رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان يشوهون صورة الإسلام

نشرت قناة الشرق الأوسط الأمريكية وثيقة الصلة بمعهد بروكنجر للعلاقات الدولية بواشنطن في 11 فبراير مقالاً للباحث السياسي خليل العناني، الباحث بمدرسة العلاقات الدولية بجامعة دورهام، يعرض فيه الأثر المدمر الذي سببه الإخوان المسلمين لسمعة الإسلام السياسي منذ وصولهم للسلطة.

يقول «العناني»: إنه رغم صعود الأحزاب الإسلامية في أعقاب ما يسمي بالربيع العربي، فإن الأسلمة كأيديولوجية سياسية وكأمل في الإنقاذ، بدأت تفقد الكثير من بريقها وقدسيتها، وهذه النقطة لها عدة أسباب، ومع هذا فإن أهم سبب هو عجز الإسلاميين عن تقديم حلول عملية للمشاكل المزمنة اقتصادياً وسياسياً التي تعصف بالمجتمعات العربية، وهي طبعاً نتيجة غير مقصودة من نتائج عملية التحول نحو الديمقراطية، بالإضافة لذلك فإن التساهل والازدواجية في المعايير التي تبديها الحكومات الإسلامية تجاه النفوذ المتصاعد لجماعات العنف والتطرف التي تشوه صورة هذه الحكومات ومصداقيتها كحكومات معتدلة سلمية، وقد يدمر المتطرفون هذه الحكومات ما لم يتم ردعهم.
ومن الواضع عجز الإسلاميين من المغرب إلي مصر عن إدارة المرحلة الانتقالية بكفاءة، فرصيدهم خلال السنتين الماضيتين ضعيف ويدعو للاكتئاب، ويكشف عن عجز واضح في الرؤية والكفاءة في إدارة بلادهم، والتحول من القديم إلي نظم ديمقراطية جديدة، وطبعاً ليس هناك من يتوقع أن يتم التحول بسلاسة أو بسرعة، ومع هذا فإن تصرفات الإسلاميين وأعمالهم لا تبشر بقرب بدء عهد جديد.
ففي كل من مصر وتونس والمغرب لم يف الإسلاميون بوعدهم الذي طالما كرروه ببزوغ عهد من الازدهار والنهضة، فحتي الآن هم عاجزون عن محاربة الفساد وإصلاح الاقتصاد المريض، واحترام حقوق الإنسان وحقوق الأقليات، وإدخال الإصلاحات الديمقراطية، وكلما ازداد فشلهم قلت فرصة إعادة مصداقيتهم، ولذلك فليس غريباً أن كثيراً من العرب مازالوا ينزلون إلي الشارع في تظاهرات احتجاجية تعبر عن غضبهم علي سياسات الإسلاميين، فالكثير منهم يرون أن أيديولوجية الإسلاميين لن تحل مشاكلهم، أو تقدم لهم الخلاص الذي طالما كانوا ينشدونه، وهم يرون أمامهم العديد من حالات الفساد وانعدام الكفاءة بين الإسلاميين.
ومن المدهش أنه بعد عامين من فترة الانتقال فإن التيار الإسلامي يفقد الكثير من مصداقيته ونقائه، فمثلاً صعود مشاعر الرفض بين الجمهور المصري للإخوان المسلمين، والرئيس مرسي هو أمر لا يمكن إنكاره، فتصرفات الإخوان وأسلوبهم خلال الأشهر القليلة الماضية قد سببا نفور غير الإسلاميين منهم وإلقاء ظلال الشك علي مدي التزام الإخوان بالقيم الديمقراطية، وحتي في السياسة الخارجية يبدو «مرسي» قائداً غير مقنع، ويعرض مصالح مصر للخطر إقليمياً ودولياً، ويبدو أن الإسلاميين كأصحاب أيدولوجية محافظة مازالوا أصحاب نفوذ في بعض المناطق الاجتماعية، ويحاولون مد مجال هذا النفوذ خارج دائرتهم الدينية والاجتماعية، فمثلاً هناك كثير من شباب الطبقات المتوسطة والعليا في مصر يشعرون بأن الإخوان ومرسي قد خانوا ثقتهم، وحتي بين الفقراء والريفيين فإن التأييد للإخوان لم يعد يشمل الـ 77.5٪ من الشباب المصري بين سن 15 و29 عاماً، مما لا يجدون وظائف مما يشعل التوتر في مصر.. ومع هذا فأكثر نتائج فشل الإسلاميين وضوحاً هي تشويه صورة أيديولوجياتهم، وأعني بذلك أن التيار الإسلامي كأيديولوجية دينية وسياسية أصبح يعتقد بخطوات متسارعة مصداقيته وقوته الرمزية، فلعقود عديدة صور التيار الإسلامي نفسه كعقيدة للخلاص تستطيع تقديم المأوي للشباب العرب الذين كانوا مهمشين، شاعرين بالغربة نتيجة الانتقال من الريف للمدينة، ونتيجة السياسات الاقتصادية لأنظمة الحكم السابقة، فالتيار الإسلامي بالنسبة للكثيرين من سكان المدينة والمحافظين من الشباب كان يمثل وسيلة الخلاص الوحيدة من السياسات السيئة السائدة، ولذلك فليس من المستغرب أن الإسلاميين كانوا يركزون علي يأس الناس وعدم رضاهم لكي يثبتوا شبكة خدماتهم الاجتماعية، كما استفاد الإسلاميون كذلك من قمع أنظمة الحكم القائمة ليفوزوا بتعاطف الجماهير معهم ممن لا ينتمون للأيديولوجية الإسلامية، ومع ذلك كان أكثر مظاهر الاستثمار وضوحاً بالنسبة للإسلاميين هو قدسية وعودهم بإنشاء دولة إسلامية، وبعد سنتين من وجودهم في السلطة أصبحت هذه الدولة الإسلامية مجرد سراب، فسياسات الإسلاميين لم تظهر فرقاً كبيراً مع الأنظمة السابقة عليها، ولم تحتفظ أيديولوجيتهم بنقائها وقدسيتها، وقد أظهر تصرف الإسلاميين أنهم مثل باقي البشر معرضون لارتكاب الأخطاء بل والخطايا، بالإضافة لذلك فإن تزايد معدل تعرية

