رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

العدالة .. لا تباع ولا تشتري

يجب أن نسلم جميعا بأن الله تعالي قد فرض العدل، وأمر أناسا بالعدل، وجعل من العدل بين الناس - أي القضاء والحكم بين الناس في كافة المنازعات مهما اختلفت درجاتهم ومقاديرهم - يجب أن يتحقق العدل بينهم بواسطة الحاكم..

سواء كان هو الخليفة أو الوالي أو الأمير أو الملك أو الإمبراطور أو رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة. لأن كل إنسان مهما كان موقعه مأمورا بالعدل والمسئولية تقع عليه.. وهنا.. نذكر ونسجل الحديث الشريف «كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته»، وتلك القاعدة الأصولية الأزلية الشريفة تجري وتطبق بين كل الناس علي اختلاف ?لعصور والأزمان، وكل راعٍ مسئول عن رعيته ولو كان رئيسا أو وزيرا أو مديرا أو حتي في أسرته كراعٍ للأسرة.. والأمثلة عديدة ومتعددة، ولا تسع المقام لحصرها أو سردها أو تعدادها.. وبالتالي فالحكومة مسئولة عن إقامة العدل بين الناس، وحتي فيما بينها وبين الناس.
ومن هنا..كان القضاء ا لعادي والقضاء الإداري الذي يعتبر رقيبا علي أعمال السلطة.. حريصا علي كل الحرص علي تحقيق العدل بين الحكومة والأفراد والجماعات.. وبذلك يتحقق العدل المطلق، وإذا كان الفقهاء وأساتذة القانون قد اعتبروا أن العدالة تأخذ حكم مرفق عام من مرافق الدولة لأن القاعدة الدنيوية أيضا تقول إن العدل أساس الملك وأساس الحكم.. بل وأساس كل شيء.
ولعلي - هنا - أذكر أنه منذ عدة عقود من الزمن - حتي لا تخني الذاكرة - كنا في فترة الستينيات عندما فكرت حكومة «عبدالناصر» في فرض زيادة علي الرسوم القضائية، والناس دائما تشكو أعباء الحياة وتزايد الأسعار وتكاليف المعيشة يوما بعد يوم، فكان الاقتراح بزيادة الرسوم القضائية محلا للاعتراض والرفض من جانب جماهير الشعب المصري، فقام نقيب النقباء المرحوم الأستاذ مصطفي البرادعي - نقيب المحامين في ذلك الوقت، رحمه الله رحمة واسعة - بزيارة وزير العدل، فقال له بلسان المعبر عن النقابة العريقة.. قلعة الحريات.. الحصن القديم الع?يق، القائم علي خدمة العدالة والدفاع عن الشعب المصري في كل الأزمات وفي كل الأوقات.
قال الأستاذ النقيب للسيد وزير العدل: «إن العدالة مرفق من مرافق الدولة، وأن العدالة ليست سلعة تباع أو تشتري، كما أنها خدمة تؤدي بغير مقابل، ويكفي أن القانون قد فرض من قبل رسوما معقولة للتقاضي.. ففي زيادتها تحميل للمواطن أعباء لا قبل له بها.. فكيف نقبل زيادة الرسوم القضائية؟! فاعتذر وزير العدل بأن الدولة ميزانيتها ثقيلة ومرهقة، وأن الحكومة تسعي لزيادة موارد الخزينة العامة للدولة، وفي هذا مصلحة للبلد..!! فرد عليه الأستاذ النقيب - رحمه الله - بأن تحقيق العدالة وإقامة العدل في الدولة

يعتبر خدمة يجب أن تؤدي بغير?مقابل - أي أن العدالة تقدم كخدمة مجانية، ولا علاقة لها بموارد الدولة، وأن وزارة العدل هي وزارة خدمات وليست وزارة إيرادات، وأصر الأستاذ النقيب علي اعتراضه ومعارضته لفكرة زيادة الرسوم القضائية، إلا أن الحكومة الدكتاتورية فرضت الزيادة رغم أنف الناس.. والأمر لله.
ومرت عقود.. وعقود من الزمن تعرضت الرسوم القضائية للزيادة، المرة بعد المرة دون نظر لمعارضة المحامين أو غيرهم من الشعب.. أفرادا أو جماعات.
وبكل أسف.. انتشرت في هذه الأيام أخبار تشير الي أن الحكومة الحالية - وهي حكومة ما بعد الثورة العظيمة لشعب مصر - تبحث وتفكر في زيادة الرسوم القضائية زيادة فاحشة تتراوح بين 400٪ و500٪!! وهذا أمر خطير أعترض عليه - كمحام مشتغل بالقانون - وأرفع صوتي بالرفض والإصرار علي الرفض، وهنا يجب أن أشير أيضا الي أن نقابة المحامين - رغم ما تعانيه الآن من ظروف نعرفها جميعا - فقد انطلق منها صوت نقيب المحامين الأستاذ سامح عاشور معلنا رفض النقابة بشدة لهذه الزيادة الفاحشة، وقد انفردت صحيفة «الوفد» بنشر تصريحات ومعارضة الأستاذ ا?نقيب لمجرد التفكير في إعداد مشروع الزيادة المرفوضة - أو بتعبير آخر - إن شئت الدقة - فقل إنها «الزيادة الملعونة».
وأري - مع زملائي المحامين وكافة من يشتغل بالقانون - أن ننضم الي معارضة نقيب المحامين لهذا المشروع الآثم وأن نرفضه بشدة، فكفي بالناس تحميلا وإثقالا لأعباء الحياة.
وأعود - مرة أخري - فأقول: «يا ناس.. ارحموا الشعب.. فالعدالة لا تباع ولا تشتري علي الإطلاق» وهي ليست سلعة، وإن كانت قيمتها غالية فاتقوا الله ولا تفكروا في الإقدام علي هذا المشروع المرفوض.. والمرفوض.. والمرفوض.
ألا هل بلغت.. اللهم فاشهد.


محام بالنقض
ومساعد رئيس الحزب