رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نهاية "مرسى والعشيرة" تبشر بعودة التجارة العربية

بوابة الوفد الإلكترونية

هكذا.. وعلي طريقة القطاع العقارى، سار البيزنس العربي خلال العام الأول لحكم الإخوان قبل سقوط رئيس الجماعة، الدكتور محمد مرسى، بالضربة القاضية وبإرادة شعبية في 30 يونية الماضى.

الاستثمارات العربية التي اعتقد السواد الأعظم أنها ستختفى مع تولى الجماعة سدة الحكم وزمام الأمور، قلبت اللعبة من جديد وعادت من جديد وبقوة.
توجه الرئيس المعزول «مرسى» وعشيرته خلال فترة رئاسته القصيرة إلى دول أرادت تفتيت الكيان المصرى. وكان هدف التقارب مع هذه الدول مساندته في تحقيق النهضة المزعومة، وهو ما أكد أن اختفاء البيزنس العربى قادم لا محالة.
لكن بعد 365 يوماً في السلطة، وقبل أن تلملم القوة الثلاثية بقيادة السعودية والإمارات والكويت استثماراتها وتخفف من تواجدها في ظل المضايقات الإخوانية إذ بالمشهد يتغير تماماً، ليسترد الثلاثى العربى من جديد عرش الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في السوق المصرية.
خريطة «البيزنس» العربى في الجمهورية الجديدة عادت وبقوة في وقت توارت فيه استثمارات الدول التي اعتمد عليها الإخوان في تفتيت أوصال وكيان القطر العربى باعتبارها ركيزة اقتصادية تقدم المنح والهبات.
فخلال عام تصدرت تركيا وقطر وإيران المشهد، وهي الدول التي خطفت الأضواء وسيطرت على الاستثمارات لتحقيق حلم النهضة.
ومع أول اختبار عقب ثورة 30 يونية وسقوط نظام «مرسى» سقط القناع عن مثلث الطامعين تركيا وقطر وإيران لتظهر تلك الدول وجهها القبيح وتمارس سياسة الانتقام من الاقتصاد الوطنى.. فسارعت تركيا بالكشف عن نواياها ووصفها ثورة 30 يونية الماضى بأنها انقلاب عسكري، وراحت تحرض المجتمع الدولى ضد مصر.
وقامت تركيا بتجميد الربط بين بورصة اسطنبول والبورصة المصرية في أغسطس الماضى رغم أن المستفيد الأول والأخير من إتمام الربط هو الجانب التركي الذي سعى إلي عرض استثماراته والترويج لها إقليمياً من خلال البورصة المصرية أقدم البورصات في المنطقة، وذلك علي خلفية مستجدات المشهد السياسي والاضطرابات بين الدولتين، في ظل موقف أنقرة الرافض لعزل الرئيس «مرسى» وهو ما دعا بعض المؤسسات المصرية ممثلة في اتحاد الصناعات المصرية وبعض رجال الأعمال إلي تجميد اتفاق التجارة بين البلدين، خاصة اتفاق منطقة التجارة الحرة الذي تم توقيعه في 2005 وبدأ العمل به منذ 2007.
ورغم أن الحكومة التركية وقتها قدمت مليار دولار بمثابة قرض بهدف تحسين أوضاع الاحتياط النقدى، بالإضافة إلي مليار دولار أخرى من أجل تمويل الواردات المصرية من تركيا، إلا أن استثماراتها علي أرض الواقع، خاصة غير المباشرة متمثلة في البورصة لم تتناسب مع كل هذه الضجة. فقد بلغ عدد المقيدين في جداول المستثمرين وفقاً لبيانات البورصة لم تتناسب مع كل هذه الضجة. فقد بلغ عدد المقيدين في جداول المستثمرين وفقاً لبيانات البورصة 154 مستثمراً فقط بزيادة 10 مستثمرين عن العام الماضى وهو عدد ضعيف للغاية إذ ما قورنت بمستثمرى الدول الأخرى.
وبحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار، فإن الاستثمارات التركية في 30 أغسطس الماضى منذ عام 1970 شهدت ارتفاعاً ملموساً بلغ 12٪ إذ وصلت الاستثمارات 472.8 مليون دولار تتمثل في 483 شركة تعمل في المجالات الصناعية، السياحية، الخدمية، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والزراعية، مقابل استثمارات بلغت 422.6 مليون دولار في يونية من العام الماضى، وبهذا الارتفاع الملموس تقدمت مركزاً في تدريب الدول المستثمرة بمصر ووصلت إلي المركز 27 من إجمالى 151 دولة مقابل الترتيب 28 العام الماضى، وكل ذلك كان من أجل عيون الإخوان وتنظيمهم الدولى.
