رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الأقصى للأجور يشعل أزمة داخل البنوك

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حالة من القلق سادت الجهاز المصرفى وبعض المؤسسات، عقب موافقة الحكومة علي وضع حد أدني للأجور بالقطاع العام، حيث اكد مصرفيون خبراء أن وضع هذا الحد يجبر الحكومة علي السير نحو وضع حد أقصي للدخل.

علي أن يكون التطبيق سارياً علي كافة القطاعات دون استثناء، مع اقتراح بأن يكون هذا الحد لا يتجاوز 35 ضعف الحد الأدني، وقد لاقي هذا الاقتراح قبولاً لدي البعض أنه يخلق نوعاً من العدالة الاجتماعية فى محيط العمل، إلا أنه لاقي رفضاً تاماً من فريق آخر خاصة في قطاع البنوك الذي اعتبر هذا الحد سبباً كافياً لهروب الكفاءات من البنوك الحكومية للقطاع الخاص، مما يؤدي إلى تفريغ بنوك القطاع العام من الكوادر والكفاءات المصرفية التى تم اجتذابها من قبل القطاع الخاص وساعدت على انتشال البنوك الحكومية من عثرتها وخلق أجيال مصرفية وقيادات صف ثان قادرة على تحمل المسئولية مؤكدين أن ذلك يعد نوع ظلماً لهم.
وجاء إصرار القطاع الخاص علي عدم الالتزام بالحد الأدني الذي حددته الحكومة  دون الأخذ في الاعتبار طبيعة العمل في هذا القطاع، وما يقدمه من حوافز عينية للعامل، ليزيد من إصرار الرافضين للحد الأقصي علي التمسك بوجهة نظرهم، أملاً في تجميد الوضع، وبقائه كما هو عليه، كما هو الحال في القطاع الخاص.
جاءت تصريحات الحكومة علي عكس هوي الرافضين تماماً، بل إنها وصلت لدرجة أصابتهم باليأس، حيال اقناع الحكومة بمنطقية أسباب رفضهم، فنجد تصريحات الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط تؤكد جميعهاً أن تطبيق الحد الأقصي سيوازن الحد الأدني للأجور، قائلاً: «إن تطبيق الحد الأقصي للأجور سيوفر ما يقرب من مليار جنيه سنوياً في موازنة الدولة».. كاشفاً عن وجود قرار لمجلس الوزراء لإعداد تقرير في جميع الوزارات بعدد المستشارين وما يتقاضونه من دخول علي أن تكون هذه البيانات متاحة للجميع، مؤكداً أنه يجري حالياً إعداد إقرارات في جميع الوزارات بإجمالي الرواتب التي يتقاضاها الموظفون منذ عام 2012 تمهيداً لتطبيق الحد الأدني للأجور وتمهيداً لتطبيق الحد الأقصي.
ثم تأتي مطالبة وزارة المالية لجميع الجهات الحكومية لاتخاذ إجراءات تطبيق الحد الأقصى لدخول العاملين بكل جهة على حدة، وربطه بالحد الأدنى، حيث يصل إلى 35 ضعف أقل دخل بداية من أول يوليو الماضى.
ويتأكد ذلك فى المنشور الذي أصدره وزير المالية الدكتور أحمد جلال برقم 7 لسنة 2013، موافاة الجهات المختلفة للوزارة بالقرارات التى أصدرتها السلطة المختصة بكل جهة بتحديد الحدين الأدنى والأقصى لدخول العاملين بها عن الفترة من بداية العمل بالمرسوم بقانون رقم 242 لسنة 2011 الذى أصدرته حكومة عصام شرف بتطبيق الحد الأقصى للأجور، وحتى 30 يونية الماضى.
وما بين الإصرار الحكومي الواضح علي تطبيق الحد الأقصي، وتحذير الخبراء من خطورة ذلك علي سوق العمل خاصة سوق المال، الذي سيتفرغ من كفاءاته فور تطبيق هذا القرار، تظل القضية مفتوحة ومطروحة للنقاش.
السيد القصير، رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال، يري أن ربط الحد الأقصى للدخل بسقف أو مبلغ معين أمر يحتاج إلى مراجعة، في ظل احتمالية ترك بعض الخبرات المصرفية لمناصبها بالبنوك العامة واتجاهها للبنوك الخاصة، لذا يري ضرورة استثناء البنوك من الحد الأقصي لاختلاف طبيعة عملها، مضيفاً أن الحد الأقصى للدخل مطبق بالفعل بما لا يتجاوز 35 ضعف الحد الأدنى وهى نسبة معقولة.
وهذا ما أكده مدير بالقطاع المالي بأحد البنوك، حيث أعرب عن تخوفه من تطبيق الحد الأقصى للدخل، الذي قد يؤدى إلى عودة هروب الكفاءات والخبرات المصرفية من بنوك القطاع العام إلى البنوك الأجنبية العاملة بالجهاز المصرفى, مشيداً بالدور الذى بذلته هذه الكوادر المصرفية بعد استقطابها إلى البنوك الحكومية وانتشالها من عثرتها.. واعتبر أنه ليس من العدل تطبيق الحد الأقصى على هذه القيادات المصرفية التى كانت تحصل على رواتب مجزية ببنوك القطاع الخاص وجاءت على راتب مماثل لما كانت تتقاضاه.. لافتاً إلى أن الحد الأقصى للدخل مطبق بالفعل منذ عام 2012 منذ أن أقرته حكومة الدكتور كمال الجنزورى بما لا يتجاوز 35 ضعف الحد الأدنى وقامت بعض القيادات فعلاً برد بعض المبالغ إلى الخزانة التى كانت تزيد علي النسبة المقررة.
إما أن يتم ربط الحد الأقصى بقيمة أو مبلغ معين لا يمكن تجاوزه فهذا أمر غير مرحب به - على حد وصفه - ويؤدى إلى تفريغ البنوك العامة من خبراتها واعتبره بمثابة طرد للكفاءات إلى البنوك الخاصة، مشيراً إلى أن التجديد لبعض القيادات المصرفية الذين تم اجتذابهم من القطاع الخاص مرتبط بأدائهم وتحقيق نتائج مالية وأهداف معينة وإذا لم يتحقق ذلك

