عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هل تتخلي أمريكا عن إسرائيل؟

المقال الذي سنعرضه هنا للقارئ مذهل بكل المعايير، ليس لأنه رأي كاتب مهما كانت أهميته ولكن لأنه تقرير رسمي من أهم جهاز مخابرات أمريكي وهو «CIA» يوحي بأن مصلحة أمريكا أن تعد لشرق أوسط جديد بعد إسرائيل، والتقرير مؤرخ في 28 أغسطس نشرته مجلة فورين بوليسي، وهو بقلم فرانكلين لامب، وعنوانه «الترتيب لشرق أوسط جديد بعد زوال إسرائيل» ولنبدأ القصة من أولها.

يقول الكاتب إن عضوة الكونجرس إلينا روس لهتينين ستكون مشغولة جداً عندما تقوم بالجولة السياسية والاجتماعية خلال مؤتمر الحزب الجمهوري هذا الشهر، وإلينا هي الانثي الوحيدة التي ترأس إحدي لجان الكونجرس، كما أنها أكبر عملاء إسرائيل في الكونجرس.. وهي شوكة دائمة في جانب أوباما وحزبه، تتهمه دائماً بأنه يلعب بالسياسة الخارجية الأمريكية ويتساهل مع إيران ويهدد شرعية إسرائيل، وهي دائماً وراء حشد أصوات يهود فلوريدا لصالح إسرائيل، ففلوريدا هي من أهم ولايات أصوات اليهود وقد قدمت مؤخراً مشروع قانون لتشديد العقوبات علي إيران، كما نادت حكومة أوباما بتشديد العقوبات علي إيران والاستعداد لعمل عسكري ضدها.
وليس من المحتمل تركيز عضوة الكونجرس علي تحريض الجمهوريين علي اختيار ميت رومني مرشحاً رئاسياً للحزب الجمهوري.. لأنه كان في الماضي حاكماً معتدلاً لولاية مساشوستس، وهي تعتقد أن فرصته في الفوز بالرئاسة ضعيفة، ويقول مصدر آخر في الحزب الديمقراطي: إن الحزب يضع اللمسة الأخيرة لمؤتمره الذي سيعقد في كارولونا الشمالية، فهل ستبذل إلينا جهداً كبيراً في تعزيز حملة نائب رومني للرئاسة عضو الكونجرس بول ريان؟
إنما ستركز جهدها علي مقابلات مع الزعماء اليهود المحليين والعالميين لضمان ضرورة الفوز بهذه الولاية المهمة، حيث عهد الحزب لها بطمأنة اليهود أن الحزب الجمهوري هو أخلص أصدقاء إسرائيل، وأن هناك تقريراً حكومياً يتضمن مسودة تحرض الحكومة الأمريكية علي إعادة النظر في علاقتها بإسرائيل، وأن مسئولية هذا التقرير تقع علي عاتق باراك أوباما شخصياً.. وهو ما يكشف حقيقة كراهيته الداخلية لإسرائيل.
ولا شك أن مساعدة إلينا في تشوية صورة البيت الأبيض بهذا التقرير سيكون من واجب وليام كريستول ناشر المجلة الأسبوعية المعبرة عن المحافظين الجدد وهي مجلة «ستاندارد» كما أنه مدير المركز الأمريكي الجديد بواشنطن المسمي «إسرائيل أولاً» وهو مجموعة ضغط جديدة لتدعيم القيادة العسكرية والسياسية لكل من أمريكا وإسرائيل والتنسيق بينهما حول العالم كله مع فرض الديمقراطية علي الشرق الأوسط!.. فما معني كل هذا النشاط المحموم؟
إن تقرير عنوان «الإعداد لشرق أوسط ما بعد إسرائيل» ويقع التقرير في 82 صفحة تحليلية تنتهي بنتيجة أن المصالح القومية الأمريكية مختلفة جذرياً عن مصلحة إسرائيل الصهيونية، وينتهي واضعو التقرير إلي نتيجة أن إسرائيل حالياً هي أكبر تهديد لمصالح أمريكا لأن طبيعتها وأعمالها تمنع قيام علاقات طبيعية بين أمريكا وبين الدول العربية والإسلامية، وإلي درجة كبيرة حتي بين أمريكا وباقي العالم ككل.
