رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

انقسام اليمين الأمريكي حول الشرق الأوسط

نشر الصحفي الأمريكي الشهير فريد زكريا في جريدة واشنطن بوست بتاريخ 11 أكتوبر تحت هذا العنوان: تفاصيل التضارب السياسي الجاري وسط اليمين الأمريكي وخاصة صقور الحزب الجمهوري حول ما يجب أن تكون عليه سياسة أمريكا في الشرق الأوسط، يقول زكريا إن رومني المرشح للرئاسة الأمريكية في حديثه عن السياسة الخارجية هذا الأسبوع كان معتدلا بدرجة غريبة. كان حديثا مليئا بالعبارات الطنانة طبعا. ولكن عندما نفحص بدقة نجده لا يتضمن أي تغيير كبير في السياسة. فقد أكد رومني مواعيد انسحاب أمريكا

من أفغانستان. ولم يقترح إرسال قوات للعراق مرة ثانية. ولم يقترح القيام بضربة عسكرية ضد إيران. وتعهد بالعمل علي قيام دولتين في فلسطين. وحتي لهجته العدوانية التقليدية ضد الصين لم يستخدمها في خطابه الأخير اقترح رومني تغييرا سياسياً واحدا وهو تجاه سوريا. وحتي في هذه الحالة فقد كانت كلماته حريصة ودعوة إلي البناء السلبي. لم يعلن أنه لو انتخب رئيسا فسيقوم بتسليح المعارضة السورية. اكتفي بالقول إنه سيضمن حصول المعارضة السورية علي حاجتها من السلاح. وأنه يعني بذلك فريق المعارضة السورية الذي «يشارك أمريكا في قيمها السياسية». وبذلك يكون الخلاف الوحيد لرومني مع سياسة أمريكا الحالية حيال سوريا إعلانه أنه سيبذل جهدا أكبر لإيجاد فريق من غير الإسلاميين من ثوار سوريا. وسيشجع تركيا والسعودية وقطر لإعطاء هذا الفريق المزيد من السلاح. وهذا الاعتدال من جانب رومني هو استمرار جزئي لمحاولته تحويل سياسته نحو الوسط. ولكنه أيضا يعكس غيبة الإجماع بين المحافظين علي ما يجب عمله حيال الأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط.
وكان أقصي هجوم في خطاب رومني ضد سياسة الرئيس أوباما حيال الربيع العربي. وذكر جريمة قتل السفير الأمريكي في بنغازي مؤخرا. وأكد رومني في خطابه أن هذا الهجوم علي أمريكا الشهر الماضي لا يمكن النظر إليه كحدث فردي، فهو تعبير عن صراع ضخم يجري في الشرق الأوسط. والمشكلة في نظر رومني أن اليمين الأمريكي منقسم علي نفسه بشدة بخصوص كيفية مواجهة هذا الصراع الضخم.
وفي الفترة الأخيرة رصدت أجهزة المخابرات الأمريكية هيئة مهمة في نيويورك عقدت نقاشا عن موضوع حساس عنوانه: «الأفضل هو إسلاميين منتخبين علي حكام دكتاتوريين». وتشير المنافسة إلي البدائل التي تواجهها أمريكا في الشرق الأوسط. وكان المتحدث الرئيسي في المناقشة التي دارت حول هذا الموضوع هو المثقف المحافظ الشهير ريول مارك جريخت. وكان مواجهة في المناقشة هو المثقف المتطرف في المحافظة والشهير جدا وسط اليمين الأمريكي المتطرف دانيال بايبس. وتعكس هذه المناقشة حالة الفكر اليمني والخلاف الشاسع بين أطرافه حول هذا الموضوع الشائك جداً وسط الدوائر المحافظة وهو ما إذا كان الأفضل لأمريكا مساندة الإسلاميين المنتخبين أو مساندة الحكومات الدكتاتورية في الشرق الأوسط.
فمن ناحية نري معلقين مثل جون بولتون مستشار رومني والمعلق التلفزيوني الشهير شون هانتي يعتقدان أن أوباما وإدارته كان يجب عليهما محاولة إبقاء حسني مبارك في السلطة في مصر. وفي الشهر الماضي وصف هانتي النظام الديمقراطي الذي يتكون حاليا في مصر بأنه «صعود العنف والكراهية والتطرف الإسلامي والجنون والموت». ومن ناحية أخري نري بول ولفوفيتنز - صقر الصقور ومهندس حملة غزو العراق سنة 2003 ومعه آخرين يحتفون بسقوط أنظمة الطغيان العربية. متمنين فقط لو أن أوباما كان قد أيد عملية التحول نحو الانتخابات في وقت أسرع مما فعل في الواقع.
وهذا النقاش هام جدا. فعلي مدي الحقب القليلة المقبلة قد يصبح الشرق الأوسط مهدا لصعود «الديمقراطية غير الليبرالية». وتصبح دولة مكانا لإجراء انتخابات عديدة ولكن بحقوق محدودة للفرد. أو تصبح مكانا لتطور بطىء نحو التعددية وحكم القانون. ولكن كما يقترح تعليق هانتي فإن الحوار في الدوائر اليمينية يسبقه رد فعل شديد العداء نحو الإسلام والتيارات الإسلامية. وهو عداء غير دقيق وغير مفيد في فهم

