رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وصاية صندوق النقد الدولى تعود إلى مصر

دولارات
دولارات

جدل كبير في الشارع المصري حول قرض صندوق النقد الدولي إلي مصر بعد أن تقدمت حكومة الدكتور هشام قنديل بطلب رسمي لإدارة الصندوق للحصول علي قرض قيمته نحو 4.8 مليار دولار يتم توقيعه بنهاية شهر نوفمبر.

وبداية شهر ديسمبر القادم  للمساعدة في إصلاح الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد المصري حالياً بدلاً من 3.2 مليار دولار كان يتم التفاوض بشأنها منذ ثورة 25 يناير 2011، والتي رفضها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للإخوان المسلمين وعارضوا فيها حكومة الدكتور كمال الجنزوري، وعاد الإخوان لتأييد الاقتراض من الصندوق حالياً.
وبين رفض المجلس العسكري منذ بداية الثورة الاقتراض من الخارج وقبول مؤسسة الرئاسة اللجوء إليه حالياً تدور تساؤلات حول أهمية هذا القرض وإمكانية الاستغناء عنه من خلال المصادر المحلية الكثيرة والمتنوعة.. وهل سيؤدي القرض إلي زيادة أعباء الديون الخارجية وهل هناك بدائل أفضل منه وما هو سر سعي الحكومات إليه.. وهل سيؤدي مرور الوقت فيه إلي أعباء في سعر الفائدة عليه.. وهل هناك شروط للصندوق؟.. تساؤلات نحاول الإجابة عنها في السطور التالية.
نعلم أن مصر من الدول المؤسسة للصندوق حيث أصبحت عضوا به بتاريخ 27 ديسمبر 1945، وتبلغ حصة عضويتها 943.7 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، تعادل 1.5 مليار دولار أمريكي بأسعار الصرف في نهاية مايو 2011.
ومن المعروف اقتصادياً أن صندوق النقد الدولي يعد أكثر المؤسسات الدولية تعنتاً عند الاقراض، ويشترط مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الصعبة لإقراض أي دولة فيما يعرف بروشتة الصندوق وصفها البعض بأنها وضع الدولة تحت وصاية الصندوق، التي كانت تعرف ببرنامج الإصلاح والتكيف الهيكلي ersap.
وقد نفذت مصر منذ الثمانينيات وحتي اليوم أربعة برامج اقتصادية بدعم مالي من الصندوق بقيمة إجمالية 1.8 مليار دولار بأسعار الصرف في نهاية مايو 2011، غير أن مصر لم تستخدم أكثر من 400 مليون دولار من هذه الأموال، وانتهي آخر هذه البرامج في عام 1998، وتم سداد المبالغ المستحقة بالكامل.
ووفقاً لتصريحات د. هشام قنديل رئيس الحكومة فإن شروط قرض صندوق النقد الدولي أيسر ومقبولة مقارنة من شروط الاقتراض الداخلي حيث تبلغ الفائدة نحو 1.1٪ علي مدة خمس سنوات مع فترة سماح 39 شهراً مقارنة بالاقتراض الداخلي الذي تبلغ فائدته 12٪.

رؤية متكاملة
الدكتورة سلوي حزين الخبير الاقتصادي رئيس مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية بالولايات المتحدة الأمريكية شددت علي ضرورة وجود رؤية كاملة لاحتياجات الاقتصاد المصري قبل الجلوس علي مائدة المفاوضات سواء مع صندوق النقد الدولي أو المؤسسات الدولية وقالت: إنه لابد أن تعلم الدولة حجم التمويل الإجمالي المطلوب لإنقاذ الاقتصاد وأن نعلم الاحتياجات في كافة القطاعات خلال فترة زمنية محددة قادمة، التي يمكن من خلالها إعادة الحياة للمشروعات وتعمل علي زيادة النمو الاقتصادي حتي يمكن لمصر أن تقدم للمجتمع الدولي رؤية واضحة لاحتياجاتها التمويلية، وبالتالي يكون طلب القرض مقنعاً بل ويمكن خفضه إلي معدلات اقل من 1% لافتة إلي أن مصر ليس لديها رؤية واضحة في هذا المجال حتي تكون مقنعة للطرف الآخر علي مائدة المفاوضات، وأشارت إلي أنه لا يمكن أن تخرج أية أموال من أي دولة إلا بموافقة برلمان الدولة المانحة لأنها أموال دافعي الضرائب، وبالتالي فإن العالم الخارجي ينظر إلي عناصر مهمة للأموال القادمة، أهمها الانفلات الأمني والمطالب الفئوية وعدم وجود برلمان والقلائل القانونية الموجودة، التي تجعل أي قادم من الخارج لا يعلم أي الأبواب يطرقها، وهذا ما جعل مفاوضات الصندوق تطول وتتأخر، فضلاً عن قيام مصر بتحركات خاطئة في البداية حيث تم إرسال رسائل سلبية لهذه المؤسسات بعدم التعامل معها في بداية الثورة واتجهت إلي الدول العربية أولاً وأموال التأمينات ولم تتابع الدول التي أعلنت مساعدتها لمصر ولا توجد قنوات متابعة.
وأكد الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب - الخبير الاقتصادي - أن المفاوضات التي بدأت في أعقاب ثورة 25 يناير بين مصر وصندوق النقد حالياً تختلف عن الماضي.
فقد اضطرت مصر للجوء إلي الصندوق في السابق ليس بغرض الاقتراض وإنما بغرض الحصول علي شهادة صلاحية تضمن لمصر الحصول علي قروض تنموية من البنك الدولي، وقد تشدد الصندوق إلي أقصي درجات التشدد مع الإدارات الاقتصادية المتعاقبة وفرض الكثير من السياسات الاقتصادية العنيفة مثل الخصخصة وتعويم سعر الصرف، ورفع أسعار السلع الأساسية، والمطالبة بإلغاء الدعم وغيرها من السياسات المعروفة.
أما المرحلة الحالية فإن صندوق النقد هو الذي عرض استعداده في أعقاب ثورة 25 يناير في تقديم المساندة لتنمية الاقتصاد المصري وعرض علي مصر قرضاً بقيمة 3 مليارات دولار بفائدة 1.1% ودون أية شروط اقتصادية، إلا ضمان النزاهة والشفافية في المعاملات الاقتصادية، واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تقليل الهدر في الاقتصاد المصري والقضاء علي الفساد والممارسات غير الاقتصادية، وهذا أمر طبيعي، فبقاء الاقتصاد المصري قوياً ومتماسكاً

