دولة فلسطين .. والجري خلف السراب
20 عاماً من المفاوضات و62 عاما من الصراع ولم تتعلم القيادة الفلسطينية الدرس.. لم يتعلموا الفرق بين الوعود الكاذبة والحقائق على أرض الواقع . لم يتعلموا من كم الفرص التي أهدروها عبر تاريخ قضيتهم .. ولا يزال هناك من يتحدث عن المفاوضات مع حكومة يرأسها نتنياهو , ودولة يرأسها شمعون بيريز .. فالاثنان كما يقول عنهما بنو جلدتهما , يعشقان الكلام ويحبان المؤتمرات , لكن لا نية لديهما لفعل شئ .. إنها السياسة الإسرائيلية القديمة (استهلاك الوقت) ..
لن نتحدث عن خلفيتيهما الإيدولوجية .. ولن نتحدث عن رئيس حزب يميني عارض خطة الفصل في غزة .. ولكن أي مفاوضات مع استمرار التوسع الاستيطاني , والجرائم اليومية .. وأي وسيط محايد يعطي الضوء الأخضر لاستمرار توسعة المساحات المحتلة من الأراض الفلسطينية .. فماذا يريد الذين يتحدثون عن المفاوضات الآن ! , رغم علمهم بأنها سراب ليس إلا.. هل يبحثون حقاً عن حل .. إن كان ذلك كذلك .. فالحل , جاء من أقصى الكرة الأرضية .. تبرع به أبناء السامبا والتانجو .. ولم يلق ذلك الاعتراف المجاني بالدولة الفلسطينية من قبل البرازيل والأرجنتين , سوى شكر باهت ..لم يواكبه تحرك فاعل لحشد تأييد دولي للاعتراف بدولة فلسطين .. لم يلحقه اعتراف عربي .
يقول الباهتون إعلان الدولة دون الموافقة الإسرائيلية يضر بالمفاوضات .. ولهؤلاء الفلاسفة نقول .. بالأمس قال وزير الحرب الإسرائيلي إيهود باراك في واشنطن إن توقف المفاوضات يضر بإسرائيل .. وأضاف توقف المفاوضات يذكي التساؤلات في جميع أرجاء العالم عن شرعية وجود إسرائيل .. فماذا يفهم عباقرة المفاوضات من ذلك .. فكلمات براك ليست إلا مجرد كلمات تفضح السياسة الإسرائيلية.. أما الفعل الحقيقي تمارسه قواته هناك في الضفة والقدس الشرقية . باراك يريد دعم هواة التفاوض .. وإسرائيل كلها تريد استمرار التفاوض .. التفاوض إلى مالا نهاية .. إنها الحالة الوحيدة التي تضمن عدم قيام دولة فلسطين .. والمفاوضات وحدها التي تضمن شرعية لإسرائيل ..
فعلى الجانب الفلسطيني استثمار ذلك الفشل , هذا إن كان هواة المفاوضات يريدون حقاً إعلان دولتهم .. فالأرض مهيأة تماما لذلك .. خطأ استراتيجي بالمطالبة بالتفاوض مع استمرار توسيع الاستيطان.. سيادة يمينية في إسرائيل .. وحكومة أضعف من تنفيذ اتفاق سلام .. ووسيط أمريكي فشل في التظاهر بالحياد .. ورغبة دولية عارمة في الاعتراف بفلسطين .. لم يتبق غير الإرادة السياسية .. أو رجال يستطيعون خلق واقع سياسي جديد .. فالمشهد السياسي في فلسطين الآن أحوج ما يكون لقائد يستطيع نزع حقوق شعبه المهدرة .. وعلى من أصابتهم عدوى المؤتمرات والوقوف أما العدسات أن يكتفوا بما حققوه من سراب , وليخلوا المشهد لمن يستطيع الفعل .