ما يحدث في المنطقة. قلب المشكلة في العالم العربي هو أن النظام القديم كان مهترئاً جدا. فالأنظمة القمعية مثل النظام المصري خلقت علي مدي عقود عديدة حركات معارضة شديدة التطرف، وهذه المعارضة كثيرا ما تحولت للعنف ومهاجمة أمريكا لمساندتها للدكتاتوريات الحاكمة. وبمعني أوضح فإن مساندتنا لمبارك وللسعودية وغيرها من الأنظمة المماثلة هي التي أشعلت الجماعات الإرهابية التي هاجمتنا في سبتمبر سنة 2001.
ويفهم تنظيم القاعدة أنه لو تحول العالم العربي إلي الديمقراطية. فإن التنظيم يفقد التعاطف العقائدي له من الجماهير. ولذلك فإن قائد تنظيم القاعدة أيمن الظواهري كتب كتابا يهاجم فيه الإخوان المسلمين لمشاركتهم في العملية الديمقراطية في مصر.
قد يصيبنا الإحباط نتيجة تصريح أو سياسة يتبعها الرئيس المصري الجديد. ولكن الحقيقة الأهم هي أن العالم العربي الآن به رؤساء منتخبون يتمتعون بالشرعية وقد أدان العديد منهم تنظيم القاعدة ومنظمات الجهاد الأخري. ويحاولون التوفيق بين الإسلام والديمقراطية. فهل يجب علينا أن نعارضهم؟ لقد قال رومني في نهاية خطابه أننا يجب أن نتعاون مع الحكومات المنتخبة في ليبيا ومصر ونحاول دفعها في الاتجاه الصحيح.
إن هناك مكاناً واحداً تحكمه دكتاتورية علمانية تتعرض لهجوم عنيف من معارضة تضم في صفوفها قوي إسلامية متطرفة. ولذلك فمن يؤمن حقا بتفضيل نظام دكتاتوري علماني علي نظام إسلامي يتجه نحو الديمقراطية عليه مساندة حكم بشار الأسد في سوريا.
وإلي هنا ينتهي تحليل الصحفي الشهير فريد زكريا عما يدور من صراع فكري في دوائر اليمين الأمريكي بالنسبة للسياسة التي يجب أن تتبعها أمريكا في الشرق الأوسط. ورغم إعجابنا بأسلوب العرض الذي يتبعه زكريا فلا يمكن لنا أن نبلع الطعم الذي دسه لنا بين السطور وهو أن أحداث سبتمبر 2001 كانت من صنع متطرفين إسلاميين لكراهيتهم لمساندة أمريكا للطغاة العرب. ولكننا نقول له بهدوء ودون تحيز:
يا سيد زكريا أنت ونحن والعالم كله يعلم أن أحداث 11 سبتمبر «صنعت في أمريكا» بحرفية مذهلة من المخابرات الأمريكية لتبرير غزو العراق وأفغانستان والسيطرة علي كل منابع الطاقة في العالم. ربما استخدمت المخابرات الأمريكية بعض الأيدي العربية التي جندتها. ولكن القصة لم تعد تقنع حتي الأطفال. وها أنت تري أن غزو العراق وأفغانستان قد فشل في تحقيق استراتيجية السيطرة علي البحيرة النفطية الكبري. وكبد بلدك أمريكا خسائر فادحة في الأرواح والأموال. ويوشك بلدك علي الإفلاس بسببهما. فلعلك تجمع الأصوات العاقلة في بلدك حول شعار «كفانا تخريبا في العالم». وتذكر مواطنيك بحروب فيتنام والعراق وأفغانستان ودروسها الدموية الأليمة.
نائب رئيس حزب الوفد