فلن يتم التجديد.
علي الجانب الآخر نجد الخبير المصرفي ورئيس البنك الوطني للتنمية السابق أحمد قورة، يعارض استثناء القطاع المصرفى أو غيره من القطاعات من تطبيق الحد الأقصى للدخل باعتبار أن تطبيقه على جميع القطاعات يعد أحد مكتسبات ثورتى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونية لتحقيق العدالة الاجتماعية التى قامت من أجلها الثورتان.. قائلاً: «إن تطبيق الحد الأقصى دون أى تمييز يقلل من حالة عدم الرضا التى تسيطر على الأوساط المصرفية»، منتقداً عدم تفعيل تطبيق الحد الأقصى للدخل إلى الآن برغم وجود قانون بتحديده بنسبة 35 ضعف الحد الأدنى للأجر.
واعتبر هذه النسبة مبالغاً فيها ويجب للقانون الجديد أن يراعى تخفيض هذه النسبة إلى 20 أو 25 ضعف فقط أو ربطها بسقف مالى معين لو كنا جادين فى تطبيق القانون، محذراً من وجود أى استثناءات فى القانون لأن ذلك سيساعد على تفريغه من مضمونه مثلما حدث فى القانون الذى تم إصداره العام الماضى ولم يفعل إلى الآن.
ونفى أن يؤثر ذلك على خروج الكفاءات أو هروبها للقطاع الخاص، مؤكداً أن تطبيق الحد الأقصى سيحقق العديد من المزايا لكل من بنوك القطاعين العام والخاص حيث ارتفعت رواتب البنوك الاجنبية إلى مستويات مغالى فيها, لافتاً إلى أن تطبيق الحد الأقصى سيساعد على تحقيق وفورات مادية ومعنوية بجعل الجو النفسى للعاملين أفضل بخلق جو يسوده حالة من الرضا.
وهو الرأي الذي يتوافق معه، أحمد سيد النجار، الخبير الاقتصادي، قائلاً: «بضرورة تطبيق الحد الأقصى للأجور، للعاملين في الحكومة والقطاع العام، علي أن يكون ما بين 15 إلى 20 مثل الحد الأدنى للأجر الشامل، لتقليل الفوارق بين الطبقات».
وأضاف «النجار» بضرورة أن يتزامن تطبيق الحدين الأدني والأقصي للأجور مع القضاء علي  «الأبواب الخلفية» للأجور والمكافآت، التي ينتج عنها تضخم المرتبات ووصولها لأرقام كبيرة، مثل الصناديق الخاصة التي أنشأتها الوزارات والمحافظات والهيئات والجامعات، لتخزين الفوائض وحصيلة الغرامات والمخالفات والرسوم والإتاوات، ويتم الصرف منها بلوائح خاصة بدلاً من إعادتها لوزارة المالية.
وتؤكد الدكتورة فائقة الرفاعي، وكيل محافظ البنك المركزي سابقاً، تطبيق الحد الأقصى على بنوك القطاع العام بالجهاز المصرفى دون أن نتخوف من هروب كفاءاته إلى البنوك الاستثمارية وبنوك القطاع الخاص، مشيرة إلى أنه لا توجد مناصب ووظائف شاغرة بالبنوك الأجنبية العاملة بالسوق المصرفية المصرية.. وقالت: «لا يمكن أن نغفل المزايا الإضافية التى يتمتع بها قيادات بنوك القطاع العام التي تعطيهم الفرصة لتحسين دخولهم وإيراداتهم بالمقارنة بالبنوك الأجنبية تتمثل فى مشاركتهم فى الأرباح كمجلس إدارة وجزء للعاملين وذلك مطبق وفقاً للقانون منذ عشرات السنوات وهذا لايحدث فى البنوك الأجنبية».
فيما اعتبرت أن ما يتردد عن أن تطبيق الحد الأقصى على البنوك الحكومية يساعد على هروب الكفاءات مجرد شائعات يطلقها ويروجها المنتفعون من عدم تطبيق الحد الأقصى للدخل، لافتة إلى أن الكوادر المصرفية التى تم اجتذابها لبنوك القطاع العام نجحت فى تكوين قيادات الصف الثانى وهى قادرة على تحمل المسئولية بعد أن منحتهم الخبرة والدراية الكافية بأسرار النجاح بالجهاز المصرفي.