رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمريكا تحاول تدمير وسط آسيا

لم يكتف الاستعمار الأمريكي بكل الجرائم والدمار الذي ارتكبه ومازال يرتكبه في العراق وأفغانستان ودول الشرق الأوسط ليروي عطش الآلة الحربية الشريرة التي يطلقها المجمع العسكري الصناعي الذي يميز أمريكا على العالم حتي تبقى سيطرته على العالم الى الأبد وحتى لا ينهار اقتصاده القائم علي ضرورة الحرب المستمرة.

اليوم يتوجه شيطان العالم الرجيم الى منطقة وسط آسيا محاولاً تدمير دولها على غرار ما فعله ويفعله في الشرق الأوسط، نشر موقع نوفو روسيا الاخباري في 23 فبراير مقالاً للكاتب الروسي الشهير إيفان ليزان يشرح كيف تحاول أمريكا اشعال نيران الفوضى وسط اسيا.
يقول ليزان: إن تصريح الجنرال الأمريكي بن هودجس بأنه خلال أربع أو خمس سنوات ستستطيع روسيا تطوير قدراتها على شن حرب على ثلاث جبهات ليس مجرد اقرار بقدرة الاتحاد الروسي العسكرية المتنامية ولكن أيضاً وعد من أمريكا بأنها ستضمن أن تكون الجبهات الثلاث على حدود روسيا الاتحادية، وفي ضوء صعود الصين الذي لا يمكن تجنبه وتفاقم الأزمة الاقتصادية في الغرب، فإن الطريق الوحيد أمام امريكا للحفاظ على سيطرتها العالمية هو إضعاف اعدائها، والطريق الوحيد لتحقيق ذلك هو نشر الفوضى في الجمهوريات المتاخمة لروسيا، ولذلك فان روسيا ستدخل بالضرورة في مرحلة صراعات وأزمات على حدودها.
والجبهة الأولى موجودة فعلاً في أوكرانيا، والجبهة الثانية ستكون غالباً بين أرمينيا وأذربيجان للصراع على منطقة ناجورنو كاراباخ المتنازع عليها بينهما، أما الجبهة الثالثة فستفتح طبعاً في وسط آسيا.
فإذا أدت الحرب في أوكرانيا الى نزوح ملايين اللاجئين وسقوط عشرات الألوف من القتلى وتدمير المدن، فإن احياء النزاع على كاراباخ سيدمر تماما سياسة روسيا الخارجية في منطقة القوقاز، فكل مدينة في وسط آسيا واقعة تحت تهديد الانفجارات والهجمات، وحتى الآن فإن فتح هذه الجبهة لم يحظ بالتغطية الاعلامية بأي صورة، إن وكالة نوفو روسيا الاعلامية تسيطر على التليفزيون الرسمي وعلى الصحف ومواقع الاخبار، ولكن هذا المسرح القادم للحرب قد يصبح أكثر مسارح الصراع تعقيدا بعد مسرح الصراع في أوكرانيا.
خلافة فرعية تحت بطن روسيا
إن الاتجاه الحتمي في أفغانستان والسبب الرئيسي في زعزعة استقرارها هو تحالف بين حركة طالبان والدولة الاسلامية، ومع هذا فإن تشكيل وحدة بينهما مازال في بداياته، فالاشارة له تأتي في أخبار قليلة ومتفرقة، والمدى الحقيقي لمبعوثي داعش مازال غير واضح مثله في ذلك مثل جبل الثلج الذي يطفو رأسه فوق سطح الماء ويغوص جسده الضخم تحت الماء.
وقد ثبت أن عملاء داعش نشطون في باكستان ومقاطعات أفغانستان الجنوبية التي يسيطر عليها طالبان، ولكن في هذه الحالة فإن أول ضحايا الفوضى في أفغانستان ستكون باكستان التي رعت حركة طالبان في ثمانينيات القرن الماضي لطلب أمريكا والحاحها، وقد أخذ المشروع طريقه المستقل وأصبح كابوسا لباكستان التي قررت اقامة علاقات طيبة بالصين وروسيا، ويبدو هذا الاتجاه واضحاً في هجمات طالبان على مدارس باكستان التي يسمح لمدرسيها حالياً بحمل السلاح، وتقوم دورياً باعتقال الارهابيين في المدن الرئيسية، وقد بدأت بمساندة القبائل المعادية لطالبان في الشمال.
وكانت آخر التطورات التشريعية في باكستان تعديلاً دستورياً يسمح بمد اختصاص المحاكم العسكرية على المدنيين ويتم اعتقال الارهابيين والاسلاميين والمتعاطفين معهم في كل باكستان، وفي الشمال الشرقي وحده تم اعتقال اكثر من ثمانية آلاف شخص بعضهم من رجال الدين، وتم حظر التنظيمات الدينية والقبض على مبعوثي داعش، وحيث إن امريكا لا تريد وضع كل بيضها في سلة واحدة فانها ستؤيد حكومة كابول التي ستسمح للاسلاميين بالتواجد القانوني على أرضها. وفي نفس الوقت تسمح لطالبان التي تتحول الى داعش، وستكون النتيجة أن هناك حالة فوضى لن يكون الأمريكيون طرفا فيها رسميا بل سيلتزمون بقواعدهم العسكرية انتظاراً لرؤية من سينتصر، وهنا ستقدم امريكا المعونة للمنتصر.
وعلينا ملاحظة أن اجهزة أمريكا الأمنية كانت تساند طالبان لفترة طويلة بنجاح، وبعض افراد الأمن والبوليس كانوا أعضاء سابقين في حركة طالبان والمجاهدين.
أساليب التدمير
إن أول وسيلة لزعزعة استقرار وسط آسيا هى خلق مشاكل على الحدود الى جانب التهديد بتغلغل المجاهدين في المنطقة، وقد بدأت فعلاً الفعلية فقد نشأت المشاكل في تركمانستان التي اضطرت ان تطلب من أفغانستان القيام بعمليات عسكرية واسعة النطاق في مناطق الحدود، وقد اضطرت طاجيكستان حركة طالبان للتفاوض على اطلاق رجال حرس الحدود الذين اختطفتهم طالبان، وقد أفاد حرس الحدود في طاجيكستان بوجود مجموعة كبيرة من المجاهدين على حدودها، وبصفة عامة فكل الدول المتاخمة لأفغانستان قد زادت من نشاطها الأمني على حدودها.
والوسيلة الثانية هي ارسال مجموعات اسلامية خلف الخطوط، وقد بدأت هذه العملية فعلاً وقد تضاعف عدد المتطرفين في طاجيكستان وحدها الى ثلاثة أمثال عددهم في العالم الماضي، ورغم أنه يتم القبض على

