رئيس مدني.. دولة مدنية ديمقراطية
يبلغ عمر النظام الجمهوري في مصر قرابة الستين عاماً.. قضيناها ونحن نعتز بالنظام الجمهوري- بعد إلغاء النظام الملكي، بعد نجاح حركة ضباط يوليو 1952 المباركة وأقيمت الأفراح والليالي الملاح، وأنشد الشعراء والمطربون والمطربات أغاني الترحيب والتهاني بذلك، ولكن.. جاءت فجأة أزمة مارس سنة 1954 حيث كشر الطاغية عن أنيابه وانحاز له غالبية أعضاء مجلس الثورة من الضباط،
وجرت أحداث مؤسفة منها عزل اللواء محمد نجيب- رحمه الله- بعد الاهانة والتهديد بالقتل.. ثم تحديد إقامته والاعتداء علي المرحوم الدكتور السنهوري في مجلس الدولة والتهديد بقتله وتعطيل المواصلات وقذف نقابة المحامين بالحجارة والهتاف علي بابها بسقوط المحامين الجهلة!! ثم جري تعطيل صحيفة «المصري» أحسن وأعظم جريدة مصرية عبر سنوات التاريخ الطويلة ليؤسس من أسموه بالزعيم الملهم أول ديكتاتورية في مصر بنفسه ولنفسه- أو بتعبير آخر أنه زرع الديكتاتورية في مصر، وهو ما أدي إلي عبادة الحاكم المطلق وأدي بعد ذلك إلي هزيمة يونيو سنة 1967 دليل الفشل الذريع.. ثم انتقل الحكم بعد وفاته إلي زميله ونائبه أنور السادات لتستمر الديكتاتورية العسكرية مع شيء من التخفيف.. ثم لم يلبث الخلف أن سار علي نهج السلف.. فكانت اعتقالات سبتمبر سنة 1981 والتي أدت بدورها إلي حادث المنصة واغتيال رئيس الجمهورية يوم الاحتفال بذكري انتصارات السادس من أكتوبر سنة 1973 الموافق العاشر من رمضان والتي كانت قد غيرت وجه التاريخ ليقفز إلي مقعد الرئاسة نائبه العسكري أيضاً حسني مبارك- لا سامحه الله- والذي طبق القاعدة التي تقول «اتمسكن.. لما تتمكن» فلم يلبث بعد فترة قصيرة أن كشر عن أنيابه وتحول إلي ديكتاتور شرس تحميه المخابرات ومباحث أمن الدولة ويتسلط علي العباد وتتسلط عصابته أيضاً لما يقرب من ثلاثين عاماً جري خلالها نهب أموال وأراضي مصر وتحويل الأموال والعمولات للخارج بالمليارات.. ثم التجهيز لتوريث العرش لابنه- أو كما أسماه معالي الوزير المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق «ننوس أمه»!! وهو ما مهد لثورة 25 يناير سنة 2011 العظيمة.. ثورة الشعب المصري بأكمله والتي أزاحت النظام الديكتاتوري إلي غير رجعة وأسقطت حكم الفاسدين واللصوص والمرتشين.. فذهبوا خلف الأسوار غير مأسوف عليهم- وهم الآن ينتظرون حكم القضاء العادل.
وإذا كنا قد طالبنا بوضع دستور جديد وإعادة بناء مصر كدولة مدنية ديمقراطية حديثة تصبح نموذجاً يحتذي بين دول المشرق العربي.. بل ودول العالم- فجاء موقف المجلس العسكري بإطالة الفترة الانتقالية من ستة شهور إلي سنة ونصف السنة ولتجري انتخابات البرلمان في ظل إعلان دستوري مؤقت.. ثم تجري انتخابات رئاسة الجمهورية أيضاً في ظل نفس الدستور المؤقت-
وكلنا أمل في مستقبل سعيد آمن زاهر لمصرنا العزيزة الغالية.. حماها الله ووقاها شر الفتن.. وكتب لها الخير والتوفيق..
إنه تعالي سميع مجيب
----
محام بالنقض
مساعد رئيس الحزب