عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المرحلة الأخيرة قبل تفكيك العراق

 

نشر موقع أنفورميشن كليرنج هاوس، هذا المقال في 16 مايو للكاتب الأمريكي الشهير مايك ويتني يصف فيه هذه الخطوة الأخيرة للاستعمار الأمريكي نحو تقسيم العراق، وهو نفس المخطط المعد لمصر الذي كاد ينجح عندما تولت عصابة الإرهابيين الخونة حكم مصر بعد اتفاقها السري مع العدو الأمريكي للتنازل عن ربع سيناء لضمه لقطاع غزة مقابل ثمانية مليارات دولار دفعت لعصابة الإخوان الإرهابية لتمويل حملتها الانتخابية التي أوصلتها لحكم مصر عام 2012، ولولا ثورة الشعب البطل في 30 يونية عام 2013 التي أسقطت حكم العصابة وسحقتها تحت أقدامها لتحقق المخطط الذي لن تعدل عصابة الشر الحاكمة في واشنطن عنه لو وجدت فرصة لتنفيذه.

يبدأ «ويتني» مقاله بمقولة للكاتب الأمريكي رايموندوجوستين نصها أن مصير العراق تحدد عند لحظة الغزو الأمريكي له، فليس للعراق مستقبل كدولة موحدة إذ إن مصيره التمزق لثلاث دويلات علي الأقل، فقد كان هذا هو الهدف الحقيقي لحزب الحرب الأمريكي الذي أراد تفتيت العراق بل والشرق الأوسط كله بنشر الفوضي فيه وهو ما نراه الآن، ويستطرد ويتني قائلاً: «وافقت لجنة القوات المسلحة بالكونجرس علي مشروع قانون يقسم العراق لثلاثة أقسام بأغلبية ستين عضواً من أعضائها واعتراض عضوين فقط، وسيناقش هذا القانون بالكونجرس للتصويت عليه خلال هذا الشهر، وإذا وافق الكونجرس سيستطيع الرئيس أوباما تجاهل حكومة العراق المركزية وتسليح كل من السنة والأكراد مباشرة لقتال داعش، وسيكون ذلك عملياً تقسيم العراق لثلاث دويلات: سنية وشيعية وكردية، وخطة تفتيت العراق قديمة تعود لعام 1984، حيث صرح أوديد بينون بأن استراتيجية الدولة اليهودية حتي قبل قيامها هو أن بقاءها مرهون بأن تصبح إمبراطورية إقليمية تقوم بتفتيت كل الدول العربية بالمنطقة إلي دويلات علي أساس طائفي وعرقي تابعة لإسرائيل».
وقد احتضنت لجنة الكونجرس خطة بينون هذه لتقسيم العراق، ونص مشروع ميزانية عام 2016 بتخصيص 60٪ من الميزانية العسكرية للعراق أو مبلغ 429 مليون دولار لقوات البشمرجا الكردية مباشرة، وتزويد الميليشيات السنية والشيعية بالسلاح مباشرة بما يؤدي إلي تفكك الدولة المركزية وتقوية المتطرفين في كل طائفة.
ويقون بينون بالحرف الواحد عن العراق:
«العراق دولة غنية بالنفط من جهة وممزقة من الداخل من جهة أخري، فهي هدف مثالي لإسرائيل وتفكيكها أكثر أهمية لنا من تفكيك سوريا، فالعراق أقوي من سوريا، وحالياً فقوة العراق التي تمثل الخطر الأكبر علي إسرائيل، وكل مواجهة بين العرب بعضهم البعض ستساعدنا في المدي القصير وستختصر الطريق إلي الهدف الأهم وهو تقسيم العراق إلى دويلات مثل سوريا ولبنان، فتقسيم العراق على أساس طائفي وعرقي مثل سوريا تحت الحكم العثماني أمر ممكن.. وبذا تقوم ثلاث دويلات حول المدن الرئيسية الثلاث:  البصرة وبغداد والموصل، وينفصل الشيعة في الجنوب عن المنطقتين السنية والكردية».
وإذا كانت الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية متطابقتين بهذا الشكل فإن ذلك يفسر غزو داعش للعراق سنة 2014 عندما قام طابوران من سيارات لاندروفر طولهما ميلان وبداخلهما خمسة عشر ألف جهادي باقتحام الصحراء المكشوفة مع سوريا ولم تكتشفهما طائرات الأواكس الامريكية كما أذيع وقتها!! فالتفسير المنطقي لذلك أن الأمر لم يكن فشلاً للمخابرات الأمريكية، بل رغبة واشنطن في أن تنجح الحملة التي تتفق والأهداف الاستراتيجية لأمريكا واسرائيل، وكما حدث فإن المناطق التي يسيطر عليها الأكراد والسنة والشيعة تكاد تكون نفس المناطق التي اقترحها يونان من البداية، ولا يعني ذلك بالضرورة أن قادة داعش تتلقى أوامرها من المخابرات الأمريكية، بل يعني أن أمريكا تري في عصابة داعش التي تعمل لحسابها الخاص ما يخدم الخطة الأمريكية، فداعش يقدم الذريعة لأمريكا لتسليح السنة والأكراد وفرض حدود جديدة داخل دولة العراق القائمة بما يسهل الوصول للموارد الحيوية ويقضي على منافس للنفوذ الإمريكي الإسرائيلي الذي تمثله دولة العراق الموحدة، فأمريكا تحتاج لعدو يبرر تدخلها في شئون المنطقة وداعش يقدم لأمريكا هذا المبرر وقد نشرت جريدة ديلي ستار ما يلي:
«حرب داعش الخاطفة الحالية في العراق هي وهم لتحقيق أجندة سابقة التجهيز من الغرب بالتعاون مع إسرائيل لإعادة رسم خريطة المنطقة عن طريق نشر الفوضى والدمار باستخدام داعش لإقامة خلافة إسلامية سنية بالعراق وسوريا، لتحقيق سياسة أمريكا والغرب بالإيحاء بأن الحرب على الارهاب لم تكن أبداً من صنع الغرب ضد الاسلام، ولكنها حرب داخل الإسلام لأسباب سياسية وعرقية وطائفية داخل الاسلام، وكان اقتراح تقسيم العراق لثلاث دويلات من عند بيدن نائب الرئيس الامريكي، فثقافة بيدن وأهل دائرته

