عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"الحديد والصلب" تلفظ أنفاسها الأخيرة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

لا يمكن أن يصدق أحد أن المشكلات التي تواجهها شركة الحديد والصلب المصرية هي وليدة اليوم أو أنها مجرد أزمة صرف أرباح أو توقف لبعض الأفران، والحقيقة الجلية أن شركة الحديد والصلب مثقلة بأعباء تاريخية أدت إلى ما آلت إليه أوضاع الشركة التي أصبحت للأسف عصية على الحل.

واجهت الشركة خلال الأعوام السابقة مشاكل وصعوبات عديدة وكلها خارجة عن إرادتها أدت إلى حدوث خسائر وأعباء مالية تحملتها ميزانية الشركة هذا العام.
تم تجميع تلك المشكلات في تقرير خطير حصلت «الوفد» علي نسخة منه وهي للأسف علي مكاتب عدد من المسئولين دون اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة.
يكشف التقرير مدى تراخى الدولة في تقديم الدعم اللازم للشركة على مدي السنوات الماضية.
أخطر المشاكل تتمثل في تراجع كمية فحم الكوك المورد من شركة الكوك والتي بلغت 30٪ من الكميات التى ينص عليها العقد الموقع بين شركة الحديد والصلب المصرية وشركة النصر لصناعة الكيماويات الأساسية رغم أنه مكون أساسى من مكونات شحنة الأفران العالية، حيث يقوم بالدور الرئيسى لعملية اختزال معدن الحديد Fe من الخامات الأولية (أكاسيد الحديد).
واعتباراً من يناير 2011 انخفضت إمدادات فحم الكوك الوارد من شركة الكوك بنسبة 30 - 40٪ من الكمية المطلوب توريدها نتيجة لانهيار البطاريات الخاصة بتصنيع فحم الكوك، الأمر الذى أدى إلي انخفاض إنتاج شركة الحديد والصلب اعتباراً من 1/1/2011 ويؤثر ذلك تأثيراً بالغ السوء على حالة الأفران العالية وزيادة استهلاك عناصر الطاقة (غاز طبيعى - كهرباء) لكل طن طلب.
كما أن نقص كمية الفحم أدى إلي كثرة التوقفات غير المخططة للأفران، وبالتالى ارتفاع معدل تآكل بطانات الأفران العالية وانهيارها وزيادة استهلاك فحم الكوك وتآكل الودنات وبرودة الأفران واحتمال تجمدها وكذلك توقف أفران الدرفلة التي تعتمد على غازات الأفران، الأمر الذي يهدد بخطورة توقف الإنتاج بالكامل بشركة الحديد والصلب المصرية.
كما تسبب توقف التعيينات بالشركة لفترة قاربت عشرين عاماً من 1990 وحتى 2009 بالإضافة إلى خروج المئات من الخبرات المتميزة متوسطة الأعمار أثناء تطبيق نظام المعاش المبكر دون ضوابط اعتباراً من عام 2001، وكذلك تثبيت العمالة المؤقتة وتسوية مؤهلاتهم بعد 25 يناير 2011، في وجود نقص حاد في الخبرات على جميع المستويات في الإدارة المتوسطة والعليا.
وأدى ذلك إلى وجود خلل شديد في هيكل القوي العاملة بالشركة، حيث إن نسبة العمالة فوق 45 عاماً تمثل 70٪ والأقل من 40 عاماً تمثل 30٪ بما تمثله الفئة الأخيرة من طاقة بدنية وذهنية أساسية لأى صناعة ثقيلة.
ويبلغ عدد المهندسين بالشركة في الوقت الحالى 350 مهندساً مقابل 990 مهندساً عند توقف التعيينات عام 1990 وسوف يبلغ عدد المحالين للمعاش منهم حتي نهاية 2015، 54 مهندساً وهذا مؤشر خطير علي العملية الإنتاجية، حيث يؤدى إلي نقص شديد في عناصر الإدارة.
كما بلغ عدد العاملين المصابين بأمراض مزمنة -الفيروس الكبدى، القلب وأمراض الدم، السكرى، الأورام، الفشل الكلوى، الصدر، المخ والأعصاب والأمراض النفسية- حوالى 2577 عاملاً وهو ما يقارب 24٪ من إجمالى عدد العاملين وهو ما يحمل الشركة أعباء كبيرة نتيجة تكاليف العلاج والأجور والمزايا.
