الإسلام.. دين الوسطية والاعتدال
ورد في الحديث الشريف أن »الدين يسر« كما ورد في وصايا الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، أن نكون دائماً »مبشرين لا منفرين، وميسرين لا معسرين« وقد انتشر الإسلام بالاقناع والاقتناع ومقارنة الحجة بالحجة ومقارعة الدليل بالدليل عن طريق المجادلة بالتي هي أحسن - حسبما أمر المولي عز وجل في محكم التنزيل الكريم »أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن« (سورة النحل).
وعاش الإسلام والمسلمون في مصر مع المسيحية والمسيحيين جنباً إلي جنب لمدة تزيد علي الأربعة عشر قرناً من الزمان - كلاهما يعتبر الآخر أخاً له.. فكلنا مصريون - أي أننا مصريون جميعاً بلا تفرقة ولا تفريق، وتمر السنوات تلو السنوات وتزداد الروابط الأخوية حتي قال الناس إن النسيج واحد وأن الأمة كلها قلب واحد ويد واحدة.. وعاش الجميع علي الحلوة والمرة يتقاسمون العيش ويتبادلون المشاعر في السراء والضراء، وكنا - ونحن تلاميذ في مراحل الدراسة - لا نشعر بأي فرق بل أخوة صادقة ومودة بلا حدود - حتي تدخلت أصابع الاحتلال وهي تسعي لتطبيق سياسة »فرق تسد« وراحت تسعي للتآمر والإيقاع بين الأخوين لكي تكون السيادة في النهاية للمحتل البغيض، ولم يلبث أن تكشف الأسلوب الرخيص وباءت مؤامرات المحتل أو المستعمر بالفشل، واستمرت الأخوة الصادقة حتي جاء العهد الديكتاتوري البغيض الذي سقط إثر ثورة الشعب المصري في 25 يناير سنة 2011 وتهاوي عرش الديكتاتور وسقط هو ولصوص الحكم وسارقو الأموال وقاتلو الأرواح الواحد بعد الآخر - وهم الآن نزلاء السجن علي سبيل الاحتياط، وقريباً سيحكم القضاء العادل بمعاقبتهم ورد أموال الشعب المسلوبة والمنهوبة - ليلقي كل منهم جزاء ما قدمت يداه من جرم في حق الله والوطن والشعب.
وقد تكشفت الحقيقة للعيان بأن الحاكم الديكتاتور كان يسعي دائماً لبث الفتنة الطائفية وبذر بذور الفرقة والعداء بين الأخوة والأخوات وصولاً إلي أن يتسيد هو فوق الجميع ويحكم بقانون الطوارئ ويصادر الحريات ويهتك الحرمات والأعراض ويسرق الأموال تحت تهديد الناس بأنه يسعي لمحاربة الفتنة الطائفية والحفاظ علي وحدة الأمة!! وكانت التمثيليات الواحدة تلو الأخري، وما كان الناس يصدقون حتي انكشفت الألاعيب مؤخراً، وعرفت الحقيقة.. ومن الذي كان يسعي لإشعال الفتنة الطائفية؟.. ومن المستفيد؟.. ومن المدبر؟.. ومن الفاعل؟
والحمد لله.. نجحت ثورة الشعب المصري في إسقاط حكم الديكتاتور وأعوانه من اللصوص والمارقين، وما أن تنفس الناس الصعداء.. حتي خرجت علينا جماعات أصحاب المطالب الفئوية وجماعات التيارات السياسية أو الدينية المختلفة، وكان من أبرزها تيار السلفية أو المتشددين وهم يحاولون فرض إرادتهم وفرض مبادئهم ورؤيتهم لبعض الأمور - ومنها هدم الأضرحة وهدم المساجد. علماً بأن هذا يتعارض مع القاعدة الراسخة التي أرسي دعائمها القرآن الكريم »لا إكراه في الدين قد تبين
والتاريخ شاهد - والله تعالي خير الشاهدين - ولعلي أذكر وأذكر بأننا في حزب الوفد - حزب الوحدة الوطنية الصادقة والحقيقية - ننادي منذ القدم بأن »الدين لله والوطن للجميع« وأن الهلال يعانق الصليب منذ عدة قرون.. وسيبقي الحال كذلك ما شاء الله أن تبقي الحياة.
فلا مجال لبث الفرقة أو الوقيعة بين الأخوين، وليعبد المسلم ربه في المسجد ويتق الله وفق أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وليعبد المسيحي ربه في الكنيسة وفق أحكام الإنجيل المقدس، ومرحباً بالمسلم المتدين.. ومرحباً بالمسيحي المتدين، فكلاهما أخ شقيق للآخر، ومرحباً بالمواطن الذي يعبد الله ويخشي الله ويراقب الله في السر والعلن، فهو لا ولن يسرق أو يرتشي أو يزورأو يأكل حراماً.
وفي كل ذلك ضمان للجميع - أبناء الوطن الواحد - في حياة حرة كريمة ونظام ديمقراطي أصيل، بغير تفرقة أو تفريق، فالناس جميعاً سواسية لا فرق بينهم إلا بتقوي الله والعمل الصالح.
هدانا الله وإياكم سواء السبيل
محام بالنقض
وسكرتير عام مساعد الحزب