رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العدو الأمريكي يتخبط

نشرت قناة «فوكس نيوز» الأمريكية المتطرفة في صهيونيتها وتأييدها للحزب الجمهوري اليميني وعدائها الشديد للعرب، نشرت مقالا مذهلاً تهاجم فيه سادتها اليمينيين تحت عنوان: «انهم أوباما وماكين وجراهام هم الذين ارتكبوا أخطاء فادحة في مصر»، ونحن هنا نعرض المقال بأمانة تامة كما جاء، تقول القناة:

السيناتور ماكين والسيناتور جراهام اثنان من أشد منتقدي كل ما يفعله الرئيس أوباما في السياسة الخارجية، في سوريا وبنغازي، ومع ذلك وجد الاثنان خلال رحلتهما الأخيرة لمصر موقفهما يتوحد مع أوباما أخيراً، فالرجال الثلاثة يخشون أن يختفي الإخوان المسلمون من الساحة السياسية رغم أنهم معادون لأمريكا وللإنسانية بصفة عامة، إلا أنهم يعتبرون خطأ في نظر الرجال الثلاثة فصيلاً سياسياً معتدلاً، فمصر هى أهم حليف عربي لنا، كما يخشى الرجال الثلاثة ألا يستطيع قادة الإخوان المسلمين مثل الرئيس مرسي الذي أسقط من السلطة، والذي منح نفسه قبل سقوطه سلطات تفوق سلطات أي حاكم في تاريخ مصر كلها، يخشى رجالنا الثلاثة ألا يستطيع قادة الإخوان التآمر للعودة للسلطة في الدولة القديمة تاريخيا والتي دمرها مرسي تقريباً خلال عام واحد فقط من حكمه.
وترديدا لتحذيرات البيت الأبيض ردد كلا السيناتورين الكبيرين التلويح بأننا قد نقطع عن مصر معونتنا السنوية البالغة 1.6 مليار دولار العسكرية في معظمها، وهى المعونة التي تعتبر أقوى رابطة تربط بين بلدينا، والتي استمرت أكثر من ثلاثين سنة سادها السلام، وصرح ماكين وجراهام يوم 6 أغسطس بأنه ما لم توافق مصر على ما طلبناه منها فإنها «ترتكب خطأ كبيراً».
وقد حذر كل من البيت الأبيض وماكين وجراهام من أن المعونة الأمريكية لمصر قد يتم قطعها اذا لم يتم الافراج عن قادة الاخوان المسلمين المعتقلين حالياً فقد ظلوا تحت الاعتقال منذ اسقاط الرئيس مرسي في 3 يوليو عن طريق الجيش استجابة للمظاهرة التاريخية الكبرى التي وقعت في 30 يونية، ومنذ ذلك التاريخ تم توجيه الاتهام لمرسي نفسه بأنه كان طرفا في مؤامرة اقتحام السجون سنة 2011 التي اتهمت منظمة حماس بارتكابها.
كما طالب ثلاثتهم بإدماج الاخوان المسلمين في الحكومة الانتقالية الجديدة المشكلة من مهنيين معينين دون ضجة على فرض أنهم محايدون وإن كانوا في الواقع منتمين للإخوان المسلمين، وقد كان تعيينهم بإيعاز من الرجل الأقوى حالياً وهو الفريق عبد الفتاح السيسي الذي كان بدوره أحد من عينهم مرسي قبل اسقاطه، فالحكومة الجديدة التي يرأسها عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا، ويقوم بوظيفة رئيس الجمهورية المؤقت فيها، تضم كذلك الاقتصادي المرموق الدكتور حازم الببلاوي كرئيس للوزراء، وقد زعمت هذه الحكومة أنها قد مدت يدها للإخوان المسلمين ليتعاونوا معها كجزء من الحكومة.. ولكنهم رفضوا مجرد الرد على هذه الدعوة من الحكومة، فالاسلاميون يتركزون حالياً في ميدانين رئيسيين في القاهرة، في انتظار هجوم قوات الأمن عليهم لإخلائهم من مواقعهم بالقوة واحتمال قتلهم خلال المحاولة ليصبحوا شهداء.
وكان رد الرئيس المؤقت عدلي منصور على تحذير ماكين وجراهام لمصر بسرعة الافراج عن قادة الاخوان المعتقلين، كان رده هو رفض ما يطلبه عضو الكونجرس الامريكان واعتباره تدخلاً غير مقبول في الشئون المصرية الداخلية، وأن هذا الطلب لو وجه حتى لدولة متهاونة في سيادتها لاعتبرته محاولة من قوى خارجية لادارة أمورها نيابة عنها.
وبهذه التصرفات المرتبكة فإن اوباما وماكين وجراهام يشتركون مع السفيرة الامريكية في مصر آن باترسون - التي يلقبها المصريون بالحيزبون من باب السخرية - عندما تناشد هذه السفيرة المصرية بألا يثوروا في وجه رئيس منتخب، مع أنه حول حكومة الى ديكتاتورية دينية، وهكذا ينظر المصريون الى هؤلاء القادة الامريكيين على أنهم جزء من قائمة «الامريكي القبيح»، ومن سوء الحظ أن السفيرة الأمريكية قد وجهت نداءها للمصريين بعدم الثورة ضد رئيسهم قبل فترة قصيرة جداً من اندلاع أكبر مظاهرة في التاريخ ضد رئيس يتهمه مواطنوه بالعمالة لأمريكا التي تمثلها هذه السفيرة، وقد عكست السفيرة بندائها للمصريين روح الخوف من الاضطهاد الذي لابد أن سفير أمريكا المحتمل أن يحل محل آن باترسون وهو روبرت فورد، لابد أنه سيعاني من هذا الشعور عند وصوله لمصر، فروبرت فورد يتعرض حالياً في مصر قبل وصوله لها لهجوم شديد في مصر نتيجة فترة خدمته السابق في الجزائر والبحرين والعراق وسوريا، وما ينسب إليه بأنه قد قام بأدوار مشبوهة ونشاط تخريبي في هذه الدول التي عمل فيها، وتسبب بعمله في حدوث اضطرابات ضخمة بها.
وبسلوك هذا الطريق الذي سلكه كل من أوباما وماكين وجراهام، فانهم يخاطرون بفقدان أحد أهم تحالفات أمريكا سيخاطرون بتدمير هذا التحالف من أجل مجموعة غير

