رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فيلسوف السينما "تيرنس ماليك" يضيء مهرجان القاهرة السينمائي

بوابة الوفد الإلكترونية

السينما لغة لها مفرداتها الخاصة، وهناك مبدعوها وفنانوها، وأيضا فلاسفتها ومنهم الرائع دوما «تيرنس ماليك» ذلك المبدع الذى أفلامه مختلفة عن سينما هوليوود، تجعلك ترتبط شعورياً بأبطاله، ويعوضك بالصورة عن الحوار، ويجعلك دوما منتبها للأحداث؛ ولمَ لا، وهو الباحث الدؤوب فى فكرة وجود الإنسان وتواصله مع ما يدور حوله، وعن معنى الحياة وأسلوب الخلاص، تلك أدواته التى يستخدمها لتحقيق متعته السينمائية، والصورة دائما أداة لغوية فى أفلام تيرانس ماليك.

«تيرنس ماليك» القادم لمهرجان القاهرة السينمائى فى دورته 41 برائعته التى قدمها فى مهرجان كان فى دورته الاخيرة «حياة خفية» A Hidden Life ليطوف بنا بين مفردات لغته السينمائية فى أطروحة جديدة، فى زمن الحرب الذى يعشق الاقتراب منه ولكن فى هذا العمل إبان الحرب العالمية الثانية، عندما ضم هتلر النمسا إلى «الرايخ» عام 1938 بقصة مزارع نمساوى رافض الولاء لهتلر؛ ومن هنا سنرى وجهة نظر تيرنس ماليك أستاذ الفلسفة السابق، ومُدرسً الفلسفة فى جامعة «MIT»، ومترجم كتاب «Essence of Reasons» للفيلسوف الألمانى «مارتن هيدجر»، لتنضم «حياة خفية» A Hidden Life إلى أفكار السابقة المطروحة فى أيام الجنة، الخط الأحمر الرفيع، العالم الجديد، شجرة الحياة، وفارس الكؤوس.

وعالم « تيرنس ماليك» السينمائى يبدأ مع فيلمه القصير «Lanton Mills»؛ وحصل به على الماجستير فى الفنون الجميلة، قسم صناعة الأفلام لتكون خطوة تبعتها أعمال عدة كانت تجربته المميزة أيام الجنة «Days of Heaven» ورُشّح لسعفة كان الذهبية، وهو تجربة استثنائية فى عالم التصوير، بزوايا لتيرانس تثير اهتمامه حتى الحوارات يحمل الكثير من الإسقاطات صيغت بشكل جميل. والمثير للاندهاش أن الفيلسوف الأمريكى «ستانلى كافيل» كتب عن العلاقة بين السينما وفلسفة «هيدجر»، مستوحيا أفكاره أيام الجنة “Days of Heaven”. وهو فيلم يتبع أسلوبه فى “Badlands” عام 73 بالمشاهد الرائعة، بأقصوصة بسيطة عن شاب وفتاة تركا المدينة ليعيشا فى الغابات.

يبهرنى من أعماله الخط الأحمر الرفيع (The Thin Red Line) المستوحى من الراوية التى تحمل نفس الاسم للمؤلف جيمس جونز، لنعيش معه فى نسخة خيالية من معركة جبل اوستن والتى كانت جزءاً من حملة جواد الكانال فى حرب المحيط الهادى ضمن الحرب العالمية الثانية. مع أبطاله شون بن وأدريان برودى وجيمس كافيزل وجاريد ليتو وجورج كلونى وجون كيوزاك وبن شابلن ووودى هارلسون وإلايس كوتياس ونيك نولتى وجون ك. رايلى وجون ترافولتا، الفيلم حقق 98 مليوناً فى مقابل ميزانية 52 مليوناً ورشح لسبع جوائز أوسكار: أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل سيناريو مقتبس وأفضل تصوير سينمائى وأفضل مونتاج وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل خلط أصوات. ونال الفيلم جائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين السينمائى الدولى سنة 1999. ويراه مارتن سكورسيزى فيلمه المفضل الثانى من حقبة التسعينات، ذلك العمل الذى غاص باحترافية وإتقان فى التفاصيل الصغيرة لتأثير الحروب على التركيبة النفسية للجنود الذين والعلاقات والروابط الإنسانية بينهم، والأحاسيس المتضاربة تجاه الموت والخوف المحيط بكل شىء.