كثير منهم فمن الواضح أنه لن يتم القبض عليهم كلهم، وفضلاً عن ذلك فالوضع يزداد سوءا بعودة العمالة المهاجرة من روسيا مما سيوسع دائرة تجنيد المتطرفين، واذا توقفت تحويلات العمالة المهاجرة من روسيا فقد تكون النتيجة غضباً شعبياً ومظاهرات.
ويقول الخبير القرغيزي قادر ماليكوف إن سبعين مليون دولار قد تم منحها لجماعة داعش العسكرية المسماة مافرينار التي تضم ممثلين لكل جمهوريات وسط آسيا لتقوم بعمليات ارهابية في المنطقة، وهناك تركيز على منطقة وادي فرغانة باعتبارها قلب آسيا الوسطى، وهنا نقطة ضعف أخرى وهى الانتخابات البرلمانية في قرغيزستان المحدد لها الخريف القادم، فإشعال ثورة ملونة جديدة بها سيقود الى فوضى وانهيار لبعض الدول.

الحروب التي تمول نفسها
إن اشعال الحروب عملية مكلفة، ولذلك فزعزعة استقرار المنطقة يجب أن تغطي تكاليفها أو على الأقل تكون مربحة للمجمع العسكري الصناعي الأمريكي وفي هذا المجال لاقت امريكا بعض النجاح، فقد منحت اوزبكستان 328 عربة مصفحة طلبتها أوكرانيا لحربها ضد الثوار الموالين لروسيا، ومن النظرة الأولى فالصفقة غير مربحة لأنها اعطيت كمنحة، ولكن الحقيقة أن اوزبكستان ستكون مربوطة بأمريكا لتزويدها بقطع الغيار والذخيرة، وقد اتخذت أمريكا قراراً مماثلاً بالنسبة لنقل المعدات والأسلحة لباكستان.
ولكن أمريكا لم تكن ناجحة في محاولتها فرض انظمتها التسليحية على الهند، فلم توقع الهند معها أي عقود تسليح، وقد تم استعراض الاسلحة الروسية أمام أوباما عند زيارته للهند.
وهكذا فإن امريكا تدفع دول المنطقة للحرب مع عملائها في طالبان وداعش، وفي نفس الوقت تزود أعداءهم بالسلاح.
إن 2015 ستتميز بالاعداد لحركة زعزعة لاستقرار دول وسط آسيا على نطاق واسع وبتحويل أفغانستان وباكستان الى دولة اسلامية فرعية على حدود روسيا والهند والصين وايران، وبدء الحرب الشاملة المحتم اندلاعها عندما تسود الفوضي المنطقة سيؤدي الى حمام من الدم في «البلقان الآسيوي»، وسيضم تلقائيا أكثر من ثلث سكان العالم وكل أعداء أمريكا تقريباً ستكون فرصة يصعب على امريكا عدم اغتنامها.
إن رد روسيا على هذا التحدي يجب أن يكون متعدد الجوانب شاملاً ادخال المنطقة في اندماج اقتصادي وتقديم مساعدات عسكرية واقتصادية وسياسية،والعمل بالتضامن الوثيق مع شركائها في منظمة تعاون شنغهاي ودول البركس، مع تقوية الجيش الباكستاني، وطبعاً المساعدة في اصطياد خدم الخلافة الملتحين، ولكن أهم رد فعل يجب أن يكون الاسراع بتحديث قواتها المسلحة وقوات حلفائها وتقوية منظمة الأمن الجماعي ومنحها حق تجاهل الأمم المتحدة العاجزة. إن المنطقة فائقة الأهمية، وإذا كانت أوكرانيا هى شرارة الحرب فإن وسط آسيا هي مستودع البارود الذي سينسف نصف القارة لو تم تفجيره.
وإلى هنا ينتهي هذ التقرير الدقيق لما ترتبه أمريكا من شرور لدول آسيا، وكما نرى، فأساس اعتمادها في تنفيذ جرائمها هو على مرتزقة داعش وغيرها من عصابات الجريمة المنظمة، ولكن العالم الذي يواجه شرور أمريكا في الشرق الأوسط سيكون ظهيراً وسنداً لمواجهة شرورها وسط آسيا وكما سحق شعب فيتنام البطل مطامع امريكا ودفع فلول قواتها للهرب من فوق سطح السفارة الأمريكية في سايجون يوم تحريرها في ربيع 1975 ستسحق شعوب آسيا أطماع شيطان واشنطن الرجيم سنة 2015.

نائب رئيس حزب الوفد