رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تشرشل مصر المسلم

 

تحت هذا العنوان المثير نشر موقع «انفورميشن كليرنج هاوس» في 2 فبراير مقالاً للكاتب رايموند ستوك يقارن فيه بين الدور الحالي الذي يلعبه الرئيس عبد التفاح السيسي في تاريخ مصر والدور الذي لعبه رئيس وزراء بريطانيا الشهير ونستون تشرشل الذي قاد بلده خلال الحرب العالمية الثانية الى نصر حاسم على ألمانيا النازية تغير به تاريخ العالم، يقول ستوك:

هناك آمال كبرى في أن يجلب السيسي الاستقرار للشرق الأوسط، بينما نحتفل في بريطانيا بالذكرى الخمسين لوفاة السير وينستون تشرشل الذي أقيمت له جنازة دولة تاريخية يومي 24 و30 يناير سنة 1965، فإن قليلاً جداً من الناس قد لاحظوا أن لتشرشل خليفة معاصر في عالمنا اليوم، وهو خليفة ليس أوربيا أو أمريكيا بل قائد مسلم من الشرق الأوسط.
ففي أول يناير الماضي قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي انتخب رئيساً في يونيو الماضي ليحل محل محمد مرسي الرئيس المنتمي للاخوان المسلمين الذي أسقطه السيسي نزولاً على رغبة الأغلبية الساحقة من المصريين في يوليو سنة 2013، قام السيسي بعمل لايمكن تصوره في التاريخ الحديث لمصر،وربما في تاريخ الاسلام كله.
فبينما جلس الشيوخ المعممون قادة الفقه السني في أدب ولكن في حالة صدق وسكون طالبهم السيسي بثورة دينية وليس مجرد إصلاح ديني لمواجهة الخطر الذي يتعرض له الاسلام، فبعد أن نادي السيسي بعبارات فضفاضة بإصلاح الخطاب الديني عدة مرات منذ انتخابه رئيساً، في محاولة منه لمواجهة التطرف الاسلامي، ذهب القائد العسكري السابق بنفسه الى الأزهر - أعلى سلطة في الاسلام - وواجه شيوخه المجتمعين في الاحتفال بالمولد النبوي بأن هناك شيئاً شريراً يهدد استمرار حياتهم الدينية، وأن هذا التهديد لا يأتي من الكفار بل يأتي من المسلمين أنفسهم ومن طريق تفكيرهم ومن النصوص التي يستخدمونها في تفسير العقيدة الاسلامية.
وكما نشر معهد أبحاث إعلام الشرق الأوسط، قال السيسي حرفياً: «إنني أوجه خطابي الى رجال الدين ودارسيه، فمن غير المعقول أن الايديولوجية التي نقدسها يمكن أن تكون سبباً في جعل أمتنا كلها مصدر قلق وخطر وقتل وتدمير في العالم كله، من غير المعقول أن هذه الايديولوجية - وأنا لا أعني العقيدة الدينية - بل مجموعة التفسيرات والنصوص التي أضفينا عليها القداسة على مر القرون».
ففي الاسلام تقليدياً يقوم «العلماء» دارسو الشريعة بتوجيه خطابهم الى السلطات المدنية في كل ما يتعلق بالدين، وليس العكس.
وبينما جلس الأمراء المعممون للمذهب السني في أدب وصدق وسكون تام يستمعون للسيسي، إذا به يطالبهم «بثورة دينية» وليس مجرد اصلاح ديني لمواجهة الخطر المصوب لقلب الاسلام.
فإذا راعينا أن السيسي يعتمد على الأزهر لإضفاء الشرعية على نظام حكمه، فقد وقف شيخ الأزهر بجانبه متضامنا، كما وقف بطريرك الأقباط تاوضروس الثاني عندما أسقط حكم مرسي، وبذلك فإن حديث السيسي لشيوخ الأزهر كان مخاطرة كبيرة من جانبه، وقد صعَّد السيسي نداءه بخطوة أكثر خطورة عندما وقف شخصياً إلى جانب البابا تاوضروس لحضور قداس منتصف الليل في البطريركية القبطية بالقاهرة يوم 6 يناير للاحتفال بعيد الميلاد القبطي وهو أمر لم يقم به أي رئيس مصري على الإطلاق، ويومها أعلن السيسي:
«هذا هو ما يجب أن نكون، مصريين، مجرد مصريين، مصريين فعلاً، أريد فقط أن أخطركم بذلك، إن شاء الله، إن شاء الله سنبني أمتنا معاً، ونقبل بعضنا بعضاً ونعطي المجال للجميع، ونحب بعضنا بعضاً بحق حتى يرى الناس ودعوني أقل لكم مرة ثانية سنة سعيدة، سنة سعيدة لكم جميعاً، سنة سعيدة لكل المصريين».
وكما يقول المحلل السياسي بالشرق الأوسط رايموند ابراهيم - الذي زودنا بالفقرة أعلاه - فإن عدداً متزايداً من الدعاة الإسلاميين يشجب بشدة احتفال أي مسلم بعيد الميلاد المسيحي ويعتبر ذلك كفراً.
وضمن من لم تتم ملاحظته قيام السيسي بإلغاء البرنامج المتخلف للتعليم الديني في المدارس الحكومية لحساب برنامج دراسي آخر مدني حديث يتضمن حقوق الانسان وقيم الحداثة وهو عمل ثوري جداً في حد ذاته، وكم يختلف هذا التصرف عن تصرف رئيسنا أوباما الذي ساند الاخوان المسلمين المكروهين خلال الربيع العربي ولايريد حتي الآن الاعتراف بأن أيديولوجية أعدائنا ارهابية بل يتحدث عنها بطريقة ملتوية كأنها مجرد متطرفة رافضاً أي علاقة بينها وبين الاسلام، وبدلاً من ذلك يقول الناطق بلسان جوش ايرنس إن أوباما وعد بأن يحاول منع الاعلام من تغطية الأحداث بما

