عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

اتقوا الله فى مصر

لم أجد أحسن ولا أبلغ من هذا النداء.. أتوجه به إلى كل مسئول فى مصر.. خاصة أعضاء البرلمان بمجلسيه وأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء والسادة المحافظين..

بل وإلى كل من يشغل موقعاً من مواقع المسئولية فى وقت تمر فيه البلاد بظروف حرجة ودقيقة للغاية.
وهو النداء الذى وجهه واحد من الرعية - ذات يوم منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان - إلى أمير المؤمنين الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب.. إذ قال له «اتق الله يا عمر»، فاحتج بعض الحاضرين وقالوا «من يتق الله إن لم يتقه عمر».. فكان رد الحاكم العادل والخليفة الراشد (اتركوه.. فلا خير فيكم إن لم تقولوا، ولا خير فينا إن لم نسمعها).
وهذا النداء أنسب وأبلغ فى التعبير الموجه منا إلى كل مسئول فى مصر فى المرحلة الحالية من تاريخها.. خاصة إلى نواب المجلسين الذين طلب منهم الإعلان الدستورى اختيار لجنة تأسيسية لإعداد مشروع الدستور الجديد بالانتخاب فاستأثروا لأنفسهم بنصف المقاعد..!! واختاروا النصف الآخر منهم ومن قلة خارجية ولا تمثل الاتجاهات السياسية للمجتمع المصرى - أى أن نواب حزبى الحرية والعدالة مع النور السلفى قد استأثروا بنصيب الأسد!! متناسين أن شروط الأسد تفسد العقد أو تفسد التصرف.. لأن المفترض فيمن يتولى المسئولية أن يتجرد للمصلحة الوطنية ويزن الأمور بميزان العدل الدقيق ويساوى بين الناس طبقاً للقاعدة الأزلية «الناس سواسية» وعلى المسئول أن يساوى بين الناس فى عدله وفى قضائه وفى مجلسه، بل وفى نظرته إليهم بغير تفرقة ولا تفريق - إلا أن السادة خالفوا كل القواعد واختصوا أنفسهم أولاً بنصيب الأسد - على سند من قول خاطئ «بأنهم أصحاب الأغلبية البرلمانية» وأنهم بذلك أصحاب القرار وأصحاب التصرف دون معقب عليهم..!! وهذا قول غير صحيح، لأنهم أصحاب أكثرية عددية وليست أغلبية بالمعنى القانوني، وكان من الواجب عليهم مراعاة تمثيل جميع طوائف الشعب والأطياف السياسية المختلفة فى تلك اللجنة، لأن ألف باء القانون الدستورى تقضى بأن الدستور لا يأتى على سبيل المنحة من حاكم ولا من حكومة، بل يضعه الشعب بإرادته الحرة الكاملة عن طريق انتخابات حرة نزيهة شفافة، لأن الشعب هو السيد المطاع والأمة هى مصدر السلطات، كما أن البرلمان يأتى طبقاً للدستور، وكما سبق أن قلنا أكثر من مرة

إن الشرعية الثورية لثورة يناير سنة 2011 العظيمة قد أتت على كل شيء وأزاحت النظام الديكتاتورى الفاسد إلى غير رجعة، وأننا - تبعاً لذلك - نحتاج إلى إعادة بناء الدولة الحديثة كدولة مدنية تقوم على الديمقراطية الكاملة غير المنقوصة، وأن حجر الزاوية فى البناء هو الدستور.. لأنه عماد النظام السياسى للدولة، وهو أسمى وأعلى القوانين، وبعد وضع الدستور يأتى تشكيل كيان الدولة وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية طبقاً للدستور وأن المجلس العسكرى قد أخطأ فى تأخير وضع الدستور إلى ما بعد انتخاب البرلمان وانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، لأن كل ذلك يأتى بعد الدستور وتطبيقاً لأحكام الدستور، فإذا بالبرلمان ينحرف عن طريق الصواب متعصبًا للأكثرية العددية بصورة غير مقبولة.. مما جعل العديد من التيارات السياسية يرفض المساهمة فى تلك اللجنة لأنه لا ينتظر منها غير التعبير عن صانعيها والانحياز لمن اختارها!!
وقد أحسن الوفد صنعاً إذ رفض المشاركة فيها متمسكاً بتعديل الإعلان الدستورى ليكون اختيار اللجنة التأسيسية بالانتخاب الحر المباشر من الشعب وأن يكون فيها العدد الكافى من أساتذة القانون الدستورى بالجامعات وغيرهم من المفكرين وممثلى الاتجاهات السياسية المختلفة.
وأرى هنا أنه لا علاج ولا داعى للترقيع فى التشكيل، بل يجب العدول عن هذا التشكيل.. وإلا ستأتى الطعون القضائية المرفوعة ضدها لتقضى عليها فعلاً.. ليكون التشكيل بالانتخاب الحر المباشر.. والشعب هو السيد المطاع.
وأكتفى بهذا القدر.. لأن مساحة النشر محددة لكى أعود وأقول للجميع بلا استثناء (اتقوا الله فى مصر يا سادة هداكم الله).

----
محام بالنقض
عضو الهيئة العليا للوفد