لم يختلف الحال كثيراً بالنسبة لقطر التي راحت تبني الأحلام، وأنها الراعى الرسمي للاقتصاد المصرى في حكومة الإخوان. وزادت هذه «النعرة» حينما قدمت مساعدات وودائع بلغت 8 مليارات دولار، بدأت مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي تولي الحكم عقب تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك منها 5.5 مليار دولار تقرر طرحها في شكل سندات، إلا أنه عقب سقوط حكم الإخوان وانتهاء المصلحة، طلبت الحكومة القطرية فائدة عالية علي السندات مما دفع الحكومة المصرية رد مليارى دولار نتيجة المبالغة في نسبة العائد.
وبحسب بيانات هيئة الاستثمار، فإن حجم الاستثمارات نمت بنسبة 23.5٪ إذ سجلت 2.1 مليار دولار في نهاية أغسطس 2013 مقابل 1.7 مليار دولار العام السابق من خلال 187 شركة تعمل في جميع المجالات.
لم يكن ذلك فحسب.. بل إن عددهم بالبورصة 450 مستثمراً، وكل هذه الاستثمارات متوقع تراجعها بسبب المشهد السياسي وتأزم العلاقات المصرية القطرية، خاصة أن مشروع تطوير محور قناة السويس وشرق بورسعيد «مغارة على بابا» عند القطريين تبخر ولم يعد له أي وجود، ليموت البيزنس القطرى بالسكتة القلبية ولم يجد عقب ضياع الحلم الكبير غير تشويه صورة مصر والنيل من اقتصادها.
الحال كما هو مع قاعدة أخرى في المثلث الشيطانى. فالبيزنس الإيراني لم يشهد جديداً ويمثل نسبة ضعيفة منذ ثورة «الخميني» في سبعينيات القرن العشرين، إذ إنه نفس الترتيب في الدول المستثمرة في مصر.. وتحتل نفس المركز (36) بإجمالى استثمارات 349.5 مليون دولار من خلال تأسيس 12 شركة في المجالات الخدمية والصناعية، والتمويلية، والإنشائية، وهي نسبة العام الماضى. فلم يحدث تغيير سوي السياحة الإيرانية التي أثارت ضجة ومخاوف من استخدامها في نشر المذهب الشيعى، مما دفع الحكومة إلي تجميدها، ولم يختلف الأمر كثيراً في الاستثمار غير المباشرة بالبورصة إذ وصل عددهم 19 مستثمراً فقط.
إذا كان هذا هو الحال بين مصر والدول الثلاث في الاستثمارات.. فماذا عن التبادل التجارى؟
بحسب بيانات مركز التمثيل التجاري التابع لوزارة التجارة والصناعة، فإن الصادرات المصرية إلي إيران خلال العام الماضى شهدت تراجعاً بنسبة 32٪، إذ إن الصادرات المصرية سجلت العام الماضى 63.2 مليون دولار مقابل 92.2 مليون في 2011، ونفس الأمر بالنسبة للواردات المصرية، فقد سجلت 45.1 مليون دولار مقابل 34.8 مليوناً بنسبة تراجع 11٪.
وبلغ حجم التبادل التجارى 108.3 مليون دولار، وبالتالى فإن الميزان التجاري كان لصالح مصر بنحو 18.1 مليون جنيه في العام الماضى مقابل 57.5 مليون دولار في عام 2011، وتتمثل الواردات فى سلع ومنتجات أساسية.
تركيا كان لها دور رئيسى لخدمة الوضع الإخواني، وفقاً لما كشفه معهد الإحصاء التركى.
فحسب البيانات يتبين أن الصادرات المصرية حتي نهاية مايو الماضي سجلت ارتفاعاً بنسبة 20.5٪ حيث قفزت إلي 675 مقابل 560 مليوناً في نفس الفترة من 2012، وبلغت الواردات المصرية في مايو 2013 نحو 1.3 مليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار في يناير 2012 بتراجع 13.5٪، فيما بلغ حجم التبادل التجاري خلال نفس الفترة قرابة المليارى دولار مقابل 2.1 مليار دولار بتراجع بلغ 5٪، وبالتالى طبقاً لمعهد الإحصاء التركي كان الميزان التجارى في صالح الجانب التركي بنحو 704 ملايين دولار.
