عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

..وهرب الطاغية تحت جنح الليل

في البداية.. أري لزاما علي أن أتقدم بخالص التهاني للشعب التونسي الشقيق علي ما حققه من انتصار ساحق علي الحكم الدكتاتوري في معركة الحرية والديمقراطية، وهي تجربة كانت محل تقدير واحترام من جميع الشعوب المحبة للديمقراطية والعاشقة للحرية، وإن كان الشعب التونسي المنتصر قد تحمل ثمنا غاليا لكي يعلم الجميع أن ثمن الحرية غال.. وأنها تستحق أن يدفع من أجلها النفس والنفيس، وأن الحقوق لا تستجدي.. ولكنها تنتزع انتزاعا.

فعلي مدار ما يقرب من شهر استمرت فيه المظاهرات الشعبية والإضرابات في مختلف المدن التونسية.. سقط عشرات الشهداء حتي بلغ العدد حوالي مائتين أو يزيد، وقد بدا في أول الأمر مكابرة وعناد من جانب الحاكم الدكتاتور الذي جثم علي صدر شعبه حوالي ربع قرن من الزمان.. مقيدا الحريات .. منكرا للديمقراطية متطلعا للحكم مدي الحياة..!! ثم اختيار وتحديد من يأتي من بعده..!! رغم أنه نظام جمهوري يقوم علي الاختيار بالانتخاب، وقد دفعته طبيعته الدكتاتورية أن يستأسد علي الشعب وتحدي الجماهير في بادئ الأمر.. إلا أنه عندما أدرك إصرار الشعب علي الانتصار في مركته المصيرية واستشعر قرب الخطر.. فضاق عليه الخناق وانكشف جبن المستأسد وهرب تحت جنح الليل بمساعدة ليبية - كما ذكرت الأخبار - وظل في الجو عدة ساعات كالفأر المذعور والدول والحكومات ترفض استقباله حتي تعطفت عليه حكومة السعودية وقبلت نزوله شريطة ألا يتحدث أو يظهر في أي موقف أمام الإعلام أو الصحافة.. لأن الحكومة السعودية تقدر الشعب التونسي وتقدر نضاله وكفاحه المشهود له تاريخيا.. سواء ضد المستعمر أو ضد الطاغية، وبذلك خرج الدكتاتور الطاغية هربا بجلده - كما يقول التعبير العامي

- لينفد بجلده من حساب دقيق.. وينجو بنفسه.. من غضب شعبه الثائر، وليجني في النهاية ثمار ما ارتكبه من ظلم وبطش بشعبه ووطنه الذي أكرمه وقبله حاكما ورئيسا.. فخان الأمانة وبطش بالناس واستبد واستكبر وأراد أن يحكم مدي الحياة ويختار من بعده من يأتي من ورثته أيضا..!! وتلك كانت من أكبر الجرائم والمصائب في عالم الحكم والسياسة..

حقا.. إن تجربة تونس الشقيقة.. تجربة رائدة وعظيمة، وإن كانت قد بدأت بحادثة الشاب الذي انتحر وأحرق نفسه.. - وهي جريمة في حكم الشرع والقانون - كما تبعها أثناء المعركة وبعدها تساقط أعداد كبيرة من الضحايا والشهداء والمصابين.. إلا أنها نجحت بعد دفع الثمن الغالي - وكما قال أمير الشعراء:

وللحرية الحمراء باب .... بكل يد مدرجة يدق

ومانيل المطالب بالتمني .... ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

فألف مبروك يا أبناء الشعب التونسي الشقيق الحر الأبي، وأقول لباقي الشعوب العربية والحكومات المؤبدة باختصار وإيجاز شديد (إن في ذلك لعبرة...) فهل منكم من يعتبر - أي يأخذ العظة والعبرة ويستوعب الدرس.. أرجو ذلك .. والله المستعان.

 

*المحامي بالنقض

وعضو الهيئة العليا للوفد