مصداقية الإسلاميين بالإضافة إلي إفراطهم في أسلمة أنظمة الحكم قد يدفع الكثير من الشباب في المدي الطويل إلي لفظ الأسلمة، وربما فكرة التدين نفسها، وإذا حدث ذلك فإن الأسلمة كديانة وكثقافة في مشروعها قد تتحول إلي مشروع يهزم نفسه بنفسه، وبعبارة أخري فبينما نجد الأحزاب الإسلامية في حالة صعود سياسي نجد أيديولوجيتها الإسلامية في حالة هبوط.. بالإضافة لذلك فإن علينا أن نؤكد أن عملية الحرب الأهلية الدينية والخلافات بين الإسلاميين تلقي بظلال شك كثيفة علي مدي تفانيهم العقائدي والتزامهم، فتكتيكاتهم تكشف عن مدي نهمهم للسلطة، وكذلك ميلهم لفعل أي شيء في سبيل الاحتفاظ بها، بما في ذلك إعادة انتهاج السياسات الديكتاتورية للنظام السابق عليها، فمثلاً لعبة السلطة بين الإخوان المسلمين والسلفيين في مصر تؤكد أن السياسة عملية علمانية وليس دينية، فبينما يحاول الإخوان الاحتفاظ بوضعهم الذي أنشأوه كرمز للاعتدال والوسطية يحاول السلفيون تقديم نفس الوجه الأصلي الصحيح للإسلام، ومع ذلك يبدو الطرفان متحدين في مواجهة القوي الليبرالية والعلمانية، ورغم هذا الحلف غير المقدس بينهما فإنهما منقسمان بحدة وينافس بعضهما بعضاً في المساجد ووسائل الإعلام، وفي الوصول للسلطة، ومن المقطوع بأن انغماس الإسلاميين في السياسة قد كشف سطحيتهم الدينية وأن العملية مجرد صراع علي السلطة.. وكلما زاد اندماجهم في السياسات اليومية انكشفت تكتياتهم وأيديولوجيتهم، ورغم ذلك علينا توضيح أن تشويه صورة الإسلام لا يعني أن العالم العربي يسير في طريق عهد جديد من العلمانية، أو طريق تراجع الشعور الديني، كما لا يعني ذلك أن الأحزاب الإسلامية تسير نحو الاندثار، إننا نحاول فقط كشف ديناميكية اللعبة الجارية بين الدين والسياسة وبين الحقيقة والأيديولوجية، وبين المقدس والزائف، فالإسلام شأنه في ذلك شأن غيره من الأيديولوجيات المنتصرة لا يستطيع الاستمرار دون الحفاظ علي مصداقيته وقوته الأخلاقية، وهذا يؤكد أن الإسلاميين لا يستطيعون الاعتماد علي أيديولوجيتهم الغامضة لكي يحتفظوا بالسلطة، والواقع أنه ليس لديهم خيار في الاستجابة بكفاءة للتحديات الهائلة التي تواجه مجتمعاتهم، وإلا سيفقدون القدرة علي الزعم بأن لديهم أيديولوجية للخلاص، فضلاً عن ذلك ففي عهد الحرية الدينية حيث تتاح كل المعلومات عن الأديان للكافة، فإن الإسلاميين يفقدون سيطرتهم وسطوتهم تدريجياً علي «السوق الحرة» للأديان، ولذلك فلا غرابة في أن الجيل الجديد من الإسلاميين المحافظين ليس منضماً في معظم الأحزاب الإسلامية عقائدياً أو تنظيمياً.
وإذا كان الربيع العربي يفصح لنا عن شيء بعد سنتين من مرحلة انتقالية بطيئة فهو أن التيار الإسلامي مازال مجرد تيار يثبت أنه قادر علي الخلاص ما لم يستطع حل مشاكل مجتمعه المستعصية، وإلا فقد سبب وجوده.
وإلي هنا ينتهي هذا التحليل المتميز لتجارة الدين التي تمارسها فئات الإسلام السياسي، وعلي رأسها الإخوان المسلمين.
نائب رئيس حزب الوفد