وعلي جانب آخر فهناك تقادم لمعدات الشركة، حيث بدأت الشركة في العمل عام 1958 بتكنولوجيا ألمانية ثم تطورت في الستينيات والسبعينيات بتكنولوجيا روسية تعود إلى حقبة الثلاثينيات وتحتاج إلى عمالة كثيفة العدد. وبعد حوالى خمسين عاماً أصبح العديد من المصانع في حاجة إلي الإحلال والتجديد والتطوير مثل: وحدات التلبيد والفرن العالى الرابع ووحدات الصب المستمر للمربعات ومعدات ونظام التحكم في العديد من خطوط الإنتاج ومعدات المسابك ورش تصنيع قطع الغيار والصيانة وخطوط السكك الحديدية وخطوط السيور وتطوير نظم المعلومات بالشركة.
وكان هناك أثر للكساد الذي ساد سوق العقارات وتوقف المشروعات الكبرى، حيث أدى إلي انخفاض الطلب علي منتجات الصلب وانخفاض أسعار منتجات الصلب في السوق المحلية وكذلك الانهيار الاقتصادى لبعض الدول الأوروبية ساهم في انخفاض أسعار الصلب عالمياً وبالتالى نقص السيولة المتاحة بالشركة التي تهددها أحياناً بعد الوفاء بالتزاماتها تجاه الغير من الجهات السيادية والموردين.
يضاف إلى ذلك المطالب الفئوية والقرارات السيادية لزيادة الأجور والحوافز في نفس الوقت الذي انخفضت فيه كمية الإنتاج وأسعار المبيعات مع التزام الشركة بتعيين جميع العمالة المؤقتة ساهم في زيادة أعباء الأجور وزيادة تكلفة الأجور/ طن صلب وأصبح متوسط الأجور في شركة الحديد والصلب هو الأعلى بين شركات قطاع الأعمال العام.
وكان من الآثار المباشرة لما تواجهه الشركة أن حققت نتائج أعمال الشركة خسارة بلغت 401.798 مليون جنيه وتم عرض تقرير شامل عن الشركة علي الجمعية العامة غير العادية المنعقدة في 9/10/2011 للنظر في استمرار الشركة بعد أن تجاوزت الخسائر أكثر من 75٪ من رأس المال.
وفي نهاية العرض طلبت شركة الحديد والصلب المصرية الموافقة علي استمرارية الشركة ومساندتها في تنفيذ بعض الخطوات الإصلاحية.
وكان قرار الجمعية العامة للشركة هو الموافقة على استمرار الشركة عملاً بأحكام المادة 38 من قانون شركة قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 نظراً للأهمية الاقتصادية والاجتماعية للشركة والمحافظة علي العمالة، مع رفع مذكرة إلي وزير الاستثمار لبحث مصادر التمويل اللازم لتطوير الشركة، حيث إن التمويل اللازم يتجاوز إمكانيات الشركة القابضة والعمل على حل الصعوبات التي تتعرض لها الشركة تجنباً لتفاهم المشاكل التي تواجهها والتي تؤدى إلي تصاعد اضطراب أوضاعها وتم إخطار وزارة الاستثمار وجميع الجهات المعنية والسيادية بالدولة بما جاء بالقرار المشار إليه.
وبناء على ذلك تم اجتماع برئاسة السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء السابق بتاريخ 29/11/2012 لمناقشة تطوير شركة الحديد والصلب المصرية وشركة النصر لصناعة الكوك والكيماويات الأساسية وصدر عن هذا الاجتماع القرارات التالية:
طرح عملية تقييم وإعادة تأهيل لشركة الحديد والصلب المصرية علي عدد من المكاتب الاستشارية، علي أن يتم التركيز على كيفية تخفيض تكلفة الإنتاج والبحث عن أسواق إضافية، وتخفيض استهلاك المياه والكهرباء والغاز وفحم الكوك.
وتعاقدت الشركة مع مكتب استشارى محلي هو معهد التبين للدراسات العليا المعدنية لتعيين فريق بحثى لمساعدة الشركة في إعداد وتنفيذ خطة التطوير طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه وإعداد كراسة الشروط والمواصفات، وتم طرح المناقصة والتعاقد مع الاستشارى الأجنبي شركة (تاتا ستيل الإنجليزية) وخلال العام المالى 2012/2013 استمرت خسائر الشركة، حيث بلغت 867.719 مليون جنيه.