وضعت هذه الدراسة بتكليف من أجهزة المخابرات الأمريكية المكونة من ست عشرة وكالة مخابرات أمريكية وبميزانية سنوية تزيد علي سبعين مليار دولار، وضمن الأجهزة الأمنية المذكورة قيادة البحرية وقيادة الجيش والطيران وقوات المارينز وحرس الحدود والمخابرات الحربية ووزارة الطاقة وإدارة الأمن الداخلي ووزارة الخزانة وإدارة مكافحة المخدرات ومكتب التحقيقات الفيدرالي وإدارة الأمن القومي ومكتب التحريات الفيدرالي، وفي مقدمة كل هذه الأجهزة جهاز المخابرات المركزية «CIA» وضمن البيانات العديدة التي حصلت عليها روس لهتينين وكريستول وبعض عملاء إسرائيل غير المسجلة أسماؤهم فإن كل أنصار إسرائيل سيحاولون من الآن وحتي يوم انتخاب الرئيس في 6 نوفمبر تركيز الحملة السياسية لمهاجمة إدارة أوباما، فقد ذكر التقرير عبارة غاية في الخطورة وهي: «بسبب سياسة إسرائيل الوحشية حالياً في المناطق التي تحتلها، فإنه لا يمكن إنقاذها»، وهو نفس ما حدث في جنوب أفريقيا ضد نظام الأقلية البيضاء، وحتي عام 1987 كانت إسرائيل هي الدولة الغريبة الوحيدة التي لها علاقات دبلوماسية مع النظام العنصري في جنوب أفريقيا، وكانت آخر دولة تنضم للمقاطعة العالمية لهذا النظام حتي سقوطه.
إن القيادة الإسرائيلية بتدعيمها المتزايد للسبعمائة ألف مستوطن غير شرعي في الأراضي العربية المغتصبة في الضفة الغربية تزداد انعزالاً عن الحقائق السياسية والعسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط.
إن حكومة الليكود التي جاءت بعد حكومة حزب العمل غارقة حتي أذنيها وواقعة تماماً تحت سيطرة المستوطنين في الأراضي العربية المغتصبة وقبضتهم السياسية والمالية، وستواجه المزيد من الاضطرابات التي لا يجب علي أمريكا التدخل فيها أو مساعدة إسرائيل فيها.
إن الربيع العربي والصحوة الإسلامية قد حرروا إلي حد كبير أغلبية كبيرة من المليار ومائتي مليون عربي ومسلم وجعلتهم يكرهون ما تعتبره الأغلبية الساحقة احتلالاً أوروبياً غير أخلاقي وغير قانوني لأرض فلسطين ولا يمكن له أن يستمر في المستقبل.
وبالتوازي مع التصاعد السريع للقوة العربية والإسلامية في المنطقة، وإن

كانت الصحوة الإسلامية هي صاحبة السبق بصعود القوة الإيرانية، بالتوازي مع ذلك فإن قوة أمريكا ونفوذها يتراجعان، ولذلك فإن التزام أمريكا بحماية عدوانية إسرائيل والقمع الذي تمارسه في الأراضي المحتلة أصبح من المستحيل الدفاع عنه أو تبريره، ولا يمكن أن يتماشي مع مصالح أمريكا الوطنية التي تتضمن تطبيع علاقاتها مع السبعة وخمسين دولة إسلامية.