يصب في مصلحة النظام الاقتصادي العالمي ككل.
غير أن المجلس العسكري فاجأ الجميع برفض الصندوق بحجة التدخل في الشئون الاقتصادية لمصر، وأكد الجميع وقتها أن المجلس العسكري اتخذ هذا الموقف نتيجة تأثير بعض القيادات الحكومية المحسوبة علي نظام مبارك.
وعندما تولي الدكتور الجنزوري رئاسة الوزراء عاد الموضوع إلي النقاش مرة أخري وتمكن من إقناع المجلس العسكري بأهمية التعامل مع المؤسسات الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي، حيث شغل الجنزوري لسنوات طويلة منصب محافظ مصر لدي الصندوق، إلا أن الأغلبية البرلمانية الممثلة في حزب الحرية والعدالة لم تكن تريد نجاح حكومة الجنزوري وبدأت في وضع العراقيل أمامها، وكان من أهم هذه العراقيل إفشال عقد اتفاقية القرض بين مصر والصندوق.
أضاف: أن إدارة الصندوق طلبت ضرورة ايجاد دعم شعبي واسع لاتفاقية القرض، وخرج حزب الحرية والعدالة ليعلن رسمياً للصندوق عدم موافقته علي القرض مما أدي الي تعثر المفاوضات.
والآن وبعد وصول مرشح الحرية والعدالة إلي كرسي الرئاسة وتشكيل حكومة تنتمي في أغلبها إلي تيار الإسلام السياسي، عاد الحديث من جديد إلي قرض صندوق النقد الدولي، وكثر النقاش والحديث حوله.
واعتقد أن كل الاقتصاديين والخبراء في حاجة حالياً إلي إعادة دراسة الموضوع بشكل اقتصادي محايد، فمصر في حاجة ماسة إلي قرض الصندوق ليس فقط من أجل الدولارات في حد ذاتها، ولكن من أجل إرسال رسالة إلي العالم بأن الاقتصاد المصري بخير وقادر علي النمو، كما أن مصر عضو مؤسس في الصندوق ولها كل الحق في الحصول علي كافة أنواع المساندة التي يقدمها الصندوق ومنها الاقتراض.

عودة الثقة
أكد الدكتور محمد موسي عيسي - الخبير المصرفي - أن الشروط المعلنة لقرض صندوق النقد الدولي بمبلغ 4.8 مليار دولار جيدة وتستهدف عودة ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري وزيادة التعاون معها، في حركة التجارة الخارجية، وقال: إن هذا القرض لا يؤثر علي سعر الصرف للجنيه أمام الدولار كما أنه سيساعد علي توفير العملات الأجنبية، ويعطي حافزاً لتدفق الاستثمارات الأجنبية لمصر، وأشار إلي وجود محاذير للقرض تتمثل في أوجه استخدامه.
وشدد علي ضرورة أن تكشف الحكومة عن نيتها في أوجه استخدامها للقرض وهل سيتم استخدامه في خفض عجز الموازنة أم يتم استثماره؟!
وطالب الحكومة بألا يتم استخدامه في استيراد السلع من الخارج وأن يتم الاستعانة بالقرض في إدارة عجلة الإنتاج واستثماره لإنتاج سلع وخدمات تسمح بأن يأتي بعائد يتم من خلاله سداد القرض وتكلفته دون عناء علي البلاد، كما رفض استخدامه لتمويل عجز الموازنة.
وقال: إن صندوق النقد الدولي يطلب من مصر مقابل القرض أربعة أشياء وهي: ترشيد الإنفاق الترفي الحكومي، وهذا مطلوب.. وقال: إن الرئيس نفسه قدم نموذجاً له في موضوع سفر أسرته الأخير إلي السعودية علي نفقتها.. والثانية في عدم سفر شقيقته للعلاج في الخارج، رغم أن حالتها تستدعي ذلك وبقائها في مستشفي عام.
كما طالب الصندوق بمراجعة حزمة القوانين الخاصة بالضرائب المباشرة وغير المباشرة ومراجعة الحوافز والمزايا الممنوحة للمستثمرين في الماضي لتصبح تحت التحكم والسيطرة، كما يطلب الصندوق مراجعة مجموعة القوانين الخاصة بالجمارك والسلع الجمركية، لافتاً إلي أن هذة المطالب ضرورية لمصر وهي مطلوبة وتتفق مع مبادئ الشفافية والحوكمة.