عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تراجع البطالة إلى 7.5% مؤشر جديد لنجاح سياسات الاقتصاد

بوابة الوفد الإلكترونية

خبراء يطالبون بعلاج اختلالات سوق العمل بأفكار غير تقليدية

40% من عمالة القطاع الخاص «أرزقية» و60% من العاملين بشهادات جامعية لا تتطلبها وظائفهم

تراجع معدلات البطالة مؤخرا مؤشر نجاح واضح للسياسة الاقتصادية وللإصلاح الاقتصادى والمشروعات القومية العملاقة الجارى تنفيذها فى مصر، كما أن هذا الانخفاض يعكس تأثير ارتفاع النمو على معدلات البطالة فى البلاد وتأثيره لمعظم المؤشرات الأخرى ومنها معدلات الفقر ومستويات المعيشة، فهل هذا التراجع مرهون بالاستقرار أم أنها حالة مؤقتة؟ وما أوجاع سوق العمل فى مصر والتحديات التى يجب العمل عليها لتحقيق الاستقرار فى العمالة وسوق العمل؟! 

فقد نجحت عملية البناء والمشروعات القومية الجارى تنفيذها فى خفض معدل البطالة ليصل الى 7.5% فى الربع الثانى لعام 2019 مقابل 8.1% فى الربع الأول  ومقابل نحو 13.6% فى عام 2013 وفقا لاحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء.

وبلغت قوة العمل نحو 28.069 مليون فرد مقابل 27.968 مليون فرد خلال الربع السابق بنسبة زيادة مقدارها 0.4%، وقد بلغت قوة العمل فى الحضر 12.026 مليون فرد، بينما بلغت فى الريف 16.043 مليون فرد. وبلغ عدد العاطلين 2.094 مليون عاطل «962 ألف ذكور، 1.132 مليون إناث».

وإن المتعطلين طبقاً للنوع موزعون بواقع 4.2% معـدل البطالة بين الذكور، بينما كان 5.7% فى الربع الأول من عام 2019 مقابل 6.7% فى الربع المماثل من العام السابق، بينما ارتفع معدل البطالة بين الإناث ليصل إلى 22.4% من إجمالى الإناث فى قوة العمل، وكان 18.9% فى الربع الأول من عام 2019 مقابل 21.2% فى الربع المماثل من العام السابق.

وكشفت دراسة تحليلية للدكتور أسعد راجى أستاذ السياسات العامة فى جامعة مينسوتا الأمريكية، والزميل فى منتدى البحوث الاقتصادية، وفى منتديات بحثية شرق أوسطية وعالمية ان العمل غير المنظم بدون عقد أو تأمينات فى القطاع الخاص أصبح هو الطابع الاساسى لسوق العمل المصرى  ويعمل به من يطلق عليهم «أرزقية»، لافتا الى أن 40% من الوظائف بالقطاع الخاص بأجر تعتبر «أرزقية» وهى من ادنى الوظائف التى لا تحقق للعامل اى حماية اجتماعية وليس لها أى ثبات ومرتبطة بالفقر».

كما كشفت الدراسة عن انخفاض مساهمة المنشآت الكبيرة بالقطاع الخاص فى توفير فرص عمل حيث تقتصر نسبتها على 20% فقط من الوظائف الجديدة فى السوق فى حين يعمل الباقى بمنشآت صغيرة أو خارج المنشآت، كما أن نسبة العاملين خارج المنشآت مثل سائق التاكسى أو العاملين فى الشوارع وغيرهم ارتفعت الى 60% من سوق العمل بالقطاع الخاص.

أضافت أن أثر القطاعات التى تخلق فرص عمل هى النقل والتشييد والبناء والتجارة الداخلية، حيث يشكل قطاع التشييد والبناء ربع وظائف القطاع الخاص فى مصر رغم انه لا يخلق وظائف مستدامة أو مستقرة وتكون الوظائف مرتبطة بانتهاء البناء أو المشروع فى الوقت الذى يعمل فيه 20% من خريجى الجامعات بقطاع التجارة ويعمل 7% فقط منهم بقطاع المعلومات والاتصالات والبنوك  وهو القطاع المفترض أن يكون قاطرة التنمية وتشغيل الخريجين فى القطاع الخاص، وبالتالى فإنه يجب توجيه الاستثمارات الى القطاعات التى تخلق فرص عمل كثيفة ومستدامة.

فيما دعا لوكا فيدى، خبير التشغيل بفريق العمل اللائق لدول شمال أفريقيا بمكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة، إلى ضرورة تشجيع قطاع الصناعة والقطاع المالى اللذين يخلقان فرص عمل تناسب خريجى الجامعات فى مصر كما ان خلق فرص عمل بقطاع النسيج أمر هام.