الانتخابية تساعدنا على فهم رغبته في شرذمة العراق حسب خطة بيدن».
وكانت خطة بيدن التي عرضت في خطاب بجريدة نيويورك تايمز في مايو 2006 تتضمن خلق ثلاث مناطق مستقلة مع جعل بغداد منطقة فيدرالية أي أن سلطات الحكومة المركيزة ستتقلص كثيراً وحاول واضعو الخطة المتطرفة تبريرها كأنها مجرد لا مركزية الحكم، وحاول واضعو الخطة اخفاء اهدافهم الحقيقية وهي اضعاف العراق عن طريق تفكيكه وجعله في حالة دائمة كمستعمرة تابعة كما قال ناعوم تشومسكي.
وقد رفض رئيس وزراء العراق المشروع المقترح ووصفه بأنه محاولة لتقليص نفوذه وتفكيك الدولة، وفي محادثة تليفونية مع بيدن أخبره بأن الشعب العراقي وحده هو الذي يحدد مستقبل العراق. كما حذر الزعيم الشيعي مقتدي الصدر أنه لو أقر الكونجرس الأمريكي هذا المشروع فإنه سيأمر قواته في جيش المهدي باستئناف مهاجمة الأهداف الأمريكية بالعراق وخارج العراق.
ومع أن أوباما لا يوافق علي صيغة المشروع المقترح فإن اعتراضه غير مقنع حيث قالت الناطقة بلسان الخارجية الأمريكية إن سياسة أوباما هي عراق موحد، فهذا مهم لاستقرار المنطقة، ولكن متي كانت سياسة أمريكا في الشرق الأوسط واضحة؟! وهل هي واضحة في ليبيا أو سوريا أو اليمن حيث يتم تدعيم وتسليح الميليشيات الجهادية مباشرة أو بطريق غير مباشر بمعرفة أمريكا أو حلفائها؟ هل سياسة أمريكا واضحة في أوكرانيا حيث تسلح وتدرب النازيين الجدد المتطرفين ليحاربوا روسيا بالوكالة؟!
طبعا يريد أوباما أن يظهر بمظهر من يرفض مشروع القانون، ولكن كلامه أكثره علاقات عامة، فالحقيقة أن إدارته لها نفس أهداف الكونجرس ولكنها تخفيها بطريقة لبقة، ويقول الناطق بلسان أوباما: «إننا نتطلع للتعاون مع الكونجرس لإيجاد صيغة تمكننا من تأييد مشروع القانون المهم».
الواقع أن إدارة أوباما تريد استعمال صيغة دبلوماسية لتحقيق نفس الأهداف، وقد حققت لجنة القوات المسلحة بالكونجرس رغبة الحكومة في حذف عبارات من المشروع كانت تسمي قوات البشمرجا وميليشيات القبائل جيوشا لدولة، ومع ذلك يورد الجيش الأمريكي السلاح لهما رأسا دون المرور علي حكومة بغداد.
ليست هناك وسيلة للمراوغة وقد قال رئيس الوزراء العراقي لأوباما: «إنه لو أعطت أمريكا السلاح رأسا الي كل من السنة والأكراد عن غير طريق الحكومة المركزية فإن العراق سيتمزق، الأمر واضح تماما».
وإلي هنا ينتهي هذا العرض لكاتب أمريكي شهير عما تعمله أمريكا بالعراق، وهذا هو نفس المصير الذي تخططه لباقي دول الشرق الأوسط، فشعوب المنطقة تنفذ سياسة أمريكا بيديها، فلو رفض الأكراد والسنة تقسيم العراق فلن تستطيع أمريكا عمل شيء، ولو رفضت العصابة الإخوانية الخائنة التنازل سرا عن جزء من سيناء فلن تستطيع أمريكا أو إسرائيل الحصول علي مبرر لسرقة جزء من أرض مصر.
الأمر في يدنا والخيار لنا، فإما أن نسلك مسلك العملاء من أمثال أحمد جلبي في العراق ومرشد الضلال في مصر وإما أن نرفع قامتنا كما فعل شعب ڤيتنام وشعب الجزائر العظيم حتي نستطيع أن نعيش كراما أو نموت كراما.


الرئيس الشرفي لحزب الوفد