ولم توفق الشركة في محاولة استيراد كمية من الفحم نتيجة عدم قدرة الشركة علي توفير التمويل اللازم للاستيراد، بالإضافة إلى حدوث بعض المشاكل مع الشركات الموردة للفحم وتوقفت ثلاثة أفران من الأفران العالية الأربعة عن العمل، مما أدى إلي خفض الإنتاج النهائى المعد للبيع ليصل إلي 279 ألف طن خلال العام المالى مقابل 447 ألف طن خلال العام 2011/2013، و755 ألف طن خلال العام 2010/2011 وزادت تكلفة الإنتاج للطن من الصلب لتبلغ حوالى 6918 جنيهاً.
كما كان للقرارات الوزارية برفع الدعم عن أسعار الطاقم (كهرباء - غاز) وكذلك المياه الأثر الكبير علي أوضاع الشركة الاقتصادية، حيث تحملت نتائج الأعمال هذا العام زيادة في أسعار الغاز الطبيعى بلغت حوالى 72 مليون جنيه مقابل زيادة بلغت حوالى 37 مليون جنيه خلال العام السابق، مما أدى إلي زيادة تكلفة الطن من الطاقة.
واستمر نزيف الخسائر خلال العام المالى 2013/2014 حيث بلغت فيه الخسائر 962.164 مليون جنيه بسبب انخفاض كميات الفحم الموردة أدى إلي تشغيل فرن عالى واحد فقط من الأفران العالية الأربعة وهذا أدى بدوره إلي انخفاض كمية الإنتاج إلي 301857 طناً بالمقارنة بالمخطط بالموازنة والبالغ كميته 650 ألف طن، هذا علاوة علي توقف الأفران

العالية والمحولات الأكسيجينية بسبب عدم وجود فحم أدى إلي زيادة استهلاك الطاقة لكل طن/صلب وزيادة كميات الحراريات المستخدمة، وعدم تشغيل الأفران العالية بصفة منتظمة أثر سلباً علي تشغيل قطاعات الشركة المختلفة المستخدمة لغازات الأفران العالية.
ووفقاً للإحصائية الواردة من القطاع الطبى بالشركة فإن هناك عدد 2577 عاملاً مريضاً بأمراض مزمنة في 30/6/2014 والغالبية العظمي منهم غير قادرة على العمل بلغت أجورهم السنوية نحو 204 ملايين جنيه تمثل نسبة 24٪ من إجمالي الأجور السنوية للعاملين بالشركة البالغة 866 مليون جنيه.
وخلال العام المالى 2013/2014 قام المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بزيارة الشركة وخلال تلك الزيارة وبعد مشاهدة سيادته علي الطبيعة الأحوال التي آلت إليها الشركة ومدي تمسك العاملين باستمراريتها والمطالبة بدعمها للتغلب على الصعاب التي تواجهها.
وتم الاتفاق معه علي وضع خطة قصيرة المدى لتشغيل المصانع لحين البدء عملية التطوير وذلك بتوفير فحم الكوك اللازم لتشغيل الأفران العالية.
وأوصى وزير الاستثمار السابق لمساعدة الشركة في الحصول على قرض بقيمة 50 مليون دولار لاستيراد كمية من الفحم ومستلزمات الإنتاج من الخارج لتحقيق إنتاج كمية 750 ألف طن خلال عام 2014/2015.
وقامت الشركة بإعداد مذكرة لوزير الصناعة والتجارة والاستثمار مرفقاً بها دراسة الجدوى لاستيراد كمية 150 ألف طن فحم كوك من الخارج لاستغلال الطاقة المتاحة للإنتاج بشركة الحديد والصلب  المصرية وإنتاج 750 ألف طن إنتاج نهائى معد للبيع. وطلبت الشركة في نهاية المذكرة من وزير الاستثمار مساندتها في الحصول على قرض 50 مليون دولار بشروط ميسرة حتي تتمكن من تحقيق الزيادة الإنتاجية المطلوبة كي تعود الشركة إلى مكانتها الطبيعية فى السوق المحلية والخارجية ومشاركتها في دعم الاقتصاد القومى.
ثم أعادت الشركة العرض على وزير الاستثمار الحالى والشركة القابضة للصناعات المعدنية لتوفير الضمان اللازم للقرض عن طريق الشركة القابضة أو وزارة الاستثمار أو وزارة المالية. وانتهت شركة تاتا ستيل من إعداد التقرير النهائى للدراسة التي قامت بها لتطوير الشركة والذي تضمن نقاط تحليل المخاطر بالشركة.
