رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قراءة فى وثيقة الاستثمارات الجديدة للدولة

بوابة الوفد الإلكترونية

بعد سنوات من تفوق استثمارات الدولة على القطاع الخاص، طرحت الحكومة مسودة وثيقة لرسم مسار استثماراتها فى السنوات العشر القادمة، وأهم القطاعات التى تنتوى التخارج منها نهائياً، والقطاعات الأخرى التى ستبقى على تواجدها فيها، فضلاً عن المجالات المفتوحة تماماً للقطاع الخاص للدخول فيها.

ووفقاً لخبراء اقتصاد دوليين فإن هناك فرصاً لزيـادة مكاسـب الاقتصاد المصـرى حال تبنـى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة تقدر بنحـو 43 مليـار دولار عام 2030، بما يوازى 7.7% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو ما يستلزم مشاركة أوسع للقطاع الخاص.

ويُحسب للوثيقة أنها أول طرح شفاف للحكومة يُمثل تصورات ونوايا صناع القرار فيما يخص قطاعات الاستثمارات المفتوحة تماماً أمام القطاع الخاص دون أى منافسة حكومية، كما أنها تُصحح مسار بعض القطاعات التى شهدت استثمارات حكومية لم تحقق المرجو منها. فضلاً عن اتفاقها مع التصريحات الرسمية المتكررة بأن تراجع القطاع الخاص فى مصر كان أمراً مؤقتاً فى ظل ظروف بعينها، وأن الدولة ترى أنه لا يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية بعيداً عن الدور الذى يفترض أن يلعبه.

ويبدو واضحاً من خلال مسودة الوثيقة أن الدولة ستتخلص تماماً من استثماراتها وملكياتها فيما يقرب من الثمانين قطاعاً استثمارياً ربما أبرزها قطاع صناعة السيارات، والاستزراع السمكى، وصناعة الأجهزة الكهربائية، وصناعات الأثاث، الأسمدة، الزجاج، الجلود. بالإضافة إلى صناعات الورق، مواد الطباعة والتغليف والدعاية والإعلانات المطبوعة، صناعات العطور ومستحضرات التجميل.

 فضلاً عن قطاع التشييد (فيما عدا مشروعات الإسكان الإجتماعى)، إلى جانب قطاع الإنتاج السينمائى وإنتاج برامج التلفزيون.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن صناعة السيارات مثلاً ظلت على مدى أكثر من نصف قرن مشروعاً معطلاً للحكومة ولم تستطع شركة النصر رغم محاولات عديدة إنتاج سيارة مصرية نظراً لعدم الجدوى الاقتصادية، كذلك فإن الطرح الخاص بإنتاج سيارات كهربائية حكومية بالتعاون مع الصين لم يحقق الآمال المعقودة عليه، ما ترك انطباعاً لدى صُناع القرار بأن ترك هذا المجال تحديداً للقطاع الخاص يُمكن أن يساهم فى تحقيق نتائج أفضل.

كذلك الأمر بالنسبة لمشروعات الاستزراع السمكى، إذ لم تحقق الأرباح المتوقعة فى ظل تغيرات عالمية متكررة.

أما قطاع الإنتاج السينمائى، فهناك تصور أن إعادة فتحه للقطاع الخاص ضرورة فى ظل استقرار الأوضاع بعد سنوات من الحرب على الإرهاب، ما يعنى إمكانية ضبطه وتنظيمه وفق قواعد عامة، دون حاجة إلى الاستثمار فيه بشكل يحجب أى منافسة أخرى.

أما الصناعات التى ستتخارج الدولة منها تماماً وهى صناعات الأجهزة الكهربائية، الزجاج، السماد، والجلود، فهى صناعات غير استراتيجية حققت بعض شركات القطاع الخاص تفوقاً واضحاً فيها، ويُمكن الاستفادة من قصص النجاح التى تحققت فى زيادة الإنتاج وتطويره لاستعياب خريجين جدد. ويمكن القول إن هذا النص فى الوثيقة يعنى تحديداً وجوب تصفية بعض الشركات التابعة لقطاع الأعمال العام التى تعمل فى هذه القطاعات وربما أبرزها شركة سماد طلخا، وشركة النصر للزجاج.

