عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أمريكا تهز استقرار المنطقة بإيران

لم يعد لدي أحد أي شك في أن عصابة الحكم اليمينية في أمريكا التي تعمل لحساب المجمع العسكري الصناعي هي التي تقف وراء كل الشرور والإرهاب في العالم. وهي التي صنعت بن لادن والقاعدة ثم قتلته بعد أن تمرد عليها. وهي التي صنعت داعش ومكنتها من السيطرة علي وسط ليبيا بعد أن ساعدتها علي إسقاط القذافي. وهي التي صنعت ما يسمي بالخلافة الإسلامية وجندت لها دجالا يسمي أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي. إلي آخر السلسلة الطويلة من الشرور. والسبب ببساطة أن الاقتصاد الأمريكي مبني علي ضرورة استمرار الحروب سواء بالأصالة مثل غزوها أفغانستان والعراق أو بالوكالة كما هو مستمر حاليا في الشرق الأوسط وغرب إفريقيا وغيرها. لأن 55٪ من مجمل الإنتاج الأمريكي هو أسلحة وكل لوازم الحروب. ولو توقفت الحروب فإن الاقتصاد الأمريكي يصاب بأزمة خانقة مثل الأزمة العالمية سنة 1929 وتنهار الصروح الاقتصادية الضخمة ويتعطل عشرات الملايين من عمال أمريكا عن العمل مما قد يهدد الصرح الاجتماعي ويؤدي لثورة عارمة تسقط العصابة الحاكمة ومجمعها العسكري الصناعي. لذلك فلا مفر من استمرار الحروب سواء بالأصالة أو الوكالة حتي يستمر استهلاك الإنتاج العسكري ولا تقف عجلة الاقتصاد الأمريكي عن الدوران.

نعرض في هذا المقال ما كتبه ضابط أمريكي من ضباط العمليات الخاصة خدم في الجيش الأمريكي لمدة ثلاثين عاما واسمه ستيفن بوتشي ويعمل حاليا في مركز الدراسات السياسية بمؤسسة هريتاج كأحد كبار مسئوليها. وقد نشر مقاله الذي نعرضه هنا بتاريخ 6 أبريل الجاري علي موقع إنفورميشن كليرنج هاوس. يقول بوتشي: لسنين طويلة أنفقت دول أوروبا العظمي أموالا طائلة لبناء قوتها العسكرية الضخمة. وكانت تلعب لعبة خطيرة من سياسة القوة التي تؤدي ببطء ولكن بالتأكيد إلي انزلاقها إلي الحرب الحقيقية.
في يونية 1914 قام أحد القتلة باغتيال ولي عهد إمبراطورية النمسا/ المجر فانفجر بركان البارود في أوروبا.
ويشبه الشرق الأوسط اليوم إلي درجة مخيفة أوروبا في أوائل القرن العشرين، فلسنوات عديدة تنافس جمهورية إيران الإسلامية مع المملكة العربية السعودية، إيران بصفتها زعيمة الشيعة. والسعودية بصفتها القائد الفعلي للعالم السني. إن لدي إيران قوة عسكرية ضخمة بجانب قدرة كبيرة علي الحرب غير التقليدية وكذا عمليات التجسس. ويمتد نفوذها إلي شيعة لبنان وإلي حكومة بشار الأسد في سوريا. وإلي الميليشيات الشيعية القوية في العراق حاليا. كما تشجع إيران وتسلح التمرد الجاري حاليا في اليمن.
أما السعوديون فأقوياء بدورهم. وتحالفوا مع السيسي في مصر ومع الملك عبدالله في الأردن، كما أنهم حلفاء لباكستان التي تملك أحد أكبر جيوش العالم بجانب سلاح نووي. وهناك احتمال كبير أن يتحالف الأتراك مع السعوديين باعتبارهم دولة سنيّة مثل السعودية.
إنه حجم ضخم جدا من قوة النيران، والمنافسة والنزاعات المسلحة عندما تتركز في منطقة صغيرة نسبيا يمكن ان تؤدي إلي انفجار ضخم يؤدي بدوره إلي دمار ضخم غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.
وقد يقول البعض إن هذه القوي المتحفزة موجودة في مكانها منذ عدة عقود. فلماذا نقلعه الآن؟ ببساطة لان أمريكا تلعب الدور الذي تلعبه في المنطقة منذ وقت طويل جدا. فلعقود طويلة قامت أمريكا بدور الضامن لأمن المنطقة والحامي لدبلوماسيات أصدقائنا بها. فالمصريون وغيرهم من أصدقائنا في المنطقة لم يكن يقلقهم أن تحاول إيران فرض سيادتها علي المنطقة علي المنطقة. كانوا يعلمون أن طموحات إيران تردعها أمريكا. وفي هذه الأثناء كانت إيران وعملاؤها في المنطقة يعلمون أن هناك حداً لا يستطيعون تجاوزه وفي مواجهتهم قوة أمريكا. كان مجرد القوة العسكرية الأمريكية ذا مصداقية تطمئن أصدقاءنا في المنطقة.
وقد تغير كل ذلك. فقد رأي أعداؤنا أمريكا وهي تقود من خلف الستار في ليبيا. ثم تدير ظهرها وتضع خطاً أحمر في سوريا، ثم تنسحب عندما كشف بشار الأسد خدعتها. ورأي أعداؤنا روسيا وهي تضم شرق أوكرانيا لها في حين ترفض أمريكا تقديم مساعدة عسكرية لحكومة كييف. كما رأي أعداؤنا أمريكا وهي ترتجف في مواجهة داعش وترفض وضع جنود أمريكيين علي الأرض ضد داعش.
وعندما نجمع كل هذه الحقائق معا. فإننا نري صورة لأمريكا مهتزة أو مرتبكة تفتقد العزيمة علي المواجهة.
وبالإضافة لذلك يري أعداؤنا حكومة أمريكية تستميت للوصول إلي صفقة «شرعية» مع إيران، ويرون الإيرانيين يحتجون علي تعنت دول الغرب ضدهم في مفاوضات لوزان، فيتراجع وزير خارجيتنا جون كيري ويقدم تنازلات لإيران لدرجة أن فرنسا تخرج عليه وتتزعم الموقف المتشدد في مفاوضات لوزان. وليس أعداؤنا هم الوحيدين الذين يشاهدون هذه التطورات. فأصدقاؤنا أيضا يشاهدونها. فماذا يعتقدون