إن مجموع التدخل الإسرائيلي في الشئون الداخلية لأمريكا من خلال التجسس وتهريب الأسلحة الأمريكية، بما يتضمن مساعدة أكثر من ستين تنظيماً صورياً وحوالي 7500 موظف رسمي أمريكي يعملون لحساب إسرائيل ويحاولون السيطرة علي وسائل الإعلام وتهديدها هي والإدارات الحكومية الأمريكية، كل ذلك لا يمكن أبداً السماح باستمراره.
إن الولايات المتحدة لم تعد تملك الموارد المالية أو التأييد الشعبي لاستمرار تمويل إسرائيل، فمليارات الدولارات من المساعدات المباشرة وغير المباشرة التي يتحملها دافع الضرائب الأمريكي لإسرائيل منذ عام 1967 لم يعد ممكناً تحملها، ويزداد رفض الأمريكيين لها، ورفضهم التدخل العسكري في الشرق الأوسط.
إن الرأي العام الأمريكي لم يعد يحتمل قيامنا بهذه الحروب غير المشروعة لحساب إسرائيل، ويزداد شعور الأوروبيين بنفس الشيء، وهو نفس شعور الآسيويين والرأي العام العالمي.
إن سياسة العزل التي تمارسها إسرائيل في الأراضي المحتلة يؤكدها التفرقة ضد العرب وازدواج العدالة هي أمور لا يجوز أن يستمر تدعيمها بموارد دافع الضرائب الأمريكي، ولا يجوز لحكومتنا استمرار السماح بها.. لقد فشلت إسرائيل في زعمها أنها دولة ديمقراطية، واستمرار دعم أمريكا لها لن يغير من وضعها كدولة فارقة عالمياً.
إن تزايد العنصرية والعنف من المستوطنين اليهود ضد العرب في الضفة الغربية هو سياسة تؤيدها حكومة إسرائيل لدرجة أنها أصبحت حاميتها وشريكة فيها.
إن الكثير من يهود أمريكا أصبحوا يجاهرون بالعداء لسياسات إسرائيل في اضطهاد الفلسطينيين وهدم منازلهم بالمخالفة الصارخة للقوانين الأمريكية والدولية، وتثار الأسئلة وسط يهود أمريكا عن مدي مسئولية حكومتها عن حماية الأبرياء الواقعين تحت الاحتلال الإسرائيلي.
إن المعارضة الدولية المتزايدة ضد العنصرية الإسرائيلية لا يمكن استمرار تجاهل القيم الأمريكية الإنسانية لها، ولا يمكن تجاهل أمريكا لمعارضة 193 دولة في العالم لها.
إن مسودة التقرير أعلاه تنتهي بضرورة تجنب أحلاف تعرض أمريكا لعداء معظم دول العالم، وتعرض المواطن الأمريكي لكراهية العالم له.
ومن المثير أن التقرير يقول إن إيران علي سبيل المثال هي دولة وشعب له الكثير من الصفات المشتركة والرغبة في علاقات ثنائية معنا، وعلينا ألا نترك فرص إصلاح العلاقات معها ومع باقي العالم الإسلامي.
إن الأيام القادمة ستوضح مدي نجاح إسرائيل في استغلال هذا التقرير في مهاجمة إدارة أوباما.. ومدي نجاح الحزب الجمهوري في استغلاله للوصول للبيت الأبيض.
وإلي هنا ينتهي التقرير المذهل الذي لم نكن لنحلم خلال حياتنا أن يصدر من كل وكالات الحكومة الأمريكية مجتمعة، كان أقصي أمانينا أن نمهد الأرض لأولادنا أو أحفادنا ليروا نهاية إسرائيل من داخلها عندما تنشط جرثومة فنائها، ولكن يشاء المولي تبارك وتعالي أن يسقط أسوأ عميل لإسرائيل علي يد ثورة الربيع العربي، وأن نري علي الأفق بداية سقوط إسرائيل نفسها مع انحسار النفوذ الأمريكي وتحرك مركز القوة العالمي ببطء من الغرب إلي الشرق نحو الصين والهند.
نائب رئيس حزب الوفد