رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على الحلوة والمرة مازلنا متعاهدين

هل للإعلام دور في إشعال نار الفتنة بين المسلمين والمسحين في مصر؟.. هذا السؤال كان محور النقاش الذي دار بين نخبة من الصحفيين المصريين العاملين في الإمارات خلال تقديم واجب العزاء لأخوننا وزملاء المهنة المسحيين العاملين بالإمارات أيضا.

جمعنا اللقاء في كاتدرائية الأنبا أنطونيوس بأبوظى، بحضور القمص أسحق الأنبا بيشوى راعى الكاتدرائية وتامر منصور السفير المصري لدى الإمارات، بدأ اللقاء في جو من الحب غير المصطنع، والإحساس بالمسؤولية والخطر في آن واحد، واستهل الحديث الأب الحكيم نيافة الأنبا بيشوى بتأكيده أن حادثة كنيسة القديسين في الإسكندرية لم تستهدف أقباط مصر، بل عمدت إلى إحداث إنشقاق وفتنة طائفية بين المصريين، ومؤكدا أيضا فشل تلك المحاولة في ضرب وحدة الصف بين المصريين، وقال "رب ضرة نافعة.. فرغم حزني على الشهداء الأبرياء، إلا أن هذه الحادثة كانت بمثابة ناقوس الخطر الذي دق بصوت عال سمعه كل المصريين، لنفيق جميعا من غفوتنا ونسترجع وحدتنا ونتكاتف سويا لمواجهة المخاطر التي تحيط بمصرنا الطيبة، ومن هنا أدعوا كل المصريين أن يقفوا يدا واحدة للقضاء على كل من يحاول العبث أو النيل من أمن واستقرار الأمة".

الحديث مع الأنبا بيشوى والذي استمر لأكثر من ساعتين كان بمثابة منتدى مصغر جمع شريحة من أبناء مصر البررة، لم نشعر خلاله بالملل أو الضجر، أهم ما ميزه الصدق والمصارحة والشفافية، والأهم من ذلك التنظيم الجيد والاستماع للرأي الآخر، وصولا إلى الاجماع على رأي وهدف واحد.. وهو العمل على الإسراع بإخماد نار الفتنة والتصدي لمحاولات الصهاينة من ضرب وحدة المصريين.

من بين أهم النقاط التي تناولها "المنتدى" دور الإعلام المباشر وغير المباشر في رفع درجة الاحتقان بين المسلمين والأقباط، بل والإساءة إلى مصر والمصريين في كثير من المناسبات، وناشد الأنبا بيشوى كافة وسائل الإعلام تحري الدقة فيما تتناوله من أخبار وموضوعات، خاصة إذا ما تعلق الأمر بالفتنة الطائفية، مدللا على ذلك بالعديد من الحوادث البسيطة التي وقعت بين قبطي ومسلم، عملت بعض وسائل الإعلام على تضخيمها، وتحويلها إلى قضية رأي عام وخلاف في الرأي بين المصريين، مؤكدا أن مثل هذه الحوادث من الممكن أن تقع بين مسلم ومسلم، أو مسيحي ومسيحي، لكنها تمر مرور الكرام لأنها لا تحتوي على عنصر الإثارة من وجهة نظر بعض وسائل الإعلام.

تطرقنا خلال حديثنا إلى التصريحات التي أدلى بها عاموس يادلين الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية "أمان"، خلال مراسم تسليم مهامه للجنرال "أفيف كوخافى" فى نوفمبر 2010، والتي قال فيها "مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلية، وأن العمل فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979، وقد أحدثت إسرائيل اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية وعسكرية فى أكثر من موقع بمصر، بل ونجحت فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة مصرية متصارعة ومنقسمة إلى أكثر من شطر لتهديد المجتمع المصرى".

وخرجنا من هذه التصريحات بأنها دليل قوي على تورط إسرائيل بصورة مباشرة أو غير مباشرة في حادثة الإسكندرية، وأنه يجب الإنتباه بأنها لن تكون المحاولة الأخيرة لكسر أو اختراق وحدة الصف المصري، فبعد لبنان والعراق، جاء دور السودان واليمن، وها نحن نشاهد الآن تكثيف الحملات الإسرائيلية التي تسعى للنيل من أمن واستقرار مصر

من خلال إشعال نار الفتنية الطائفية.

سألت نيافة الأنبا عن رأيه في ضرورة التعجيل بتغيير مفهوم ومضمون الخطاب الديني، ودور رجال الدين في إخماد نار الفتنة، لأجده داعيا إلى ضرورة التعجيل بهذا الأمر من الجانبين، والعمل خلال المرحلة الحالية على ترسيخ مفهوم الوطن والمواطنة من خلال الدعاة وأئمة المساجد، والأساقفة والقسيسين، خاصة للشباب الذين انسخلوا تدريجيا من مصريتهم بسبب الأفكار المسممة التي يبثها الغرب والتي عملت على عزلهم عن المجتمع وتاريخهم وتاريخ التآخي والوحدة الوطنية بين الأقباط والمسلمين، مسترشدا في ذلك بتصدي المصريين للفتنة عام 1910 والتي كانت نواة لثورة 1919، واتحاد الهلال مع الصليب، والذي ظل شعار الأمة لعقود من الزمن.

وفي نهاية حديثه حذر الأنبا بيشوى من الإنفلات الحاصل حليا على عدد كبير من مواقع الإنترنت، مشيرا إلى هناك العديد من المواقع كما يظهر من مضمونها تتعمد إحداث إنشقاق بين المصريين، وزرع الإلغام بينهم من خلال ما يبثونه من معلومات مضللة تسيئ للمصريين بأقباطها ومسلميها، داعيا في الوقت ذاته بضرورة تشديد الرقابة على ما يبث على وسائل الإعلام المختلفة، خاصة تلك المواقع الإلكترونية التي من الممكن أن تكون ضمن ملف اسرائيل لإفساد الحياة بين المصريين.

وكما بدأ واجب العزاء الذي قدمنا إليه، بحفاوة في الاستقبال وكرم ضيافة، انتهى أيضا كذلك.. وكعادة الصحفيين دار نقاش فيما بيننا، خرجنا منه جميعا بتصور واحد، وهو أن مصر رغم ما تشهده من سوء في الإدارة، وتردي في كافة النواحي، إلا أنها والحمد لله متماسكة، ولن تفلح أي محاولات في خرق نسيج الوحدة، ومصر للمصريين، ولا مجال للخونة بينهم، وأن حادثة الإسكندرية بقدر ما أصابتنا بألم وجرح لم يندمل، إلا أنها أثبتت أننا مازلنا مصريين.. لا قبطي ولا مسلم.. مصري فقط.. الجميع يعيش نفس الحياة.. حلوة بمرها.. وإن كان الحلو قليل جدا.. نسدد الضرائب التي في أغلبها ظالمة سويا.. نؤدي الخدمة العسكرية سويا.. ومن قبل حاربنا سويا.. وانتخبنا (رغم التزوير) سويا.. وتم الإعتداء علينا في التظاهرات سويا.. ودفعتنا مرارة لقمة العيش إلى الاغتراب سويا.. حتى في حادث الإسكندرية استشهدوا سويا.. خلاصة القول أننا على الحلوة والمرة مازلنا متعاهدين.