رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قناة السويس وأسرار صراع 10 سنوات

بوابة الوفد الإلكترونية

رغم أن علاقتي بمشروع قناة السويس تمتد لأكثر من عشر سنوات مضت.. إلا أنني لم أكن أعتزم الكتابة عن خطورة وأهمية وتحديات هذا المشروع الهام .. كنت أكتفي بنشوة أن أرى أحد عشاق مصر في موقع القرار.. كنت أكتفي برؤية حلم طالما راودني، ورسم تهب خط يدي على صفحات جريدة الوفد قبل عشر سنوات يتحول إلى واقع نفرح ونحتفل به.. وللحق يجب أن أقول إنما تحقق اليوم إنجاز بمعنى الكلمة لكن هيبقى جزء من الحلم وليس الحلم كاملا.. المهم أننا بدأنا التحرك في الاتجاه الصحيح.

 

ومادفعني للكتابة في هذا الموضوع اليوم.. هو ذلك الكم من السطحية والسذاجة في تناول ذلك المشروع الخطير الذي يصدره لنا "خبراء كل شيء".. من المؤيدين أو المأجورين لتشويهه.. وأيضا هذا الكم من سهام الخيانة والعمالة التي يوجهها معدومو الشرف للمشروع.. الجميع تحدث عن صيانة وتوسعة قناة السويس كمشروع اقتصادي .. يقاس بحسابات الربح والخسارة.. والحقيقة أن هذا المشروع في جوهره كان مسألة حياة أو موت .. ضربة قاضية وجهتها مصر لغرمائها في صراع السيطرة على حركة التجارة العالمية .. وإذا عرفنا ما كان يخطط لمصر منذ سنوات بعيدة وكان على وشك التنفيذ.. فهمنا لماذا أصر الزعيم السيسي على إنجاز المشروع في عام .. وأنه لم يكن مغرم بالأرقام القياسية .. بل قائد عسكري يسابق الزمن لتوجيه ضربة استباقية للخصم .. ولأدركنا أننا لو أنفقنا ضعف تكلفة المشروع لإنجازه دون زيادة جنيه واحد في إيرادات القناة لكان هذا هو القرار الصواب .. فمشروع قناة السويس ليس مشروع اقتصادي وإن جلب أرباحا .. فهو مشروع سيادة وأمن ومستقبل مصر.

                                                  -كشف المؤامرة -

من هناك، تبدأ المؤامرة دائما وأبدا.. من تل أبيب.. وكانت بداية معرفتي بالمؤامرة التي تحاك لمصر وقناة السويس، أو المشروع المنافس.. مجرد مشروع غامض بين إسرائيل والأردن لحماية البحر الميت من الجفاف .. بدأت البحث في حقيقة المشروع ..  وأدركت أن العقلية الإسرائيلية لاتفصح أبدا عن أهدافها الحقيقية .. وحتى لا أطيل، هناك حلم صهيوني بالسيطرة التامة على حركة التجارة العالمية .. وقد تحقق لهم جزءا كبيرا من الشق المالي والتجاري .. وبقي الجزء الأصعب وهو حركة البضائع نفسها .. والتي تسيطر مصر على جانب هام منها.

والقصة تعود لعام 1869 بعد افتتاح قناة السويس مباشرة .. حين التقى الحلم الصهيوني ببناء دولة إسرائيل مع رغبة بريطانيا في منافسة فرنسا بقناة منافسة لقناة السويس .. ومن هنا انطلقت عدة دراسات صبت جميعها في اتجاه حفر قناة تربط بين خليج العقبة والبحر الميت ثم البحرالأبيض .. ولم ير المشروع النور لعدة عقبات بدءا من صعوبة التنفيذ.. وطول المسافة.. وصولا إلى انخفاض البحر الميت 400 متر عن سطح البحر .. ورغم دفن المشروع منذ ذلك الحين إلا أنه ظل حلما يراود العقلية الصهيونية .. حتى إنها قررت تحقيقه جزئيا بخط سكك حديدية للربط بين البحرين .. وكانت تلك الرغبة تظهر جلية في محاولات الوصول عسكريا لشط القناة طوال سنوات الصراع المصري الإسرائيلي .. وكان اقتسام الملاحة في القناة رغبة ومناورة إسرائيلية دائمة في كل المفاوضات التي دارت معهم.