أما قطر التي ملأت الدنيا ضجيجاً وصخباً، فقد سجلت الصادرات المصرية إليها في العام الماضى 259.3 مليون دولار مقابل 273.7 مليون دولار 2011، وبلغت الواردات المصرية من قطر 88.6 مليون دولار العام الماضى، مقابل 110.3 مليون دولار 2011، ووصل حجم التبادل التجاري 347.9 مليون دولار 2012 مقابل 384 مليون دولار 2011، وبذلك يتبين أن الميزان التجاري كان في صالح مصر محققين 170.6 مليون دولار، مقابل 163 العام الماضى.
وربما يكون وضع التبادل التجاري مع قطر وتركيا مقبولاً، لكن بتحليل التجارة مع إيران يتبين أن التعاملات التجارية ضعيفة إذ بلغت قيمة الصادرات المصرية في عام 2012 نحو 63.2 مليون دولار مقابل 92.3 مليون دولار في عام 2011، ولم يختلف الأمر كثيراً مع الواردات المصرية والتي وصلت إلى 45.1 مليون دولار في 2012 مقابل 34.8 مليون دولار في العام السابق عليه، ووصل حجم التجارة في عام 2012 نحو 108.3 مليون دولار مقابل 127.1 مليون دولار.. وبالتالى فإن الميزان التجاري شهد نوعاً من التراجع من 18.1 مليون دولار مقابل 57.5 مليون دولار.
السواد الأعظم من المراقبين اعتقد أن موقف الاستثمارات الخليجية ممثلاً في الثلاثى الأقوى: السعودية والإمارات والكويت سيتوارى تماماً مع نظام الإخوان في الجمهورية الثانية والذي بدأ بالفعل بتطفيش للبيزنس الخليجى ونالت الجانب

الأكبر الإمارات التي اتهمت بالولاء لنظام مبارك والدعم الكبير للفريق أحمد شفيق المرشح السابق لرئاسة الجمهورية وغيرهم من رجال نظام الرئيس المخلوع ونفس الأمر للكويت والسعودية، لكن كل هذه التوقعات انقلبت رأساً علي عقب وعاد «البيزنس» الخليجي بعد غياب 365 يوماً بعد سقوط نظام الجماعة بإرادة شعبية ليسترد عرشه من جديد وتقف حكوماته كتفاً بكتف مع مصر، بل سارعت إلي الإعلان عن تقديم مساعدات لمصر بلغت قيمتها 12 مليار دولار، منها 5 مليارات دولار من السعودية، و3 مليارات دولار من الإمارات، و4 مليارات دولار من الكويت، وبعد حزمة المساعدات الجديدة من الإمارات مع زيارة الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء، وصل إجمالي المساعدات الخليجية لمصر بعد 30 يونية الماضى، إلي 15.9 مليار دولار، منها 6.9 مليار دولار من الإمارات وهو ما سيعزز ويرفع قيمة استثمارات هذه الدول في الخريطة الاستثمارية.
كل ذلك ليس بجديد علي هذه الدول في دعمها للاقتصاد المصرى، إذا ما حللنا الخريطة الاستثمارية لها سواء في الاستثمار المباشر أو غير المباشر أو التبادل التجارى، حسبما تشير بيانات هيئة الاستثمار إلي أن السعودية تتصدر الاستثمارات في مصر علي المستويين العربي والعالمى، وتبلغ قيمة استثماراتها 22.1 مليار دولار من خلال تأسيس 3 آلاف شركة في مختلف المجالات بواقع 671 شركة تعمل في المجال الصناعى و466 شركة في المجال الإنشائى و265 في القطاع السياحى و115 في مجال التمويل و350 شركة في المجال الخدمى، و255 في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تتركز معظمها في القاهرة والجيزة والإسكندرية، وتتصدر السعودية القائمة في الاستثمار غير المباشر، إذ يبلغ عدد المقيدين بالبورصة 7304 مستثمرين، ليس هذا فحسب، بل إن حركة التبادل التجاري بين مصر والسعودية تتسم بالنشاط الكبير، إلا أنها في حكم الإخوان عانت كثيراً، إذ وصلت الصادرات المصرية وفقاً لمصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات السعودية في 2012 إلي 1.832 مليار دولار مقابل 1.872 في 2011 بنسبة تراجع بلغت 2.1٪، فيما وصلت الواردات 2.7 مليار دولار 2012، مقارنة بنحو 2.8 مليار دولار 2011 بنسبة تراجع 4.5٪، وبلغت حجم التبادل التجاري 4.5 مليار دولار مقابل 4.7 مليار دولار عن نفس فترة 2011، وبالتالى فإن الميزان التجاري ليس في صالح مصر وهو العام الذي تولى فيه الإخوان حكم البلاد.