وفى فارس الكؤوس (Knight of Cups) الفيلم الدرامى بطولة كريستيان بيل وناتالى بورتمان وكيت بلانشيت وإيزابيل لوكاس وتيريزا بالمر. وحكاية الأمير الصغير الذى يرسله والده ملك الشرق إلى مصر للبحث عن لؤلؤة مشهورة، لكن بمجرد وصول الأمير إلى مصر، يتجرع كأسًا صبُّه له أحد العوام، فيُذهَل الأمير من بعده وقد نسى أصله الملكى ووالده وكل شىء عن اللؤلؤة، ثم غط فى نوم عميق، إنه عالم سينمائى أقرب لأسلوب السريالية والخيال يغوص فيه للبحث عن معنى الحياة، ولا يوجد بالفيلم حوار وكل ما نعرفه سيكون عبر الراوى، وهو أسلوب يستخدمه المخرج كثيرا فى افلامه. وفارس الكؤوس هى ورقة من ورق الألعاب «التاروت»، ويعود تاريخها لمماليك مصر وتطورت باوروبا واسبانيا قديماً، وبدأ استعمالها فيما بعد فى العرافة. حتى إن بوستر فارس الكؤوس يعد اختصارًا لفكرة الفيلم فالبوستر شجرة الروح للكاتب «ديونيسيوس أندرياس فرير»؛و

عرِض فيلم Knight of Cups أول مرة فى مهرجان برلين السينمائى عام 2015.

وهناك فيلم شجرة الحياة (The Tree of Life)، بطولة براد بيت وشون بن وجيسيكا شاستاين، عرض مهرجان كان السينمائى 2011، وقد حصل المخرج تيرينس ماليك على جائزة السعفة الذهبية لفئة أفضل فيلم فى المهرجان.

يتحدث الفيلم عن عائلة من تكساس فى منتصف الستينيات، ويروى علاقة أفراد هذه العائلة مع بعضهم البعض من خلال نظرة فلسفية عن الحياة، وتضمن الفيلم مشاهد عن نشأة الأرض وتكوين الحياة ويميل اسلوبه فيه إلى الأفلام الوثائقية؛ والتجريدية وتعاون فيه مع خبير المؤثرات البصرية دوجلاس ترومبل المرشح لجائزة الأوسكار لأفضل تأثيرات بصرية، ثلاث مرات عن لقاءات قريبة من النوع الثالث وستار تريك؛ وبليد رانر.

‏To the Wonder من تأليف وإخراج تيرينس ماليك وبطولة بن أفليك وأولجا كوريلينكو وريتشيل ماك آدامز وخافيير بارديم. الفيلم يميل إلى التجريد المائل إلى التداخل مع الصوفية كعاشق ومعشوق طارحاً التساؤلات عن مغزى الوجود، فيلم بلا قصة تقليدية معتمد على تصوير للمشاعر المختلطة المتباينة بين «نيل» الشاب الأمريكى الوسيم (بن أفليك) وعلاقته مع «مارينا» (أولجا كيرلينكو).

وهناك فيلم (أغنية لأغنية) ورؤية جديدة له عن خصوصية الشعور الإنسانى من وجهة نظر أنثوية، الفيلم جاء عام 2017 مصوراً شعور الضياع والغربة وضياع الامل أنه أشبه بقصيدة. اعتمد أسلوبه السردى على التعليق الصوتى للشخصيات، ورؤيتهم للواقع الذى يعيشون فيه. والطريف أن النسخة الأولى من فيلم Song To Song بلغت 8 ساعات كاملة، تم اختصارها وقصها لتبلغ النسخة النهائية 128 دقيقة فقط.

«تيرنس ماليك» تعامل مع عبقرى التصوير إيمانويل لوبزكى، وترشح لوبزكى لثمانى جوائز أوسكار عن فئة أفضل تصوير سينمائى، وفاز ثلاث مرات على التوالى، عن الأفلام التالية، جاذبية (2013) والرجل الطائر (2014) والعائد (2015). ليصبح أول مصور سينمائى فى التاريخ يحصل على جائزة الأوسكار ثلاث مرات على التوالى.

ومن الممكن أن ترى فى أعمال تيرانس ماليك، أنتونيو بانديرس، كريستيان بيل وجو مانجنيلو ونيك أوفرمان،وجاسون كلارك وجول كينمان فى أدوار صغيرة لأنهم يحبون أفلامه.

وأخيراً تيرانس ماليك، رحالة متجرد من العالم المادى، ويسعى للاتصال بعالم مغاير لعالمنا، به الكثير من التفسيرات التجريبية عالم من «يوتوبيا» أسطورى له ألغازه الخالدة؛ بتنويعاته البصرية المذهلة، فلا يخلو مشهد من أفلامه من أثر الضوء فى التكوين البصرى، والمزج بين الضوء الطبيعى والصناعى مع مصاحبة الظل. وحركة الكاميرا بحيث تواصل كل لقطة الحركة فى نفس الاتجاه الذى انتهت إليه اللقطة السابقة. فماذا سيقدم فى فيلم مهرجان القاهرة السينمائى «حياة خفية» A Hidden Life؟