رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فرنسا تزيد مشترياتها من النفط السعودي مع تعثر اتفاقية إيران النووية

النفط السعودي-ارشيفية
النفط السعودي-ارشيفية

على مدى العام المنقضي، قادت فرنسا جهودا أوروبية للحفاظ على تدفق التجارة مع إيران بعدما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية مع طهران وأعادت فرض عقوبات. لكن على مدى الفترة نفسها، تظهر بيانات أن فرنسا أوقفت مشترياتها من النفط الإيراني بينما زادت بشكل حاد وارداتها النفطية من السعودية خصم إيران اللدود.

 

وفي الأسابيع القليلة الماضية، استخدمت فرنسا احتياجاتها من الطاقة لتبرير قفزة في مبيعات الأسلحة إلى المملكة، رغم أنه لا توجد أي أدلة على أن زيادة قدرها 50 بالمئة في مشتريات الرياض من الأسلحة الفرنسية العام الماضي كانت مشروطة بشراء فرنسا للنفط السعودي.

 

وتظهر الزيادة الكبيرة في مشتريات فرنسا من النفط السعودي أن باريس تخفض أنشطة الأعمال مع إيران، رغم أنها تشجع علانية الشركاء الأوروبيين على إيجاد وسيلة للحفاظ على تدفق التجارة مع طهران عبر نظام التجارة الفرنسي-البريطاني-الألماني (انستكس).

 

كما أنها تبرز مدى صعوبة أن تقف قوة عالمية وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي مثل فرنسا في مواجهة الولايات المتحدة وأوثق حليف لها في العالم العربي عندما يعقدان العزم على تشديد الخناق حول إيران.

 

وفي الشهر الماضي، قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي إن الروابط التجارية مع حلفاء مثل السعودية مهمة لحماية أمن فرنسا ومصالحها في مجال الطاقة.

 

وأبلغت بارلي البرلمان، في واحدة من المرات الأولى التي يربط فيها مسؤول كبير مبيعات الأسلحة بعلاقات فرنسا الاقتصادية الأوسع مع السعودية، ”تجعل صادرات (الأسلحة) من الممكن تشكيل روابط وثيقة مع الدول التي لها أهمية استراتيجية لأمن فرنسا.

 

”إنها تضعنا في قلب الشرق الأوسط، وهي منطقة رئيسية لمصالحنا الأمنية وإمداداتنا من الطاقة“.

 

وردا على سؤال عن الصلة بين مشتريات النفط ومبيعات الأسلحة، قال مصدر دبلوماسي فرنسي ”نريد إنقاذ الاتفاقية النووية لأنها تساعد في إحلال السلام في المنطقة، لكن لدينا دائما علاقة تاريخية مع السعودية، فلماذا نعرضها للخطر؟“.

 

وتسبب الهبوط الحاد في قدرة إيران على بيع نفطها في السوق الدولية في ضرر بالغ لاقتصاد البلاد.

 

وأظهرت بيانات وزارة المالية الفرنسية أن فرنسا اشترت خاما إيرانيا خفيفا بقيمة 2.2 مليار يورو (2.49 مليار دولار) في الفترة من أبريل 2017 إلى مارس  2018، وهو ما جعل إيران ثالث أكبر مورد لفرنسا.

لكن على مدى الاثني عشر شهرا التالية، هبط الرقم 57% إلى 936 مليون يورو، مع توقف الواردات من إيران تماما اعتبارا من سبتمبر  2018 فصاعدا.

وعلى النقيض، قفزت مشتريات فرنسا من النفط السعودي 50% إلى 3.7 مليار يورو، في الفترة من مارس  2018 إلى أبريل  2019.

 

وتقول مصادر في قطاع النفط إن الخامين السعودي والإيراني لديهما خصائص متماثلة جدا، وهو ما يجعل كل منهما بديلا جيدا للآخر. وعلى مدى نفس الفترة، زادت باريس أيضا بشكل كبير مشترياتها من الخام الروسي والخام العراقي، وهما متماثلان أيضا.

 

واضطرت جميع الدول إلى خفض وارداتها النفطية من إيران، مع تصعيد العقوبات، لكن الصين والهند واصلتا الشراء بعد إعفاءات أمريكية مبدئية، إلا أنهما خفضتا الآن أيضا المشتريات من الخام الإيراني.

 

أقامت فرنسا علاقات وثيقة قوية مع السعودية. لكن الاتفاقية النووية في 2015 بين إيران وست قوى عالمية- الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وألمانيا وروسيا- خففت العقوبات في مقابل قيام طهران بكبح برنامجها النووي،

وهو ما أمد غريم الرياض بشريان حياة اقتصادي.

 

وتحركت فرنسا، ولديها أنشطة أعمال في إيران، سريعا للاستفادة وتبعتها بعض شركاتها الكبرى. وكانت توتال أول شركة نفطية دولية تعود إلى إيران بينما تحركت شركات فرنسية أخرى مثل بيجو ورينو لصناعة السيارات عائدة أيضا.

 

وفي الفترة بين 2016 وأوائل 2018، قفزت مشتريات فرنسا من الخام الإيراني إلى أكثر من ملياري يورو سنويا.

 

لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي وصل إلى البيت الأبيض في الوقت الذي كان الاقتصاد الإيراني يجني ثمار الاتفاقية النووية، وصفها بأنها ”أسوأ اتفاق على الإطلاق“ تفاوضت عليه الولايات المتحدة.

 

وأعلن ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية وأعاد فرض عقوبات قاسية شملت قطاع النفط الإيراني، وهدد بمعاقبة حلفاء مثل فرنسا الذين استمروا في إجراء أنشطة أعمال مع طهران.

 

وتؤيد السعودية سياسة الولايات المتحدة المتشدة تجاه إيران، وتسعى لتوسيع نطاق الجبهة المناوئة لطهران. وتتشارك فرنسا المخاوف بشأن برنامج إيران للصواريخ الباليستية وتدخلها في الشرق الأوسط، لكنها تقول إن التواصل أفضل من العزلة.

 

يأتي التحول صوب شراء المزيد من النفط السعودي في وقت حساس لفرنسا وعلاقاتها مع المملكة.

 

على وجه الخصوص، يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون انتقادات حادة من خصومه السياسيين ومنظمات حقوق الإنسان بشأن مبيعات الأسلحة الفرنسية إلى السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. واستخدم البلدان كلاهما تلك الاسلحة في الحرب في اليمن حيث يقاتل تحالف تقوده السعودية الحوثيين المدعومين من إيران.

 

وحث وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الرياض على إنهاء ”الحرب القذرة“ في اليمن، لكنه اتهم أيضا إيران بإمداد الحوثيين بأسلحة استخدموها في هجمات على الأراضي السعودية.

 

ودافع لو دريان وماكرون عن مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات، بدعوى أنها ضرورية في الحرب العالمية ضد الإرهاب.

 

والسعودية أكبر مشتر للأسلحة الفرنسية على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث قفزت مشترياتها 50 في المئة إلى حوالي مليار يورو في 2018.

 

وبدلا من تفادي المسألة، سعت حكومة ماكرون لإيجاد رابط بين الطاقة والأمن في ردها على الانتقادات حول مبيعات الأسلحة.

 

وقالت بارلي ”الإبقاء على علاقات اقتصادية مع هذه الدول يعني الإبقاء على وجود في مناطق مهمة لمصالحنا الأمنية وإمداداتنا من الطاقة“.