رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عليكم الحشد وعلينا الخراب


هي بالفعل نظرية.. أظن لم يكتبها أحد.. وإن كتبها فما زالت سرية.. رغم أنها أيضا ليست خفيه.. فقد شاهدناها وعشناها جميعا.. المهم أنها نظرية يجب أن ندرسها ونعيها جميعا في دول "المقلب" أو ما سمي بالربيع العربي.

يجب أن نعلمها لأولادنا كي يفهموا كيف تحول الحلم إلى كابوس.. كيف ثار شعب للارتقاء بوطنه فحوله كومة من رماد.. وكي يتعلموا أن الأماني  لا تبنى ولا تحمي الأوطان، كما كان يظن من ألقوا بأنفسهم كتلا في الشوارع  دون قيادة أو خطة واضحة.
تلك النظرية لا تنفصل عن "الفوضى الخلاقة" الأمريكية.. لم نقرأ عنها حتى الآن.. ولكن لاحظناها وعشناها في شوارعنا.. ويمكننا أن نسميها "نظرية الحشد الأعمى".. فوسط الجموع الكبيرة يمكن لأي شئ أن يحدث.. ووسط التحرك الحماسي يندر أن يفكر أحد في الخطوة التالية.. وإن فكر، فهناك ألف يد ستسكته وآخرين سيعلون الهتاف ليضيع صوته في الزحام.. فهم وسط الحشود من أجل ذلك.
لكن كيف ندفع شعبا بأكمله للخروج إلى الشوارع؟.. هل يعقل أن يكون الشعار تدمير الوطن.. هل يمكن أن يكون لننعم بالفوضى.. بالطبع لا.. ولا حتى أن يكون الشعار الأول هو إسقاط النظام، فهذه كلمات لا تأتي إلا في مراحل لاحقة بعد اكتمال الحشد، وتهيئة الجموع.. إذن لابد من البحث عن سبب قوي لاستفزاز الجماهير إلى الشوارع.. فمثلا نخرج للتعاطف مع أحد قتلى أقسام الشرطة.. أمر منطقي.
نخرج لنعلن غضبنا من سلوكيات أفراد الداخلية وننكد عليهم يوم عيدهم.. سبب وجيه أيضا للخروج. نخرج للاعتراض على غلاء الأسعار والفقر، الكهرباء، الماء، الطعام، سلخانات سموها كذبا مستشفيات.. سبب منطقي أيضا.
ندعو للتجمع للمطالبة بزيادة الأجور.. المطالبة بدماء الشهداء والقتلى وربما المأجورين والإرهابيين أيضا.. كلها أسباب لابد أن تمس شئ ما بداخل شخص ما فتدفعه للخروج.. وكلما بدا السبب قويا ومؤثرا كان الحشد أكبر بالطبع.
حسنا لتخرج الجموع.. لكن ماهي خطة العودة.. تجربتنا أثبتت أن خطة العودة لا يملكها إلا من خطط للخروج وأنفق المليارات

ووزع الأدوار على العملاء بين الجموع، بدءا من الشعارات الخادعة ووصولا إلى اغتيال كل من يحاول إنارة الطريق لتلك الحشود..
إذن المطلوب الحشد فقط.. عليكم تقطيع القلوب واستثارة المشاعر لدفع البسطاء إلى الطرقات.. ولتجد نفسك وأنا معك نسير وسط حشود عمياء، نستنشق غازات تلقيها علينا حشود أخرى أكثر عمى.. من أجل الوطن!.. نمضي جميعا (في حركة براونية) ننفذ مخططات آخرين، ونحن نحسب أننا نحسن لوطننا صنعا..
إذن لنخرج لكن لا تسأل من قتل.. ولا ماحجم الخراب الذي سندفع ثمنه لا محالة.. ولا أي مؤسساتك دمر وانتهك.. لاتسأل عن آثار بلدك التي ستنهب في وضح النهار.. ولا حتى مستشفى لسرطان الأطفال، وجد من رأى مصلحته في تدميره.. وكله في حب الوطن!!.
إذن هل كان هذا الخروج الكثيف العشوائي إلى الشوارع خطأ رغم الحلم.. نعم، النتائج تقول ذلك وأسوأ.. وفي الحالة المصرية سلم الله، وكان لنا ركن شديد "اسمه الجيش" آوينا إليه جميعا، وحفظ الله مصر.
لكن هل معنى هذا أن تدفن الشعوب أحلامها.. أن تعترض في صمت!.. أن يرتع اللصوص والفسدة في ربوعها طالما هناك من يتربص بالحشود.. هل معنى هذا أن نستبدل جحيم الفوضى الخلاقة بجحيم الرضا بالظلم والقهر والفشل.. أم أنه لابد من آلية جديدة تحفظ الوطن والمواطن دون سحق أي منهما؟.. للحديث بقية!