عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثورة المضادة تنفث سمومها (1)

 

لا تقتصر الثورة المضادة علي فلول نظام الدكتاتور المخلوع وعصابة اللصوص التي كانت محيطة به، ولكن تفوقها عنفاً وضراوة أجهزة المخابرات المعادين مثل الموساد الإسرائيلي والمخابرات المركزية الأمريكية وأنظمة الحكم الدكتاتورية في العالم العربي التي ترتعد فرائصها حالياً خوفاً من شعوبها التي قد تنفجر بين لحظة وأخري مقتدين بالثورة التونسية وثورتنا المجيدة في 25 يناير، ويتحالف هذا الجمع الشرير حالياً لضرب ثورتنا ومحاولة إجهاضها وإفراغها من محتواها مستغلاً كل ما لدي الأشرار من موارد مالية وإعلامية ولا يتورع حلف الأشرار عن اللجوء لأي أسلوب مهما كانت دناءته مركزاً إلي ما يري أنه أهم ركائز ثورتنا وهما بالتحديد الرابطة الخالدة بين جيشنا الوطني العظيم وبين الشعب البطل الذي قام بالثورة وكذا الاستقرار الذي تحتاجه الثورة للسير إلي الأمام في طريق الديمقراطية والتنمية، ولذلك يركز حلف الأشرار حالياً بضراوة شديدة علي الوقيعة بين جيشنا الوطني العظيم وشعبنا البطل وعلي زعزعة استقرار الوطن بالبلطجة الإجرامية والإخلال بالأمن، وبالمطالب الفئوية التي لا يحين أوانها قبل اندفاع الاقتصاد للأمام، وبالوقيعة بين عنصري الأمة من أقباط ومسلمين وإثارة فتن طائفية بتحريك جماعات مشبوهة خرجت فجأة تحمل راية كاذبة باسم الدين الحنيف الذي هو منها براء وترفع قميص عثمان في بجاحة.

وقد كان أخطر ما وقع عليه بصرنا من محاولة للوقيعة بين الجيش والشعب هو موقع مشبوه علي شبكة الإنترنت مجهول الهوية ولكنه واسع الانتشار يسمي ECHO، فقد نشر هذا الموقع مؤخراً مقالاً مسموماً مليئاً بالأكاذيب ولكنها مصاغة بحرفية بالغة تخلط بين الكذب الشرير وأنصاف الحقائق بحيث يصعب علي القارئ العادي ألا يصدقها، ولما كان منع انتشار هذه السموم مستحيلاً في عصر الإعلام المفتوح فقد رأينا واجباً علينا نشر المقال المسموم في مقالنا هذا والمقال التالي ثم إيضاح نقط الأكاذب والسم الزعاف للقارئ العادي. عنوان المقال المسموم هو: »محور البيت الأبيض/ إسرائيل/ القاهرة/ الرياض إخفاء الكتاب الأسود«.

يقول المقال المسموم إن هناك من يعلمون أن ما يحدث في الخفاء يفوق كثيراً جداً ما يتم إذاعته علي الناس، وحالة مبارك هي حالة تحتاج لفحص دقيق ولا يجب أبداً أخذها بمظهرها الخارجي، فالمعلومات الواردة من مصادر خاصة داخل المجلس الأعلي للقوات المسلحة تروي وقصة جزء منها معروفاً جيداً حالياً وباقيها موضوع عدة احتمالات، ولكن مصير مبارك تم بحثه واتخذت بشأنه عدة خطوات مختلفة عما تم إعلانه للناس، فمبارك لن تتم محاكمته، والتحقيق معه سيكون صورياً بهدف تهدئة الجماهير الغاضبة، وحتي نفهم كيف تطورت الأحداث ويكون كل شيء منطقياً يتعين إعطاء خلفية مختصرة لكل من لم يكن في ميدان التحرير، ففي الساعات الأولي للثورة كانت هناك اتصالات قليلة جداً مع الأمريكيين، ولكن خلال الأيام الأولي كانت معظم الاتصالات معلومات متبادلة بين خبراء البيت الأبيض والمختصين بالشرق الأوسط وبين مكتب المشير طنطاوي بكوبري القبة ومكتب القيادة المشتركة في مدينة نصر، وقليل جداً من الاتصالات كانت مع قصر العروبة، حيث يوجد مبارك.

لم يكن لدي أمريكا معلومات حقيقية عن توقيت وحجم الأحداث، ومثل نظام مبارك كانت سفارة أمريكا في مصر قد سمعت شائعات عما سيحدث، وقد فوجئت السفيرة الأمريكية بما حدث ولم تستطع تزويد وزيرة خارجيتها بالمعلومات، ولم يكن لدي البيت الأبيض خيار سوي الاعتماد علي اتصال البنتاجون مع الفريق سامي عنان الذي كان يزور البنتاجون، واضطر لقطع الزيارة عندما ارتفعت حرارة أحداث ميدان التحرير لدرجة الغليان، وتعهد الفريق عنان للبيت الأبيض بأنه لن ينفذ أي أمر باستخدام الجيش ضد المدنيين، وأكد عنان التعهد عدة مرات بعد عودته لمكتبه بالقيادة العامة بمدينة نصر، وبحث عنان الأمر مع المشير طنطاوي الذي لم يكن معترضاً علي تعهد عنان ولكن علي إعطائه هذا التعهد قبل رجوعه إليه مسبقاً، وتمت تسوية سوء التفاهم بينهما خاصة أن الأمر كان خلافاً علي التسلسل القيادي وليس علي مبدأ رفض استعمال القوة ضد المدنيين، ولم يكن عنان واثقاً 100٪ من تصرف رئيسه المباشر عند تطور الأحداث ولكن بعد يوم 28 يناير لم يكن لدي طنطاوي وعنان وباقي كبار الضباط أي تردد فيما يجب عمله، وعندما تشدد مبارك وأمر الجيش بسحق الثورة بأي ثمن تقرر عزله مع زوجته وولده عندما تأكد قادة الجيش أنه لم يكن لديهم