وهم يرون أمريكا تزيح جانبا حليفنا الأول في المنطقة وهو إسرائيل؟ هل يمضي وقت طويل قبل أن نطرد إسرائيل من جانبنا في سبيل إرضاء نظام الحكم في إيران؟
أصدقاؤنا بالمنطقة محقون في تخوفهم من أن المفاوضات النووية مع إيران ستعجل بل ستؤدي لتفاهم أمريكي إيراني علي حسابهم، وهذا التخوف هو الذي أدي إلي زيادة تخوف أصدقائنا من الخطر الإيراني المتصاعد، وإذا كانت إدارة أوباما تشعر بأن لديها ما يكفي من الوقت لمواجهة الخطر الإيراني، فإن جيران إيران لا يشعرون بأن لديهم مثل هذه الفسحة من الوقت.
وحيث إن أمريكا قد خفضت كمية المضادات الحيوية التي كانت ترسلها إلي أصدقائنا بالمنطقة فإن انتشار بعض الأمراض تستغله إيران في التشهير بنا. والنتيجة أن الشرق الأوسط أكثر عرضة للانفجار عنه في أي وقت مضي. فالظروف الحالية تؤهله للانفجار عنه في أي وقت مضي، فالظروف الحالية تؤهله للانفجار الذي قد يستشري في باقي أجزاء العالم التي يوجد بها سنّة وشيعة في مواجهة بعضهما البعض. ولا يحتاج الانفجار لأكثر من حادثة عارضة تشعله. فهل يتصور أحد أن هذا  مستحيل؟
فلنرجع بالذاكرة إلي هذا اليوم من شهر يونية 1914 في مدينة سراييفو. لم يتصور أحد وقتها أن مجرد حادثة مصرع ولي عهد النمسا وزوجته ستؤدي إلي كل هذا الدمار. اليوم يقوم السعوديون بحشد مائة وخمسين ألف جندي علي حدودهم مع اليمن. وينظر الباكستانيون والمصريون لهذا الحلف الذي يربطهم كمسلمين من السنَّة علي أنه نوع من الدفاع عن النفس. ولكنه تهديد ضخم لشيعة إيران الذين يرون الأمر كمعركة يخوضها نظام الملالي من أجل البقاء ويسقط حكمهم لو خسروا المعركة. لا أحد يريد الحرب صغيرا أو كبيرا، ولكن بين تكتلات القوي في الشرق الأوسط تري واشنطن فرصة سانحة لها مع إحدي الكتل ضد الكتلة الأخري. وعندما نتذكر موقف أمريكا في أعقاب الحرب العالمية الثانية فقد كانت تخشي إلي أقصي حد أن يشتعل صراع بين القوي الكبري. خاصة إذا كانت هناك صراعات إقليمية بين قوي محلية يدفعها العداء الطائفي. إن هذا الوضع موجود حاليا بالشرق الأوسط، وبدل أن تعمل الحكومة الأمريكية علي تخفيف حدته. فإنها تعمل جهدها في زيادة اشتعال الوضع من خلال مفاوضاتها مع إيران.
وإلي هنا ينتهي هذا التقرير المتناهي في خطورته لرجل مخابرات أمريكي كان في قمة السلطة حتي عهد قريب، وتحول إلي خبير إستراتيجي للسلطة حاليا. وإذا كانت روح التقرير توحي بخوفه علي إسرائيل من تعاظم قوة إيران لو تحسنت علاقاتها مع أمريكا. فإن التقرير يؤكد لنا ما رددناه مرارا في السنوات السابقة وحتي الآن من أن الاستعمار الأمريكي يدفع المنطقة دفعا إلي بحر من الدماء في حرب طائفية بين السنّة والشيعة. ولا يجب أن يلوم العرب إلا أنفسهم. فهم الذين يحملون السلاح الأمريكي المسموم لقتل بعضهم البعض بما قد يحقق نبوءة الشيطان الصهيوني العجوز كيسنجر من أنه كلما قل عدد العرب في الشرق الأوسط زاد الأمن لإسرائيل.

نائب رئيس حزب الوفد