رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما نهب بالقوة.. لا يسترد بغير القوة

بيننا وبين النظام بحور من دماء الشهداء.. بيننا وبين حسني مبارك أموال الشعب المنهوبة.. بيننا وبين مبارك الخراب والدمار الذي تسبب فيه، لا نريد له أن يرحل، إنما نصر على محاكمة كل من اقترفت يداه  جرائم ضد الشعب والإنسانية.

أهذا هو الحكم الذي يطالبوننا بأن نبقي عليه سبعة أشهر أخرى، حتى يفتك بنا، وهو الذي ما إن بدأ "يتمسكن" حتى أطلق كلابه وأعوانه على الشباب الأطهار قتلا وتذبيحا بكل وسائل الخسة والغدر والنذالة؟ أهذا هو الحاكم العادل الذي زعموا أنه يخدم شعب مصر، فإذا به يشعل نار الفتنة التي لم تشهدها مصر طوال تاريخها القديم والحديث؟.

لقد فقد هذا الحكم احترام شعبه، فكيف له أن يبقى في السلطة ولو لشهور؟.

لا والله إننا إن فعلنا ذلك، فلن تقوم لنا قائمة بعد الآن، وسوف نستحق ما سيحدث لنا منه ومن زبانيته الذين أخلوا السجون من المجرمين استعدادا للزج بعشرات الآلاف من المتظاهرين والقوى السياسية في غياهب المعتقلات. لقد حانت ساعة الحساب.. حانت ساعة القصاص.

إنني أشعر بالخجل وأنا اكتب هذه الكلمات.. كلمات لا ترتقي إلى مستوى بطولات الشجعان. أسطر أحرفا تتوارى خجلا من شجاعة رجال قدموا أرواحهم ودماءهم في سبيل التخلص من الديكتاتورية وبزوغ فجر جديد من الحرية والديمقراطية والعدالة.. ولكن دماء الشهداء والمصابين التي خضبت الشوارع لن تذهب هباء.. لن تستطيع عصي الحكومة أو قنابلها أو رصاصها بعد الآن أن تخمد ثورة تتصاعد يوما بعد يوم حتى لو سقط كل يوم ألف شهيد.

لقد خابت توقعاتهم حينما ظنوا أن الشعب المصري أصبح جثة هامدة، وأن الناس تصرخ ثم تهدأ بكلمتين!!.. فها هو المارد يستيقظ من غفوته ويمزق قيوده، نافضا عن نفسه غبار 30 عاما من الحكم الديكتاتوري، مغتسلا بماء الحرية المطهر، ساعيا لاستعادة حقوقه المنهوبة.

لقد خابت ظنون الكثيرين من الساسة الذين ترددوا في المشاركة في تظاهرة 25 يناير، معتقدين أنها مجرد زوبعة في فنجان، سرعان ما تتطاير في الهواء، فإذا بهم يصدمون من هول  ما رأوا.

إن الواجب الوطني يحتم على القوى السياسية في مصر أن تقف في صف الشعب بكل الإخلاص والتفاني دون توازنات أو مواربات أو مراعاة للمصالح الذاتية، وإلا فلن يكون لها وجود في الشارع بعد الآن.

ومن الواجب الوطني أن تبادر هذه القوى بتقديم الدعم اللوجستي للمتظاهرين المرابطين في ميدان التحرير وكافة ميادين مصر، حتى يستطيعوا الصمود، فالأفعال يجب أن تسبق الأقوال. ومن الواجب أيضا أن ترفض القوى السياسية التحاور مع نظام مبارك، إذ كيف يعلنون أن الشعب أسقط شرعية مبارك ثم يتحاورون مع نظامه؟.

كيف يتحاورون مع نظام قتل الأبرياء بدم بارد، ولم يبادر بدفع الدية لأسر الشهداء وتعويضات للمصابين إن كان جادا في الإصلاح؟. كيف يجلسون مع نظام قد أعلن قبل بدء الحوار أن المتظاهرين عملاء وخونة، وأن لهم أجندات خارجية أو دينية أو حزبية؟. كيف يتحاورون مع نظام يسخر إعلامه لخداع الناس وبث الفرقة وتمزيق النسيج الوطني؟. وهل الجدل مع هذا النظام الذي طالبوه على مدى سنوات طويلة بإجراء إصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية، فصم الآذان عن سماع أية  مطالبات سوف يجدي نفعا، بل إنه استهزأ بهم عندما أطلقوا ما اسموه "البرلمان الشعبي" قائلا بكل فجاجة "خليهم يتسلوا"، وكأن التزوير وسلب سلطات الأمة هي ديدنه.

كنت أتوقع من رئيس الحكومة المؤقتة أحمد شفيق، أن يعلن على الفور صرف 100 ألف جنيه لأسرة كل شهيد و25 ألفا لأسرة كل مصاب، ولكننا وجدناه يكتفي بكلمة اعتذار تنم عن اعتراف بالخطأ والخطيئة التي ارتكبها عملاء النظام.

ربما يرى البعض في شخصية عمر سليمان ما قد يشجع على الحوار، ولكن إجراء الحوار في ظل شرعية مفقودة أصلا، لن يصل إلى الأهداف التي يتطلع إليها شعب مصر.

الأمور هكذا لا تستقيم، ولا يمكن لشعب عاقل رشيد أن يقبلها. لقد أثبتت الثورة الشعبية أن في مصر 80 مليون سياسي من الدرجة الأولى، 80 مليون وطني يعشقون تراب هذا البلد، وعلى استعداد  للتضحية بأرواحهم من أجله، وليس من أجل مكاسب دنيوية زائلة.