رئيس بل أسرة تتصرف كما لو كانوا ملوكاً مطلقين لمصر.

وأمر الفريق طيار رضا محمد حافظ، قائد سلاح الطيران، قائد قاعدة غرب القاهرة بإطلاق سرب من الطائرات المقاتلة في »تشكيل تحية« يطير فوق ميدان التحرير لطمأنة الملايين بأن قواتهم المسلحة تقف إلي جانبهم، ومع الأسف فإن الجماهير والصحافة لم تفهم معني »تشكيل تحية« وظنت أن الطائرات المقاتلة طراز »إف 16« كانت تطير فوق الميدان لتهديد الملايين الذين رفعوا هتافاتهم في غضب وتحد نحو الطائرات، وحتي الصحافة الأجنبية ظنت أن الطائرات تمهد لقصف المدنيين في الميدان.

وبينما كانت هذه الأحداث دائرة كانت الاتصالات المكثفة دائرة بين قادة الجيش وبين البيت الأبيض من خلال البنتاجون لتأكيد أن الجيش يقف مع الشعب أو علي الحياد ثم تحولت الاتصالات لموضوع مختلف تماماً، فقد كانت أمريكا مرعوبة من انكشاف كل الأسرار القذرة بين محور أمريكا/ إسرائيل وبين القاهرة/ الرياض، فبمجرد سقوط نظام مبارك وجهت أمريكا اهتمامها لتأكيد مصالحها الاستراتيجية وعدم تعرضها للتهديد، كان لدي أمريكا ثقة كاملة في المؤسسة العسكرية ولكنها لم تكن واثقة فيما يتطور إليه الانفجار الشعبي ولذا احتاج الأمر لمباحثات مكثفة عميقة بين الأطراف.

ووصل قادة الكونجرس الأمريكي وعلي رأسهم عتاة الصهيونيين لمصر واحداً بعد الآخر مبعوثين من الإدارة الأمريكية لإجراء مباحثات مغلقة مع طنطاوي بحثوا معه إسرائيل والاتفاقات القائمة والتيارات الإسلامية ووضع أسرة مبارك.

ووصل رئيس وزراء بريطانيا للتباحث مع طنطاوي وأحمد شفيق، رئيس الوزراء ـ عندئذ ـ حول الجماعات الدينية وإسرائيل والمعاهدات وأسرة مبارك وأموالهما، كما بحثوا الخطوات الحتمية للعدالة بالمفهوم الأوروبي لإدانة أعضاء النظام الساقط، وأكد له طنطاوي أنه لن تكون هناك محاكمات عسكرية وكان كاميرون مبهوراً بما سمعه من طنطاوي عن التقاليد القضائية العريقة للقضاء المدني المصري الذي كانت له جذور مباشرة مع النظم القضائية الفرنسية والبريطانية.

وأرسل الاتحاد الأوروبي رئيس برلمانه للاستفسار عن الجماعات الإسلامية والانتخابات وانتقال السلطة، كما بحث موضوع مبارك والأموال التي نهبها وأودعها ببنوك دول الاتحاد، وكذا المساعدات التي يستطيع الاتحاد تقديمها لمصر، وكان من الأمور الحساسة بالنسبة للاتحاد موضوع المحاكمات المقبلة، لأعضاء النظام السابق وهل ستطبق عقوبة الإعدام علي بعضهم خاصة أن قرابة الألف مدني سقطوا شهداء خلال الثورة برصاص قناصة البوليس وكان بين الشهداء أطفال بل ورضيعين.

وأرسل الرئيس الفرنسي ساركوزي، رئيس وزرائه ووزير خارجيته للتباحث بشأن الجماعات الإسلامية وإسرائيل والمعاهدات وأسرة مبارك، وبدت كل هذه الاتصالات مع طنطاوي كما لو كان الغرب يريد وراثة المال الذي نهبه مبارك وأدهشه كل هذا القلق علي الجماعات الإسلامية.

ونقف عند هذه الفقرة من التقرير المسموم الموضوع بحرفية بالغة تقنع القارئ العادي بمصداقيته، ونعرض في المقال التالي باقي التقرير ثم نكشف للقارئ بؤر السم الزعاف الذي يحتويه لإيقاع الفرقة بين شعب مصر وجيشها الوطني العظيم.

*عضو الهيئة العليا للوفد

رئيس لجنة العلاقات الخارجية