جريمة العام
ونحن نستقبل العام الميلادي الجديد، وفي الساعة الأولي منه، والناس في غمرة تبادل التهاني والأمنيات.. تعلو وجوههم الضحكات والابتسامات، فجأة.. يدوي صوت انفجار هائل يقضي علي كل ذلك ليتساقط العشرات بين قتيل وجريح وتتطاير الأشلاء البشرية، وتعلو الصرخات والأنات ليجد الناس أمامهم الدماء والأشلاء بشكل بشع تغطي الأرض في مدخل كنيسة القديسين وفي الشارع المحصور بين الكنيسة والمسجد المقابل لها بمنطقة سيدي بشر بالإسكندرية، وتأتي سيارات الإسعاف والانقاذ والأمن، ويحار الناس في تفسير ما حدث وسببه ليقول رجال الأمن إنها سيارة ملغومة انفجرت، أو حادث انتحاري.. أو غير ذلك من استنتاجات لا تشفي غليلاً، فدماء الضحايا غزيرة وجثث الشهداء والمصابين بلا عدد - فلماذا هذا الذي حدث..؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات..؟ ومن الفاعل المجرم..؟ فيقول قائل للوهلة الأولي إنها جريمة نكراء استهدفت إشعال الفتنة الطائفية بين المسيحيين والمسلمين، ويقول آخر انها استهدفت المسيحيين وحدهم في ليلة احتفالهم بأعياد رأس السنة الميلادية وقرب حلول عيد الميلاد المجيد، ويقول آخر إنها أصابع أجنبية استهدفت الشعب المصري بأكمله.. فلم تفرق بين الأخ وأخيه فأصابت المسلم والمسيحي معا في وقت واحد، وإن انفعل البعض من الإخوة المسيحيين وقاموا بقذف المسجد بالحجارة ظنا منهم - علي سبيل الخطأ - أن الفاعل هناك لا قدر الله - في حين أن العقل السليم لا يتصور قيام مسلم أو مسيحي بمثل هذه الجريمة التي أصابت مصر في الصميم وأصابت المسيحي والمسلم معا وفي وقت واحد بغير تفرقة ولا تمييز - فهل يعقل أن يفكر مسلم في نسف مسجد وكنيسة متجاورين..؟ وهل يعقل أن يفكر مسيحي في نسف كنيسة ومسجد متجاورين منذ عدة عقود من الزمن..؟ وعلي شاكلة ذلك فقد تساءل الناس ذات يوم عن شخصية من وضع قنبلة في ميدان سيدنا الحسين الذي يزوره المسلم وغير المسلم أيضا..؟
إنها بالقطع يد خبيثة أجنبية من جهة لها مصلحة في تخريب وتحطيم مصر وضرب شعبها في الصميم بغير تفرقة ولا تفريق ولا تمييز بين المسلم وأخيه المسيحي فكلاهما أصيب في مقتل ولعل التحقيق والبحث الجنائي يؤدي إلي معرفة المجرم الفاعل - وإن كانت الأمارات والقرائن تشير إلي الموساد الإسرائيلي.. لان هذا يأتي في أعقاب الاعتراض علي إقامة مولد أبوحصيرة في محافظة البحيرة واعتراض الناس وازدرائهم لمن حضر من الصهاينة لاستفزاز مشاعر المصريين جميعا ومساعدة الحكومة علي عدم تنفيذ حكم القضاء الإداري بمنع إقامة أي احتفال بأبي حصيرة، وهم بلا شك لا ولن ينسوا أن قداسة البابا هو الذي منع المسيحيين من زيارة القدس - ولايزال يمنع - فكان الرد
محامٍ بالنقض
وعضو الهيئة العليا للوفد