مناورة قناة البحرين

لم يغب الحلم الصهيوني لحظة.. وكان التحرك الإسرائيلي الحديث لسحب البساط من تحت أقدام المصريين.. عبر الإعلان عن مشروع لا يثير الرفض أو يلفت الانتباه.. ثم تسريب بيانات مغلوطة عن مشروع آخر يغطيه الأول.. والآخر هو ما يطلق عليه اسم قناة البحرين .. بدأ تسريب بعض البيانات حوله لتضليل وإرضاء غرور من يعلمون بالحلم القديم.. والمناورة الصهيونية الجديدة جاءت مختبئة وفي غلاف أنيق من عدة مشروعات رائعة وضخمة سياحية وبيئية وصناعية وتوليد كهرباء وتحلية مياه لاجتذاب الجانب الأردني لصف إسرائيل، والذي ابتلع الطعم بسهولة .. ولم يجد الإسرائيليون غضاضة في مغازلة الفلسطينيين أيضا بعدة وعود واهمة تشتمل على مشروعات كهرباء وتحلية مياه .. وبالفعل كان الأكثر معرفة بالمخططات الإسرائيلية، يقول: قناة البحرين لا تهدد قناة السويس.. المسافة أطول وانخفاض البحر الميت يصعب من الأمر حتى لو تم معالجته عن طريق الأحواض كقناة بنما.. وهذا بالضبط ما كانت تريده إسرائيل.. أما هدفها الحقيقي فكان حفر قناة موازية لقناة السويس على خط الحدود بين البلدين للربط بين خليج العقبة والبحر الأبيض مباشرة.. كانت فقط تنتظر غفلة مصرية لشق قناة صغيرة لصحراء النقب تحت غطاء مشروعها مع الأردن لحماية البحر الميت .. أما مواصفات تلك القناة فكان مخططا لها أن تفوق قناة السويس بمراحل.. الملاحة في اتجاهين.. عمق ضعف قناة السويس لاستيعاب غاطس أضخم السفن وناقلات النفط في العالم.. بجانب حزمة الخدمات البحرية والتجارية.. كل ذلك كان

يهدف لنقل حركة التجارة العالمية من مصر للسيطرة الإسرائيلية.. كان يهدف لتحويل إسرائيل لمركز تجارة عالمي وردم قناة السويس بكل ما تحمله من تاريخ وأهمية مصر.

تقاعس مبارك وهمم الشرفاء-

ما أن قمت بفضح ذلك المخطط على صفحات الوفد، حتى انهالت على الاتصالات الهاتفية.. كان أهمها من مكتب وزير الخارجية آنذاك أحمد أبو الغيط والذي أكد متابعة وزارته للملف باهتمام .. وأرسل للصحيفة ملفا من 5 آلاف ورقة عن متابعة الخارجية للمشروع.. وذلك بجانب عدة اتصالات من شخصيات ذات خلفية عسكرية أعربت عن امتنانها لفضح ذلك المخطط، متمنية أن يتخذ الرئيس الأسبق حسني مبارك أي خطوة إيجابية في هذا الاتجاه لحماية قناة السويس ومستقبل مصر وهو الحلم الذي ظل "عشم إبليس في الجنة" فيظل مبارك..! وللتاريخ أيضا أسجل إصرار النائب الوفدي الراحل خيري قلج على نقل الموضوع برمته للبرلمان في بيان عاجل "كان الأقوى والأفضل في الدورة البرلمانية 2005".. حيث أعربت الحكومة في ردها على البيان "في واقعة من الأندر في تاريخ البرلمان المصري".. عن مشاركتها الوفد قلقه تجاه هذا الأمر وتقديمها الشكر للوفد صحيفة وحزبا.

- الدعم الدولي لمشروع إسرائيل-

ولأن مصر كانت وستظل سويداء القلب ماحييت.. لم يغمض لي جفن حتى أقدم الحل كما كشفت الخطر.. وبالفعل توصلت إلى الحل الأمثل لصد ذلك المخطط الإسرائيلي "الذي تبين لاحقا أنه مدعوم وممول من عدة جهات دولية أبرزها البنك الدولي وأمريكا وفرنسا وإنجلترا" .. وتبلور الحل عبر عدة نقاشات وجلسات عصف ذهني مع صفوة من خبراء القانون الدولي والبحري وخبراء الملاحة في ضرورة تنمية قناة السويس .. توسيع الممر ليتسع لاتجاهين .. تعميق القناة.. إقامة حزمة من المشروعات البحرية والخدمية والاقتصادية والتجارية على جانبي القناة .. رأى الجميع أن هذا هو الحل الوحيد لمواجهة المشروع الصهيوني .. لكن التنفيذ .. ظل لنا نحترق كلما سمعنا بدراسات الجدوى للمشروع الإسرائيلي .. كدت أموت كمدا حين قرأت خبرا قبل عامين عن رصد ملياري دولار من دولة أوروبية لبدء التجهيز للمشروع.. بينما كان يشغلنا" القرد والقرداتي".. وكان هناك رجالا شرفاء لم يمكنوا إسرائيل من الحصول على موافقة مصر كدولة مشاطئة.. وأخيرا شاء الله أن يرسل لمصر رجلا على قدر التحدي يخرجها من دائرة الضياع والتفكك.. الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي دفعه إدراكه لخطورة المؤامرة، ووعيه بما يحاك لمصر أن يبدأ عهده بتوجيه ضربة قاضية للمشروع الصهيوني.. وذلك ببدء تنمية وتطوير قناة السويس لقطع الطريق أمام أي مشروع منافس.. وختاما أعتذر إن كنت أطلت عليكم.. وإن كان عذري أن بين تلك السطور ستجدون المبرر الحقيقي لحملة الهجوم الشرسة التي يشنها البعض ضد مشروع القناة وضد الرئيس السيسي دون مبرر منطقي واضح.. ولعلها أيضا تشير للقارئ إلى حجم الأطماع الدولية والإقليمية التي أجهضها ذلك المشروع .. ولعلها أيضا تحذر من تصديق كل الابتسامات والمباركات التي سيراها المصريون في حفل افتتاح القناة.. فتحية تقدير واحترام لمن نفذ ومن أمر ووجه بالتنفيذ حفظهم الله جميعا لمصر.. وحفظ لنا مصرنا عزيزة بين الأمم .. وتحيا مصر برجالها الشرفاء.

[email protected]