ونفس الأمر بالنسبة لدولة الإمارات العربية التي تحتل الوصيف بعد السعودية في الاستثمارات المصرية عربياً، وثالثاً علي مستوي العالم بعد بريطانيا، حيث تبلغ الاستثمارات 10.5 مليار دولار، وتتركز هذه الاستثمارات في جميع القطاعات المختلفة، وتحافظ أيضاً علي ترتيبها في البورصة من حيث المستثمرين الإماراتيين ويبلغ عددهم 2037 مستثمراً، ورغم ذلك أصيبت حركة التبادل التجارى بعدم الاتزان بسبب الإخوان، ووصلت الصادرات المصرية في عام 2012 بحسب الهيئة الاتحادية للجمارك إلى 431.4 مليون دولار مقابل 491.5 مليون دولار 2011 بتراجع بلغ 12.2٪، وبلغت الواردات المصرية في الأشهر التسعة الأولى من 487.3 مليون دولار مقارنة 230.2 مليون في 2011، كما بلغ حجم التجارة 918.7 مليون دولار في 2012 مقارنة 721.7 مليون في 2011.
الكويت لا تقل أهمية في الحياة الاقتصادية والاستثمارات لدي المصريين وتلعب نفس دور السعودية والإمارات، ووفقاً لبيانات هيئة الاستثمارات فإن قيمة البيزنس الكويتي  تصل إلي 7.5 مليار دولار موزعة علي الخدمات والتمويل والسياحة، بخلاف عدد المستثمرين في البورصة والمقيدين وفقاً لبيانات البورصة 2.795 وسجلت الصادرات المصرية لدولة الإمارات حسبما ذكر قطاع الإحصاء بالمجلس الأعلى للتخطيط بالكويت 291.8 مليون دولار 2012 مقابل 263.2 في العام السابق عليه.
ووصلت الواردات المصرية إلى 47.5 مليون دولار في 2012 مقابل 58 مليون دولار 2011، وقفز حجم التبادل التجارى بين الدولتين من 321.3 مليون دولار إلي 339.3 مليون دولار، ومتوقع زيادة الاستثمارات في ظل حالة الدعم والمساعدات العربية للاقتصاد المصرى والعمل على تنشيطه، بصورة عامة من خلال قيم الاستثمارات، تبين أن إجمالي الاستثمارات يبلغ نحو 43 مليار دولار.
في ظل المفاجآت التي شهدتها خريطة البيزنس العربي وتقلبها أكثر من مرة عقب ثورة 25 يناير ثم 30 يونية وظهور قوة واختفاء أخرى سألنا الدكتور هاني سري الدين، الخبير الاقتصادى حول المشهد، فأجاب قائلاً: «إن الدعم الذي تقدمه الدول العربية بهدف دعم الاقتصاد أولاً وتعافيه مؤشر لاستقطاب الاستثمارات الخاصة لديهم وعودة الثقة من جديد، مما يدفع بمزيد من الاستقرار والعمل».
إذن.. المتوقع أن تشهد الخريطة الاستثمارية خلال الفترة القادمة مفاجآت وتعزيزاً للاستثمارات الإماراتية السعودية، والكويت، حسبما ذكر «سرى الدين».
«الاستثمارات العربية لعبت دوراً مهماً في تحقيق التوازن وعودة الثقة في الاقتصاد الوطني بقيادة السعودية والكويت والإمارات بتقديمهم دعماً كاملاً».
هكذا يقول محسن عادل المتخصص في مجال الاستثمار «إن دعم الأطراف الخارجية والمحلية للسوق يعطي رسالة ثقة بأن الأمور تمضي إلي الأفضل وبالتالى لا داعى للخروج من هذه السوق الواعدة».
وبثورة 30 يونية بحسب «عادل» أنقذت الاستثمارات العربية في السوق المحلية بعد مضايقات طويلة في ظل حكم الجماعة.
إذن, قد يكون تسارع المشهد السياسي ساهم في عودة الدول العربية إلي الصف، ومد يد العون الاقتصادى لبعضها البعض، وهو ما تأكد خلال زيارة رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوى.. فهل يسير البيزنس العربى لتحقيق النمو والاقتصاد وإحداث نقلة للاقتصاد الوطنى؟ وهل يتحقق ذلك بعد سقوط حكم المرشد؟