جمال مبارك الذي كان يتم إعداده بطرق مريبة لوراثة الحكم مدعوما في ذات الوقت من تلك الجماعات التي سيطرت علي الحزب والبرلمان وكافة شئون الحياة السياسية والاقتصادية، وفي ظل هذا التناقض داخل مؤسسة الرئاسة، لم يكن بمقدور الرجل أن يتجاوز الخطوط التي حددها رئيس الدولة، رغم أن كافة المعلومات المرتبطة بقضية التوريث كانت تدور حول عدم وجود قناعات من مدير المخابرات أو المؤسسة العسكرية بفكرة صعود نجل مبارك للحكم، وكانت تحذيرات عمر سليمان لمبارك من تداعيات الاستمرار في السيناريو، وراء تنامي مخاوف الرئيس السابق علي نجله، رغم إصرار سيدة القصر الجمهوري علي الاستمرار في خطتها التي تولي تنفيذها مماليك القصر، وهو ما يعني أن مخطط التوريث كان مكشوفا، ويجري له الاستعداد بكل الأدوات المتاحة للدولة وما أكثرها، ويعني أيضا أن عدم الإقدام علي الخطوة كان خشية الصدام مع المؤسسة العسكرية وقادة المخابرات وفي مقدمتهم عمر سليمان وهؤلاء أصحاب الفيتو ضد توجهات مبارك وأسرته.
ظهور عمر سليمان في هذا التوقيت لا يخلو من دلالات كثيرة، فهو كان علي قمة هرم السلطة وجري ترشيحه لخلافة مبارك قبل عدة سنوات، لكن هناك من يري أنه جزء من تركيبة النظام السابق وفاعل فيه، لكن هذا لا ينفي في نفس الوقت أن الحديث عن الصراع في كواليس السلطة، قد دفع بعض القوي السياسية لأن تقوم بنشر ملصقات تأييد لسليمان رئيسا في ظل وجود مبارك وأثناء وجود الاثنين معا في واشنطن أثناء إحدي زيارات حج مبارك لأمريكا والبيت الأبيض سنويا، وبعد العودة تعرض سليمان لمحاولة اغتيال تظل أحد الألغاز التي تحيط بصراع القوي بين مبارك وأسرته ونجله والرجل الذي وقف ضد مشروع التوريث، هذه المحاولة جرت عام 2009 أثناء سفره مع أحمد أبو الغيط وزير الخارجية إلي إحدي الدول الإفريقية، وعادت الطائرة لتهبط في مطار الأقصر الدولي، وسط تعتيم غير مسبوق عن المحاولة وأطرافها.. والمثير للدهشة أن هذه المحاولة تكررت مرة أخري عقب تعيين عمر سليمان البالغ من العمر 76 سنة نائبا للرئيس، وترددت أنباء كثيرة عن ضلوع أسرة «مبارك» فيها ظنا منها أن ما يجري في ميدان التحرير ليس سوي زوبعة وستزول.
ورغم ذلك فضل الرجل الابتعاد عن المشهد، إلا أن زيارته للسعودية قبل عدة شهور صاحبتها بعض التكهنات التي من شأنها، أن مفاوضات إقليمية ودولية تدور حول تهدئة الأوضاع في مصر، وأن ذلك بدوره يستلزم وجود شخصية مثل عمر سليمان علي رأس السلطة الحاكمة في مصر لقدرته علي تجاوز الأزمات السياسية إقليميا ودوليا وفي الداخل أيضا، فهو عين نائبا للرئيس لامتصاص الغضب الشعبي، وظهر مؤخرا ما يوحي أنه رجل اللحظة الأخيرة التي ستحسم اسم الرئيس القادم.