تخارج أم تلاعبات؟
«تخارج أم تبديل مراكز مالية أم تلاعب» هكذا أدق وصف لمبيعات أعضاء مجالس إدارة شركات البورصة في الجلسات الماضية تحولت بين عشية وضحاها مشتريات مجالس إدارة الشركات الي عمليات بيعية مكثفة دون مبررات منطقية.
هذه العمليات وضعت مجالس الإدارات في موقف التساؤلات حول إذ كانت المبيعات عمليات جني الأرباح في ظل ارتفاعات السوق الصاروخية أم تلاعبات بهدف الضغط علي السوق وإغراقه من خلال زيادة المعروض من الأسهم ما يدفع الأسهم الي أسعار أقل من قيمتها، وتحقيق أدني مستوياتها وبالتالي يدخل أعضاء مجالس الإدارات في دورة جديدة كمشترين، وقد تتكرر الحالة مرات والفاتورة يدفعها صغار المستثمرين.
أعضاء مجالس الإدارات يعتبرون أن مبيعاتهم أو مشترياتهم تتم وفقا لقوانين سوق المال المحددة بيعا أو شراء قبل وجود حدث جوهري أو بعد انتهائه، وبالتالي لا خوف طالما أن الأمر يسير وفقا للقوانين، والمراقب لحركة مبيعات مجلس إدارة الشركات يتبين أن العمليات البيعية من الأعضاء سيطرت علي السوق، إذ أن شركة مارسيليا المصرية الخليجية للاستثمار العقاري باعت مؤخرا نحو 4 ملايين سهم بسعر تجاوز 3 جنيهات للسهم ونفس الأمر لأحد الأعضاء بشركة آي چي للتجارة والاستثمار ببيع 259.797 بسعر 5.1 جنيه وكذلك الإخوة المتضامنون وقيامهم ببيع 40 ألف سهم بسعر 12.2 وبايونيرز إجمالي 83 مليون سهم وعامر جروب نحو 7 ملايين سهم.
سألت هاني حلمي خبير أسواق المال حول هذه المبيعات المكثفة لأعضاء مجلس إدارة الشركات المقيدة بالبورصة أجابني قائلا: إن القانون أتاح فترة لأعضاء مجلس الإدارة للقيام بالبيع أو الشراء بما لا يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين المتعاملين والمستثمرين بالسوق، ولا يحقق أعضاء مجلس الإدارة مكاسب باعتبارهم علي معرفة تامة بالأحداث الجوهرية الخاصة بالشركة.
المبيعات التي يقوم بها أعضاء مجالس إدارة الشركات قد تكون عملية تبديل مراكز من أسهم الي أخري وهو أمر جيد للسوق الكفء وفقا لـ«حلمي» إذ أن مثل هذه العمليات تمنح السوق نشاطا ملموسا، وهو أمر أفضل من حالة الركود الذي يسيطر علي بعض الأسواق الأخري، ولكن علي الرقيب أن يضع ضوابط لعملية البيع في عمليات البيع بما يتناسب مع حجم الشركة المتداول عليها وعدد أسهمها.
تعاملات أعضاء مجالس إدارات الشركات المقيدة علي أسهمها تثير العديد من علامات الاستفهام خاصة الشركات ذات عدد الأسهم القليل والتي يمتلك فيها أعضاء مجالس الإدارات نصيب الأسهم في هيكل ملكيتها» يقول عمرو صابر محلل أسواق المال إن القانون يمنع مجلس الإدارة من التلاعب علي السهم واستغلال المعلومات الداخلية طبقا للمادة 19 من قواعد قيد واستمرار قيد الأوراق المالية والتي تنص علي أنه علي الشركة إخطار البورصة عن الإجراءات الداخلية المتبعة التي تكفل عدم السماح لأعضاء مجلس الإدارة أو المديرين أو العاملين بها التداول علي أسهم الشركة خلال خمسة عشر يوما قبل وثلاثة أيام بعد إصدار ونشر أي بيانات أو معلومات جوهرية قد يكون لها تأثير علي سعر الورقة المالية للشركة كما تلتزم الشركة بإخطار البورصة بعزمها علي شراء أسهم الخزينة وعلي البورصة نشر بيانات العملية في
وما حدث في شركة أجواء للصناعات الغذائية أحد النماذج كما يرصدها صابر حيث استغل المستثمر السعودي الأخبار الجوهرية مع المضاربين وحقق مكاسب خيالية لذا الأمر يتطلب إحكام الرقابة علي كبار المضاربين والتحقق من الارتفاعات الكبيرة التي تحدث للأسهم وكذلك الانخفاضات غير المبررة.
«مبيعات أعضاء مجالس إدارات أي شركة بمثابة بداية شرارة انطلاق السهم» هو ما وصفه وائل أمين محلل أسواق المال، حيث يكون معها المضاربات والتلاعبات خاصة أن في مثل المضاربات يكون طرف بائع لكي يبدأ «الجيم» وطرف مشتر هو من سيقود «الجيم» وطرف ثالث هو شركة الوساطة التي سهلت تلك التعاملات لتكون الكارثة ويدفع صغار المستثمرين الفاتورة.
ولكن وفقا لسؤال طرحه «أمين» لماذا لا تخطر شركة السمسرة الجهات الرقابية أنها تستشعر التلاعبات وهو ما يؤكد أن العملية تجري باتفاق بين الأطراف الثلاثة، وبالتالي علي الجهات الرقابية تشديد الرقابة وسن تشريعات جديدة تهدف لحماية المستثمرين في السوق، فالعقوبات الإدارية لا تكفي ولكن يجب أن يكون هناك عقوبات مالية بأعلي من الأرباح غير المستحقة التي حققها هؤلاء وهناك شركات مثل شمال الصعيد - نيوداب التي اقترح مجلس إدارتها زيادة رأسمال الشركة وتجزئة السهم ثم تنفي الشركة الخبر وبعدها قالت إن مبلغ الزيادة لم يتم تحديده وأنه في انتظار دراسة الجدوي وكل ذلك يتطلب وقفة حاسمة من الجهات الرقابية.
إذن مبيعات أعضاء مجلس إدارة الشركات لا تزال تمثل لغزا غامضا هل العمليات تخارج أن تلاعب؟