رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الحياة الطبيعية

الشعب يريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي!

شعار سمعته من صديق ظهيرة 12 شباط أول يوم طلعت فيه الشمس على مصر، بعد غروب نظام حكم كبّلها 30 عاماً.

لم تضحكني طرافة هذا الشعار كثيراً، لأنها جاءت في يوم مشحون بردود أفعال لم تعرف كلها سقفاً للحلم أو الطموح.

البعض تصور أن مصر بين ليلة وضحاها ولمجرد خلع النظم الفاسد وضعت قدماً في الصف الأول جنباً إلى جنب مع اليابان أو ألمانيا.

لم يهزني أوباما في أي ظهور له قط، مثلما هزني في ذات اليوم بتصريحه «اليوم تبدأ مصر عهداً جديداً ستحتل فيه مكانة بارزة ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل على مستوى كبرى دول العالم»!

تبارى الكثيرون في عقد المقارنات حينها... اختاروا تركيا بنظامها البرلماني وقوتها الاقتصادية نموذجاً لما ينتظر مصر، ولما يجب عليه أن تكون... حتى ولو كان الناتج القومي لتركيا - التي تماثل مصر في عدد السكان - يزيد الآن بأكثر من ثلاثة أضعاف الناتج القومي المصري قبل ثورة 25 يناير.

إذاً فالشعار الذي أطلقه صديقي وإن كان من المحال تحقيقه جغرافياً، إلا أنه بالعمل والتفاني قابل للتحقق اقتصادياً وسياسياً.

لكن يبقى أن الحلم شيء، والعمل على تحقيقه شيء آخر!

فبعد مرور شهرين على قيام الثورة، ما زال الحلم حلماً يسكن الوجدان... وما زالت التحديات على أرض الواقع هائلة.

لم تعد الحياة الطبيعية بعد...

لكننا اليوم قررنا إعادتها إلى ملاعب كرة القدم!

ها نحن نقدم اللعب على الجد... بحجة أن يشعر الناس بعودة الحياة إلى طبيعتها!

هل تغش الحكومة نفسها؟

هل سنقول الكذبة ونصدقها؟!

الأمن ما زال مفقوداً، وإلهاء الناس بمباراة كرة قدم لن يخفي الحقيقة حتى ولو نجحت في تأمينها.

كنت أتمنى من وزير الداخلية بأن يتعهد بأمن الناس. وتأمين المصانع والمستشفيات والشوارع، قبل أن يتعهد بتأمين مباراة كرة قدم نلتف حولها لنلتهي بها.

كنت أتمنى من الدكتور شرف أن يتخلى عن أدبه الجم في مواجهة أنانية أسرة كرة القدم وضغط إعلامها الرياضي... كنت أتمنى ألا يخجل ممن يطالبونه باستئناف مباريات الدوري، يريدونها زفة للاختفاء في زحمتها وهم الذين كانوا يخططون لرياضة مصر وكرتها في صالونات السيدين علاء وجمال.. يريدون الدوري حتى تضيع المطالبة بمساءلتهم مع أزمة هدف غير محتسب أو جدل حول كرة تجاوزت الخط أم لا؟!

فهل هذه هي الحياة الطبيعية

التي نريد عودتها لمصر ثورة يناير، وما تطلبه من يقظة في مواجهة تحديات أمنية واقتصادية ودستورية وبرلمانية.

لو عاد مصنع واحد من مصانعنا إلى سابق طاقته الإنتاجية قبل 25 يناير لقلت مرحباً بعودة كرة القدم.

نحن مقبلون على مغامرة أمنية قد تكون لها تأثيرات سلبية في صورة مصر 25 يناير، سنكرس كل طاقتنا الأمنية لتأمين دوري السيدين صقر زاهر، تاركين فراغاً أكبر ممّا هو عليه الآن في الشارع... متناسين أن لدينا جهاز أمن دولة منحلاً وعدداً غير قليل من رجال الشرطة ما زالوا ناقمين على مصر ما بعد 25 يناير... ولدينا أيضاً برلمان منحل قد يسعى بعض أعضائه إلى استغلال مباريات الدوري وانشغال الشرطة عن الشارع لإشاعة الفوضى لتأجيل الانتخابات البرلمانية، لعل وعسى! إنها ليست نظرية المؤامرة أو نظرة تشاؤمية لما يجرى على الساحة، لكنه حس أمني كنت أتمنى أن تتحلى به حكومة الدكتور شرف، وأن تضع الأمن بالفعل على رأس أولوياتها، حتى لا يخرج بعضهم علينا مجدداً ليقول: «خدنا إيه من الثورة؟»... أو ندع لهم الفرصة ليتحسروا بخبث مستفز: «ولا يوم من أيامك يا مبارك»!

كنت أتصور أن الحكومة التي جاءت محمولة على أكتاف شباب التحرير أقوى بكثير من أي ضغوط!

وكنت أتصور أيضاً أنني عندما سمعت شعار: «الشعب يريد الانضمام للاتحاد الأوروبي»... أنها دعوة لتلمس خطى تركيا الاقتصادية والإصلاحية... لكنني اكتشفت أن الحكومة مدعومة من المجلس العسكري أساءت الفهم فاستأنفت الدوري، ظناً منها أن الشعب يريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم!!

[email protected]