يستفز الارهابيين إذ صرح قائلاً حرفياً:
«إن الرئيس لن يتحرج الآن من التصريح بالرأي او اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية أمن وسلامة جنودنا من الرجال والنساء» وكان ذلك التصريح من ارنست خلال مؤتمر صحفي للبيت الأبيض يوم 12 يناير رداً على سؤال لأحد الصحفيين عن هذا الموضوع.
عندما كان تشرشل شاباً في معركة أم درمان بالسودان سنة 1898 كان يحارب الجهاديين أتباع «الحرب المقدسة» التي كان يقودها خليفة المهدي في السودان الذي كان يحاول إحياء تجارة الرقيق وتطبيق الشريعة في وادي النيل ثم في كل العالم.
ومع أن الامبراطورية البريطانية شىء ينتمي للماضي فإن فكر الجهاد ما زال حياً ورغم العديد من النكسات فإن الأيديولوجية التي تحرك أعداءنا الاسلاميين اليوم هى في مضمونها نفس الايديولوجية التي كانت أيام المهدي وفي حركات جهادية عديدة قبل ظهور المهدي.
وكما يتضح من هجمات عديدة منذ 11 سبتمبر سنة 2001 وما قبلها إلى الهجمات الأخيرة في باريس هذا الشهر وهدفها المعلن وهو الرغبة في تدميرنا، فإنها في كل مضمونها تهديد رهيب لحريتنا وطريقة حياتنا، كما كان تهديد أعدائنا النازيين الذين حشد تشرشل حلفاءنا الغربيين لهزيمتهم في الحرب العالمية الثانية.
والواقع أن النازيين شاركوا الجهاديين في الشرق الأوسط وخاصة الإخوان المسلمين، شركاء أوباما حالياً الذين يصفهم خطأ بأنهم معتدلون.
ومثل تشرشل يبدو السيسي في صورة أسد، ولاشك أن السيسي وهو يحارب حرباً غاية في الخطورة ضد ما يسمى بالدولة الاسلامية داعش التي تقود التمرد في كل من سيناء وعلى حدود ليبيا التي تزعزع استقرارها مؤخراً، يبدو مماثلاً تماماً لتشرشل في قولته الشهرية في 13 مايو سنة 1940 التي تبدو منطبقة تماما على الآن حين قال: «إنكم تسألوني ما هو هدفنا؟ وأستطيع الإجابة بكلمة واحدة، النصر، النصر بأي ثمن، النصر رغم كل الارهاب، النصر مهما كان الطريق إليه طويلاً وشاقاً لأنه بدون النصر فلن نبقى أحياء».
ولا يجب أن نتوقع مثل هذه الكلمات القوية من أوباما الذي أعاد إلى لندن تمثال تشرشل الذي أعاره رئيس الوزراء البريطاني توني بلير للرئيس بوش منذ ثماني سنوات سنة 2009 بمجرد دخول أوباما للبيت الأبيض، وقد صرح أوباما يوم الثلاثاء الماضي خلال خطابه «حالة الاتحاد» بقائمة مشكوك فيها عن انجازاته في الحروب ضد أعدائنا الذين لم يحددهم، وخلال حديثه سنة 2013 عند اعادة انتخابه استعار كلمة نيفيل تشامبرن الشهيرة بعد تراجعه أمام هتلر في ميونيخ سنة 1038 «السلام بأي ثمن».
إن أعداءنا يعرفون أنفسهم، ويعرفون ما يحاربون من أجله وكذا يعرف السيسي أهدافه، والسؤال هو: هل نعرف نحن أهدافنا؟
وإلى هنا تنتهي هذه المقارنة الشيقة بين السيسي وتشرشل، ومن جانبنا نقول إنه ما لم ننجح مع السيسي في دحر الارهاب حرباً فوق أرض المعركة، وفكراً بتنقية عقول الجيل الجديد من كل روث التخلف المنسوب ظلماً للدين الحنيف، فقل على الشرق الأوسط السلام.

نائب رئيس حزب الوفد