رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طربوش هدية لكل عضوية

الحياة السياسية لا تختلف في كثير منها عن حياة الفنانين، فكما اشتهر الفنان أحمد زكي رحمه الله بالعديد من التقاليع كان أشهرها "كابوريا"، والمعلم رضا (محمد رضا) بــ "الكرافتة" القصيرة، أشتهر أهل السياسة أيضا بتقاليع لا تقل شهرة عن الفنانين، منهم أحمد الصباحي رحمه الله رئيس حزب الأمة صاحب الطربوش الأثري الوحيد في مصر، وغيره من الشخصيات السياسية المميزة ظاهريا.. وهكذا نجد التشابه والتشابك بين الفن والسياسة، حتى في اتباع أحدث خطوط الموضة، فكما يبدع أهل الفن في استحداث التقاليع بهدف ابتكار شخصية مميزة تلفت الإنتباه، يعمل أغلب الساسة على هذا النحو لجذب مؤيدين والبروز بقوة على الساحة.

لكن، وبعد ثورة يناير العظيمة، أخذت خطوط الموضة المصرية بين السياسين اتجاها جديدا، ليجد أغلب الساسة أن التباهي بملابس مميزة أو مزركشة أو "قصة شعر" او حتى تطوير طربوش أحمد الصباحي، موضة قديمة لا تصلح حاليا، والأفضل ابتكار شخصية جديدة ذات كاريزما مميزة للغاية، وظهرت هذه الكاريزما بوضوح، لكنا اختلفت من شخص لآخر أو من حزب لآخر، وفي نهاية المطاف وجدت أغلب الأحزاب السياسية أنها متاشبهة إلى حد كبير في ملامح الكاريزما الجديدة، فقرروا أن يتوحدوا ليخرجوا بكاريزما واحدة فقط.. وهي عباءة الغباء.

ويبدو أن بنو جهل لم يستوعبوا الدرس جيدا، فمازالوا يصرون على الاحتفاظ بغبائهم وتحجرهم الفكري وعقولهم الخاوية والمخوخة التي لا تخاطب إلا من هم على شاكلتهم، والعجيب في الأمر إصراراهم على أن لا يكونوا أغبياء فقط، بل تمسكهم بأن يجعلوا من أنفسهم ومن يمثلون من احزاب وتيارات سياسية "أضحوكة".

بالأمس أعلن عدد من الأحزاب الاشتراكية والليبرالية عن تحركات مكثفة لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة التيارات الدينية، والدفاع عن مكاسب الثورة، ومواجهة تحركات الثورة المضادة، وخوض انتخابات مجلس الشعب المقبلة بقائمة موحدة.. وقد يبدو الإعلان من الوهلة الأولى أنه رد فعل على إعلان اتفاق حزب الوفد مع الأخوان المسلمين على قائمة موحدة في الانتخابات المقبلة، وهو رد فعل طبيعي، لكن هذه ليست الحقيقة الكاملة التي أظهرتها قراءة ما بين سطور إعلان الأحزاب الاشتراكية والليبرالية والتي في معظمها تحت التأسيس، وأيضا قراءة الهجوم الشرس الذي تشنه بطريقة مكثفة الأحزاب ذات الصبغة العلمانية أو الاشتراكية أو الليبرالية على الإسلام والمسلمين، وليس التيارات الإسلامية كما يدعون.

الإعلان أشار إلى أنه في الوقت الذي تتصاعد فيه قوى التيارات الدينية (والمقصود هنا الإسلام فقط)، لاتزال القوى اليسارية منغلقة على اختلافات فكرية وأيديولوجية ضيقة، تقسمها إلى فرق ضعيفة متناحرة، وهو ما يتطلب إنشاء كيان كبير يحتمل الاختلاف بين أعضائه على بعض دقائق التفاصيل، منطلقين من أرضية فكرية واحدة لتجنب ابتعاد اليسار عن الحركة السياسية المصرية.

وهم بإشارتهم إلى إنغلاقهم ذو الفكر المحدود، وتناحرهم وفرقتهم، مازلزا يصرون على الغباء، ومازلوا يحصرون الإسلام في أسماء التيارات، وتناسوا أو لم يدركوا إلى الآن أن مصر للمصريين، وأن أفكارهم باتت موضة قديمة غير مناسبة لعصرنا الحالي.. لكن لا أعلم لما كل هذا الخوف والفزع من الإسلام؟.. ألم يتعلموا من تجاربهم السابقة؟.. وإذا كانوا يعترفون بغبائهم وقصر رؤيتهم لما لا يبحثون عن

ما يناسبهم ليشكلوا به كاريزمتهم الجديدة بدلا من الكيان الكبير الذي يستعدون لتكوينه حاليا؟.

غبي من يتصور أن أي مصري حر سيختار رمز فاسد ليمثله، فالفاسد لا يختار إلا فاسد مثله، والحر الشريف، سيختار من يثق بنزاهته ووطنيته، ونعتقد أن مصر بها من الأشراف ما يفوق الرقم المعلن في نتائج انتخابات الحزب الوطني، وإذا كانت الغالبية كما ترى الأحزاب أو التيارات المناهضة للإسلام، ستختار مرشح الأخوان أو مرشح السلفين أو الجماعات الإسلامية، فهم واهمون، فلن يختار الشعب إلا من يرونه مناسبا للمرحلة دون النظر لإنتمائه، ولا يهم هنا إذا كان أخواني أو سلفي، أو حتى علماني، المهم أن يكون مصري وطني، يثقون بنزاهته وقدرته على أداء واجبه بضمير وحكمة.

إذا كان نضال المصريين من أجل الحرية والديمقراطية، واستشهد من استشهد، وجرح من جرح، للوصول إلى أرض الحرية التي نقف عليها الآن، فلما لا نتحلى بأخلاق ما ناضلنا من أجله، وليختار الشعب من يراه مناسبا له، ولتكن تجربتنا في سنة أولى حرية، هي الديمقراطية، وحكم الشعب من رأي الشعب.. وعلى الشعب أن يتحمل نتائج اختياراته.. لكن أن نشن حروب على بعضنا البعض فهذا أمر لن يعيدنا إلى خانة الصفر، بل يتجاوزها رجوعا لمنطقة الخطر.. منطقة يعصب الخروج منها.. ولنا أمثلة كثيرة في من حولنا من أمم سبقتنا في هذا التوجه.. فلبنان والعراق من أفضل أمثلة الصراعات السياسية الدينية، ولم تفلح أي قوى خارجية أو داخلية في تهدئة الاجواء بين الأطراف المتصارعة، بل تزداد حدتها يوما بعد يوم.. والشعب فقط هو الذي يسدد فاتورة هذه الصراعات، التي في أغلبها مكاسب لصالح الرموز.

كلمة أخيرة، إذا فشلت الأحزاب الاشتراكية والليبرالية في تحديد ملامح شخصيتهم خلال الفترة المقبلة لمواجهة التيارات الإسلامية كما يدعون، أقترح عليهم مخاطبة أسرة المرحوم أحمد الصباحي لشراء الطربوش وحق الانتفاع العلني والأدبي لهذا الأثر العظيم، وليبدأوا في حملة دعائية ضخمة لضم أعضاء جدد وضمان الحصول على مزيد من الأصوات في الانتخابات المرتقبة، وليكن شعار حملتهم الدعائية "طربوش هدية لكل عضوية".