ووفقاً لمسودة الوثيقة، فإن الدولة ستبقى استثماراتها فى 45 قطاعاً لكنها ستخفض هذه الاستثمارات وستسمح بمشاركات أكبر للقطاع الخاص فيها وعلى رأسها صناعة الأسمنت، وصناعات الحديد، الألومنيوم واللحوم والأعلاف والألبان والسجائر والدخان ومحطات توليد الكهرباء.

ولا شك أن التجربة العملية أثبتت أن استثمارات الدولة فى مجالى الأسمنت والحديد كان مبرراً ومنطقياً خلال سنوات بناء مشروعات التنمية من طرق، وكبارى، ومدن سكنية جديدة، لكن استمرار الحكومة فيهما بالمعدل ذاته يضر بدون شك بالمنافسة، لذا فإن الاتجاه هو تخفيض الاستثمارات إلى أدنى درجة ممكنة،

خاصة أن بعض الشركات العالمية الكبرى فى قطاع الأسمنت بدأت تقلص تواجدها.

وبالنسبة لقطاع الدخان والسجائر فإن اتساع سوق السجائر الإلكترونية يستلزم تكنولوجيات متطورة يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دوراً فى إتاحتها، لذا فإن مشروعات المستقبل فى هذا لقطاع ستكون عبارة عن مشروعات شراكة بين القطاع الخاص والحكومة.

ويحسب للوثيقة إعلانها الصريح الواضح عن زيادة استثمارات الحكومة فى قطاعات البنية التحتية وقطاع التعليم والصحة والسكك الحديدية ومشروعات المياه وإنشاء الأرصفة والبنية التحتية وشبكات المترو وصناعات السفن، وخدمات الاتصالات، فهذه القطاعات من القطاعات الاستراتيجية التى تحتاج لذراع وعين الدولة كمنظم ورقيب ومشارك، خاصة أن هذه القطاعات هى التى تمس الإنسان مباشرة.

 ويأتى ذلك انطلاقاً من إيمان الحكومة بضرورة تعزيز استثماراتها فى الأنشطة الاقتصادية التى يعزف عنها القطاع الخاص، نظرًا لظروف تتعلق بفشل آليات السوق، لكن تطويرها يسهم بشكل مباشر فى تحسين بيئة عمل القطاع الخاص.

لكن كيف ستتخارج الدولة من القطاعات التى تنوى التخارج منها. لا تقدم الوثيقة تصورات واضحة لهذا التخارج وإن كان الطرح فى البورصة والبيع المباشر قد يكونان أبرز الوسائل، خاصة أن الاقتصاد فى حاجة لتحقيق معدل نمو يتراوح بين 7 و9 فى المائة، حتى يمكن توفير فرص عمل للخريجين الجدد، ولا يمكن تحقق ذلك دون مشاركة أوسع للقطاع الخاص، ودون زيادة معدلات الاستثمار بنسبة لا تقل عن 25%.

ومن المنتظر أن يلعب الصندوق السيادى دوراً واضحاً فى تعزيز مشاركة القطاع الخاص والعمل على جذب مستثمرين محليين وأجانب للمشروعات المستهدفة، خاصة مجالات البنية الأساسية بصفة عامة وتعزيز الأصـول المملوكـة للدولـة بصفـة خاصـة بـدون مزاحمـة القطـاع الخـاص، وهو ما يوفـر مصـادر تمويليـة كبيـرة، ويعمـل علـى خفـض تكلفـة تأسـيس المشـروعات فــى ظـل التنافس بـين المسـتثمرين، كمـا يتيح فرصـاً كبيـرة لتوطـين عـدد مـن الصناعـات، وتنفــيذ العديـد مـن مشـروعات البنيـة الأساسـية الداعمة للنمو الاقتصادى فـى الأجلين المتوسط والطويل.

وتعهدت الدولة فى الوثيقة، بتأسيس مجلس أعلى للثورة الصناعية، يضم ممثلين من الوزارات المعنية والاتحادات ومنظمات الأعمال، والعمل على تطويـر البيئـة التشـريعية والتنظيمية لدعم التحول نحو الثورة الصناعية الرابعة وتوفير التمويـل الـلازم لتبنـى عـدد من هـذه المشـروعات بالتعاون مع صنـدوق مصـر السـيادى، إضافة إلى تبنّى منظومة من الحوافز الجاذبة للاستثمار المحلى والأجنبى فـى تلك القطاعات.