طيبة من الاخوان المسلمين، ذات أهداف بعيدة عن الأخلاق تحاول من خلالها السيطرة على العالم وحكمه، وليس مجرد السيطرة على الشرق الأوسط، بل كل العالم عن طريق ما تسميه الخلافة الاسلامية، وهذه المخاطرة التي يقبل عليها أوباما تماثل مخاطر مع صديقتنا لسنوات طويلة حسني مبارك الذي تخلى عن أوباما سنة 2011، رغم علمه وقتها أن القوى الاسلامية مثل الاخوان المسلمين يحتمل أن تكون لديها الفرصة الوحيدة القادرة على كسب أكبر عدد من الأصوات في معركة انتخابية ديمقراطية.
إن أهداف الاخوان المسلمين ليست سراً، رغم ثمانية عقود من الأكاذيب الزاعمة بأنها مجرد جماعة تبشير ديني، لجأت لما يعرف «بالتقية» لإخفاء أهدافها الحقيقية، ومع ذلك فقد فازت في الانتخابات، ومفروض علينا مساندتهم، ولكننا سبق لنا قطع المعونة الأمريكية عن الفلسطينيين عندما فازت حماس «وهى الفرع الفلسطيني للاخوان المسلمين بالانتخابات سنة 2006 ورفضت الاعتراف بدولة اسرائيل أو قبول الاتفاقات التي وقعتها الحكومة الفلسطينية السابقة مع اسرائيل».
لاشك أن الاخوان المسلمين يعتقدون أنه حتى يحصلوا على ما يريدون في وقت قصير، أي أن يوقفوا تدفق المعونة الأمريكية على أعدائهم، أو تزويد أعدائهم بقطع الغيار العسكرية، فإن عليهم حسب اعتقادهم الاستمرار في مقاطعة أي توافق مع اعدائهم في الحكومة المؤقتة، وقد أوقف اوباما فعلاً تسليم الأربع طائرات الـ F16 المتعاقد عليها مع مصر الشهر الماضي.
وقد أغضب تصرفه هذا ملايين المصريين، وإذا استمر ايقاف المعونة الامريكية عن مصر فقد يؤدي ذلك الى سقوط الحكومة المؤقتة وعودة مرسي للرئاسة كما يتصور الاخوان المسلمون ويطالبون بإلحاح، ولذلك رفضوا مناشدة ماكين وجراهام لهم بالدخول في ديالوج مع الحكومة المؤقتة الجديدة ولا نرى سبباً واضحاً من وجهة نظر الاخوان المسلمين في أن يغيروا موقفهم هذا.
إن مبلغ المعونة المقدر بين ثمانية واثني عشر مليار دولار الذي سارعت السعودية والامارات بتقديمه لمصر لسداد فواتير استيراد الوقود والقمح، وتكوين احتياطي نقد اجنبي أوشك على النفاد، هو أمر حيوي بلا شك حالياً، ولكن إذا لم تجد السلطة العسكرية في مصر - أهم مؤسسة مصرية وركيزة الدولة المصرية - بابا آخر كطريقة للمساعدة فإن روسيا والصين واقفتان في الانتظار وسيسعدهما جداً التواجد في مصر على ضفاف كل من النيل وقناة السويس.
وعدم اعترافنا بهذه الرغبة الشعبية في مصر قد يكلفنا أكثر من انتخابات عادلة، فقد بدأت خطيئة امريكا الكبرى، فإذا راعينا أن معارضي الاخوان في الحكم، وفوق كل ذلك الشعبية الكاسحة التي يتمتع بها السيسي حالياً وغضبه الشديد، ومعه معظم المصريين من الاخوان الذين وضعوا مصر في هذا المأزق، مقطوع بأن كل ذلك سيؤدي الى فشل الجانب الذي يضم مرسي.
وإلى هنا ينتهي هذا التقرير المذهل من مصدر لا يقل عداء لمصر عن الصهيونية، ويرتبط ارتباطا عضويا بالاستعمار الأمريكي وطبعاً لا يعرض هذا الكلام حبا فينا بكل هلع من أن تضيع مصر مرة ثانية من دائرة الحلف الامريكي كما ضاعت أيام الحرب الباردة وتحالفت مع الاتحاد السوفيتي تحت قيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

نائب رئيس حزب الوفد