عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حثالة الإعلام .. وإعلام الحثالة

تتداخل الأصوات وتعلو صاخبة.. تكاد المناقشات تتحول إلى مشاجرات بعد سلسلة من المقاطعات.. يشحذ كل ضيف أسلحته للانقضاض على  رأي الضيف الآخر.. حوارات تفتقر إلى أبسط قواعد الأدب والمنطق ويغلب عليها التعصب والجهل والعصبية، بدلا من التفاهم والتفاوض والتجانس.

يظل المذيع حائرا، كيف يستطيع السيطرة على هذا الهرج والمرج؟. يحاول عبثا أن يعطي لكل ضيف فرصته للتعبير عن رأيه، فيفاجأ بضيف آخر أو ربما بقية الضيوف يقاطعونه مرات ومرات خلال أقل من دقيقة.. كل واحد يسفه رأي الآخر، ساعيا إلى سرقة "الكاميرا" على حد تعبير السينمائيين.!

يفقد المذيع صبره فيصمت تاركا الضيوف يتصارعون ولكننا نراه فجأة ينتفض صارخا: لا، لا، لا، الكلام ده مش صح !!

ونظن لبرهة أن تلك اليقظة المفاجئة جاءت تعبيرا عن رفضه للفوضى السائدة في البرنامج، ثم نكتشف أن انتفاضته إنما انطلقت لأن أحد الضيوف "خرج عن النص"، منتقدا هذا أو ذاك من علية القوم.

باختصار.. هذا ما يحدث في معظم برامج إعلامنا الفضائي.. والمدهش حقا أن المتحدثين هم من يسمون أنفسهم "النخبة"، من المحسوبين على السياسة أو الصحافة أو مواقع المسئولية.. فأي نخبة تلك التي لا تعرف أدب الحوار والاختلاف في الرأي؟. وأي حثالة تلك التي لا تعرف أن ثمرة الحوار هي الوصول إلى الحق؟.

والنتيجة أننا نخرج من هذا البرنامج أو ذاك صفر اليدين.. لم نسمع، ولم نفهم، ولم نعرف تحديدا رأي كل متحدث.

فقط.. وجدنا محاولات غير مشروعة لتوجيه فكر الناس وإخماد مشاعر الغضب بداخلهم.. محاولات ساذجة لغسل الأدمغة بآراء لم تقدم مبررات مقبولة، من عينة "مصر غير تونس، ولن تقع بها ثورة شعبية على غرار ما حدث هناك".

وإذا افترضنا جدلا أن مصر غير تونس، فهل يرى هؤلاء الجهابذة أن المطالب الشعبية مختلفة، وأن النسيج الاجتماعي مختلف؟ وهل نظام الحكم في تونس شمولي ولدينا ديمقراطي حتى النخاع؟. وهل التونسيون يثورون بينما المصريون خانعون غير قادرين على التحرك؟. وبأي منطق يستبعد هؤلاء فرضية عدم تكرار الثورة الشعبية إذا كان المناخ واحدا ومهيأ لانتفاضة شعبية جارفة؟.

إن هذا المنطق على ما فيه من سذاجة وسطحية، يتجاهل عوامل الثورة القائمة في كل قطر عربي شئنا أم أبينا، تلك العوامل التي يجب أن تعرفها الأنظمة الحاكمة، وتتفاعل معها سريعا لاحتوائها قبل أن تتحول إلى بركان يفيض بحممه الملتهبة إلى الشوارع.

إن استبعاد فرضية تكرار السيناريو التونسي في مصر لم يخرج عن الأماني، بل قد لا أتجاوز إن اعتبرته غشا وتدليسا للنظام الحاكم حتى لا يقرأ دلالات الصورة الحقيقية.. فهؤلاء "الفضائيون" يريدون

أن يظل النظام غارقا في سباته حتى تقع الواقعة، لا يقدمون له النصيحة الصادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. يغررون به حتى يقال عنهم إنهم "وطنيون"، مع أنهم سيكونون أكثر وطنية إذا حذروه من لهيب القادم من الأيام.

وإزاء تلك الزفة الإعلامية، التي تحط من قدرة الشعب المصري على المطالبة بحقه في الحياة الكريمة ربما يتساءل البعض: ألم يكن من الأجدى أن نستفيد من وقتنا بضغطة زر على "الريموت كنترول" بحثا عن إعلام آخر يفهم مغزى "الحوار" بدلا من الجلوس أمام أولئك السوفسطائيين وأشباه المثقفين؟.

في الأوساط الشعبية، يطلقون على أمثال هؤلاء "أبو العريف"، وهو الشخص الفهلوي الذي يدعي معرفة كل شيء، وفهم كل الأمور.. وليس غريبا أن تصادف "أبو العريف" في بعض المواقع بين الحين والآخر، وهذا أمر طبيعي في مجتمع مازال يعتمد "الفهلوة" منهجا للوصول إلى الكرسي. وليس عجيبا أن يفرض عليك "أبو العريف" رأيا غير سديد، ظنا منه أنه الوحيد ذو العقل الرشيد.. ولكن أن تنتقل "فهلوة" أبو العريف إلى الفضائيات والصحف لـ"توجيه الرأي العام" في الألفية الثالثة، فهذا ما يحول الإعلام من "رسالة" إلى "حثالة".!!

أسئلة سريعة إلى:

* الأخ العقيد: مادمت معجبا بابن علي وتدافع عن سياسته، فلماذا لم ترحب به في ليبيا؟.

* رئيسة جامعة طنطا: كيف تسمحين بإجراء امتحانات يوم الجمعة في بعض الكليات وهو يوم إجازة رسمية؟.

* الزميل سيد علي: هل ما قلته في برنامج "48 ساعة" على قناة المحور "ياريت كل النواب زي المهندس أحمد عز"، شجاعة رأي قد تطيح برصيدك لدى الرأي العام أم زلة لسان؟.

* نقيب الصحفيين: هل سننتظر 16 عاما أخرى حتى يرى مشروع إسكان الصحفيين في "بالوظة" النور؟.

[email protected]