وقامت الشركة بدراسة التقرير وتم وضع خطة استثمارية بقيمة 423.40 مليون دولار موزعة على خمس سنوات والتي سوف تتم متزامنة مع تدريب وتطوير العمالة وتحسين نظم الصيانة ونظم المعلومات، وتشمل بدء تشغيل فرن رقم (2).
- إصلاح محطة فصل الهواء رقم (2) ومحطة النوافخ التوربينية.
- شراء المعدات اللازمة لإعادة بناء وتطوير فرن رقم (3).
- إصلاح واستبدال خطوط السكك الحديدية للمعدن السائل من الأفران إلي الصلب.
- استمرار تشغيل فرن (3).
- البدء في إعداد الدراسة الخاصة بإنشاء وحدة صب مربعات منحنية بطاقة 690 ألف طن سنوياً.
- إجمالى إنتاج الأفران المتوقع 500000 طن والإنتاج المعد للبيع 427 ألف طن.
- بدء تشغيل فرن (4) وتوقف فرن (3) لإعادة البناء.
- البدء في الإجراءات التنفيذية لطلب وتوريد معدات وحدة صب المربعات منحنية بطاقة 690 ألف طن سنوياً.
- البدء في إنشاء وتركيب معدات وحدات صب المربعات المنحنية بطاقة 690 ألف طن سنوى.
- البدء في تشغيل وحدات صب المربعات المنحنية بطاقة 690 ألف طن سنوياً.
- تشغيل فرن (3) وفرن (4) بالطاقة القصوى.
- إجمالى إنتاج الأفران المتوقع 1376000 طن والإنتاج المعد للبيع 1217 ألف طن.
وتؤدى زيادة الإنتاج وتحسين الأداء إلي انخفاض تكاليف الإنتاج/طن تدريجياً لتقترب من المعدلات العالمية بنهاية السنة الخامسة وخاصة فى معدل استهلاك فحم الكوك وباقي عناصر الطاقة.
وسوف تحقق شركة الحديد والصلب المصرية بنهاية العام الخامس تحسناً عن الوضع الحالى للفروق بين قيمة المبيعات وتكلفة الإنتاج وعام 2012/2013 وقيمته 200 مليون دولار سنوياً.
ويضمن هذا الاختيار إنشاء وحدة صب مربعات جديدة منحنية في خلال ثلاث سنوات بطاقة إنتاجية 690 ألف طن سنوياً من المربعات مقاسات 130 ، 150 ، 200 مم.
وبهذا الاختيار سوف يصبح إنتاج مبيعات الحديد والصلب من المربعات في نهاية العام الخامس حوالى 50٪ مما تستورده مصر من المنتجات النصف نهائية.
وسوف تحقق شركة الحديد والصلب المصرية بنهاية العام الخامس 75 مليون دولار عائداً من الفرق بين قيمة المبيعات وتكلفة الإنتاج.
وطبقاً لنتائج التدفقات النقدية التي وردت بتقرير شركة تاتا ستيل، فإن قيمة التحسن السنوي في تكلفة الإنتاج في نهاية الخمس سنوات حوالى 200 مليون دولار طبقاً لمعدل فائدة 10٪ يكون صافي القيمة الحالي NPV  لفترة 15 سنة حوالى 900 مليون دولار.
وتبلغ فترة استرداد رأس المال حوالي 4 سنوات.
ولهذا تطلب الشركة مساندتها لتنفيذ بعض الخطوات الإصلاحية التي تتلخص في مساندة الشركة ودعمها للحصول على قرض الـ50 مليون دولار المشار إليه سابقاً بالتقرير وذلك بضمان من الشركة القابضة للصناعات المعدنية أو وزارة الاستثمار أو وزارة المالية للمساهمة في استيراد كميات الفحم ومستلزمات الإنتاج اللازمة لتنفيذ الخطة قصيرة الأجل المتفق عليها مع رئيس مجلس الوزراء لتحقيق كمية إنتاج 750 ألف طن خلال العام المالى 2014/2015 لوقف نزيف الخسائر الهائلة الناتجة عن انخفاض الإنتاج والحفاظ على نصيب الشركة في السوقين المحلى والعالمى.
المطالبة بفرض حماية جمركية علي منتجات الصلب المستورد مثل التي تفرضها تلك الدول على صادراتنا إليها وعلي المنتجات المثيلة.