 وتشير الدكتورة عبلة عبداللطيف المدير التنفيذى وعميد البحوث بالمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إلى أن التراجع المستمر لمعدل البطالة فى مصر أمر غاية فى الأهمية بما يحمله من دلالة إيجابية عن جدوى معدلات النمو الاقتصادى وقدرتها على الوصول لمختلف الفئات. وفى سبيل تحرى العمق من دلالات البيانات وفى ضوء ما أوضحته الدراسات السابقة من مشكلات هيكلية فى سوق العمل فى مصر، فقد وجب إعادة النظر فى بعض البيانات التفصيلية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء بشأن البطالة.

ولفتت الى أن انخفاض معدل البطالة الإجمالى قد جاء مصحوبا بانخفاض ملحوظ فى قوة العمل من 29.18 مليون فرد فى الربع «أبريل- يونية 2017» إلى 28.07 مليون فرد فى الربع المماثل من 2019 «الربع محل التعليق»، مع العلم أن هذا الانخفاض يحدث فى مجتمع يتزايد به السكان فى سن

العمل أى أن نسبة المشتغلين من القوة البشرية فى انخفاض بما يحمل ارتفاع عبء الإعالة. وقد مثلت النساء النسبة الأكبر من الانخفاض فى قوة العمل؛ بارتفاع نسبة المتفرغات لأعمال المنزل والتى وصلت لـ58.9% من القوة البشرية للنساء فى الربع الأول من 2019 مقابل 54.5% فى الربع المماثل من 2017 وهو الأمر الذى يثير تساؤلا تخص مشكلات النساء فى دخول سوق العمل أو فى قدرة القطاعات المولدة للوظائف على استيعاب عمالة من النساء وتوفير بيئة عمل مناسبة لهن، كما اجتمعت مجموعة من الأسباب «المجمعة» التى حدت من زيادة معدل مساهمة الذكور والتى قد تكون «على سبيل المثال لا الحصر» إجازة بدون مرتب ولا يبحثون عن عمل، المجندين وخريجى الجامعة الذين يؤدون الخدمة العامة، والموقوفين عن العمل مؤقتا ولا يتقاضون أجرا ولا يبحثون عن عمل ولكن لا يمكن الجزم أى من هذه المسببات صاحبة الوزن الأكبر فى التفسير.

الأمر الثانى أن استمرار ارتفاع نسبة المتعطلين من حملة الشهادات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها من جملة المتعطلين لتصل إلى 88.9% فى الربع محل التعليق مقارنة بـ77.9% فى الربع الأول من 2019 وهو ما يعنى أن معظم المنتقلين من وضع التعطل لوضع التشغيل هم من المؤهلات دون المتوسطة أى أنهم من أصحاب المهارات المنخفضة.  وتزايد معدلات البطالة فيما بين الفئات العمرية «20-24 عاما» و«25-29 عاما» لتصل إلى 40.4% و36٫9% فى الربع الثانى من 2019 مقارنة بـ30٫8% و30٫4% فى الربع السابق، على التوالى. وهو أمر لا يمكن فصله عن المشكلة الهيكلية التى يعانى منها سوق العمل المصرى وهى ضعف قنوات التوصيل بين جانبى العرض والطلب على العمالة، وتدنى جودة الوظائف المولدة بما يحقق طموحات الفئات المتعلمة من ناحية مع ضعف مخرجات المنظمة التعليمية لتلائم الوظائف مرتفعة الإنتاجية من ناحية أخرى.

وبالتالى، فإن التعامل مع تحديات سوق العمل فى مصر يجب أن يمتد إلى أبعد من مجرد التعامل مع معدل البطالة والاعتماد على المشروعات القومية الكبرى لتوليد الوظائف. فالمشروعات القومية رغم نجاحها فى خفض معدل البطالة إلا أنها لم تستطع دمج كافة الفئات ويظل أن الطبيعة القطاعية لها لا تحقق الاستدامة فى الوظائف المولدة. لذلك فالأمر يتطلب رؤية للتحول القطاعى فى مصر بحيث يتم الارتقاء للاعتماد على قطاعات مرتفعة الإنتاجية فى استيعاب العمالة فى وظائف لائقة، على أن يصاحب ذلك جهود فى تهيئة بيئة استثمار ملائمة لجذب ودفع نمو القطاعات المرغوب فى تنميتها. وعلى صعيد آخر، لابد من الاهتمام بمخرجات العملية التعليمية من حيث ملاءمتها لسوق العمل واحتياجات القطاعات المستهدفة وتوفير خدمات تدريب العمالة والتعلم مدى الحياة وفق احتياجات الصناعات مع مراعاة التوزيع الجغرافى، كما يجب أن يتم توطيد ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال وتوفير خدمات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.