أقول للبابا شنودة ولشيخ الأزهر ولجميع القوى الوطنية "المحترمة" في مصر: إن هذا البلد لم ولن يكون لحسني مبارك ورموز نظامه الذين يحتمون بالجيش الآن.. ناسين أو متناسين أن هذا الجيش هو جيش الشعب، جنوده وضباطه من الشعب.. أسلحته وعتاده من أموال الشعب.

أعلم أن البعض كان يراهن على أن مبارك قادر على قهر انتفاضة الشعب خلال ساعات، وأن رجال القوات المسلحة يقفون خلفه، ولكنهم أثبتوا- فيما يبدو- أنهم لم يستوعبوا التاريخ، والأحداث، وأنهم في حالة انفصام مع النبض الشعبي.. هؤلاء لا يعلمون أن حفنة قليلة من المنتفعين هي التي تقف وراء نظام مبارك، الذي يترنح الآن. وأجزم عن علم بأن أغلب رجال الجيش- وهم أبناء هذه الأمة- لا يريدونه، فمعاناتهم لا تقل عن معاناة بقية أفراد الشعب وهمومهم من هموم الناس، ونحن نظلمهم إذا اتهمناهم

بمساندة الديكتاتورية.

ومن هذا المنبر الحر، أدعو ضباط القوات المسلحة المستقيلين وكذلك الموجودين في الخدمة إلى مؤازرة هذا الشعب، لأن فرعون وجنوده لن يتخلوا عن مواقعهم، إلا إذا أدركوا أن العصا التي يرهبون بها الشعب، سوف توجه ضدهم.

لقد آن لقادة القوات المسلحة أن ينتفضوا.. آن للمخلصين من الضباط والجنود- وهم كثر- أن يحسموا المعركة، فالتاريخ لا يرحم وهم لا يرضون لأنفسهم التخاذل عن نصرة الحق والشعب. إننا لا ندعوهم إلى العصيان، وإنما الوقوف إلى  جانب الشعب فهم نبضه الحي، وقوته التي تدافع عن مصالحه وأمنه.

إن الإجماع الشعبي والدولي على رحيل مبارك أصبح أمرا غير قابل للتفاوض، فقد أضر الرجل أيما ضرر بشعبه وباقتصاد الوطن واقتصاديات دول المنطقة بل والعالم كله، ولم يعد مقبولا  الإبقاء عليه ولو يوم واحد. إنه يحتمي بقصره وحرسه ولكن إلى  متى؟.

ويبقى أن نقول لعمر سليمان: إذا كنت حريصا فعلا على مصلحة هذا الوطن، وليست لديك أطماعا في الحكم، فلا تكن مخلبا في يدي حسني مبارك، فأنت أكبر وأشرف من ذلك، ولكن يجب أن تبادر بتغيير تلك السياسة العقيمة التي دأب عليها النظام.. يجب أن تفكر مثلما يفكر الشعب، ولا تنجرف وراء تقارير مشبوهة كالتي كان يعتمد عليها مبارك في قراراته، وإلا فإنك تعزل نفسك عن الناس، ولن يجدي حوارك مع الآخرين، فالتجربة خير برهان.

أنت- يا سيدي- رجل معلومات، وتستطيع بخبرتك أن تميز بين الدسائس والحقائق، فافتح قلبك وعقلك للناس، ولا تلقي بالاتهامات دون أدلة دامغة، فإن كانت لديك أدلة فقدمها إلى الشعب فورا، وكفانا ما جرى من سياسات وأساليب الحكم الشمولي.

يا سيدي، أدعوك بكل إخلاص أن تعيد النظر في أسلوب إعلام الحكومة والإعلام التابع فورا، ذلك الإعلام الأحمق المضلل، الذي أعاد لنا خلال الأيام الماضية ذكريات إعلام 1967 حين كنا في قمة الهزيمة وهو يمارس تضليل وخداع الجماهير.. يجب أن تبادر- وسوف افترض حسن النية لديك حتى الآن- بالقبض على كافة الفاسدين وعملاء السلطة، الذين نهبوا أموال الشعب وأفسدوا الحياة السياسية وتقديمهم للعدالة فورا، واستعادة أموال الناس المسلوبة حتى تهدأ ثورة الجماهير، وأنت أعلم مني بالمفسد الأكبر.

إننا نطالبك بأن تضع نصب عينيك أن ما نهب بالقوة.. لا يسترد بغير القوة.

لقطات:

  • · الحق أقول إن النظام ورموزه يلعبون بالنار، في وقت شديد الحساسية، فالناس تكالبت عليها الهموم والمشاكل والمتاعب، ولم يعد للصبر مكان في النفوس. "فقرة من مقال نشرته في هذا المكان يوم 15 يناير 2011 تحت عنوان: أفيقوا.. أو ارحلوا غير مأسوف عليكم"، حذرت فيه من ثورة شعبية جارفة تشتعل نيرانها في النفوس، ولا حياة لمن تنادي.
  • · إن استبعاد فرضية تكرار السيناريو التونسي في مصر لم يخرج عن الأماني، بل قد لا أتجاوز إن اعتبرته غشا وتدليسا للنظام الحاكم حتى لا يقرأ دلالات الصورة الحقيقية.. فهؤلاء "الفضائيون"- أقصد وسائل الإعلام الفضائية- يريدون أن يظل النظام غارقا في سباته حتى تقع الواقعة، لا يقدمون له النصيحة الصادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. يغررون به حتى يقال عنهم إنهم "وطنيون"، مع أنهم سيكونون أكثر وطنية إذا حذروه من لهيب القادم من الأيام. "فقرة  من مقال نشرته في هذا المكان يوم 22 يناير 2011 تحت عنوان: حثالة الإعلام.. وإعلام الحثالة".

 

[email protected]